إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / العراق والكويت، الجذور ... الغزو ... التحرير / الكويت منذ النشأة حتى الاتفاق البريطاني ـ العثماني، عام 1913





أمراء أسرة الصباح
نسب آل رشيد
حكام الكويت من أسرة الصباح
حكام بني خالد

منطقة "كاظمة" القرين
آسيا التركية
الخليج العربي عام 1774
الكويت تحت اسم الكويت والقرين
الكويت عام 1863
الكويت في 29 يوليه 1913
الكويت في 29 يوليه 1913(إنجليزية)
الكويت في أواخر القرن التاسع عشر
توزيع القبائل العربية في الخليج
خريطة هولندية



ثامناً: الاتفاق البريطاني ـ العثماني، عام 1913

ثامناً: الاتفاق البريطاني ـ العثماني، عام 1913

انتهى أمر الكويت إلى بريطانيا، وحدها. وفي المقابل، تقلصت علاقة الكويت الاسمية بالدولة العثمانية، برموزها التقليدية، إلى أدنى من المجاملة لدولة الخلافة. وكانت الأزمة الوحيدة، المتبقية، والمعلقة بين الكويت والدولة العثمانية، هي أزمة الحدود، التي احتلت فيها الدولة العثمانية "صفوان"، و"أم قصر"، و"بوبيان"، حيث احتفظت بقوة عسكرية رمزية. وحتى هذه، استطاعت بريطانيا حسمها، في ما يشبه الصفقة مع الدولة العثمانية.

ومنذ أواخر القرن التاسع عشر، وحتى أوائل القرن العشرين، أدت عدة عوامل إلى ضعف الدولة العثمانية، التي انتهت قيادتها إلى جماعة "تركيا الفتاة"، وكان طبيعياً، أن يفكر رجال "تركيا الفتاة" تفكيراً علمياً، في تسوية مشاكل الدولة في الخليج، في مقابل بعض الفوائد الواقعية، فضلاً عن تأييد بريطانيا لها في مشاكلها.

وبالفعل، بدأ الأتراك، في فبراير 1911، يلوحون بالرغبة في المساومة، وبالاستعداد لعقد صفقة، عندما حاول السفير البريطاني في إستانبول، جيرارد لوثر (Lowther)، جسّ نبض الصدر الأعظم، حقي باشا، حينما أبان له أن حكومته، لديها استعداد لدراسة أي مقترحات، تتقدّم بها الحكومة العثمانية. فلمح حقي، بذكاء، إلى خط سكة حديد بغداد. وذكر أن بلاده لا تستطيع التفاوض، الآن، ريثما تتفق مع الألمان على إلغاء حقها في امتياز الخط الحديدي، في الجزء الذي سيمتد إلى الخليج، وأن الألمان سيطلبون تعويضاً مالياً، وأن الكويت ستكون نهاية للخط. كذلك، قدم حقي باشا، إلى لوثر مقالة، نشرتها جريدة "طنين" العثمانية، تعّبر عن رأي لجنة "تركيا الفتاة" الحاكمة، في المسألة. وكانت المقالة تتضمن أن إستانبول، ستوافق على الاستقلال الذاتي للشيخ مبارك، أسوة بأي شيخ قبيلة في العراق. وأنه لا بدّ من إرسال شرطة عثمانية، وإنشاء دار للعوائد، وإرسال حامية عسكرية، حتى تستعيد الدولة نفوذها في الكويت، المفقود منذ عام 1902. وأضاف الصدر الأعظم أن الشيخ مباركاً، يحمل رتبة الباشوية العثمانية.

وهكذا، مُهدت السبُل للتفاوض، بين الدولة العثمانية وبريطانيا، إيذاناً بالمفاوضات، التي استمرت أكثر من عامَين (فبراير 1911 ـ يوليه 1913) والتي تمخضت بالاتفاق الشهير في الخليج، بين الدولتَين، الذي تناول المصالح كافة، المتبادلة بينهما في المنطقة.

وقد تحددت مطالب بريطانيا، في رسالة من وزارة الهند إلى الخارجية البريطانية، في 3 مارس 1911، وتمثلت في الآتي:

1.  تأمين سيطرة الحكومة البريطانية على الجزء المتعلق بسكة حديد بغداد ـ الكويت.

2.  ضمان أن تكون الكويت هي المحطة الأخيرة لمشروع سكة حديد بغداد.

3.  ضمان السيطرة التامة على مياه الكويت وسواحلها وموانئها.

4.  عقد اتفاق مرضٍ، بين الشيخ والحكومة العثمانية، يتعلق بتنظيم إدارة الجمارك وتقسيمها، ورسوم المرور.

5.  سحب القوات العثمانية، ورموز السلطة (من المنطقة الحدودية المتنازع فيها).

6.  تأكيد استمرارية الاتفاقات البريطانية ـ الكويتية.

وفي مقابل ذلك، ستقنع الشيخ بقبول السيادة العثمانية على بلاده، على أساس الاستقلال الذاتي الكامل للكويت (Complete Autonomy)، بما يحفظ سلطته الداخلية، تحت السيادة العثمانية. على أن تتضمن التسوية، كذلك، حل النزاعات كافة، المتعلقة بالممتلكات، وتأكيد استمرارية الاتفاقات البريطانية.

وبدأ الجدل والمساومة، خلال المفاوضات بين الجانبَين. البريطانيون يدللون على عدم تبعية الكويت للدولة العثمانية، مستندين إلى تقارير مقيمهم في المنطقة، ومن ثَم، عدم اعترافهم بتلك التبعية. كما راحت مذكراتهم تتحدث عن إقرار العثمانيين "بالوضع الراهن" في الكويت عام 1901، وتعهدهم باحترامه. وطلبت اعتراف الدولة العثمانية بفاعلية الاتفاقات التي عقدتها بريطانيا مع الشيخ مبارك، واعترافها بأن جزيرتَي "وربة" و"بوبيان"، تدخلان ضمن ممتلكاته، وتسحب حاميتها منهما، فوراً. بينما احتج العثمانيون، من خلال مذكرة توفيق باشا، السفير العثماني في لندن، في 15 أبريل 1912، على عدم اعتراف البريطانيين بتبعية الكويت لهم، وأن الدولة العثمانية لا تعترف بذلك "الوضع الراهن"، الذي أوجدته الاتفاقية البريطانية السرية مع مبارك، عام 1899. وأصرت المذكرة على إثبات تبعية أُسرة الصباح للدولة العثمانية، وحملهم ألقابها، وخدمتهم في صفوف جيشها، ورفعهم علَمها، وطلبهم براءات عثمانية. وأنه لا يمكن أن تُعَدّ الكويت سوى ولاية عثمانية، وأن إدارتها معهودة إلى مبارك، المعين بفرمان شاهاني، وأنه ليس ثمة حاجة إلى الاحتفاظ بقوات في الإمارة، نظراً إلى وجود معسكرات عثمانية، على بعد 150 ميلاً من الكويت.

وقد اقترح توفيق باشا، في مذكرته، في 15 أبريل 1912، أن تكون التسوية على الأسس التالية:

·    يبقى النفوذ العثماني على بوبيان والجزر المجاورة لها، شمال الكويت.

·    يستمر تمتّع بريطانيا بالميزات، الاقتصادية والسياسية، في الكويت (بما يعني تسليمها باتفاقيتها مع الشيخ).

·    تعترف بريطانيا بتبعية الكويت للدولة العثمانية، وخضوعها لولاية البصرة وتطبيق القوانين العثمانية فيها.

وطال الجدل واستخدام الأدلة التاريخية. وتكررت مطالب البريطانيين في شأن انسحاب الأتراك من جزيرتَي "وربة" و"بوبيان" لكونهما داخلتَين في حدود الكويت. وتكرر رفض العثمانيون لهذه المطالب. ورأى البريطانيون امتناع العثمانيون عن التدخل في الشؤون، الداخلية والخارجية، للكويت. بينما رأى العثمانيون ألاّ يتدخلوا في الشؤون الداخلية فقط، وأن من حقهم التصديق على ما يعقده الشيخ من اتفاقات.

والواقع، أن بريطانيا قد رضخت، جزئياً، لبعض المطالب العثمانية، في مقابل صفقة عامة، يكون موضوع الكويت طرفاً فيها. وبدأت تمهد لقبول الشيخ مبارك الترتيبات الجديدة. وبالفعل، التقى الوكيل السياسي البريطاني في الكويت، وليم هنري شكسبير، William Henry Shaksepear ما بين (1909 ـ 1914)[1] ، في 28 مايو 1913، الشيخ مباركاً، لكي يقنعه بهذه الترتيبات. وخلال اللقاء، رفض الشيخ مسألة قبول وكيل عثماني، وطلب إلى "شكسبير" أن يبرق إلى حكومته برفضه هذا الأمر تماماً. وأضاف أن وجود الوكيل، سيدمر ما وضعت من أجْله الاتفاقية، إذ سيتدخل في كل الأمور. كما أن وجوده سيضعف من سلطة الشيخ على رعاياه. وسيصبح دار الوكيل العثماني بؤرة للتآمر، في الداخل والخارج، مما سيورط بريطانيا.

وعلّق شكسبير على ذلك، في رسالة إلى حكومته، بأن الشيخ قد أدرك، أن بريطانيا ضحت بمصالحه في صفقتها مع العثمانيين، وأنه رفض الموافقة على قبول وكيل عثماني، لأن العثمانيين، الآن، ضعاف ومهزومون. وطلب إلى حكومته "أن تتجنب تقديم تنازلات، قدر الإمكان، لأن ذلك سيعكر صفو علاقتنا بالشيخ، خاصة أن هذه المفاوضات قد جرت، من دون إعطائه فكرة عنها. كما أن مشروع مسوّدتها، في الواقع، لا يعطي حاكم الكويت، أو شعبه، شيئاً، فضلاً عن أن أرضهم، لم يطأها وكيل عثماني مقيم، من قبْل، وهو ما سيتحقق بنص الاتفاق، حتى ليبدو الأمر وكأنه تسليم الكويت للعثمانيين، وبيد البريطانيين أنفسهم". ويضيف شكسبير، أن بلاده تفاوضت في شأن الكويت، من دون رأي الشيخ، بل من دون إبلاغه سير المفاوضات وأسلوبها. ثم تقدَّم إليه نتيجتها، كأمر واقع. لذلك، "فإنني أتوقع إثارة الخيبة العميقة والاشمئزاز من عملنا هذا. فمهما كانت التبريرات، فإنها لن تزيل الانطباع بأننا استخدمنا الكويت كورقة رهان، أو قطعة شطرنج (As a pawn)، للحصول على امتيازات أخرى لأنفسنا.

ولكن مباركاً، حسب رواية شكسبير، خفّف، في اليوم التالي، 29 مايو 1913، من حدّة لهجته، وأعلن أنه لن يستمر في الرفض، إذا قبلت الحكومة البريطانية ذلك. ثم أشار إلى أن اتفاقية عام 1899، قد وضعت لمنع ما يحدث الآن. وأضاف أن اتفاقية تأجير "الشويخ"، عام 1907، قد نُص فيها على إبعاد العثمانيين، تحديداً، عن الكويت.

وفي يوم 6 يوليه 1913، أرسل الشيخ مبارك إلى المقيم السياسي البريطاني في الخليج، برسي كوكس، يبدي موافقته وقبوله لحجج الحكومة البريطانية وتفسيراتها، ويعلن ثقته بها.

وقد رد كوكس على رسالة الشيخ مبارك، بأنه فيما يتعلق باستقباله وكيلاً عن أي دولة أجنبية، كما ورد في اتفاقية يناير 1899، فإن بلاده حين منعت الشيخ من ذلك، اشترطت عليه مراجعة الحكومة البريطانية وموافقتها. وها هي، الآن، توافق على أن يستقبل وكيلاً عثمانياً، إذ كان من الضروري قبول ذلك، مقابل اعتراف الحكومة العثمانية باستقلاله الإداري. ومن ثَم، رأى المقيم البريطاني، أن حكومته، لم تخالف نصوص اتفاقية 1899.

وبطبيعة الحال، فإن بريطانيا، على الرغم من احتجاجات الشيخ مبارك، تحركت وفقاً لما تمليه مصالحها وظروفها. وهكذا، وُقّع الاتفاق البريطاني ـ العثماني، في 29 يوليه 1913، على نحو، أجحف بحقوق الشيخ وادعاءاته، على حدّ سواء، بل منحت بريطانيا نفسَها الحق بأن تتفاوض في كل شؤون الكويت، وفي تجاهل تام للمصالح الكويتية (أُنظر الوثيقة نص القسم الأول من مسودة اتفاقية 29 يوليه 1913 بين الإمبراطورية العثمانية والحكومة البريطانية) و(خريطة الكويت في 29 يوليه 1913).

هكذا عَدّت الاتفاقية الكويت قضاءً عثمانياً مستقلاً استقلالاً ذاتياً، يمارس فيه الشيخ إدارة مستقلة، ولكن في ظل السيادة العثمانية. وتحددت علاقة الكويت بالدولة العثمانية تحديداً أوضح، حين نُص فيها على تعهد الدولة العثمانية بألاّ تجند رعايا الكويت النازلين في العراق، ولا تأخذ من صياديها رسوماً. كما لا ترسل إليها حاميات عسكرية، ولا تبادر إلى أي عمل عسكري، مهما كان نوعه، من دون تفاهم مسبق مع بريطانيا، كما لا تتدخل في تولّي السلطة في الكويت، وتكتفي بإصدار فرمان التولية بمن يخلف الشيخ، كما تمتنع عن احتلال أي جزء من الكويت.

أمّا ما حصلت عليه الدولة العثمانية، في المقابل، فضلاً عن سيادتها، والاعتراف بها، ورفع علمها، لو أراد الشيخ، وكون الكويت قضاء من أقضيتها، فقد تمثل في الاعتراف لها بحق إرسال وكيل عثماني، يقيم بالكويت "بقصد حماية ورعاية مصالح ورعايا مختلف مقاطعات الدولة". كما حصلت على "صفوان" و"أم قصر" اللتين خرجتا من حدود الكويت، وهي الحدود التي رُسمت داخل خط أحمر، في شكل شبه دائرة، تتوسطها مدينة الكويت، وتمتد إلى خور الزبير في أقصى الشمال، والقرين في أقصى الجنوب. وتضم جزر "وربة" و"بوبيان" و"فيلكا" و"قاروه" و"المقطع" و"أم المرادم" مع الجزر الأخرى، الواقعة داخل نطاق هذا الخط، والمياه التي تحتويها المنطقة بين حدَّيها الشمالي والجنوبي. (أُنظر خريطة الكويت في 29 يوليه 1913) (المنطقة A ، هي المنطقة، التي يمارس فيها شيخ الكويت الاستقلال الذاتي، وتتبعها جزر وربة وبوبيان، ومسكان، وفيلكا، وأم المرادم، وعوهه، وكُبر، وقاروه، مع بعض الجزر الأخرى، والمياه الإقليمية الملاصقة لها. والمنطقة B ، وتدخل فيها المناطق، التي تعيش فيها القبائل على اعتبارها تابعة لشيخ الكويت. ولا تباشر حكومة الإمبراطورية العثمانية، في هذه المنطقة، أي عمل إداري، بدون علم شيخ الكويت. "صورة عن وزاررة الخارجية البريطانية")، و(خريطة الكويت في 29 يوليه 1913 "إنجليزية").  (دائرة نفوذ الشيخ مبارك الفعلية طبقاً لما استقر عليه الوضع في الاتفاقية البريطانية ـ العثمانية يوليه 1913).

أمّا ما أقرّته الدولة العثمانية للشيخ مبارك، فهو أنها تركت له، ولأُسرته، شؤون الحكم ووراثته. كما تركت له شؤون الإدارة الداخلية جميعاً. واعترفت بغالبية الاتفاقات المعقودة بين الكويت وبريطانيا، في أعوام 1899، 1900، 1904.

أمّا بريطانيا، فإلى جانب اعتراف الدولة العثمانية باتفاقياتها مع الشيخ، لم تمنعها نصوص الاتفاق الجديد من شيء، ولم تحرم عليها شيئاً، بل إنها تعهدت فقط بألاّ تغير علاقتها بالكويت.

وعلى هذا، فقد كانت الكويت، هي الجانب الخاسر في هذه الصفقة. بل أدرك الشيخ مبارك، أن استقلاله الذاتي، وحريته في إدارة شؤون بلده، سيكونان وهماً في ظل وجود وكيل عثماني دائم في الكويت، كما خرجت "أم قصر" و"صفوان" من تحت حكمه.

وجهات النظر المتباينة حول اتفاقية 1913.

1. وجهة النظر العراقية

يرى الجانب العراقي، أن الاتفاقية قد نصت على "بقاء الكويت قضاءً تابعاً لولاية البصرة". كما أن بريطانيا استهدفت، من النص على حدود أراضي القضاء، في مشروع الاتفاق، تعريف منطقة نفوذها بصورة غير مباشرة، وما في ذلك من تحديد لمدى تدخّل السلطات العثمانية فيها.

2. وجهة النظر الكويتية

ويرى الجانب الكويتي، أن مظهر التبعية الوحيد في الاتفاقية، هو رفع العلَم. ومع ذلك، فقد تميز العلم الكويتي عن العلَم العثماني بوضع كلمة "كويت". ويدللون على رأيهم أن الكويت لم تكن جزءاً من الإمبراطورية العثمانية، حيث أن الحكومة العثمانية، لا تملك أي تصرف، إداري أو عسكري، أو نفوذ ما داخل الكويت.

3. وجهة النظر المحايدة

        الواقع، أن أغلب بنود هذه الاتفاقية، ينبغي أن تقاس بالأوضاع التي كانت قائمة قبَيل إبرامها:

أ. راعت الاتفاقية أوضاعاً سابقة، كان قد ارتضاها الكويتيون. وهي الأوضاع الناجمة عن الاعتراف بالتبعية الدينية لدولة الخلافة، مع بعض التغييرات.

ب. نعتت المادة الأولى منها الكويت، بأنها قضاء مستقل، يمارس فيه الشيخ إدارة مستقلة، ولكن في ظل السيادة العثمانية، ولم تشر إلى تبعيتها لولاية البصرة. وتحددت علاقة الكويت بالدولة العثمانية تحديداً أوضح، إذ نصت على تعهد إستانبول بألاّ تجند رعايا الكويت النازلين في العراق، ولا تأخذ من صياديها رسوماً، كما لا ترسل إليها حاميات عسكرية، ولا تبادر إلى أي عمل عسكري، مهما كان نوعه، من دون تفاهم مسبق مع بريطانيا، كما لا تتدخل في تولِّي السلطة في الكويت، بل تكتفي بإصدار فرمان التولية.

ج. استمرت الكويت في رفع العلَم العثماني، وهو ما كانت تفعله من قبْل، ولكن بإضافة كلمة "كويت". واللافت أن علَم "الهلال والنجوم"، استمر رمزاً إسلامياً، حتى بعد سقوط الدولة العثمانية، إذ إن دولة مستقلة، مثل مصر، استمرت ترفعه، بعد تغيير لونه.

د. خلا الفرمان، الذي صدر بتعيين شيخ الكويت من أي جديد، إلاّ من وجود وكيل عثماني في الكويت، وهو ما أغضب الشيخ مباركاً، على أساس أن وجود هذا الوكيل، سوف يفتح الباب للمؤامرات، غير أنه أمكن تحجيم هذا الوجود بأمرين. أولهما، إبعاد أي موظفين عثمانيين عن الكويت. وثانيهما، تحديد صلاحيات هذا الوكيل في صلب الاتفاق.

هـ. تضمنت المادة الثالثة من الاتفاقية، اعتراف الحكومة العثمانية "بشرعية الاتفاقات التي عقدها شيخ الكويت مع الحكومة البريطانية". وهو، في الوقت عينه، اعتراف باستقلال الكويت، لأن منح الكويت حق الاتفاق مع دولة أخرى، ثم الاعتراف بشرعية " Validity" هذا الاتفاق، لهما دلالة قانونية مهمة جداً. ويجيء الاعتراف بخط حدود للكويت، في ما تضمنته المادة السابقة، على جانب كبير من الأهمية، المنبثقة من حقيقة أن خط الحدود، لا يوجد إلاّ بين كيانَين سياسيَّين مستقلَّين، وهي حقيقة لم تكن سلطات حكومة إستانبول جاهلة بها.

و. أقرت الاتفاقية، في مادتها التاسعة، بضمان سلامة الممتلكات الكويتية في البصرة. وهو مكسب كان الحكام الكويتيون يطمعون في تحقيقه، خاصة أنه حرم الجانب العثماني من ورقة طالما كان يضغط بها على الأُسرة الكويتية الحاكمة.

ز. استفاد الجانب الكويتي بحسابات المكسب والخسارة، من غير مادة من مواد هذه الاتفاقية. ولعل ذلك ما يدفع الجانب العراقي، في إصداراته الرسمية، إلى التمسك بنعت هذه الاتفاقية بأنها مجرد "مشروع اتفاقية". ويمكن توضيح النقطة الأخيرة، من خلال الآتي:

(1) نصت الاتفاقية على أنه سيجري تبادل التصديق عليها، في لندن حالما يتسنى ذلك، في غضون ثلاثة أشهر من توقيعها، على أقصى تقدير.

(2) صرح حقي باشا، في اليوم عينه، الذي وقِّعت فيه المعاهدة بأن التصديق عليها مرهون بتنفيذ بعض التحفظات التي تتمسك بها بريطانيا، مثل موافقة الحكومة البريطانية على بعض الإصلاحات الضريبية، وعلى توقيع الدولة العثمانية اتفاقية سكة حديد بغداد. وقد صيغت تلك التحفظات، في مذكرة السير إدوارد جري، وزير الخارجية البريطانية. وهذه التحفظات جعلت موافقة الحكومة البريطانية على هذه الاتفاقية معلقة على هذه الإصلاحات. ولم يحدث، فيما بعد، أن سُحب أي تحفظ من تلك التحفظات. كما لم يسحب تصريح حقي باشا. وإذ لم يتصدَّق على الاتفاقية، في فترة الأشهر الثلاثة المحددة، فقد أعيدت المفاوضات، ووُقعت اتفاقات إضافية أخرى، مددت فترة التصديق، وحدد يوم 31 أكتوبر 1914، آخر موعد لها. غير أنه بحلول ذلك التاريخ، كانت الدولتان على مسافة قريبة جداً من الحرب، وأصبح عدم التصديق على تلك الاتفاقية حقيقة واقعة.

ح. أصبحت الدولة العثمانية، طبقاً لما تنص عليه المادة العاشرة من الاتفاقية، لا تستطيع ممارسة سلطتها في استعادة المجرمين، الذين يفرون إلى الكويت، من دون عقد اتفاقية في هذا الشأن، تنص عليه صراحة. ويعني ذلك أن الدولة العثمانية، فقدت سيادتها على الكويت.



[1]'عُيِّن وكيلاً سياسياً بريطانياً في الكويت، في عام 1909.