إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / العراق والكويت، الجذور ... الغزو ... التحرير / المواقف وردود الفعل، الدولية والإقليمية والعربية، خلال مرحلة "عاصفة الصحراء"









القسم الثاني: مواقف وردود فعل بعض دول الاتحاد الأوروبي

أولاً: مواقف وردود الفعل البريطانية، خلال مرحلة عاصفة الصحراء

1. مع بدء الحملة الجوية (17 يناير 1991 بتوقيت مسرح العمليات)

أ. الموقف البريطاني العام

    رأت بريطانيا، منذ البداية، أن الغزو العرقي للكويت، هو تهديد خطير للسلام في منطقة الخليج، وخرق لميثاق الأمم المتحدة، ويمثل انتهاكاً لسيادة أراضي دولة عضو في الأمم المتحدة. وقد ترتب على هذا الغزو، ألاّ تشعر دول صغيرة كثيرة بالأمان، بعد الآن.

    كانت بريطانيا أكثر الدول الأوروبية تشدداً إزاء العراق، وأكثرها اقتراباً من موقف الولايات المتحدة الأمريكية، في ما يتعلق بالتصعيد العسكري. ويعود هذا الموقف، أساساً، إلى التحالف الإستراتيجي مع واشنطن، وكذلك المصالح المالية البريطانية؛ إذ يقع في بريطانيا مقر مكتب الاستثمار الكويتي، المسؤول عن إدارة الأموال الكويتية، في الخارج، المقدرة بنحو 100 مليار دولار.

ب. بريطانيا تحدد أهدافها من الحرب

    مع بدء العمليات العسكرية في الخليج، في فجر 17 يناير 1991، أعلنت بريطانيا، أن الهدف من العمليات، التي بدأت ضد العراق، هو تحرير الكويت. وجاء ذلك من خلال تصريح وزير الخارجية، دوجلاس هيرد، إلى جريدة "لوموند الفرنسية"، أكد فيه، أن العمليات العسكرية، التي تشارك فيها بلاده، تستهدف: تحرير الكويت. وأنه ليس لدى بريطانيا أهداف أخرى، كإحداث تغيير في حدود العراق، أو فرض حكومة جديدة. وأن القوات العراقية، ستتعرض لعمليات قصف، لا مثيل لها في التاريخ العسكري التقليدي.

    أما رئيس الوزراء البريطاني، جون ميجور (John Major)، فقد حدد الأهداف العسكرية بالآتي:

(1)  إخراج العراق من الكويت.

(2)  إعادة الحكومة الشرعية.

(3)  دعم سلطات الأمم المتحدة.

    وأكد أن المعلومات الأولية عن العمليات، تفيد بتحقيق نجاحات كبيرة. وأكد أن الهجوم، يقتصر على الأهداف العسكرية فقط، وأنه ليس متخوفاً من أي خسائر في القوات البريطانية، وأنه لن يكون هناك توقّف في العمليات العسكرية.

    كما أعلن وزير الدفاع البريطاني، توم كنج (Tom King)، أن القوات البريطانية تشارك في العمليات العسكرية في الخليج، ضمن قوات التحالف الدولي، ضد العراق. وأن القوات المتحالفة تنفذ حوالي ألفَي طلعة جوية، يومياً، ضد الأهداف العراقية. وأن دقة الإصابة، تبلغ 80 في المائة"، وأكد فقدان طائرتَي تورنيدو (Tornado)، وطاقمَيهما.

ج. بريطانيا تدين الهجوم الصاروخي العراقي على إسرائيل

    وفي 18 يناير، دان رئيس الوزراء البريطاني، جون ميجور، الهجوم العراقي بصواريخ سكود (SCUD)، على إسرائيل. وأرسل رسالتَين إلى الحكومة الإسرائيلية، حثها فيهما على التحلّي بضبط النفس، في شأن القصف الصاروخي العراقي ضدها. كما حث وزير الخارجية، دوجلاس هيرد (Douglas Hurd)، إسرائيل على التحلّي بضبط النفس.

    وفي 19 يناير، وفي إطار استمرار ردود الفعل البريطانية، إزاء القصف الصاروخي العراقي ضد إسرائيل، ناشدها وزير الدفاع البريطاني، توم كنج، ضبط النفس. وأوضح أن قوات التحالف، ستتعامل مع الصواريخ العراقية.

د. المسؤولون البريطانيون يؤكدون استمرار الحرب

    وفي 20 يناير، أكد وزير الخارجية البريطاني، دوجلاس هيرد، أن الحرب، يمكن أن تستمر لعدة أسابيع، وربما لعدة أشهر.

    وفي مجلس العموم البريطاني، عقدت جلسة خاصة، في 21 يناير 1991، لمناقشة تطورات الحرب في الخليج. وأسفرت عن قرار، يؤيد القوات البريطانية ودورها في الخليج، من أجْل تنفيذ قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالعراق. وصدر هذا القرار بأغلبية 563 صوتاً، مقابل اعتراض 34 صوتاً. كما وافق المجلس على مشروع قرار، يدعو إلى استمرار الجهود، في أعقاب الحرب، من أجْل حل مشاكل منطقة الشرق الأوسط.

    وفي 24 يناير، أكد رئيس وزراء بريطانيا، جون ميجور، أمام مجلس العموم البريطاني، أن الحرب البرية في الخليج، لن تبدأ قبْل إضعاف القوات العراقية، وحرصاً على أن يكون حجم خسائر المدنيين قليلاً، لدى قوات التحالف والعراق معاً. كما أعلن ميجور، أنه لا يزال ممكناً الحيلولة دون حرب برية في الخليج، إذا انسحب العراقيون من الكويت. وردّد هذه التصريحات نفسها، رئيس الأركان البريطاني، ديفيد كريج.

    وفي 27 يناير، ذكر وزير الدفاع البريطاني، توم كنج، في مقابلة مع شبكة (BBC)، أن قرارات الأمم المتحدة، لن تتحقق بانسحاب عراقي من الكويت إلى الحدود العراقية ـ الكويتية، لأن ذلك يعني إمكان تكرار الغزو العراقي، مرة أخرى. ومن المهم العمل على تدمير قدرات العراق على شن الحرب، في المستقبل.

    وفي 31 يناير، صرح رئيس الوزراء البريطاني، جون ميجور، إلى جريدة "التايمز" البريطانية بأنه لا يستبعد "مواصلة حرب الخليج، داخل العراق، بعد طرد القوات العراقية من الكويت، لو أن صدام حسين، ظل داخل العراق، يطلق الصواريخ. وسنحكم على الموقف في حينه، وفي ضوء قرارات مجلس الأمن الدولي".

هـ. القلق البريطاني، في شأن معاملة أسْرى الحرب

    في 21 يناير، دانت بريطانيا التصرفات العراقية، تجاه أسْرى الحرب. وجاء ذلك على لسان وزير الخارجية البريطاني، الذي طلب من العراق احترام اتفاقية جنيف المتعلقة بمعاملة أسْرى الحرب.

    كما ذكر رئيس الوزراء البريطاني، أمام مجلس العموم، أن أي عراقيين، يرتكبون جرائم حرب، سيكونون مسؤولين عمّا فعلوه، بعد انتهاء الحرب. كما أن استخدام الأسْرى كدروع بشرية، هو أمر غير إنساني، وغير مشروع، ويتنافى كلية مع اتفاقية جنيف.

    وفي 29 يناير، أبلغت بريطانيا، على لسان وزير الدولة للشؤون الخارجية، دوجلاس هوج (Douglas Hogg)، السفير العراقي إلى لندن، الدكتور عزمي شفيق الصالحي، قلقها تجاه التقارير، التي تفيد أن بعض أسْرى الحرب، قد أصيبوا أثناء غارات قوات التحالف ضد العراق، وطلب منه، أن يعلن العراق التفاصيل الكاملة، وأسماء أسْرى الحرب، وتسليمها إلى الصليب الأحمر.

و. رد الفعل البريطاني، تجاه ما سببه العراق من تلوث للبيئة

    في 26 يناير، أكدت المصادر الرسمية البريطانية، أن الإجراءات العراقية لتلويث مياه الخليج بالنفط، تُعَدّ من أعمال إرهاب البيئة. جاء ذلك على لسان بعض المسؤولين العسكريين، الذين أفادوا، أن النيران اشتعلت في جزء من بقعة الزيت العائمة في الخليج، وأن طول البقعة، يقدّر بنحو 50 كم، وعرضها 20 كم.

ز. بريطانيا تعلن احتمال استخدام الرئيس صدام حسين الأسلحة الكيماوية

    في 3 فبراير، وفي حديث إلى هيئة الإذاعة البريطانية، قال وزير خارجية بريطانيا، دوجلاس هيرد: "إن احتمالات استخدام الرئيس صدام حسين الأسلحة الكيماوية، تزيد على 50 في المائة. وهذا يرجع إلى أن خياراته العسكرية الأخرى، يُقضى عليها بالتدريج". وأكّد هيرد، أن ردّ التحالف على أي هجوم كيماوي، سيكون هائلاً.

ح. بريطانيا تحذر مواطنيها من العمليات الإرهابية

    في 18 يناير، وتعزيزاً للأمن في إنجلترا، وخوفاً من عمليات الإرهاب، ألقت السلطات البريطانية القبض على عدد من الفلسطينيين المقيمين ببريطانيا منذ فترة طويلة، وسلمتهم "قرارات إبعاد". وفي إطار تعزيز الإجراءات الأمنية، احتجزت 35 عراقياً من الطلاب، وسط مخاوف من احتمال لجوئهم إلى أعمال إرهابية.

    وفي 22 يناير، وتخوفاً من أي عمليات إرهابية عراقية ضد المصالح البريطانية، حظرت الحكومة البريطانية على العراقيين دخول أراضيها، وقررت عدم تمديد العمل بالتأشيرات للعراقيين "لأسباب أمنية وطنية" متعلقة بالحرب في الخليج. وفي غضون شهر طردت بريطانيا 60 عراقياً وأوقفت 70 آخرون معتبرة أنهم يهددون الأمن القومي.

    وفي 5 فبراير 1991، وجَّه رئيس الوزراء البريطاني لشعبه، أن يتوخى أقصى درجات الحذر من إمكانية حدوث عمليات إرهابية، ضد الشعب والمصالح البريطانية.

ط. استمرار القصف المكثف ضد العراق، والمدنيين

    في 12 فبراير، أكد دوجلاس هيرد، وزير الخارجية البريطاني، أثناء زيارته إيطاليا، "أن القصف المكثف للعراق، يهدف إلى التمهيد لتحرير الكويت فقط. وأن إطاحة الرئيس صدام حسين، ليست من أهداف دول التحالف. لكنه يصعب تصور بقائه في السلطة، بعد انتصار التحالف. وأن دول التحالف، لا تريد توسيع أهداف الحرب، إلى حد التقرير مَن يجب أن يحكم العراق".

    وفي الساعة الرابعة والنصف، عصر يوم 13 فبراير 1991، شنت طائرة أمريكية من نوع (F-117) هجوماً على موقع عسكري حصين، ودمرته بصاروخين. وأعلن العراق، في بيان عسكري، أن الموقع الذي دُمر عبارة عن ملجأ مدني، ونجم عن قصفه قتل وإصابة عدد كبير من المدنيين.

    وفي اليوم نفسه، أكد وزير الخارجية البريطاني، أمام مجلس العموم، أنه لا يعتقد، "أن القصف، الذي تحدثت عنه الأنباء، لمخبأ، كان مزدحماً بالمدنيين، في بغداد، سيؤثر في التزام الدول العربية، الأعضاء في التحالف، الذي يقاتل العراق. وأن اللائمة تقع على الرئيس صدام حسين. وما من شك، أن للحرب مآسيها. وفي بعض الأحيان، يمكن أن تكون هذه المآسي ضخمة، حتى مع أكبر قدر من الدقة. أضف إلى ذلك أن صدام حسين، هو الذي ارتكب العدوان، ويرفض كل الدعوات السلمية إلى إنهاء هذا العدوان".

    أما وزير الدفاع البريطاني، توم كنج، فقال: "إن القوات المتحالفة، وقعت فريسة شرك، نصبه لها صدام حسين، بقصف هذا المخبأ. ومن المعلوم جيداً، أنه تعمد وضع معدات عسكرية في قلب أحياء سكنية. وأن هذا الأمر، سيُكشَف خلال التحقيقات الجارية، الآن، لإلقاء الأضواء على ملابسات قصف هذا المخبأ".

    وصرح متحدث باسم الخارجية البريطانية، بأن بريطانيا، ستعرب عن أسفها، إذا صحت الأنباء، التي تفيد بمقتل عدد كبير من المدنيين في العراق. وأن المستهدف، في هذه الحرب، هو ضرب المواقع العسكرية العراقية، وليس الأهداف المدنية.

ح. مبادرة عراقية لوقف إطلاق النار

    في الحادية عشرة والنصف، قبل ظهر يوم 15 فبراير 1991، أذاع مجلس قيادة الثورة في العراق، بياناً، أعلن فيه استعداده لتطبيق قرار مجلس الأمن الرقم 660 لعام 1990، بهدف التوصل إلى حل سلمي مشرّف، ومقبول، بما في ذلك مبدأ الانسحاب. وطالب البيان بوقف إطلاق النار، وإلغاء بقية قرارات مجلس الأمن اللاحقة، والخاصة بفرض المقاطعة والحظر. وسحب الولايات المتحدة، والدول الأخرى، قواتها من المنطقة، خلال شهر. وأشار البيان إلى ضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة (اُنظر وثيقة بيان مجلس قيادة الثورة العراقي في شأن مبادرة الانسحاب من الكويت الصادر في 15 فبراير 1991) و(النص الإنجليزي للوثيقة).

ط. الموقف البريطاني من العرض العراقي، وقف الحرب

    وعقب إعلان العراق مبادرته، وصف رئيس الوزراء البريطاني، العرض العراقي، وقف الحرب، بأنه خدعة كاذبة. وأن هذا العرض لن يؤثر في خطط القتال لقوات التحالف. وأن الشيء الإيجابي الوحيد فيه، هو أنه كان الإشارة الأولى، التي أكدت أن الرئيس العراقي، أصبح يعلم ويقر بأنه لا يمكنه تحقيق النصر، وأنه من الضروري أن يسحب قواته من الكويت، ويخضع لقرارات مجلس الأمن، بلا شروط.

    كما أكد جون ميجور، أن بلاده، ليست في حالة حرب مع العراق؛ فالقوات البريطانية، تخوض، إلى جانب القوات الكويتية وشركاء الائتلاف، معارك ضد العراق، بتفويض من مجلس الأمن. وأن مبادئ القانون الدولي التي تنطبق في حالات الصراع المسلح، تنطبق على تلك المعارك.

    وفي 17 فبراير 1991، رفض السفير البريطاني إلى الأمم المتحدة، العرض العراقي المشروط، في شأن الانسحاب من الكويت. وأكد أنه لا يوجد أي جديد في هذا العرض؛ فهو يشبه ما سبقه من عروض مُذيّلة بقائمة من الشروط.

    أما وزير الخارجية البريطاني، فقد أعلن، في 18 فبراير 1991، في مجلس العموم، أن المقترح العراقي، في شأن الانسحاب من الكويت، لا يشكل قاعدة ملائمة، من أجل إنهاء الحرب في الخليج.

ي. موقف بريطانيا من المبادرات السلمية السوفيتية ـ العراقية لوقف الحرب

    في 19 فبراير 1991، قال رئيس وزراء بريطانيا، رداً على مبادرة الرئيس السوفيتي، جورباتشوف، إن المقترحات السوفيتية، في شأن إحلال السلام في الخليج، هي غير كافية، ولا تُحقق المطالب التي نصت عليها قرارات مجلس الأمن الدولي. وإنه ومجلس وزرائه، سيدرسون تفصيلات المقترحات، في وقت لاحق. وأكد أنه ليس هناك ما يدعو إلى وقف الحرب في الخليج، حتى تُنفَّذ قرارات مجلس الأمن الدولي. كما أكد ميجور، أن المهلة التي حددها الرئيس بوش، غير قابلة للتفاوض، وأنها قد حددت بالموافقة الكاملة من جميع الحلفاء.

    وفي 22 فبراير 1991، أعلنت الحكومة البريطانية، أنه من النظرة الأولى للمقترحات السوفيتية، فإنها تؤكد عدم تغيير الصورة للشروط غير المسبقة، التي وضعها العراق للانسحاب من الكويت.

    كما صرح وزير الخارجية البريطاني، دوجلاس هيرد، بأنه أُتيح لصدام حسين الوقت الكافي، ليعود إلى رشده. وأن الإطار الذي وضعته دول التحالف، للانسحاب العراقي من الكويت، هو أمر غير قابل للنقاش، لأنه مَبنيٌّ، أساساً، على قرارات مجلس الأمن. وأنه لا توجد جدوى من إعطاء العراق مزيداً من الوقت.

2. مع بدء الحرب البرية (24 فبراير 1991 بتوقيت مسرح العمليات)

أ. رد الفعل البريطاني، إزاء الحرب البرية

    في 24 فبراير 1991، أعلن رئيس الوزراء البريطاني، جون ميجور، تعقيباً على شن الحملة البرية، أن القوات المتحالفة، تعتزم تحقيق أهدافها بأقل خسائر ممكنة. وأكد أن بلاده تؤدي دورها كاملاً في هذه الحرب، من أجل تحرير الكويت. وأن المعركة البرية، ستنتهي بخروج القوات العراقية من الكويت، وستكون ضارية. وأن الأيام القادمة من الحرب البرية، هي أيام صعبة، ولكنها ستحسم المعركة.

    كما أكد دوجلاس هيرد، وزير الخارجية البريطاني، خلال حديثه إلى لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم، في 25 فبراير 1991، أن الحرب البرية، لن تنتهي بسرعة، وأن الأهداف البريطانية، خلال هذه المرحلة، تتلخص في الآتي:

(1)  عدم الاحتفاظ بقوات من دول التحالف، داخل العراق، بعد الحرب. ولكن، يتوقف ذلك على نوع نظام الحكم في بغداد.

(2)  إعادة الشرعية إلى دولة الكويت، بعد إخراج القوات العراقية منها.

    كما قال وزير الدفاع البريطاني، توم كنج، أمام مجلس العموم البريطاني، كذلك، إن الهجوم البري، يحقق نجاحات كبيرة. وإنه لا توجد خسائر في القوات البريطانية.

ب. العراق يعلن سحب قواته من الكويت، ويطلب وقف إطلاق النار

    في فجر يوم 26 فبراير 1991، أعلن الرئيس العراقي، صدام حسين، انسحاب القوات العراقية من الكويت، في خطاب بدأه بعرض الأحداث التي أدت إلى اتخاذه قرار الانسحاب (اُنظر وثيقة خطاب الرئيس العراقي صدام حسين الذي أعلن فيه الانسحاب من الكويت في 26 فبراير1991) و(النص الإنجليزي للوثيقة).

    وفي صباح اليوم نفسه، حدد رئيس الوزراء البريطاني، جون ميجور، أمام مجلس العموم البريطاني، شروط إيقاف الهجوم، بالآتي:

(1)  أن تبادر القوات العراقية، داخل مسرح العمليات، إلى إلقاء أسلحتها، قبل انسحابها.

(2)  أن يوافق صدام حسين على جميع القرارات، الصادرة عن مجلس الأمن، في شأن الأزمة.

    وعلق وزير الخارجية، دوجلاس هيرد، على قرار العراق الانسحاب من الكويت، بقوله، إن الحديث عن إيقاف إطلاق النار، هو أمر مبكر، الآن. وإن هجوم القوات المتحالفة في العراق، لن يهدأ، ونحن لسنا مستعدين لإيقافه. ويمكن وقفه، حينما ينفّذ صدام قرارات الأمم المتحدة.

ج. بريطانيا تؤكد تحرير مدينة الكويت

    في 27 فبراير 1991، أكد رئيس الوزراء البريطاني، جون ميجور، أن مدينة الكويت قد حرِّرَت تحريراً كاملاً. وأن الجنود البريطانيين متواجدون، الآن، في السفارة البريطانية في الكويت. وأن السفير البريطاني، ميشيل وستون (Michael Weston)، غادر لندن في طريقه إلى الكويت.

3. رد فعل الشعب البريطاني ووسائل الإعلام، خلال مراحل الحرب

    في 17 يناير 1991، حينما بدأت الحرب الجوية، اندلعت بعض المظاهرات والمسيرات، المناهضة للحرب، داخل بريطانيا، ضمت الآلاف، واتجهت إلى وسط مدينة لندن.

    واستشعر البريطانيون، ابتداءً من رئاسة الوزراء وحتى رجل الشارع، أن حرب الخليج هي معركة أمريكية ـ بريطانية مشتركة. كما كشف استطلاع للرأي، أن ثلثَي البريطانيين، يعتقدون أن الحلفاء على حق في خوض الحرب. بل إن 20 ألف بريطاني، تبرعوا بالدم، من أجل الجنود. وحينما دعا التليفزيون سكان لندن إلى فتح بيوتهم، لمن سيأتون لزيارة جرحى الحرب، استجاب، في الليلة نفسها، 10 آلاف مواطن.

    وفي ما يتعلق برأي الشعب البريطاني في الحرب، فقد نشرت جريدة "الأوبزرفر" نتائج استطلاع للرأي، كلفت به مؤسسة "هاربس"، جاء فيه أن أغلبية أفراد الشعب البريطاني، يؤيدون رئيس الوزراء على خوض حرب التحرير في الخليج. وأظهر الاستطلاع، كذلك، أن الجمهور لم يؤيد "كينوك"، زعيم حزب العمال على موقفه، الذي طالب فيه، قبْل الحرب، بإعطاء فرصة للحصار، وذلك بعد أن كانت استطلاعات الرأي السابقة، قد أظهرت أن الحكومة، أصبحت في حالة خاسرة، أو فقدان ثقة الجمهور، نتيجة لأسباب اقتصادية. وفي هذا الاستطلاع، فاز المحافظون بخمس نقاط على حزب العمال، إذ حصلوا على 46 في المائة، بينما حصل العمال على 41 في المائة فقط.

    أمّا الجرائد البريطانية، على اختلاف أنواعها، فقد أصدرت طبعات إضافية، لمتابعة تطورات الحرب، في الوقت الذي ازداد فيه توزيعها بنسبة 40 في المائة. كذلك واصل التليفزيون البريطاني بث برامجه العادية، وأصبح يعمل على مدى الـ 24 ساعة، لنقل تطورات الموقف على الجبهة.

أ. تزايد المؤيدين للحرب في بريطانيا، وانعكاساتها على الأحزاب السياسية

    وفي 4 فبراير 1991، كشف استطلاع للرأي، أن شعبية جون ميجور، رئيس الوزراء البريطاني، قد تزايدت، في أعقاب الأزمة، ولا سيما بعد اندلاع عملية "عاصفة الصحراء"، حتى إنه أصبح أكثر رؤساء بريطانيا شعبية، خلال الخمسين عاماً الماضية. وتشير نتائج الاستطلاع، الذي أجرته مؤسسة موري، ونشرته جريدة "الصنداي تايمز"، إلى أن حزب المحافظين، قد حقق تقدماً على حزب العمال المعارض، بخمس نقاط؛ إذ حصل المحافظون على 46 في المائة من أصوات المشاركين، بينما نال العمال 41 في المائة فقط. ويؤكد المراقبون، أن أسلوب "جون ميجور" في معالجة الأزمة، قد أكسبه تأييداً شعبياً واسع النطاق. وبذلك، تكون أزمة الخليج، قد جاءت في مصلحة حزب المحافظين.

    وفي 5 فبراير 1991، أظهر استطلاع للرأي، نشرته جريدة "التايمز" البريطانية، أن نحو 40 في المائة من الشعب البريطاني، يؤيدون قصف العاصمة العراقية، بغداد، بالقنابل، قصفاً شاملاً، ومن دون تمييز، في حالة استخدام العراق الأسلحة الكيماوية ضد قوات التحالف في حرب الخليج. كما ارتفعت نسبة المؤيدين للحرب من 80 إلى 85 في المائة. وأصبح ثلثا البريطانيين مستعدين لدفع زيادات ضريبية، للإنفاق على الحرب. وبات 15 في المائة منهم، يؤيدون ضرب العراق، نووياً، في حالة استخدامه أسلحة كيماوية.

ب. بعض القوى السياسية البريطانية، تعارض توسيع نطاق الحرب

    عارض جيرالد كوفمان (Gerald Covman)، المتحدث باسم حزب العمال المعارض، اتساع نطاق الحرب. أما توني بن، عضو مجلس العموم، عن حزب العمال، فقال: إن هدف هذه الحرب، هو حماية تدفق النفط إلى الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية. وهو ما حاولت الحكومات الغربية إنكاره".

4. التصور البريطاني حيال الترتيبات الأمنية في المنطقة، بعد الحرب

    في 24 يناير 1991، أكدت بريطانيا ضرورة وضع رؤية للترتيبات الأمنية، ما بعد الحرب، تحقق الاستقرار في المنطقة. وجاء ذلك خلال اجتماع وزير خارجيتها، دوجلاس هيرد، إلى نظيره الفرنسي، رولان دوما (Roland Dumas)، في باريس، حيث أكد الوزير البريطاني:

أ.  ضرورة عقد مؤتمر دولي، لمناقشة قضايا ما بعد الحرب، ولا سيما مشكلة الصراع العربي ـ الإسرائيلي.

ب. ضرورة إقامة نظام أمني في منطقة الخليج، حؤولاً دون الاعتداءات، في المستقبل، من قِبل دولة ضد أخرى.

ج. الاستقرار، يجب أن يشمل جميع شعوب المنطقة.

د.  ترتيبات الأمن، يجب أن تنبع من دول المنطقة.

    وفي 2 فبراير 1991، حددت بريطانيا أهدافها، بعد الحرب، بوضع ترتيبات أمنية جديدة في منطقة الخليج، ومنطقة الشرق الأوسط، وإيجاد حل عادل لمشكلة الصراع العربي ـ الإسرائيلي. وجاء ذلك على لسان وزير الخارجية البريطاني، دوجلاس هيرد، إذ قال: "لدى انتهاء الحرب، يجب أن تتخذ إجراءات لوضع ترتيبات أمنية جديدة في منطقة الخليج، ومنطقة الشرق الأوسط، والبدء، من الفور، بمباحثات التي تؤدي إلى إيجاد حل عادل، وملائم، لمشكلة الشرق الأوسط.

    وفي 4 فبراير 1991، خلال اجتماع الجماعة الأوروبية، عرض دوجلاس هيرد، وزير الخارجية البريطاني، مقترحات عن الأهداف البريطانية، بعد الحرب، انحصرت، في:

(1)  إعادة بناء الكويت.

(2)  تحقيق الأمن لدول الخليج.

(3)  تسوية النزاع العربي ـ الإسرائيلي.

(4)  الحد من التسلح، في منطقة الشرق الأوسط.

    وفي 9 فبراير 1991، أكدت بريطانيا عدم وجود اتجاه، لدى دول التحالف، وليس من أهدافها، تقسيم العراق أو تعديل حدوده. وأن الترتيبات هي مسؤولية الدول العربية، وحدها. كما دعت إلى إجراء مفاوضات بين العرب وإسرائيل، من أجل تحقيق الاستقرار في المنطقة. وأعلنت أن قوات التحالف، لن تقرر مَن يحكم العراق، بعد هزيمته. جاء ذلك خلال الاجتماع الذي عُقد في القاهرة، بين دوجلاس هيرد، وزير الخارجية البريطاني، وأحمد عصمت عبدالمجيد، وزير الخارجية المصري.

    وفي 10 فبراير 1991، أكدت بريطانيا، في تصريحات وزير الخارجية البريطانية، دوجلاس هيرد، في الطائف، بعد اجتماعه إلى أمير الكويت، الشيخ جابر أحمد الصباح، ووليّ العهد، الشيخ سعد العبدالله الصباح، سعيها، بعد انتهاء الحرب إلى تحقيق الأهداف التالية:

أ.  تحقيق نظام أمني فعال، في منطقة الخليج، يتشكل بمقتضى مقترحات عربية.

ب. ضرورة أن يتركز اهتمام العالم في البحث عن تسوية شاملة للقضية الفلسطينية.

ج. عدم وجود رغبة في تغيير حدود العراق. ووحدة أراضيه، هو أمر جدّ مهم.

د.  عدم تدخّل بريطانيا في تحديد مَن يحكم العراق، بعد الحرب.

هـ. إنه لا بديل، الآن، من وقف إطلاق النار، حتى يوضح العراق إيضاحاً قاطعاً، أنه في طريقه إلى الخروج من الكويت. ومن الواضح، أنه لا توجد دلائل على ذلك، حتى الآن.

    وفي حديث آخر، أكد هيرد أهمية تحقيق أمن الخليج، بعد الحرب. كما ركز في ضرورة إيجاد تسوية سلمية للمسألة الفلسطينية، في إطار تحرك واسع، لتحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط.

    في 27 فبراير 1991، وفي إطار مباحثات وزير الخارجية البريطاني، في واشنطن، مع كلٍّ من الرئيس بوش، ووزير الخارجية الأمريكية، جيمس بيكر، قال هيرد، إن أربعة موضوعات، قد نوقشت، هي:

أ. ترتيبات الأمن في المنطقة.

ب. ضبط التسلح.

ج. الصراع العربي ـ الإسرائيلي.

د. عملية السلام بشكل عام.

    وفي 28 فبراير 1991، وبعد توقف القتال، حدد وزير الخارجية البريطاني، دوجلاس هيرد، موقف بريطانيا، بعد الحرب، بالآتي:

(1)  ستنسحب القوات البريطانية من منطقة الخليج، بأسرع ما يمكن.

(2)  لن تشارك في أي قوات دولية، لحفظ السلام في منطقة الخليج.

(3)  يُعَدّ فرض حظر السلاح على العراق، جزءاً أساسياً من أي تسوية سلمية.

(4)  سيتوقف فرض العقوبات على سياسات الحكومة، التي ستكون قائمة في العراق.

    وحددت بريطانيا شروطها للتعامل مع العراق، بإضعاف قدراته، في مجال أسلحة الدمار الشامل. إذ قال رئيس الوزراء البريطاني، جون ميجور، أمام مجلس العموم، في 28 فبراير 1991، إن بريطانيا ستسعى، من خلال الأمم المتحدة، إلى الحصول على تعهّد من العراق بتنفيذ الآتي، تحت إشراف دولي:

(1)  تدمير صواريخه أرض/أرض، بعيدة المدى.

(2)  تدمير أسلحة الدمار الشامل (الكيماوية ـ البيولوجية ـ النووية).

(3)  امتناعه عن امتلاك هذه الأسلحة، في المستقبل.

        وأشار ميجور إلى أهمية وجود اتفاق سلام، يتعامل مع كل مشاكل المنطقة، في مرحلة ما بعد الحرب.