إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / العراق والكويت، الجذور ... الغزو ... التحرير / المواقف وردود الفعل، الدولية والإقليمية والعربية، خلال مرحلة "عاصفة الصحراء"









القسم الثالث: مواقف وردود فعل بعض القوى الإقليمية (إيران، تركيا، باكستان، إسرائيل)

أولاً: مواقف وردود الفعل الإيرانية، خلال مرحلة عاصفة الصحراء

1. مع بدء الحملة الجوية (17 يناير 1991 بتوقيت مسرح العمليات)

أ. الموقف الإيراني العام

    تبنت إيران إستراتيجية تعظيم المكاسب، خلال هذه الأزمة، في تعاملها مع مختلف أطرافها. فرحبّت بالتراجع العراقي تجاهها. وأعادت علاقاتها ببغداد وزودتها ما تيسَّر من المواد، الغذائية والطبية، من دون الإخلال بالتزامها بالحصار الدولي. ذلك على الرغم من معارضتها غزو الكويت، وإصرارها على الانسحاب العراقي، وتفهّمها ظروف وجود القوات الأجنبية في المنطقة، شريطة انسحابها فور تحرير الكويت.

    ولدى نشوب الحرب، أعلنت إيران الحياد؛ لكنها حافظت على قدر مُعين من التعاون مع العراق. ويدخل في هذا الإطار، قبولها لجوء أعداد من الطائرات الحربية العراقية، الهاربة من جحيم قصف قوات التحالف الدولي. والسعي إلى إيجاد حل سلمي، يتيح مخرجاً للعراق، مما جعل طهران مركزاً لحركة دبلوماسية ناشطة، بل كانت أول بلد، يزوره مسؤول عراقي، بعد نشوب الحرب، ويعود حاملاً مقترحات لوقف القتال.

    ويعكس هذا الموقف الإيراني، تأثير التوازنات الجديدة، الناجمة عن أزمة حرب الخليج. فعلى الرغم من مصلحة إيران في تقليص القوة الإستراتيجية العراقية، إلا أن الإجهاز التام عليهــا، لا يخلو من أخطار على هذه المصلحة؛ إذا أدى إلى اختلال حاد في التوازن الإقليمي. فقد يترتب على ذلك توجُّه دولي نحو تقليص القوة الإيرانية نفسها، في مرحلة لاحقة، أو إيجاد مبرر لوجود عسكري أجنبي في المنطقة، أو إنشاء نظام أمن جديد، في مواجَهة إيران.

    ولعل هذا ما يُفسر تحوّل الموقف الإيراني المحايد، إلى تحرك جدي لوقف القتال، بعد مرور حوالي أسبوعَين على بدئه، دُمِّر خلالهما، قدر كبير من عناصر القوة الإستراتيجية العراقية، عَدَّتْه إيران كافياً لإعادة العراق إلى حجم مقبول يحقق التوازن في المنطقة، ويحول دون اختلاله اختلالاً جوهرياً.

كما انعكس الموقف الإيراني، في استمرار التراجع عن الطموحات الثورية السابقة، والتحول إلى دولة في منطقة الخليج، تبحث عن دور في النظام العالمي الجديد.

    وفي هذا الإطار، لم يتمكن التيار المتشدد في إيران، من ترويج دعوته إلى مقاومة الوجود الأجنبي في الخليج، من منطلق "الثورة الإسلامية". واكتفى بالدعوة إلى الانسحاب من منطقة الخليج، فور انتهاء الحرب.

    وقد أكدت إيران حيادها في تلك الحرب، من خلال المواقف التالية:

(1)  أكد مجلس الأمن القومي الإيراني؛ وهو أكبر هيئة لصنع السياسة الإيرانية، في 19 يناير 1991، حيدة إيران في حرب الخليج.

(2)  إعلان علي محمد بشارتي ، النائب الأول لوزير خارجية إيران، في 20 يناير 1991، أن حياد بلاده، يمنحها الفرصة لبذل جهودها في إنهاء الحرب المدمرة في الخليج.

(3)  أكد وزير الخارجية الإيراني، علي أكبر ولايتي، في 20 يناير 1991، حياد بلاده. لكنه دان، في الوقت نفسه، الهجمات الجوية، التي تشنها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها، على أهداف غير عسكرية، في العراق. كذلك أكد معارضة طهران شن قوات تركية هجوماً على العراق، أو إحداث أي تغيير جغرافي في المنطقة، يؤدي إلى تعديل في الحدود.

(4)  أعلن محمد جواد لارجاني، المستشار السياسي في الخارجية الإيرانية، حيدة بلاده. وأن الطريق الوحيد إلى إقرار السلام في منطقة الخليج، مرتبط بقرار، يتخذه الأطراف المتحاربون، في شأن التخلّي عن سياسات التوسع والاغتصاب، التي ينتهجونها في المنطقة.

ب. مبادرة الرئيس الإيراني السلمية

    من أجل إيجاد حل سلمي لأزمة الخليج، وإيقاف الحرب، أعلن الرئيس الإيراني، هاشمي رفسنجاني، في 5 فبراير 1991، مبادرة للسلام. وكان قد قال، في 4 فبراير، إنه مُستعد للاجتماع بصدام حسين، لإجراء محادثات مباشرة، توقف الحرب في الخليج. وأبدى استعداده، كذلك، لإجراء اتصالات مباشرة مع واشنطن. وأوضح أن مبادرة السلام، يمكن أن تبدأ إذا وافق صدام حسين على هذه الفكرة. وقد حددت وزارة الخارجية الإيرانية أهداف المبادرة بما يلي:

(1)  عدم وقف إطلاق النار، ما دام العراق يحتل أرض الكويت.

(2)  انسحاب القوات الأجنبية من المنطقة، فور انسحاب القوات العراقية من الكويت.

(3)  ضرورة الحفاظ على حدود العراق وسيادة أراضيه.

(4)  رفض الربط بين تسوية القضية الفلسطينية وحل أزمة الخليج.

    وأعلنت الخارجية الإيرانية، أنه في حالة قبول صدام حسين بهذه المبادرة، يتوجّه الرئيس الإيراني، في رفقة عدد من الشخصيات، السياسية والإسلامية، إلى العراق، مطالباً قوات التحالف بوقف العمليات العسكرية، مع تنظيم سحب القوات الأجنبية، التي تستبدل بها قوات عربية وإسلامية. ويعقب ذلك إنشاء لجنة تحكيم عربية، لتسوية النزاع بين العراق والكويت. ثم تُوقَّع معاهدة عدم اعتداء بين العراق وإيران ودول مجلس التعاون الخليجي.

ج. ردود الفعل، الدولية والإقليمية، إزاء المبادرة الإيرانية

(1)  الولايات المتحدة الأمريكية

    أعلن الرئيس جورج بوش رفضه المبادرة الإيرانية. وأبلغ الصحفيين، في واشنطن، في 6 فبراير 1991، أنه ليس هناك ما تتفاوض واشنطن في شأنه. كما أكد أن القوات الأمريكية، لن تبقى في المنطقة، بعد انتهاء الأزمة.

(2)  الاتحاد السوفيتي

    بّر نائب وزير الخارجية السوفيتي، خلال زيارته طهران، في 7 فبراير 1991، عن موقف الاتحاد السوفيتي، حينما أكد اهتمام موسكو وتقديرها للدور الإيراني. ورحّب بعرض الرئيس الإيراني الاجتماع بصدام حسين، وتأكيده موقف إيران، الداعي إلى ضرورة انسحاب العراق من الكويت.

(3)   تركيا

    رح الرئيس التركي، تورجوت أوزال، في 5 فبراير 1991، بأن العديد من مقترحات الرئيس رفسنجاني، تُعَدّ إيجابية، خاصة ما يتعلق بالانسحاب العراقي الشامل من الكويت.

(4)   الكويت

    رح مبعوث الكويت الخاص، عبدالرحمن العوضي، في 7 فبراير 1991، بأن مساعي إيران إلى إنهاء حرب الخليج، تُعَدّ مساعي حقيقية وجادة. ولفت إلى وضوح إيران في مطالبتها بالانسحاب الكامل، "وإننا متفقون معها".

(5)   العراق

    أعلن العراق رفض مقترحات السلام الإيرانية. وأوضح سعدون حمادي، نائب رئيس الوزراء العراقي، أن بغداد، رفضت مقترحات إيران، الداعية إلى ترتيب وقف إطلاق النار، والحل السلمي. وقال حمادي، في مؤتمر صحفي، عقده في العاصمة الأردنية، في 9 فبراير 1991، إن الصراع، لا يتعلق بالكويت، ولكن بالتصدي للعدوان، الذي يستهدف العراق. وأضاف أن العراق، يرحّب بحل عربي لأزمة الخليج، وأنه على استعداد للدخول في مفاوضات مباشرة، غير مشروطة، ولا تتدخل فيها الولايات المتحدة الأمريكية.

    وبعد أن رفض العراق المبادرة الإيرانية، شن عليه الرئيس الإيراني، رفسنجاني، حملة عنيفة، واتَّهمه بأنه السبب لكل المشاكل، التي تشهدها منطقة الخليج، والناجمة عن غزوه دولة مستقلة. وأوضح، كذلك، أن الولايات المتحدة الأمريكية، تتحمل مسؤولية اندلاع الحرب في الخليج، لمبادرتها إلى العمليات العسكرية، على الرغم من أنه كان في الإمكان الانتظار عدة أشهر، ريثما تؤتي عمليات الحصار الاقتصادي ثمارها.

د. جهود إيران الدبلوماسية في حل أزمة الخليج، مع تصاعد الحرب

    حاولت إيران إيجاد حل للأزمة، ينهي القصف الجوي ضد العراق، ووقف الحرب، من خلال تحركها الدبلوماسي، كالآتي:

(1)  على المستوى الإسلامي

    دعت إيران، في 20 يناير 1991، الدول الإسلامية، إلى عقد دورة طارئة لمنظمة المؤتمر الإسلامي، في طهران. وفي 22 يناير، صرح علي أكبر ولايتي، وزير خارجية إيران، بأن عشر دول، أعلنت، حتى الآن، استعدادها للمشاركة في دورة طارئة لمنظمة المؤتمر الإسلامي، في طهران، تلبية لدعوة إيران إلى بحث الحرب في الخليج، ومحاولة حل الأزمة، سلماً. إلا أن هذه الدعوة أُحبطت، لعدم اكتمال عدد الدول الإسلامية، الذي يستدعيه عقد الدورة الطارئة لمنظمة المؤتمر الإسلامي.

(2)  على المستوى الإقليمي

    أعلن الرئيس الإيراني، رفسنجاني، خلال زيارته باكستان، واجتماعه إلى نواز شريف، رئيس وزرائها، في 22 يناير 1991 ـ أنه يتعين على كلٍّ من باكستان وإيران، تعزيز جهودها، من أجْل إنهاء الحرب في الخليج، سلماً. وأكد رئيس وزراء باكستان، بدوره، تأييده للجهود، التي تبذلها إيران من أجْل عقد جلسة خاصة لمنظمة المؤتمر الإسلامي.

(3)  على المستوى الدولي

    أمست إيران، منذ 6 فبراير 1991، مركزاً من مراكز الدبلوماسية الدولية المهمة، المحيطة بحرب الخليج، بعد أن انتقل الموقف الإيراني، من الحياد السلبي إلى الحياد الناشط. فشهدت العاصمة الإيرانية نشاطاً دبلوماسياً مكثفاً، في شأن الأفكار الإيرانية، المتعلقة بالتوصل إلى تسوية سلمية للأزمة في الخليج. إذ وصل إليها نائب وزير الخارجية السوفيتية، ألكسندر بلونوجوف ، فضلاً عن أحمد البتموجين (Ahmed Alptemogin)، وزير خارجية تركيا.

    وفي 10 فبراير 1991، أعرب علي أكبر ولايتي، وزير خارجية إيران، عن أسفه لعدم اجتماع كلٍّ من حركة عدم الانحياز والمؤتمر الإسلامي، من أجْل حل سلمي في المنطقة.

    في 15 فبراير 1991، زار علي أكبر ولايتي موسكو، حيث أجرى محادثات مع الرئيس السوفيتي، ميخائيل جورباتشوف، وعدد من المسؤولين في العاصمة السوفيتية، وفي مقدمتهم وزير الخارجية السوفيتية، ألكسندر بسميرتنيخ، في شأن الموقف في منطقة الخليج. وأكد الجانبان، الإيراني والسوفيتي، الآتي:

·           ضرورة إنهاء حرب الخليج، بأسرع وقت ممكن، على أساس تطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي.

·           قلقهما العميق، تجاه مجريات النزاع المسلح في الخليج.

·           ضرورة خلق نظام فعال للأمن الإقليمي، بعد انتهاء الأزمة، يكفل استمرار السلام والاستقرار في المنطقة.

هـ. الموقف الإيراني من استمرار الحرب

    سعت إيران، في كل تحركاتها السابقة، وإعلانها الحياد، إلى تحقيق مكاسب عديدة، بعد انتهاء الحرب. ولكنها في الوقت نفسه، تريد أن تُنهي هذه الحرب، بسرعة، حتى يمكن أن يكون لها دور مؤثر في الأوضاع الجديدة. وكرد فعل إزاء استمرار الحرب، اتضح الموقف الإيراني التالي:

(1)  في 25 يناير 1991، قال الرئيس الإيراني، رفسنجاني، في خطبته، يوم الجمعة: "لن نرسل إخواننا وأبناءنا، ليقاتلوا من أجْل العراق، لكي يصبح بلداً أقوى، وتمتد يده إلى الخليج الفارسي". ودعا العراق إلى الانسحاب من الكويت، من دون شروط. وأكد أن ذلك، هو السبيل الوحيد إلى إنهاء وجود القوات الأجنبية في المنطقة.

(2)  وفي 10 فبراير 1991، وفي كلمة أمام اجتماع الدبلوماسيين الأجانب، في ذكرى اندلاع الثورة الإيرانية، قال الرئيس الإيراني، رفسنجاني: "إننا نحمّل العراقيين المسؤولية، لأنهم شنوا هجوماً غير مقبول على بلد مستقل، دونما سبب بعينه، وخلقوا كل هذه المشاكل للمنطقة. وإن أهداف الولايات المتحدة الأمريكية، في المنطقة لا بدّ أنها تتجاوز إخراج العراق من الكويت؛ وإلا كان في استطاعة واشنطن، أن تحل أزمة الخليج بالوسائل السلمية. وإن الأمريكيين، يجب أن يخجلوا من أنفسهم، لإحلالهم الخراب بالعراق. ولن يكون هناك فائز أو غانم، بالنسبة إلى أي من الطرفَين في حرب الخليج".

(3)  وفي 24 فبراير1991، أعلن رفسنجاني أسفه للهجوم البري، وقال: إن أهداف القوات المتحالفة، تذهب إلى أبعد من تنفيذ قرارات مجلس الأمن. وإنه كان في إمكان بغداد، أن تتجنب حرباً برية. ومن المؤسف، كذلك، أن الولايات المتحدة الأمريكية، تسعى إلى تحقيق أهداف، تتجاوز الانسحاب العراقي من الكويت.

(4)  وفي 25 فبراير 1991، نددت الجرائد الإيرانية بالهجوم البري لقوات التحالف، على القوات العراقية. ووصفته بأنه برهان على أن واشنطن تعتزم، منذ بداية أزمة الخليج، ما هو أكثر من تحرير الكويت. وفي اليوم نفسه، أعرب وزير خارجية إيران، علي أكبر ولايتي، عن قلقه في شأن التطورات الجارية في الخليج، وأنه يجب تركيز كافة الجهود، من أجل إيجاد تسوية سريعة لهذه الحرب.

(5)  كما أعلن رئيس البرلمان الإيراني، علي مهدي خروبي، أن إيران، وضعت قواتها المسلحة في حالة تأهب. وأن الولايات المتحدة الأمريكية، فقدت، بالفعل، صورتها، كقوة عظمى؛ وحتى إلحاقها هزيمة بالعراق، لن يجعلها هي المنتصرة. وأكد خروبي، "أنه من المحتمل، أن تكون إيران، هي الهدف التالي للقوات، التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية في الخليج؛ ولكن إيران مستعدة للدفاع عن نفسها".

و. رد فعل إيران، إزاء لجوء الطائرات العراقية إلى أراضيها

    في 26 يناير 1991، بثت إذاعة طهران، "أن سبع طائرات مقاتلة عراقية" هبطت إيران، وتحطمت إحداها واحترقت. كما أعلنت إيران، أنها ستحتجز جميع الطائرات الحربية العراقية، التي هبطت أراضيها، ريثما تنتهي حرب الخليج. ثم أعلنت، في اليوم نفسه، وصول أعداد أخرى من الطائرات العراقية، وأنها وصلت، في نهاية اليوم، إلى 24 طائرة (اُنظر جدول عدد وأنوع الطائرات العراقية التي لجأت إلى إيران أثناء حرب الخليج).

    كما أكد رئيس مجلس الشورى الإيراني، مهدي خروبي، في 27 يناير 1991، أن الطيارين العراقيين، الذين هبطوا بطائراتهم إيران، لا يزالون قيد الاستجواب. وأن نياتهم، لم تُعرف بعد.

    وفي 2 فبراير 1991، أعلن حسن روحاني، المتحدث باسم المجلس الأعلى القومي الإيراني، أن إيران، أدهشها تدفق طائرات حربية، عبر حدودها. وأن العراق، ربما أراد الحفاظ على طائراته، لاستخدامها في هجوم بري، بعد أن واجه التفوق التكنولوجي لطائرات القوات المتحالفة.

    وفي 18 فبراير 1991، صرح الرئيس الإيراني بأن الطائرات العراقية، لجأت إلى إيران لأنها هبطت اضطراراً. ولم تكن تحمل من الوقود، إلا ما يكفيها لخمس دقائق من الطيران. وأن هذه الطائرات، ستبقى في إيران، حتى نهاية الحرب. كما أكدت إيران، أنها لن تعيد الطائرات العراقية، التي هبطت على أراضيها. وطالبت، في الوقت نفسه، برحيل قوات التحالف. ورفضت أي إجراء، من شأنه أن يؤدي إلى تقسيم العراق.

ز. رد الفعل الإيراني، إزاء بيان مجلس قيادة الثورة العراقي، في شأن الانسحاب من الكويت

    جاء رد الفعل الإيراني مؤيداً لعرض العراق الانسحاب من الكويت، وعُدَّ فرصة لتحقيق السلام. واتّضح ذلك، من خلال التصريحات التالية:

(1)  إعلان وزارة الخارجية الإيرانية، في 15 فبراير 1991، تعليقاً على بيان مجلس قيادة الثورة العراقي، أن العرض العراقي المشروط للانسحاب من الكويت، يُعد خطوة نحو السلام.

(2)  تصريح الرئيس الإيراني، رفسنجاني، في اليوم نفسه، بأن عرض العراق الانسحاب من الكويت، يُعد فرصة لإحلال السلام، وأن هناك دلائل على أن سُبلاً إلى حل المشكلة، تلوح في المنطقة، وأن نقطة البداية لحل الأزمة، هي إعلان العراق استعداده للانسحاب من الكويت. وأن تعاون كل الدول الإسلامية، أمر مطلوب، لكي لا تغلق النافذة التي فتحت.

(3)  تعليق جريدة "طهران تايمز" الإيرانية، في 16 فبراير 1991، على البيان العراقي، بقولها: يمكن الاعتقاد، أن الحرب تقترب من نهايتها، بعد إعلان بغداد، أن العراق مُستعد لانسحاب مشروط من الكويت. وإن نبأ التغيير المفاجئ، يُعد مدعاة للفرح والأمل، لجميع الذين يرغبون في السلام والأمن في المنطقة. وعلى الغرب، الآن، ألاّ يعطي صدام حسين فرصة للتراجع عن إعلانه الانسحاب. وعلى الغرب، كذلك، أن يؤكد أنه مستعد للانسحاب، من الفور.

(4)  إعلان المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، في 17 فبراير 1991، أن على الأطراف الآخرين في الحرب، العمل على اتخاذ خطوات إيجابية متبادلة، وتمهيد الأرض لتسوية سلمية، وسريعة، للحرب. ومع قبول العراق بقرار مجلس الأمن، (الرقم 660)، فقدت واشنطن وحلفاؤها، العذر في مواصلة الهجمات، الجوية والصاروخية، على العراق.

2. مواقف ردود فعل الرأي العام الإيراني الداخلي، الأحزاب الدينية والسياسية ، من الحرب

أ. مواقف رجال الدين المتشددين وردود فعلهم

(1)  في 19 يناير 1991، ذكر آية الله خلخالي، أنه لا ينبغي ترك الشعب العراقي، وحده، في هذه المعركة؛ لأنه لو انتصرت الولايات المتحدة الأمريكية، فلن تترك المنطقة بسهولة.

(2)  في 21 يناير 1991، أعلن حجة الإسلام علي أكبر محتشمي، زعيم المتشددين في إيران، أمام البرلمان، أنه يجوز لبلاده المشاركة في الجهاد ضد الولايات المتحدة الأمريكية. وانتقد دول عدم الانحياز، لاتخاذها موقف اللامبالاة، في هذه الحرب.

(3)  في 22 يناير 1991، حثّت جمعية رجال الدين المتشددين، الشعب الإيراني، على الخروج إلى الشوارع، احتجاجاً على الحرب، التي وصفتها بأنها خطوة متغطرسة، لتدمير موارد المسلمين، البشرية والمادية، وترجيح كفة الميزان، في مصلحة النظام الصهيوني.

(4)  في 30 يناير 1991، ندد مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، آية الله علي خامنئي، بقصف القوات المتحالفة الشعب العراقي المسلم، مؤكداً أن الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها، أثبتت أنها مستعدة للقتال من أجْل النفط. ورأى أن ما يجري، حالياً، في العراق، سيبقى وصمة عار في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية. وأن الرئيس بوش قاتِل، يذبح شعباً بريئاً. وأن استمرار قصف القوات الأمريكية والحليفة المدن العراقية، هو جريمة فاضحة. وسأل خامنئي: أي ذنب، اقترفه سكان العراق والمزارات المقدسة، الذين تزهق أرواحهم، ويفقدون ممتلكاتهم؟

ب. موقف البرلمان الإيراني من الحرب

    تقدم أكثر من نصف أعضاء البرلمان الإيراني، في 29 يناير 1991، ببيان، يدعو الحكومة إلى مناقشة خطة سلام، من خمس نقاط، لإنهاء حرب الخليج. قوامها الوقف الفوري لإطلاق النيران، ووقف الهجرة اليهودية إلى إسرائيل.

    كما أعلن وزير الخارجية الإيراني، في 2 فبراير 1991، أنه قد حان الوقت لوقف القتال في الخليج، من الفور، ووضع نهاية سلمية للحرب.