إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / العراق والكويت، الجذور ... الغزو ... التحرير / المواقف وردود الفعل، الدولية والإقليمية والعربية، خلال مرحلة "عاصفة الصحراء"









القسم الثالث: مواقف وردود فعل بعض القوى الإقليمية (إيران، تركيا، باكستان، إسرائيل)

ثانياً: مواقف وردود الفعل التركية، خلال مرحلة عاصفة الصحراء

1. مع بدء الحملة الجوية (17 يناير 1991 بتوقيت مسرح العمليات)

أ. الموقف التركي العام

    ينطلق الموقف التركي من أزمة الخليج، من عدة معايير، لعل في مقدمتها، أن تركيا دولة مجاورة للمنطقة العربية، مما يجعلها تتأثر تأثراً مباشراً بتطورات الأوضاع فيها. وهو ما بدا واضحاً، خلال مرحلة "عاصفة الصحراء". ومن ناحية أخرى، فإن تركيا، تُعد الجناح الجنوبي لحلف الناتو؛ ومن ثم، فلا بدّ أن يترك الموقف الغربي من الأزمة، تأثيره واضحاً في الموقف التركي. إضافة إلى سعي تركيا إلى الانضمام إلى الجماعة الأوروبية.

    وقد تأثرت تركيا، سلباً، بالغزو العراقي للكويت، من جراء المقاطعة الاقتصادية للعراق، والتزامها بتنفيذ قرارات مجلس الأمن، المتعلقة بالحصار الاقتصادي على العراق، لإجباره على الانسحاب من الكويت. وقد قدّرت خسائر تركيا الأولية، من مقاطعة العراق، بنحو 3.5 مليارات دولار.

    وفي 4 فبراير 1991، طالبت تركيا العراق بتخفيض عدد موظفي السفارة والقنصلية، العراقيتين، في أنقرة، إلى حوالي ثلثَيهم. وقال متحدث باسم الخارجية التركية، إن أكثر من سبعين شخصاً، يعملون في كلٍّ من السفارة والقنصلية، العراقيتَين، في تركيا؛ وإن مستوى العلاقات الحالية بين البلدين، لا يستدعي ذلك.

ب. الجهود التركية الدبلوماسية واتصالاتها، في حل أزمة الخليج، مع تصاعد الحرب

(1) الجهود التركية ـ السوفيتية المشتركة

    في أنقرة، اجتمع ألكسندر بيلونوجوف ، نائب وزير الخارجية السوفيتي، إلى وكيل وزارة الخارجية التركية، توجاي أواجيري، في 8 فبراير 1991، لبحث الوضع في منطقة الخليج، بهدف الاتفاق على الجهود، التي تستهدف وقف الحرب، على أساس تعهّد العراق بالانسحاب من الكويت، والإذعان لقرارات الأمم المتحدة.

    واتفق الجانبان، السوفيتي والتركي، على ضرورة إيقاف العمليات العسكرية في الخليج، فور إعلان العراق استعداده للانسحاب من الكويت. وأكد الجانبان ضرورة وضع حدٍّ لإراقة الدماء وتدمير العراق.

    كما أكد الجانب التركي حرص تركيا، على أن تبقى بعيدة عن الحرب. وأنها لن تبدأ بشن عدوان على العراق، إلا إذا قام بمهاجمتها. كما أكد الجانبان، مجدداً، أهمية الحفاظ على وحدة الأراضي العراقية.

(2) الجهود التركية ـ المصرية المشتركة

    في 13 فبراير 1991، زار وزير خارجية تركيا القاهرة، حيث أجتمع إلى الرئيس المصري، حسني مبارك، ووزير الخارجية، عصمت عبدالمجيد. وأعرب الوزير التركي، عقب جلسة المباحثات، عن أمله أن تنتهي أزمة الخليج في أقرب وقت، وأن تنسحب القوات العراقية من الكويت، وتعود الأمور إلى ما كانت عليه قبْل الثاني من أغسطس 1990. كما تحدث وزير الخارجية التركي عن الوضع في الخليج، عقب انتهاء العمليات العسكرية، مؤكداً ضرورة أن يعمّ الاستقرار والسلام، بأسرع وقت ممكن.

(3) الجهود التركية ـ السعودية

    خلال زيارة وزير الخارجية التركي المملكة العربية السعودية، في 16 فبراير 1991، أكد ضرورة أن تركز المساعي في الانسحاب العراقي الفوري من الكويت. وأن الحرب البرية، أصبحت حتمية، مع إصرار العراق على ربط قضية الكويت بأمور أخرى. ودعا بغداد إلى تطبيق جميع القرارات الدولية، المتعلقة بالأزمة.

ج. الموقف التركي مع اندلاع الحرب

    مع اليوم الأول من اندلاع الحرب، أعربت تركيا عن موقفها تجاه العراق. فأكد الرئيس التركي، تورجوت أوزال، في 17 يناير 1991، أن بلاده، لن تسمح لإيران وسورية، باستغلال الحرب في الخليج، للقفز على العراق. ولن تسمح، في الوقت نفسه، بظهور دولة الأكراد، في شمالي العراق، بعد انتهاء الحرب.

    وفي الوقت عينه، أكد الدبلوماسيون، في أنقرة، أن القوات التركية، قد عزّزت تحصيناتها على حدود العراق الشمالية، ودفعت بعشرات الآلاف من الجنود، ولغمت الحدود، تخوفاً من أن يفتح العراق جبهة قتالية على حدودها.

    وأصبح الرأي السائد في أنقرة، أن تركيا، أصبحت، عملياً، شريكاً في الحرب ضد العراق، بعد ما أُعلن أن السلطات التركية، سمحت للأمريكيين باستخدام قاعدة إنجيرليك (Insirlik) الجوية. أما الرئيس تورجوت أوزال، فقد قال، في إشارة إلى احتمال التصعيد تجاه تركيا: "إن هذا يجب ألاّ يخيفنا. فنحن لم نفعل سوى تطبيق قرارات الأمم المتحدة". وأضاف، "أن القادة العراقيين، خلقوا، بتصرفاتهم، مشاكل كبيرة للمنطقة". وحدد هذه المشاكل بالغزو العراقي للكويت، والحرب التي استمرت ثماني سنوات، ضد إيران، والمتاعب التي أثارها العراق، بسبب مياه الفرات. كما رأى أوزال، أن الإبقاء على القوة العراقية، قد يشكل خطراً على تركيا في المستقبل".

    وبعد عدة أيام من بداية الحرب، وبالتحديد في 22 يناير 1991، أعلن رئيس الوزراء التركي، يلدريم أكبولت (Yildirim Akbulut)، أن بلاده، لا تشعر بالقلق من وقوع هجوم محتمل على تركيا. وأضاف، أن الرئيس العراقي، لن يجني أي مكاسب، سياسية وعسكرية، من وراء مهاجمة تركيا. وأن بلاده قد اتخذت كافة الإجراءات اللازمة، على طول الحدود، لضمان الدفاع والأمـن. ولا ينبغي أن يفهم من هذا، أن تركيا تنوي مهاجمة العراق، إلا إذا تعرضت للعدوان".

    وأكد الرئيس التركي، في اليوم التالي، أنه لا ينبغي التخوف من الحرب؛ فهي ضرورية، أحياناً، إذا أردنا أن نبني مستقبلاً أفضل. كما ذكر أن الطائرات والقوات التركية، لا تشارك في العمليات، التي تنفّذها القوات الأمريكية، انطلاقاً من قاعدة إنجيرليك الجوية. كما لا توجد أي طائرات حربية إسرائيلية، رابضة بالقواعد الجوية التركية.

    وفي الوقت نفسه، توالت تصريحات المسؤولين في الحكومة التركية، في شأن الحرب الدائرة، مؤكدين موقفهم الثابت منها، وعدم اشتراكهم في أي هجوم على العراق، إلاّ إذا بدأ العراق بذلك.

    وردّاً على التحذير، الذي وجّهه طارق عزيز إلى تركيا، في 21 يناير 1991، ردّ وزير الخارجية التركي، أحمد البتموجين (Ahmed Alptemogin)، في 26 يناير 1991، قائلاً: "إن تركيا، ليس لها موقف معادٍ تجاه العراق. وإن رسالة عزيز، تمثل تحليلاً خاطئاً لموقف أنقرة من الأزمة". كما حمّل الحكومة العراقية المسؤولية الكاملة عن الوضع الحالي، مؤكداً استعداد تركيا للعمل من أجل إحلال السلام في المنطقة. وتمنى أن يحافظ الشعب العراقي على وحدته.

    وفي الأول من فبراير 1991، أكد رئيس الوزراء التركي، يلدريم أكبولت، أمام البرلمان التركي، "أن الحرب الدائرة في الخليج، ليست حرباً بين المسلمين والمسيحيين، كما يزعم الرئيس العراقي، الذي تسبب بإشعال الحرب بين المسلمين أنفسهم". وأكد أن تركيا، لن تشارك في هذه الحرب، إلاّ في حالة تعرّضها لهجوم عراقي".

د. الموقف التركي، وردود الفعل، تجاه المبادرات السلمية المطروحة

    رحّبت تركيا بكافة المبادرات، التي طرحت في المنطقة، لإيجاد حل سلمي، وتفادي الهجوم البري لتحرير الكويت.

(1) المبادرة الباكستانية

    أعرب الرئيس التركي، أوزال، في 25 يناير 1991، لرئيس الوزراء الباكستاني، نواز شريف، خلال زيارته أنقرة، حاملاً مبادرة إسلامية، في شأن إنهاء حرب الخليج. كما أعرب عن تأييده أي مساعٍ سلمية. وألقى الرئيس التركي باللوم على العراق وقيادته، التي رفضت كافة مبادرات السلام، وجعلت الخيار العسكري أمراً لا مفر منه.

(2) المبادرة الإيرانية

    صرح الرئيس التركي، أوزال، في 6 فبراير 1991، بأنه يؤيد المبادرة الإيرانية لإنهاء حرب الخليج، شرط أن يوافق العراق على الانسحاب من الكويت، وإعادة الحكومة الشرعية إليها.

    وفي 7 فبراير 1991، وخلال زيارة وزير الخارجية التركي طهران، أكد أن الجانبَين، التركي والإيراني، متفقان على تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، بأسرع وقت ممكن. كما أعرب الطرفان عن رغبتَهما في أن يبدأ العراق بسحب قواته من الكويت، وعودة الأوضاع إلى ما كانت عليه، كخطوة لتحقيق السلام في المنطقة.

(3) المبادرة السوفيتية

    في 20 فبراير 1991، صرح الرئيس التركي بأن خطة السلام السوفيتية، من أجل إنهاء حرب الخليج، تعكس رغبة الاتحاد السوفيتي في ألاّ تحقق واشنطن نصراً عسكرياً مطلقاً. وأضاف إن وجود رغبة في إنهاء الحرب، هو نتيجة الوعي، أن العمليات العسكرية البرية، من جانب القوات المتحالفة، سوف تنتهي بسقوط نظام الحكم العراقي، والنجاح العسكري الكامل للقوات الأمريكية. وأشار أوزال إلى أن النظام العراقي الحاكم، يريد أن يحظى بتأييد الاتحاد السوفيتي، حتى يقيم أي نوع من التوازن في المنطقة، مشيراً إلى أن ذلك لن يحدث؛ لأنه سيكون نصراً عسكرياً لواشنطن وهزيمة سياسية لها، في آن معاً.

هـ. ردود الفعل التركية، تجاه استمرار الحملة الجوية، أو تجاه الاشتراك في الحرب

    أكدت تركيا أنها، كعضو في حلف شمال الأطلسي، ستسمح باستخدام قواعدها، التي يمكن منها تنفيذ القرارات الدولية، بإجبار العراق على الانسحاب من الكويت. جاء ذلك في تصريحات الرئيس التركي، تورجوت أوزال، إلى جريدة "دي تسايت" الألمانية، في 21 فبراير 1991، والتي تضمنت:

(1)  ليس لتركيا أي مطامع إقليمية في أجزاء من العراق. ولا نريد سنتيمتراً واحداً من أراضيه، ولن يعاد رسم الخرائط، بعد الحرب .

(2)  سيدفع تركيا إلى دخول الحرب سببان فقط. أولهما، إنشاء دولة كردية. والآخر، يتمثل في أن تحاول دولة ما غزو شمالي العراق.

(3)  تنطلق القوات الجوية الأمريكية من تركيا، في هجماتها على العراق، طبقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي؛ وليست تركيا معتدية، ولكن العراق، هو المعتدي.

(4)  تخوّل المادة الثالثة من قرار مجلس الأمن، الرقم 678، الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، تقديم المساعدات إلى القوات الدولية، التي تعمل على طرد العراق من الكويت. ولهذا، فقد سمحت تركيا للقوات الأمريكية باستعمال قاعدة إنجرليك الجوية التركية، في قصف المواقع العراقية.

(5)  تُحشد القوات التركية على الحدود مع العراق، بعد أن حشد العراق ثماني فِرق عسكرية على هذه الحدود.

        أكدت تركيا عدم اشتراكها في الحرب، في تعليق لجريدة "حجون ايدن" التركية، في 28 يناير 1991، قالت فيه: إن خسارة العراق، أصبحت مؤكدة. وتدخّل تركيا في الحرب، سيؤدي، استطراداً، إلى تدخّل كلٍّ من إيران وسورية، وقد يتسبب ذلك بوقوف هاتَين الدولتَين إلى جانب العراق.

        ذكر وزير شؤون الدولة التركي، كارامان إينان ، لجريدة "الفيجارو"، في 31 يناير 1991، أن الحرب في الخليج، تستهدف تحرير الكويت، وليس احتلال العراق. وأضاف أنه يجب ألاّ يكون تحرير الكويت، وسيلة لخلق وضع في العراق، يخلّ بالتوازن في المنطقة. وأعلن أنه سيكون لتركيا مقعد في المفاوضات، بعد الحرب، إذا ما أريد للنزاعات في المنطقة، أن تنتهي بتسوية دائمة.

        كذلك ذكر الرئيس التركي لجريدة "الدراسات" التركية، في 4 فبراير1991، أن بلاده، ستلجأ إلى الحرب، كملاذ أخير، إذا تعرضت أراضيها لهجوم عراقي. وأن تركيا وقفت مع دول الحلفاء، انطلاقاً من وعودها والتزامها؛ إذ لم يكن ممكناً، أن تبقى بلاده على الحياد في أزمة الخليج. واستطرد قائلاً: "إنه كان عليها، إما أن تلتزم بالحصار، الذي فرضه مجلس الأمن الدولي على العراق، أو تُعلن رفضها هذه القرارات".

        وفي حديث إلى التليفزيون اليوناني، في 4 فبراير 1991 قال أوزال: إن تركيا، لن تفتح جبهة ثانية، ضد العراق، ما لم تتعرض لهجوم من جانبه. وقد تستخدم قواتها الجوية، وليس البرية، ضد العراق، في حالة وقوع هجوم عراقي، بصواريخ سكود، عليها. وإن بلاده، ليس لها أي طموحات إقليمية في العراق، خاصة أن النفط، فقَد دوره المهم.

        كما ذكرت جريدة "جمهوريات" التركية، في 8 فبراير 1991، أن تركيا، تعمل على تعزيز الدفاع، على طول حدودها مع العراق. وأن جزءاً من الجيش التركي، البالغ قوامه 800 ألف جندي، يتحرك صوب الحدود مع العراق. وقوافل الدبابات ووحدات المدفعية، التي تتحرك من وسط تركيا، ستنتشر في ثلاث مناطق على الحدود. كما ذكرت الجريدة أنه على الرغم من تأكيد الرئيس التركي، تورجوت أوزال، أن تركيا، لن تفتح هذه الجبهة، إلا أن هذا الاحتمال، ليس بمستبعَد، بالنسبة إلى أنقرة.

        وقال وزير شؤون الدولة التركي، كارامان إينان، في 13 فبراير 1991، للقناة الرابعة للتليفزيون البريطاني: إن مساهمات تركيا في حرب تحرير الكويت، أدت إلى تحييد تسعة ألوية عراقية، تواجه الحدود التركية، ولا تشارك في القتال. وهذه أكبر مساهمة، يمكن أن تقدمها دولة في حرب.

و. ردود الفعل الاقتصادية، في تركيا

    تركيا من الدول التي تضررت كثيراً من الحرب. ومن ثم، قررت الجماعة الأوروبية منحها قرضاً، قيمته ما يوازي 345 مليون دولار، كتعويض ممّا تكبدته من أضرار، نجمت من حرب الخليج. وذكر تصريح الجماعة الأوروبية، أن هذا القرض معفى من الفائدة، ويُستَوَفى على مدى عشر سنوات، ويشتمل على تصدير معدات غير عسكرية، وقِطع غيار، وموادّ صناعية أخرى. إضافة إلى ذلك، فإن أعضاء الجماعة الأوروبية، التزموا بتقديم ما قيمته 196 مليون دولار، في صورة اتفاقات ثنائية مع تركيا.

    كما أعلنت السفارة الأمريكية، في أنقرة، أن الولايات المتحدة الأمريكية، منحت تركيا مساعدة إضافية، مقدارها 83 مليون دولار، مما يزيد المساعدة المقدمة إليها، على 630 مليون دولار، معظمها في شكل منح. وذكرت إذاعة صوت أمريكا، في 27 فبراير 1991، أن وزارة الخارجية الأمريكية، تسعى إلى زيادة المساعدات الخارجية لتركيا، خلال السنة المالية القادمة. وأنها طلبت من الكونجرس 703 ملايين دولار، كمساعدة لتركيا، بزيادة على قيمة المساعدات الحالية قدرها 150 مليون دولار.

    وفي 16 فبراير 1991، أوضحت وكالة أنباء "الأناضول" التركية، أن الحكومة التركية، تلقّت مساعدات، قيمتها ما يوازي مليار واحد ومئة مليون دولار من المملكة العربية السعودية، في شكل نفط، و300 مليون دولار منحة من الكويت، و100 مليون دولار منحة من دولة الإمارات العربية المتحدة، و300 مليون دولار من اليابان، و 10 ملايين دولار من ألمانيا، و84 مليون دولار من فرنسا.

    وقدَّر المصرف الدولي خسائر تركيا، الناجمة عن فرض العقوبات على العراق، بنحو 7 مليارات دولار، خلال عام، بدءاً من 2 أغسطس 1990.

    كذلك تضررت حركة الادخار المصرفي، في تركيا؛ إذ سحب الموْدعون ملياراً واحداً وأربعمائة مليون دولار، من المصارف، خلال الفترة من 9 إلى 18 يناير 1991. كما تضرر القطاع السياحي التركي تضرراً كبيراً؛ إذ أُغلقت 6 فنادق، وألغت 14 شركة جوية رحلاتها إلى تركيا، بعد اندلاع الحرب، وخسرت شركة الخطوط التركية 76.6 مليون دولار.

2. مع بدء الحرب البرية (24 فبراير 1991 بتوقيت مسرح العمليات)

أ. ردود فعل تركيا ومواقفها، بعد بدء الحرب البرية

    أكد رئيس الوزراء التركي، يلدريم أكبولت، في 24 فبراير 1991، على أثر بدء الحرب البرية، أن تركيا، لن تهاجم العراق، إذا لم تتعرض لهجوم. وهذا تأكيد للموقف، الذي اتخذته أنقرة، منذ بدء حرب الخليج.

    وفي 26 فبراير 1991، ذكرت جريدة "حريت" التركية، أن الرئيس أوزال، منع، في اللحظة الأخيرة، الطائرات الحربية الأمريكية، التي تقلع من قاعدة إنجرليك التركية، من قصف خطوط أنابيب النفط العراقية ـ التركية.

    كما أكد وزير الخارجية التركي، في 25 فبراير 1991، أن القيادة العراقية، هي، الوحيدة، المسؤولة عن بدء الحرب البرية. وأنها لم تقدِّر الفرصة الأخيرة، التي مُنِحَتْها لوقف حرب الخليج. وتأمل تركيا، أن تنتهي الحرب بطرد العراقيين من الكويت، بأقلّ قدر ممكن من الخسائر. أمّا بقاء صدام حسين في السلطة، فهو أمر متروك للشعب العراقي.

ب. تركيا وقرار الرئيس بوش إيقاف الحرب

    رحّب الرئيس التركي، أوزال، في 28 فبراير 1991، بوقف إطلاق النار، ووصفه بأنه خطوة كبيرة في اتجاه السلام. وأكد أن دول الشرق الأوسط، يجب أن تعمل لتجنُّب تكرار مثل هذه الأزمة. وأن تركيا، هي من القوة، حتى إنه يمكنها أن تقدّم أي إسهام في التعاون والسلام في المنطقة.

3. ردود الفعل الداخلية في تركيا

    في 26 يناير 1991، فرضت الحكومة التركية حظراً على الاضطرابات والتظاهرات، لمدة شهر. وأفادت وكالة الأناضول، شبه الرسمية، أن الحكومة، اتخذت هذا القرار لأسباب أمنية. وجاء هذا القرار في وقت، ترددت فيه التوقعات، لدى الأقلية الكردية، في شمالي العراق، في شأن إمكان منحها شكلاً من أشكال الحكم الذاتي، بعد انتهاء الحرب، مما يشجع الأكراد في تركيا، على تطلعات مشابهة. وعلى الرغم من هذا الحظر، إلاّ أن هجومَين بالقنابل، وقَعا في 26 يناير 1991، في أضنة، جنوبي تركيا، ضد قنصلية الولايات المتحدة الأمريكية، والجمعية الثقافية التركية ـ الأمريكية، واقتصر على أضرار مادية فقط. كما أن بعض المواجهات، حدثت بين قوات الأمن التركية والمتظاهرين، وأدت إلى إصابة ثمانية أشخاص بجروح، واعتقال أربعين شخصاً.

4. التصور التركي حيال الترتيبات الأمنية في المنطقة، بعد الحرب

    قبل بدء الحرب البرية، وفي 5 فبراير 1991، أعلن الرئيس التركي، أوزال، أهمية رسم خريطة كونفيدرالية جديدة، لعراق ما بعد الحرب، بافتراض أنها انتهت بهزيمة العراق. وهو أمر، كما ذكر، أوزال، لا يدع مجالاً للشك فيه[1].

    في 28 فبراير 1991، وبعد توقف الحرب، صرح رئيس الوزراء التركي، يلدريم أكبولت، عبر التليفزيون التركي، قائلاً: إن تركيا، تقترح إنشاء منطقة اقتصادية في الشرق الأوسط، للحفاظ على سلام ثابت في المنطقة. وإنه لا يمكن إرساء سلام ثابت فيها بوساطة إجراءات أمنية فحسب، بل ينبغي دعمه بوساطة تعاون اقتصادي واسع، بين جميع دول المنطقة". أما الرئيس أوزال، فقد أكد أهمية تحقيق السلام في المنطقة، الذي يعتمد، أساساً، على التعاون بين دولها.

    وفي الأول من مارس 1991، ذكرت جريدة "الديلي نيوز" التركية، أنه بعد انتهاء عملية "عاصفة الصحراء"، أصبح الهدف الرئيسي، هو إنشاء نظام جديد للشرق الأوسط، قوامه خلْق جو من السلام والثقة المتبادلة، بين دول المنطقة.  

    وفي 2 مارس 1991، ذكرت إذاعة طهران، أن الرئيس التركي، تورجوت أوزال، أجرى محادثات هاتفية مع الرئيس الإيراني، علي أكبر هاشمي رفسنجاني، في شأن آخر تطورات الأزمة في الخليج. وقد أبرز الرئيس الإيراني، في هذه المحادثة، ضرورة محافظة الدول المطلة على الخليج، على أمن المنطقة، بفضل التعاون بينهما.

 



[1] نشرت جريدة ` حريت التركية` ما أسمته خريطة اوزال الكونفيدرالية تحت عنوان "العراق ما بعد صدام"، على حد تعبيرها، وتتألف هذه الكونفيدرالية من ثلاث مناطق متساوية الحقوق، عربية وتركية وكردية. وتتألف المنطقة الكردية من محافظتي السليمانية وأربيل، بينما تتألف التركية من محافظتي كركوك والموصل، والعربية من بقية أنحاء العراق، وقالت الجريدة أن الرئيس التركي ناقش الفكرة مع الولايات المتحدة الأمريكية.