إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / العراق والكويت، الجذور ... الغزو ... التحرير / الأوضاع الدولية والإقليمية والعربية، بعد "عاصفة الصحراء" حتى نهاية عام 1991









وثيقة

وثيقة

رسالة الاطمئنانات الأمريكية

التي بعث بها وزير الخارجية الأمريكي، جيمس بيكر إلى الفلسطينيين

في 18 أكتوبر 1991

    إن القرار الفلسطيني، في شأن حضور مؤتمر السلام، للبدء في مفاوضات مباشرة مع إسرائيل، يمثل خطوة مهمة نحو السعي إلى سلام شامل، وعادل، ودائم، في المنطقة. وتعتقد الولايات المتحدة الأمريكية، منذ زمن طويل، أن المشاركة الفلسطينية حيوية لنجاح مجهوداتنا.

   وضمن إطار العملية، التي ننطلق فيها، نرغب في الرد على طلبكم اطمئنانات معينة، تتعلق بهذه العملية. هذه الاطمئنانات تمثل فهْم الولايات المتحدة الأمريكية ونياتها، حيال المؤتمر، والمفاوضات الناجمة عنه.

   إن هذه الاطمئنانات منسجمة مع سياسة الولايات المتحدة الأمريكية، ولا تقوض، ولا تناقض قرارَي مجلس الأمن الدولي الرقمين 242 و 338. إضافة إلى ذلك لن يُزوَّد أحد الأطراف باطمئنانات لا يعرفها جميع الأطراف الآخرين. وبهذا، نستطيع أن ننمي شعوراً بالثقة، ونقلل من فرص سوء التفاهم.

   وكما قال الرئيس جورج بوش، في خطابه، في 6 مارس 1991، أمام الكونجرس، لا تزال الولايات المتحدة الأمريكية تعتقد، بقوة، أن السلام الشامل، يجب أن يتأسس على قرارَي مجلس الأمن الدولي 242 و338، ومبدأ الأرض مقابل السلام. كما أن حلاً كهذا، يجب أن يوفر الأمن والاعتراف لجميع دول المنطقة، بما فيها إسرائيل، والحقوق السياسية المشروعة للشعب الفلسطيني. وأي شيء غير ذلك، وكما أشار الرئيس، سيفشل أمام الامتحان المزدوج للعدالة والأمن.

   إن العملية، التي نحاول خلقها، تقدِّم إلى الفلسطينيين طريقاً إلى تحقيق هذه الأهداف. وتعتقد الولايات المتحدة الأمريكية، أنه يجب أن تكون هناك نهاية للاحتلال الإسرائيلي؛ وهذا يمكن أن يتأتّى فقط عبر المفاوضات الصادقة، والجادة. كما تعتقد الولايات المتحدة الأمريكية، أن هذه العملية يجب أن تخلق علاقة جديدة من التبادل، يستطيع معها كلٌّ من الفلسطينيين والإسرائيليين، أن يحترم أمن الآخر وهويته وحقوقه السياسية. ونعتقد أن الفلسطينيين، يجب أن يحصلوا على السيطرة على قراراتهم، السياسية والاقتصادية، وغيرها من القرارات، التي تمس حياتهم ومصيرهم.

   إن المفاوضات الثنائية المباشرة، ستبدأ بعد أربعة أيام من افتتاح المؤتمر. وسيجتمع الأطراف الذين يرغبون في حضور المفاوضات المتعددة الأطراف، بعد أسبوعين من افتتاح المؤتمر، لتنظيم هذه المفاوضات. وفي هذا الخصوص، ستؤيد الولايات المتحدة مشاركة الفلسطينيين في أي مفاوضات، ثنائية أو متعددة الأطراف، حول اللاجئين. وسيستند المؤتمر، والمفاوضات التي تليه، إلى قرارَي مجلس الأمن الدولي 242 و338.

   إن هذه العملية، ستتخذ مسارَين، من خلال المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والدول العربية، وبين إسرائيل والفلسطينيين. إن الولايات المتحدة الأمريكية مصممة على تحقيق تسوية شاملة للنزاع العربي ـ الإسرائيلي، وستبذل أقصى جهودها، لتؤمن تقدم العملية، في كلا المسارَين، للوصول إلى هذا الهدف.

   وسعياً نحو تسوية شاملة، يجب أن تتقدم جميع المفاوضات، في أسرع ما يمكن، نحو الاتفاق. أما الولايات المتحدة الأمريكية، فستعمل من أجْل مفاوضات جادّة، وستسعى، كذلك إلى تجنّب التطويل والتلكؤ، من جانب أي طرف.

   سيكون المؤتمر برعاية مشتركة، من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي. وستكون الجماعة الأوروبية مشاركة إلى جانبهما في المؤتمر، وتمثل في رئاستها. ويمكن المؤتمر أن ينعقد، ثانية، فقط، بموافقة جميع الأطراف.

   وفي خصوص دور الأمم المتحدة، سيبعث الأمين العام للأمم المتحدة ممثلاً إلى المؤتمر، بصفة مراقب. وستُبقي الدولتان، الراعيتان للمؤتمر، الأمين العام على اطّلاع، حول تقدُّم المفاوضات. والاتفاقيات التي يُتَوصَّل إليها بين الأطراف ستسجَّل لدى سكرتارية الأمم المتحدة، وستبلغ إلى مجلس الأمن، وسيسعى الأطراف لنَيل مصادقة عليها. ولما كان من مصلحة كافة الأطراف، أن تنجح هذه العملية، فإن الولايات المتحدة الأمريكية، لن تدعم أي عملية، منافسة أو موازية، في مجلس الأمن، خلال الاستمرار النشيط لهذه العملية.

   لا تسعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى تحديد من يتحدث باسم الفلسطينيين، في هذه العملية. نحن نسعى إلى إطلاق عملية تفاوض سياسية، تشرك الفلسطينيين مباشرة، وتوفر طريقاً إلى المشاركة في تقرير مستقبلهم، وتحقيق الحقوق السياسية المشروعة للشعب الفلسطيني. ونعتقد أن وفداً أردنياً ـ فلسطينياً مشتركاً، يوفر أفضل الطرق الواعدة إلى تحقيق هذه الغاية.

   الفلسطينيون، وحدهم، يستطيعون اختيار أعضاء وفدهم، الذين لا يخضعون لنقض (فيتو) من أي كان. وتفهم الولايات المتحدة الأمريكية، أن أعضاء الوفد، سيكونون فلسطينيين من الأراضي المحتلة، يوافقون على التفاوض على مسارين، وعلى مراحل، ومستعدين للعيش بسلام مع إسرائيل. ولا يمكن إلزام طرف بالجلوس مع أي أحد، لا يريد الجلوس معه.

   سيكون الفلسطينيون أحراراً في إعلان تشكيل الوفد الفلسطيني المشترك في المفاوضات وإلقاء بيان أثناء افتتاح المؤتمر. كما يمكنهم أن يثيروا، خلال المفاوضات، أي قضية، تتعلق بها.

   إن الولايات المتحدة الأمريكية، تفهم الأهمية، التي يعلقها الفلسطينيون على مسألة القدس الشرقية. ولهذا، نريد أن نطمئنكم إلى أن لا شيء، مما سيعمد إليه الفلسطينيون، لاختيار أعضاء وفدهم، في هذه المرحلة من العملية ـ سيؤثر في مطالبتهم بالقدس الشرقية، أو يشكل حكماً مسبقاً، أو سابقة، لما سينتج من المفاوضات. ويبقى الموقف الثابت للولايات المتحدة الأمريكية، متمثلاً في أنه يجب ألاّ تعود مدينة القدس مقسمة، مرة أخرى، وأن وضعها النهائي، يجب أن يحدد في المفاوضات. ولهذا، لا نعترف بضم إسرائيل القدس الشرقية، أو توسيع حدودها البلدية. ونشجع كل الأطراف على تجنّب الإجراءات من جانب واحد التي قد تزيد من حدّة التوتر المحلي، أو تصعب من المفاوضات، أو تستبق تقرير نتائجها النهائية. ويتمثل موقف الولايات المتحدة الأمريكية، كذلك، في أن أي فلسطيني مقيم بالأردن، وذي روابط بعائلة مقدسة بارزة ـ هو يصلح للمشاركة في الجانب الأردني من الوفد.

   إضافة إلى ذلك، فإن موقف الولايات المتحدة الأمريكية، يتمثل، كذلك، في أنه في إمكان فلسطينيي القدس الشرقية المشاركة، بالتصويت، في انتخابات سلطة حكم ذاتي مرحلي. وتعتقد الولايات المتحدة الأمريكية، كذلك، أنه يجب أن يكون في إمكان فلسطينيي القدس الشرقية، والفلسطينيين خارج الأراضي المحتلة، الذين تنطبق عليهم المقاييس الثلاثة ـ المشاركة في المفاوضات حول الوضع النهائي. وتساند الولايات المتحدة الأمريكية حق الفلسطينيين في طرح أي مسألة، بما في ذلك مسألة القدس الشرقية، على المائدة.

   ونظراً إلى شدة تعقّد المسائل المطروحة، وعمق المشاعر، فإن الولايات المتحدة الأمريكية، ما انفكت، منذ زمن، ترى أن وجود مرحلة انتقالية، هو مطلوب، لتهديم جدران الشك وعدم الثقة، ووضع أُسُس مفاوضات قابلة للاستمرار، حول الوضع النهائي للأراضي المحتلة. إن هدف المفاوضات حول الإجراءات الانتقالية، هو تحقيق الانتقال المنظم، والسلمي، للسلطة، من إسرائيل إلى الفلسطينيين. ويحتاج الفلسطينيون إلى تحقيق السيطرة السريعة على القرارات، السياسية والاقتصادية وغيرها، التي تمس حياتهم، والتكيف مع وضع جديد، يمارسون فيه السلطة، في الضفة الغربية وقطاع غزة. وستعمل الولايات المتحدة الأمريكية، جاهدة، منذ البداية، وستشجع كل الأطراف على اتخاذ خطوات، قادرة على خلق جو من الثقة والثقة المتبادلة، بما في ذلك احترام حقوق الإنسان.

    وكما تعلمون، فإن المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، ستجرى على مراحل، تبدأ بالمحادثات حول ترتيبات الحكم الذاتي المرحلي، مستهدفة الوصول إلى اتفاق، في غضون سنة واحدة. ولدى الاتفاق تستمر ترتيبات الحكم الذاتي المرحلي لمدة خمس سنوات. وفي بداية السنة الثالثة من فترة ترتيبات الحكم الذاتي المرحلي، ستُجرى المفاوضات حول الوضع الدائم. ويتمثل هدف الولايات المتحدة الأمريكية، في أن تختتم مفاوضات الوضع الدائم، مع نهاية المرحلة الانتقالية.

   لقد كان موقفنا، منذ زمن طويل، أن المفاوضات المباشرة، والمستندة إلى قرارَي مجلس الأمن 242 و 338 فقط ـ قادرة على إيجاد سلام حقيقي؛ ولا أحد يمكنه إملاء النتيجة مسبقاً. وتفهم الولايات المتحدة الأمريكية، أن الفلسطينيين، يجب أن يكونوا أحراراً في إثارة أي قضية مهمة، بالنسبة إليهم، في كلمات الافتتاح في المؤتمر أو في المفاوضات التي تليه. وهكذا، فإن الفلسطينيين أحرار في المناقشة من أجْل أي نتيجة، يعتقدون أنها الأفضل، بالنسبة إلى تحقيق متطلباتهم. وتقبَل الولايات المتحدة الأمريكية أي نتيجة، يتفق عليها الأطراف. وفي هذا الصدد، وانسجاماً مع السياسات الأمريكية، القائمة منذ زمن بعيد، فإننا لا نستثني الكونفدرالية، كنتيجة ممكنة للمفاوضات حول الوضع النهائي.

   إن الولايات المتحدة الأمريكية، ما انفكت تعتقد، منذ زمن طويل، أنه لا ينبغي لأي طرف أن يبادر إلى أفعال من جانب واحد، مستبقاً قضايا، لا يمكن أن تُحَل إلا من خلال المفاوضات. وفي هذا الصدد، عارضت الولايات المتحدة الأمريكية، وستواصل معارضتها للنشاط الاستيطاني، في الأراضي المحتلة عام 1967، والذي يظل يمثل عقبة أمام السلام.

   وستعمل الولايات المتحدة الأمريكية كوسيط أمين، في محاولة حل النزاع العربي ـ الإسرائيلي. وتتمثل نيتنا، ونية الاتحاد السوفيتي، في أداء دور القوة الدافعة في هذه العملية، لمساعدة الأطراف على التقدم في اتجاه سلام شامل. ولأي طرف، أن يتصل بالراعيَين، في أي وقت. والولايات المتحدة الأمريكية مستعدة للمشاركة في كل مراحل المفاوضات، بموافقة الأطراف المشاركين في كل مفاوضة.

   هذه هي الاطمئنانات، التي تقدمها الولايات المتحدة بخصوص تنفيذ المبادرة، التي ناقشناها. وإننا مقتنعون بأن أمامنا فرصة حقيقية، لتحقيق شيء مهم جداً، في عملية السلام؛ ومستعدون للعمل الشاق معكم، في الفترة المقبلة، لتعزيز التقدم، الذي أحرزناه. سيكون هناك تحديات صعبة، أمام جميع الأطراف. ولكن مع تواصل التزام الفلسطينيين، فإن أمامنا فرصة حقيقية، للتحرك نحو مؤتمر سلام، فمفاوضات، ثم نحو السلم الأوسع، الذي نصبو إليه جميعاً.