إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / العراق والكويت، الجذور ... الغزو ... التحرير / الأوضاع الدولية والإقليمية والعربية، بعد "عاصفة الصحراء" حتى نهاية عام 1991









وثيقة

وثيقة

تعقيب رئيس الوزراء الإسرائيلي، إسحاق شامير

في 1 نوفمبر 1991

    اسمحوا لي، أولاً، أن أقدم اعتذاري، لأني سأضطر وبعض، زملائي لمغادرة القاعة، فور انتهائي من إلقاء كلمتي؛ وذلك للعودة إلى إسرائيل، قبل غروب الشمس، للحاق بإجازة السبت.

   وأودّ أن أعرب، مجدداً، عن شكري وتقديري للمضيفين الأسبان، وراعيَي المؤتمر، الذين بذلوا جهوداً مكثفة، لجعل انعقاد هذا المؤتمر ممكناً. لقد اضطررت، على مدار اليومَين، لأن أتحلى بقدر كبير من الصبر، للاستماع إلى ما قاله جيراننا العرب. إننا سمعنا كثيراً من الانتقادات، والعديد من الاتهامات.

   ويمكننا أن نردّ على جميع هذه الاتهامات، وكذلك على كل إساءة عرض للحقائق التاريخية ... ويمكننا أن نفند هذه الاتهامات. ويمكننا، أيضاً، أن نتحدث عن الأخلاق والعدالة والشرعية الدولية. ولكن، هل هذا هو ما أتونا من أجله؟ مثل هذه الاتهامات المتبادلة، غير المجدية، بعد المعارك، التي حدثت طوال الثلاثين أو الأربعين عاماً الماضية، في الأمم المتحدة والمؤتمرات والتجمعات الدولية، والمعطيات، التي لا حصر لها، لم تقدم قيد أنملة، من التفهم المشترك والسلام.

   وإنه لهذا السبب بالذات، دعونا، بصورة دائمة، إلى مباحثات مباشرة، وجهاً لوجه. لكن، على الرغم من ذلك، جئنا إلى هنا، مسلحين بالإرادة، الحسنة عاقدين الأمل في أن يحصل تغيير، وأن ننتقل إلى حِوار أفضل، من حيث المضمون والشكل، وأن يؤدي بنا إلى فصل حافل بالأمل. واسمحوا لي بتسليط بعض الأضواء، على عدد من الحقائق.

   إن ممثل سورية أراد منا، ومن العالم، أن يصدق بأن بلده، هو نموذج للحرية وحماية حقوق الإنسان، بما في ذلك حقوق اليهود. إن مثل هذا الخطاب، يشطح بالخيال إلى ما لا نهاية له.

   إن المجموعة اليهودية، المقيمة في سورية، قد تعرضت للقمع والتعذيب والتمييز، من أبشع الأنواع.

   كثير من اليهود، غادروا هذا البلد، على مدى السنوات الماضية. والآلاف القليلة، التي بقيت، تعيش في رعب دائم. وكل من يحاول عبور الحدود، يزج به في السجن، ويضرب، ويعذب، وتتعرض عائلته للعقاب وللتخويف؛ لكن، ليس اليهود، هم، وحدهم، ضحايا النظام السوري، حتى اليوم. فإن سورية، تحتضن مجموعة من المنظمات الإرهابية، التي تنشر العنف ضد أهداف بريئة، بما في ذلك الطيران المدني والنساء والأطفال، في كثير من البلدان. وبإمكاني أن أعرض على حضراتكم، سجلاً حافلاً بالوقائع، التي تدل إلى أي مدى تستحق سورية هذا الشرف المشكوك فيه، في أن تكون واحدة من الأنظمة الطاغية والقمعية في العالم. لكننا لم نأتِ من أجْل هذا، إلى هنا.

   إننا نوجه إلى الشعب اللبناني، جارنا، في الشمال، رسالة من التعاطف والتفهم، أنهم يعانون تحت نير الاحتلال والقمع السوري، ويحرمون حتى من حقهم في استصراخ العالم، احتجاجاً. ونحن لا نكن أي ضغينة للشعب اللبناني المُعاني. ونحن ننضم إليهم، عندما يستعيدون استقلالهم وحريتهم. وليس لدينا أية أطماع في الأراضي اللبنانية ... وفي إطار معاهدة سلام، وانسحاب الوجود السوري، بإمكاننا أن نعيد الاستقرار والأمن، على الحدود بين بلدَينا.

   وفي أوجُه شتى، لدينا حالة من اللاحرب، الواقعة مع المملكة الأردنية، فنحن نؤمن، بأن معاهدة سلام ممكنة مع الأردن. وفي إطار مثل هذه المعاهدات، سوف نحدد معاً، الحدود الآمنة، المعترف بها، وأن نقيم أُسُساً للعلاقة المشتركة والتعاون والجوار بيننا. وبإمكان البلدَين، أن ينتفعا من علاقات السلام. ونعقد الأمل في أن نحقق ذلك، عبر المفاوضات المباشرة.

   لقد استمعت، باهتمام، إلى البيان الذي أدلى به الناطق العربي الفلسطيني، في الوفد المشترك الأردني ـ الفلسطيني. إن العرب الفلسطينيين، هم أقرب الجيران إلينا. وعلى أفرع شتى، فإن حياتهم متشابكة بحياتنا. وهذا يشكل سبباً آخر لإيلاء أهمية للتعايش مع هذه المجموعات. إن الناطق العربي الفلسطيني، بذل مجهوداً شجاعاً، عندما قص وسرد علينا معاناة شعبه. ولكن، اسمحوا لي أن أقول، بأن تشويه التاريخ، وتحريف الحقائق، لن يجعلهم يحظون بالتعاطف الدولي، الذي يصبون إليه. ألمْ يكن الفلسطينيون، هم الذين ذبحوا جزءاً كبيراً من المجموعة اليهودية، في الخليل، بدون أي استفزاز؟ ألمْ يكن الفلسطينيون، هم الذين رفضوا أي اقتراح سلمي، منذ بداية هذا القرن، وردوا، دائماً، عليها بالرفض؟ ألمْ يكن الفلسطينيون، هم الذين خرج منهم الزعيم، الذي يتعاون مع النازيين، للقضاء على اليهود؟ ألم يكن الفلسطينيون، هم الذين دعوا أشقاءهم العرب، سنة 1948، لمساعدتهم في تدمير دولة إسرائيل؟ ألمْ يكن الفلسطينيون، هم الذين طبلوا، ورقصوا على السطوح، عندما كانت الصواريخ العراقية تسقط على تل أبيب؟ وهل نسوا أن الفلسطينيين، قُتل أكبر عدد منهم على يد أشقائهم، في السنوات الماضية، أكثر مما قُتل في المشاغبات مع قوى الأمن الإسرائيلية؟

   وحتى اليوم، ففي الظروف، التي توصف بأنها ظروف احتلال، فمن الواضح، أن أي يهودي، يضل طريقه إلى قرية عربية، يخاطر بحياته. بينما عشرات الآلاف من الفلسطينيين العرب، يسيرون بحُرية في كل قرية ومدينة، في إسرائيل، وما من أحد يزعجهم. لقد تقدمنا إلى الفلسطينيين بمقترح، يتيح لهم فرصة، ليعيشوا حياتهم بصورة كريمة. وأنني أناشدهم قبول هذا المقترح، وأن ينضموا إلينا في المفاوضات.

   لقد جئنا إلى هنا، كي نسعى معاً إلى الطريق، الذي سوف يؤدي بنا إلى السلام والتعايش، بدل أن ندخل في مباراة، من الاتهامات والاتهامات المضادة.

   إن السلام ليس مجرد كلمات، أو توقيع على ورق. إن السلام استعداد ذهني، ومجموعة من التدابير، هي نقيض العداء. ومن شأنه أن يخلق مناخ التفاهم والثقة والاحترام.

   إننا، بقلب مفتوح، ندعو الزعماء العرب لاتخاذ الخطوة الجسورة، ويستجيبون إلى يدنا الممدودة للسلام. بالأمس، تقدمت بدعوة، لكي يأتوا إلى إسرائيل، للجولة الأولى من مفاوضات السلام، لكي نبدأ حواراً صريحاً، يؤدي بنا إلى اتفاق، ونعقد الأمل بأنهم سيقبلون هذه الدعوة، ونحن سنستجيب، على الفور، لذلك. وإني على ثقة بأنني أتحدث بلسان كل رجل وامرأة في إسرائيل، والذين ينضمون إليّ للإعراب عن هذا الأمل؛ لأن هذا الاجتماع، في نهاية المطاف، سوف يسجل في التاريخ، كمنعطف بعيد عن العداوة، ومتجه نحو التعايش والسلام.