إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / العراق والكويت، الجذور ... الغزو ... التحرير / الأوضاع الدولية والإقليمية والعربية، بعد "عاصفة الصحراء" حتى نهاية عام 1991









وثيقة

وثيقة

تعقيب فاروق الشرع، رئيس الوفد السوري

في مؤتمر مدريد للسلام

في 1 نوفمبر 1991

السيد الرئيس جيمس بيكر.

السيد الرئيس بوريس بانكين.

السيدات والسادة.

    كنت أودّ أن أقرأ من بيان خطيّ، أعددته، كردّ على كلمة رئيس الوفد الإسرائيلي، التي ألقاها أمس. لكن رئيس الوفد الإسرائيلي، الذي غادر، غير مكترث بهذا المؤتمر التاريخي، وبعملية السلام ـ قد انحرف عن الموضوع الرئيسي، الذي عقد على أساس إيجاد حل عادل، وشامل، ودائم، في منطقة، افتقدت الأمن والاستقرار والتنمية المتوازنة، لعقود طويلة من الزمن.

   بالأمس، تساءل بعض الصحفيين الغربيين، أن كلمة الوفد السوري، ربما كانت متشددة ... وأنا قلت لهم، إنها لم تكن متشددة، وإنما كانت تعبّر عن الحقائق والوقائع المجردة كما هي.

   وتحديت البعض منهم، عندما قلت لهم، إنني سأستغرب جداً، إذا تمكن الوفد الإسرائيلي من أن يردّ على أي فقرة في كلمتي. كان هذا التحدي في مكانه، لأنني لم أتهم إطلاقاً إسرائيل بما ليس فيها؛ ولذلك، لم يستطع رئيس حكومة إسرائيل، أن يردّ على أي كلمة أو عبارة، وصفت فيها السياسات الإسرائيلية في منطقتنا.

   في خطاب رئيس الوفد الإسرائيلي، أمس، بالرغم من ابتعاده عن الموضوع ... اليوم، لا بدّ من توضيح بعض الحقائق، لأن هذه الحقائق، هي بالنسبة لنا، ولراعيَي المؤتمر، وللأسْرة الدولية بأسْرها ـ أمور هامة تتعلق بمستقبل المنطقة وسلامها وأمنها، واستقرار وأمن العالم بصورة عامة.

   لذلك، أقول، باختصار، إن رئيس حكومة إسرائيل، لم يذكر في خطابه أبداً قرارَي مجلس الأمن، رقمَي 242 و338. هذا يعني، أنه ينسف الأساس، الذي عقد على أساسه، وبني عليه هذا المؤتمر. كما يشكل خطابه رفضاً حتى للدعوة، التي وجّهها راعيا المؤتمر، الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، عندما قالا، في هذه الدعوة، إن المؤتمر، يعقد على أساس القرارَين 242 و338.

   كما أنه، بالطبع، كتحصيل حاصل، لم يتحدث عن الأرض مقابل السلام؛ لأنه قال، بكل صراحة، إنه لا يريد السلام. ومن يدقق في كلماته، سوف يستنتج، فوراً، أنه قال إذا جاء الجانب العربي إلى المؤتمر أو إلى المباحثات ليتكلم عن الأرض، فستصل إلى طريق مسدود.

   بالطبع، لا أريد أن أدخل في المسار التاريخي، الذي استخدمه رئيس الحكومة الإسرائيلية، أمس؛ لأنه كان مساراً مزيفاً، ملفقاً، لا يستند إلى الوقائع، ولا يعود إلى المؤرخين المحايدين في العالم، وبشكل خاص المؤرخين، الأوروبيين والأمريكيين، الذين تعاطفوا، كما هو معروف، مع إسرائيل. هو يسجل تاريخاً خاصاً به، بعقليته. على سبيل المثال، هو يقول بأن اللاجئين الفلسطينيين، غادروا فلسطين؛ لأن الحكومات العربية، طلبت منهم ذلك … أولاً، هذا غير صحيح. ولا توجد وثيقة واحدة، بيننا وبين الوفد الإسرائيلي، تؤكد ذلك.

   لو افترضنا، جدلاً، أن هؤلاء الفلسطينيين، قد غادروا بأوامر من الحكومات العربية، في ذلك الوقت، فلماذا لا يسمح لهم رئيس الوفد الإسرائيلي، الآن، الذي يتحدث عن السلام، ويطنب في ذلك، دون أي لزوم، أن يعودوا إلى أراضيهم؟ الحكومات العربية، الآن، توافق على ذلك، بل تطالب بذلك.

   كما أشار رئيس الوفد الإسرائيلي، أمس، صراحة، إلى أن فلسطين، هي الوطن الحقيقي الوحيد لجميع يهود العالم … واعتبر أن اليهودي، الذي يعيش في أي بلد في العالم، مهْما كان هذا البلد مضيافاً، وعلى سبيل المثال، الولايات المتحدة، فعلاً، هي مضيافة، بالنسبة لليهود، وعاملتهم، كما عاملهم العرب في تاريخهم ـ إنما هو منفى ... أي أن اليهودي في الولايات المتحدة، ليس مواطناً أمريكياً. ولن يكون ولاؤه، كما يدعي رئيس حكومة إسرائيل، للولايات المتحدة، وإنما لإسرائيل؛ لأنه هناك مجرد مقيم عابر، هدفه الذهاب إلى إسرائيل ... بالرغم من كل ما قدمته له الولايات المتحدة، من مساندة ودعم، وفي الولايات المتحدة، وفي الساحة الدولية، أي أنهم يريدون المواطن اليهودي السوفيتي، لا علاقة له بالاتحاد السوفيتي. وأنا على ثقة بأن كلامه، لا يعبّر عن حقيقة الأمر. فهناك الكثير من اليهود الشرفاء في الاتحاد السوفيتي، في الولايات المتحدة، في أوروبا، الذين يتمسكون بولاء دولهم من هذه الأوطان، التي عاشوا فيها، وترعرعوا فيها. وبالتالي، يستنتج الإنسان أن مجرد التركيز على هذه النقطة، هي رغبة حقيقية، من قِبل رئيس حكومة إسرائيل، أن يبقى هذا التوتر، ليس في منطقتنا فقط، وإنما في العالم... أن تبقى المسألة اليهودية حية في الأذهان.

   هو لا يريد أن يعامل اليهود بالمساواة. هو يريد، دوماً، أن يرى أن اليهود مضطهدون، وأن اليهود معذبون، خلافاً للواقع العالمي الآن ... بالعكس، هناك محاولات، حتى عندما يتحدث، على سبيل المثال، عن اليهود السوريين ... اليهود السوريون ينطبق عليهم القانون السوري، كأي مواطن سوري، مسلماً كان أو مسيحياً ... هذه قوانين. لكن إسرائيل، تريد أن نعطي مميزات للمواطن السوري، لأنه يهودي، تخيلوا ذلك ... هم يعرفون حقيقة الأمر، والعالم كله يعرف ... ومن زوار سورية، والمؤرخون، يعرفون أن اليهودي السوري، يعيش تماماً بكامل المساواة والحرية، التي يعيش فيها المواطن السوري ... أنا سأستشهد، باختصار شديد، بفقرة من تقرير لوفد برلماني أوروبي، زار دمشق، منذ شهرَين تقريباً، سأقرأ النص ... هذا الوفد البرلماني، قدم للبرلمان الأوروبي، في أحد اجتماعاته، للحديث عن اليهود السوريين، ما يلي:

    "تمتلك سورية حرية دينية مذهلة، بالنسبة لمن يعرف قليلاً البلدان العربية المسلمة. لقد كان إطلاعنا على هذا الوضع مسار دهشة كبيرة. فالحرية الدينية تامة في سورية؛ لأن الدولة تعتبر نفسها علمانية، فاليهودية والكاثوليكية والديانة، الأرثوذكسية والإسلامية، بطوائفها المتعددة، تعبّر عن نفسها، في سورية، وتمارس شعائرها الدينية بحرية كاملة".

   هذا هو التقرير. وبالطبع، من المعروف أنهم يوزعون منشورات، من قِبل السفارات الإسرائيلية في أوروبا، على الكثير من دول العالم، ويتحدثون عن اضطهاد اليهود، ثم يدفعون بمجموعة من الناس، ليخرجوا إلى التظاهر أمام السفارات السورية، حوالي 20 أو 50 شخصاً، يحملون لافتات كاذبة، بأن السوريين اليهود مضطهدون في سورية أو رهائن في سورية ... كلام سخيف وتافه.

السيد الرئيس،

    أيضاً، أود أن أشير إلى نقطة هامة، طالما أن موضوع المؤتمر هو السلام.

   رئيس الوفد الإسرائيلي، في كلمته، أمس، اعترف بأنه لن يعيد أي جزء من الأرض، كما أشرت، وخاصة عندما أشار إلى المساحة التي تتعلق بفلسطين، أشار إلى مساحة تتجاوز مساحة فلسطين، التي كانت تحت الانتداب. وهذا يعني، أنه يفكر، بل يؤكد على احتلال الضفة الغربية وغزة والقدس والجولان ... لَمن يدقق، سيكتشف هذه الحقيقة.

   العرب هم الشعب الوحيد، الذي عاش في فلسطين، عبْر آلاف السنين، حتى جاء اليهود من الجنوب، قادمين عبْر سيناء. كان الفلسطينيون هناك موجودين في فلسطين. ولا أريد أن أدخل في هذه الحقبة، واستمروا حتى الآن ... هنا أتساءل فقط تساؤلاً واحداً ... إذا كان رئيس حكومة إسرائيل، يقول إنه من حق اليهودي، أن يعود إلى فلسطين، بعد غياب أكثر من ألفَي عام ... فكيف لا يحق للفلسطيني، الذي لم يغادرها إلا منذ 40 سنة؟ أيهما أكثر واقعية عودة الفلسطيني، الذي لا يزال يعرف أركان بيته، وبعضهم يملك مفتاح هذا البيت، أم الحديث عن عودة اليهود، الذين كانوا قبل من ألفَي عام؟ ... هذه مغالطة، مساحتها هي في الفارق بين الـ 40 عاماً والأربعة آلاف عام، التي تحدث عنها رئيس حكومة إسرائيل الآن ... يتحدث عن حرية العبادة ... نحن نعرف جميعاً، ووسائل الإعلام الغربية، كيف أنهم يشجعون المتطرفين الإسرائيليين لتدمير الأماكن المقدسة ... حرق المسجد الأقصى، محاولة نسف المسجد الأقصى كله، ويدعون أن هناك محاكمات صورية لهؤلاء الناس ... إسرائيل سيطرتها على القدس، ليست ضماناً لأي من الأديان الثلاثة، في أن تبقى هذه المدينة مقدسة، وآثارها الروحية خالدة ... ومدينة السلام، طالما أنها تحت السيطرة الإسرائيلية، وأقدام عسكرية.

   سأنتهي بعد قليل السيد الرئيس ... لأنني، حقيقة، كنت أودّ أن أركز على السلام، الذي جئنا من أجْله ... ولكن، قبْل ذلك فقط، سأريكم صورة قديمة للسيد شامير، عندما كان عمره 32 عاماً، تقول المعلومات، التي وزعت في أوروبا في ذلك الوقت:

    عمره 32 عاماً، طوله 165سم. ثم بقية المواصفات التي تعرفونها جميعاً. لكنها تقول هذه الصورة، ولِمَ وزعت، لأنه مطلوب للعدالة. هو نفسه اعترف بأنه كان إرهابياً، هو نفسه اعترف أنه مارس الإرهاب، وساهم في اغتيال وسيط الأمم المتحدة، الكونت برنادوت، في عام 1948، كما ذكر. هو يقتل وسطاء السلام.

   يتحدث عن سورية ولبنان والإرهاب ... أنا سأعطيكم، أيضاً، مثالاً آخر على هذا الموضوع. إسرائيل خطفت طائرة مدنية سورية، عام 1954، وخطفت طائرة ليبية. المشكلة ليس لدي وقت كافٍ؛ لأن الممارسات الإسرائيلية الإرهابية، تحتاج إلى مجلد، وليس فقط إلى ربع ساعة … لكن أودّ أن أشير، بسرعة، إلى أن إسرائيل، خطفت طائرة مدنية سورية، في عام 1954، كانت تنقل ركاباً مدنيين، بين القاهرة ودمشق. وإسرائيل أسقطت طائرة مدنية ليبية، في عام 1973، كما أذكر، وقتلت أكثر من 100 راكب مدني، كانوا فيها … إسرائيل، أيضاً، خطفت طائرة سورية، منذ 6 أو 7 سنوات، وكان على تلك الطائرة وفد سياسي سوري. ولولا أن سارعت سورية إلى تقديم شكوى لمجلس الأمن، وأثارت القضية، لما أطلقت سراح المدنيين.

   هو يقول إن حرب 67، هي حرب دفاعية. وفي وسائل الإعلام، يقولون إن العرب، هم الذين هاجموا إسرائيل، في عام 1967. هم يحتقرون المؤرخين كثيراً. وأودّ أن أقول كلمة أخيرة، إنه بغض النظر عمن هو الذي احتل، ومن هو الذي بدأ الحرب، في عام 67 ... إن نص القرار واضح، بأنه يمنع اكتساب أرض الآخرين بواسطة الحرب ... إذاً، هذه الأراضي، يجب أن تعود.

سيدي الرئيس.

    نحن جئنا من أجل السلام، وسوف نستمر في العمل من أجْل السلام، انطلاقاً من إيماننا به.

    أنا آسف، سيدي الرئيس، أطلت. لكن، كان لا بدّ من توضيح هذه الحقائق ... المعذرة.