إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / العراق والكويت، الجذور ... الغزو ... التحرير / الأوضاع الدولية والإقليمية والعربية، بعد "عاصفة الصحراء" حتى نهاية عام 1991









مقدمة

مقدمة

    بعد أن وضعت حرب الخليج أوزارها، بدأ يثور رأي غالب، أن المشاكل، التي ستواجه المنطقة، في الفترة المقبلة، ستكون أشد وطأة من سابقاتها. ومن ثَم، شرعت أجهزة التخطيط، ومراكز الدراسة والبحث، تُعِدّ الدراسات والأبحاث، للإسهام في استشراف مستقبل الأوضاع، الدولية والإقليمية والعربية، في المرحلة المقبلة.

   ومنذ بداية التسعينيات، تصدر الخطاب السياسي العربي قضيتان رئيسيتان. الأولى تتعلق بشكل النظام الدولي، وما سمي، آنئذٍ، بالزلزال السوفيتي، وأثره في الأوضاع الإقليمية. أما الثانية، فتتمثل في أثر أزمة الخليج، التي أطلق عليها "الزلزال العربي". وقد ظلت هاتان القضيتان محل اهتمام صناع القرار، ورجال الفكر، على حدٍّ سواء.

   الواقع، أن العالم العربي، لم يشهد، من قبل، مثل هذه الدرجة، من الانقسام وعدم وضوح الرؤية، في ما يتعلق بعلاقة النظام العالمي. فقد أدى تزامن انهيار القطبية الثنائية، وتزايد حدّة الهويات المتصارعة داخل المجتمعات العربية، بفعل حرب الخليج، إضافة إلى احتمالات تحقيق تسوية مع إسرائيل، تفتح الباب أمام نظام شرق أوسطي ـ إلى إيجاد المزيد من التوتر والتناقض. وفي حين لا يوجد يقين فيما سوف يؤول إليه النظام العالمي الجديد، فإن هناك درجة أعلى من عدم اليقين، تحيط بالمسار، الذي سوف يتخذه النظام الإقليمي العربي، الذي تعصف به الأزمات.

    وللمرة الأولى، برزت مشكلة، لا عهد بها للجنس البشري. هي إشكالية تعرضه لخطر الهلاك الكامل، ليس بسبب أسلحة الدمار الشامل فحسب، ولكن بسبب التلوث البيئي، كذلك. وهذا الخطر، الذي يتهدد البشرية في صميم وجودها، أصبح يفرض عليها ضرورة، لم تطرح من قبل، ألا وهي محاولة تحاشي أسباب الصراع، التي تفضي إلى الهلاك الشامل.

   وللمرة الأولى في تاريخ البشرية، بدت الحاجة إلى فرض "قيود" على ممارسة الصراع، بمعنى أن كافة أساليب الصراع، أمست مقبولة. وهناك أساليب صراع، كالحرب النووية الشاملة، مثلاً، أصبح من الواجب حظرها كلية. بل باتت متعددة نوعيات الأسلحة، التي يتعين حظرها، لا النووية فحسب، بل الكيماوية والبيولوجية، كذلك.

    لا مراء أن تطور أزمة الخليج، والنهاية التي آلت إليها، قد رسخّا في الأذهان ترسيخاً واضحاً وصريحاً، حقيقة أفول نجم الحرب الباردة. ولعل أحد أهم الأخطاء التي ارتكبها النظام العراقي، هو عدم إدراكه هذه الحقيقة. فلم تشهد أزمة الخليج أي مواجهة بين القوّتَين العظمَيَين فحسب، بل على النقيض من ذلك، سجلت الأزمة تعاوناً وثيقاً بينهما. فمنذ إصدار مجلس الأمن القرار الرقم 660، في 2 أغسطس، إلى إصداره القرار الرقم 689، في 9 أبريل 1991، جاءت جميع قرارات مجلس الأمن، الصادرة في هذه الفترة، ثمرة تعاون دبلوماسي مكثف، بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي.

   لقد أدت نتائج هذه الحرب إلى التحول نحو تأكيد النظام العالمي الجديد، وانفراد واشنطن بالقطبية الأحادية، وبروز الدور المحوري للعديد من الدول الإقليمية، مثل إيران وتركيا. بل جعلت إسرائيل قوة إقليمية عظمى، في منطقة الشرق الأوسط، نتيجة لتغيّر ميزان القوى العسكرية فيها.