إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / العراق والكويت، الجذور ... الغزو ... التحرير / ردود الفعل، العراقية والكويتية، تجاه ترسيم الحدود، وتأثيرها في المنطقة









مقدمة

ثالثاً: موقف العراق من قرارات لجنة تخطيط الحدود

بينما رحبّت الكويت بقرار مجلس الأمن، أرسل وزير خارجية العراق، محمد سعيد الصحاف، إلى الأمين العام للأمم المتحدة، الدكتور بطرس بطرس غالي، رسالة، في 6 يونيه 1993، في شأن أعمال لجنة تخطيط الحدود، بين العراق والكويت، يشير فيها إلى موقف الحكومة العراقية من قرار مجلس الأمن، الرقم 833، عام 1993، الصادر في 27 مايو 1993، ويبيِّن وجهة النظر الأولية، لحكومة العراق، في هذه المسألة. وتتلخص في الآتي (أُنظر وثيقة رسالة من الممثل الدائم للعراق إلى الأمين العام للأمم المتحدة، بتاريخ 7 يونيه 1993 في شأن أعمال لجنة الحدود بين العراق والكويت):

أولاً: يؤكد وزير خارجية العراق، مرة أخرى، ما سبق توضيحه، في رسالة سلفه، أحمد حسين، الموجَّهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، في 6 أبريل 1991، في شأن موقف العراق من قرار مجلس الأمن، الرقم 687، عام 1991، وما جاء فيها في خصوص الحدود بين العراق والكويت. لقد تناول أحمد حسين، وزير خارجية العراق، في رسالته نقاطاً مهمة، تتلخص في الآتي (اُنظر وثيقة رسالتان متطابقتان إلى رئيس مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة من وزير الخارجية العراقي في شأن قبول العراق لأحكام قرار مجلس الأمن الرقم 687):

1. على الرغم من أن القرار يؤكد، في ديباجته، حقيقة أن العراق دولة مستقلة، ذات سيادة، فإنه في كثير من أحكامه الجائرة، لم يحترم هذه السيادة، بل تعرّض لها، ولحقوقها المثبتة في الميثاق، ويقرها القانون والعُرف الدوليَّين، بشكل لم يسبق له مثيل. ففي مسألة الحدود، فرض مجلس الأمن وضعاً محدداً للحدود العراقية ـ الكويتية، في حين أن المعروف قانوناً وواقعاً، في التعامل الدولي، أن تترك مسائل الحدود لاتفاق الدول، لأن هذه هي القاعدة الوحيدة، التي تحقق مبدأ استقرار الحدود.

2. لـم يـأخذ قرار مجلس الأمن في حسبانه، وجهة نظر العراق، المعروفة لديه، من أن ما ورَد في شأن الحدود، بين العراق والكويت، في الوثيقة المسماة "محضر متفق عليه، في شأن استعادة العلاقات الودية، والاعتراف، والأمور ذات العلاقة"، في 4 أكتوبر 1963ـ لم يستكمل الإجراءات الدستورية، بالتصديق عليه، من قِبل السلطة التشريعية، ورئيس الدولة في العراق، مما أبقى مسألة الحدود معلقة. وفرض المجلس على العراق الحدود مع الكويت. كما أن المجلس بهذا الأسلوب قد نقض بنفسه أحد بنود القرار الرقم 660، الذي كان الأساس في القرارات اللاحقة الصادرة عنه. إذ إن هذا القرار، دعا العراق والكويت، في فقرته الثالثة، إلى حل الخلافات من طريق التفاوض؛ ومسألة الحدود، كما هو معلوم، هي من أهم تلك الخلافات. إن العراق، قد أبلغ المجلس، رسمياً، قبوله القرار الرقم 660، واستعداده لتنفيذه. غير أن المجلس، تجاهل هذا الموقف القانوني، وناقض قراراته السابقة واتخذ قراراً جائراً، بفرضه شروطاً جديدة على العراق، وفرض عليه، كبلد مستقل، ذي سيادة، وعضو في الأمم المتحدة، وضعاً حدودياً، وجرّده من الحق في إثبات حقوقه الإقليمية، وفق قواعد القانون الدولي. وبذلك، يكون المجلس، قد حَرَم العراق، كذلك، إعمال إرادته الحرة، وتثبيت رضاه التام بتلك الحدود. إن قرار المجلس، فيما يتعلق بموضوع الحدود، قرار جائر، يشكل سابقة خطيرة، لم تشهد المنظمة الدولية مثيلاً لها. وتنتقص هذه السابقة سيادة الدول. وقد أكد ذلك عدد من أعضاء المجلس المُنصفِين، في مداولاتهم، أثناء التصويت على القرار.

3. يلاحظ أن الولايات المتحدة الأمريكية، صاحبة مشروع القرار الرقم 687، الذي يفرض الحلول للخلافات، الحدودية وسواها، بين العراق والكويت، هي نفسها ترفض فرض أي حلول على حليفتها إسرائيل، بمقتضى المواثيق والقرارات، التي أقرتها الأمم المتحدة، وبموجب القانون الدولي.

4. كان العراق ولا يزال يتعرض لتهديدات خطيرة لأمنه، الداخلي والخارجي؛ إذ تستمر محاولات التدخل في شؤونه الداخلية، بالوسائل العسكرية. لذلك، فإن الإجراءات التي قررها المجلس ضده، والتي أخلت بحقه المشروع في اقتناء الأسلحة والمعدات العسكرية، للأغراض الدفاعية، تشكل إسهاماً مباشراً في تلك التهديدات، وفي زعزعة استقرار العراق، على حساب أمنه، الداخلي والخارجي، ومن ثم، أمن المنطقة ككل وسلمها واستقرارها.

5. إن المجلس لا يتناول، في قراره، مسألة انسحاب القوات الأجنبية، التي تحتل جزءاً من أرض العراق، تناولاً صريحاً، وقاطعاً، في الوقت الذي جاء فيه القرار، ليعالج الوقف الرسمي لإطلاق النار. إن الأسباب الداعية إلى إعلان الوقف الرسمي لإطلاق النار، هي عينها التي تفرض الانسحاب. ومن ثَم، يكون عدم النص على الانسحاب نصاً صريحاً، وقاطعاً، هو إجازة لاحتلال أرض في العراق، لفترة تخضع لتقدير الدول، المحتلة التي، لا تخفي نياتها، أنها تستخدم الاحتلال لأغراض سياسية، وتبقيه ورقة في يدها، سعياً إلى تحقيق تلك الأغراض. إن هذا الموقف، من جانب المجلس، يشكل خرقاً صارخاً لسيادة العراق واستقلاله وسلامته الإقليمية، وتجاوزاً صريحاً لأي سند، يمكن الادّعاء به، على أساس قرار المجلس، الرقم 687، عام 1990. وبالمنهج الانتقائي نفسه، المتعمَّد، وغير المسوَّغ، ينص القرار على أن تعمل قوات الرقابة، لمسافة عشرة كيلومترات، في الطرف العراقي، وخمسة كيلومترات، في الطرف الآخر؛ والأرض في المنطقة كلها، أرض منبسطة، ولا تحتوي تضاريس، توجب هذا التمييز في المسافات.

6. لقد وردت آليات عديدة، تقتضي التشاور في سياق تنفيذ أحكام القرار الدولي، ولا يُفهم من نصوصه ما إذا كان العراق، سيُشرك في المشاورات. إن كون العراق طرفاً أساسياً في تنفيذه، وجِهة معنية به، بالدرجة الأساسية، يفرض ضرورة اشتراكه الفعلي في كافة المشاورات المتعلقة بتنفيذه. وبخلاف ذلك، يكون المجلس قد قصد التصرف، مرة أخرى، تصرفاً قمْعِياً.

ثانياً: يؤكد وزير الخارجية العراقي، مرة أخرى، ما ورد في البند "ثانياً"، من رسالة وزير خارجية العراق، في 23 أبريل 1991، الموجَّهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، في شأن تشكيل لجنة تخطيط الحدود. وكذلك البند "ثالثاً"، من الرسالة عينها، في شأن عدد من قرارات لجنة تخطيط الحدود.

ثالثاً: بالنسبة إلى قرار اللجنة، في شأن ترسيم الحدود البحرية، في خور عبدالله، واعتمادها من قِبل المجلس، في قراره الرقم 833، عام 1993، يشير وزير الخارجية العراقي، محمد سعيد الصحاف، إلى جملة من الحقائق الصارخة، التي تجسّد الخلل الكبير في أعمال اللجنة (أُنظر وثيقة رسالة من الممثل الدائم للعراق إلى الأمين العام للأمم المتحدة، بتاريخ 7 يونيه 1993 في شأن أعمال لجنة الحدود بين العراق والكويت):

1. حينما ناقشت اللجنة، أول مرة، مسألة تخطيط الحدود البحرية، في دورة اجتماعاتها الثالثة، التي انعقدت في جنيف، في الفترة من 12 إلى 16 أغسطس 1991، أكد رئيس اللجنة، وأيده الخبيران المستقلان، وجود صعوبة في تحديد الحدود البحرية بسبب طبيعة أو حدود الصلاحية الممنوحة للجنة، التي لا تخولها تناول مسار الحدود، بعد نقطة التقاء خور الزبير وخور عبدالله (أي في البحر)، ما لم يتفق الطرفان على ذلك؛ واللجنة لا يمكن أن تمنح صلاحية لنفسها.

2. طلب ممثل الكويت من اللجنة، أثناء انعقاد دورتها الرابعة، في نيويورك، في الفترة من 7 إلى 16 أكتوبر 1991، أن يمنح الفرصة، للإدلاء ببيان، في شأن الحدود البحرية، في الدورة القادمة. وسمح له بذلك، وعند إدلائه ببيانه، في الدورة الخامسة للجنة تخطيط الحدود، التي انعقدت في نيويورك، في الفترة من 8 إلى 16 أبريل 1992، ناقش الممثل الكويتي صلاحيات اللجنة، وادّعى أنها تشمل تخطيط الحدود البحرية. وفي الوقت، الذي كان يفترض أن يعلن فيه رئيس اللجنة، انتهاء عملها، في شأن هذه المسألة، تبعاً لِما أكده هو نفسه، وأيده عليه الخبيران المستقلان، في الدورة الثالثة من اجتماعات اللجنة، والمبيَّن آنفاً، إذ برئيس اللجة يكتفي بالصمت.

3. وفي الدورة السادسة لاجتماعات لجنة تخطيط الحدود، التي انعقدت في نيويورك، في الفترة من 15 إلى 24 يوليه 1992، أدرجت الأمانة العامة للأمم المتحدة، في مسوَّدة جدول الأعمال، التي عرضها الرئيس، بحث الحدود البحرية، مرة أخرى. ومحاضر اللجنة، التي سجلت وقائع المناقشات، في شأن هذا الموضوع، تكشف، بسهولة، لكل مراقب موضوعي، ومنصف، الخلافات الحادّة، التي سادت مناقشات اللجنة، وعلى الأخص بين رئيسها وممثل حكام الكويت ومستشاريه، بسبب الضغط الكويتي عليه وعلى الخبيرَين المستقلين، لاعتماد موقف الكويت، في شأن تخطيط الحدود البحرية. ولم يتردد رئيس اللجنة في كشف كثير من الحقائق الصارخة، في شأن الضغط المذكور والتدخلات، التي مارسها نائب المستشار القانوني للأمانة العامة للأم المتحدة، في عمل اللجنة. وكانت نهاية المطاف، في هذه الدورة، أن وافقت اللجنة، كما جاء في بيانها الصحفي، الصادر في 4 يوليه 1992، على البحث في قطاع خور عبدالله، ومناقشته في اجتماع، يعقد لهذا الغرض، في شهر أكتوبر.

ويوضح وزير خارجية العراق، محمد سعيد الصحاف، في رسالته إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنه قد طرأ تطوران مهمان ضمن تسلسل الأحداث. ففي 12 أغسطس 1992، أحيل "التقرير الإضافي" للجنة "التخطيط"، الذي أنجزته في دورتها السادسة، إلى رئيس مجلس الأمن. وتضمن نصّ الإحالة: "وبقدر ما يخص الأمر الحدود لما وراء الساحل، فإن المجلس، قد يرغب في تشجيع اللجنة على أن تخطط ذلك الجزء من الحدود، في أقرب وقت مستطاع، فتكمل بذلك عملها". لقد جاءت هذه الإشارة، على الرغم من علم الأمانة العامة التام، أن اللجنة، لم تكن قد اتفقت، بعدُ، على أنها مختصة، بموجب صلاحياتها المقررة، بتخطيط الحدود البحرية، وعلى الرغم من أن موقف رئيسها، في هذا الشأن، كان واضحاً جداً لديها؛ إذ بلغ حدّ التلويح بالاستقالة، إذا فُرض هذا الأمر على اللجنة. إن هذه الإشارة تعزز الانطباع، أن المقرر مسبقاً، كان تحقيق رغبة الكويت، والدول التي تدعمها في مجلس الأمن، التي خططت، منذ البداية، أن تكون نتيجة أعمال لجنة التخطيط، هي ما توصلت إليه، على الرغم من كل الآراء والمفاهيم المغايرة لها. وبالفعل، سارع مجلس الأمن، في 26 أغسطس 1992، إلى اعتماد قراره الرقم 773، الذي ترّحب فقرته الثالثة بقرار اللجنة، أن تنظر في الجزء الشرقي من الحدود، الذي يشمل الحدود البحرية، وتحثها على أن تخطط هذا الجزء من الحدود، في أقرب وقت مستطاع، فتكمل بذلك عملها. إن هذا التطابق الواضح بين اللغة المستخدَمة في إحالة تقرير اللجنة إلى مجلس الأمن، وبين ما نص عليه القرار الدولي الرقم 773 ، عام 1992، وخلفية الوقائع الثابتة، التي تتضح من مناقشات اللجنة ـ يعكس، بما لا يقبَل الشك أو التأويل، مسعى منسقاً بين الكويت وأوساط معروفة في الأمانة العامة، ودول معينة، أعضاء في مجلس الأمن، إلى توجيه أعمال اللجنة توجيهاً مغايراً لصلاحياتها، المحددة من المجلس نفسه، في القرار الرقم 687، عام 1991، وفي تقرير الأمين العام، المقدَّم استناداً إلى الفقرة الثالثة من ذلك القرار؛ من دون أن يرقى ذلك إلى حدّ التعديل الصريح لتلك الصلاحيات.

أمّا التطور الثاني، فهو يخص استقالة رئيس اللجنة من عمله، بدءاً من 20 نوفمبر 1992، حسبما أوضح في رسالته الموجَّهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، في 4 نوفمبر 1992. وفي 6 نوفمبر، وجَّه رئيس اللجنة رسالة أخرى، أكثر تفصيلاً، في شأن الموضع نفسه، إلى المستشار القانوني للأمم المتحدة. وقد بيّنت هذه الرسالة، أن الاستقالة تعود إلى سبَبين. أولهما شخصي. والآخر، "هو أنه توجد لدى الرئيس، منذ بعض الوقت، تحفظات، في شأن شروط صلاحية اللجنة". لقد كشف الرئيس في الرسالة المذكورة، أنه أثار مع المستشار القانوني، لمرات عديدة، بعض أوجُه شروط صلاحية اللجنة، وأن الحدود في قطاع ما بعد الساحل (خور عبدالله)، لم تجرِ الإشارة إليها، بالذات، في الرسائل المتبادلة، عام 1932، مما يعني عدم وجود أي تحديد للحدود، يمكن اللجنة أن تتخذه أساساً في عملية التخطيط المنوطة بها. وذكر أن المستشار القانوني، أوضح له، أن "أي تغيير في تفويض اللجنة، من قِبل مجلس الأمن، هو غير وارد إطلاقاً". وتبيّن الرسالة، كذلك، أن المسألة، نوقشت، مرة أخرى، بين الرئيس والمستشار القانوني، في مايو 1992، كما نوقشت في لقاءَين، عقدا بين الرئيس والمستشار القانوني، من جهة، والأمين العام للأمم المتحدة، من جهة أخرى، في يوليه وسبتمبر 1992. وأشار إلى أن الرئيس، "شرح الوضع"، الذي "جعل من المستحيل عليه"، أن يستمر بعمله، ما لم تجرِ تعديلات معيّنة لتفويض اللجنة. ونظراً إلى إدراك الرئيس صعوبة تغيير شروط تفويض اللجنة، لم يجِد أمامه سوى الاستقالة.

4. إثر استقالة رئيس اللجنة، نِيطَت رئاستها بالدكتور نيكولاس فلتيكوس. وانعقدت دورتها الثامنة، في جنيف، في الفترة من 14 إلى 16 ديسمبر 1992، حين قررت، بعُجالة، أن المبدأ الأساسي، الذي يحكم تخطيط الحدود في خور عبدالله، يجب أن يكون هو خط الوسط، على أن يكون مفهوماً، أن الغاية الرئيسية من تسوية الحدود هي تسهيلات الوصول الملاحية، لكلا الطرفَين.

5. ثم يذكر وزير الخارجية العراقية، في نهاية رسالته إلى الأمين العام للأمم المتحدة أن التدخل والتأثيرات، غير القويمة، في عمل اللجنة، التي تطرقنا إليها فيما تقدَّم، والتي آلت إلى النتيجة المبيّنة، إنما تثير، إضافة إلى ما أشرنا إليه من موقف، جملة من المسائل القانونية، التي نودّ إيجازها في النقاط الآتية:

أ. إن وصف الحدود، الذي اعتمده مجلس الأمن أساساً للترسيم، في قراره الرقم 687، عام 1991، الذي فصّل فيه تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، المقدم استناداً إلى الفقرة الثالثة من القرار المذكور، لا يتطرق أبداً إلى وصف الحدود في منطقة خور عبدالله. وعلى هذا الأساس، لا يمكن الاستناد إلى ذلك الوصف، في أي عملية للتخطيط، على النحو الذي انتهجته اللجنة، لأن التخطيط لا بدّ أن يستند إلى وصف، أي إلى تحديد متفَق عليه للحدود، بين الأطراف المعنية.

ب. إن منطقة خور عبدالله، لا يصدق عليها، حسب وصف الحدود، الذي اعتمده مجلس الأمن، في قراره الرقم 687، عام 1991، صفة البحر الإقليمي لكي يصار إلى البحث عن قاعدة تقسيمه، بين الدول المتجاورة والمتقاربة، طبقاً لقواعد قانون البحار.

ج. إن منطقة خور عبدالله، حتى لو افتُرِضَت بحراً إقليمياً، فإنه يصدق عليها وصف "الظروف الخاصة". وهو ما أقره الخبيران المستقلان، كذلك، مما يسوّغ، بحسب اتفاقية قانون البحار، عام 1982، تعيين حدود البحر الإقليمي، بطريقة تخالف قاعدة خط الوسط، في حالة عدم الاتفاق بين الطرفَين على قاعدة أخرى. إن الحكم، المتعلق بحالة "الظروف الخاصة"، هذه، يكتسب قوة إضافية، من عدم وجود صيغة متفَق عليها لتحديد الحدود. وبمعنى آخر، إن تعيين حدود البحر الإقليمي في هذه المنطقة، يتم للمرة الأولى (DENOVO)، ومن ثَم يمكن الأخذ بحالة "الظروف الخاصة".

د. إن للعراق حقوقاً تاريخية في منطقة خور عبدالله، التي لم تمارس فيها الكويت، الملاحة على نطاق واسع، مما يجعلها مستثناة، بحسب اتفاقية قانون البحار، عام 1982، من قاعدة خط الوسط. على نحو ما ذُكر آنفاً.

هـ. ليس من حق مجلس الأمن، بموجب وظائفه وسلطاته، الممنوحة له في ميثاق الأمم المتحدة، أن يفرض على دولة عضو تحديداً لحدودها، لأن هذا الاختصاص، يخضع، بموجب القانون الدولي، لقاعدة الاتفاق بين الدول، ذات العلاقة، ولكونه لا يمتّ بصِلة، بالدقة المطلوبة، قانوناً، إلى مسائل الحفاظ على السلم والأمن الدوليَّين، التي يختص بها المجلس. وبذلك، يكون المجلس قد تصرف تصرفاً، يتجاوز نطاق صلاحياته (VIRES ULTRA).

كما يعترض العراق على تخطيط الحدود البحرية، بل ينكر صلاحية اللجنة لترسيم الحدود البحرية، إذ إن قرار مجلس الأمن، لم يُشِر إلى ترسيم تلك الحدود. ويؤكد أنه أنفق مليارات من الدولارات، عبْر عشرات السنين، لتأمين أعمال الكَرْي وتوسيع وتحسين وصيانة القنوات الملاحية، الرئيسية والثانوية، المؤدية إلى خور عبدالله والمارة فيه، وتشييد المنشآت البحرية والموانئ والمرافئ، في منطقة خور الزبير، من أجل تأمين انسياب التجارة، عبْر البحار. إن فرض الحدود في منطقة خور عبدالله، بالطريقة التي قررتها لجنة التخطيط، يهدد تهديداً خطيراً حق العراق في حرية النفاذ إلى البحار، من خلال ممارسة حقه التاريخي في الملاحة، غير المقيَّدة، والآمنة، في منطقة خور عبدالله، إلى الحد الذي قد يجعله، مستقبلاً، في حكم الدولة المغلَقة، عديمة السواحل (أُنظر وثيقة رسالة من الممثل الدائم للعراق إلى الأمين العام للأمم المتحدة، بتاريخ 7 يونيه 1993 في شأن أعمال لجنة الحدود بين العراق والكويت).

لقد أكد العراق اعتراضه، في مذكرته إلى الأمين العام للأمم المتحدة، ذاكراً فيها أنه "من الواضح لكل مراقب محايد، أن القرارات، التي اعتمدتها اللجنة، بمجموعها، إنما هي قرار سياسي صرف، فرضته القوى المتحكمة في مجلس الأمن والأمم المتحدة اليوم، ولا سيما حكومتَي الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا" (أُنظر وثيقة رسالة من الممثل الدائم للعراق إلى الأمين العام للأمم المتحدة، بتاريخ 7 يونيه 1993 في شأن أعمال لجنة الحدود بين العراق والكويت).

وذلك يشكل سابقة خطيرة جداً، ويناقض، في جوهره ونتائجه، الواجبات والمسؤوليات، التي وكلها الميثاق إلى مجلس الأمن. إن هذه الحالة، لا يمكن أن تسهم في توطيد الأمن والاستقرار في المنطقة، بل إنها تخلق بؤرة توتر دائمة، فضلاً عن الإيذاء المتعمَّد لمصالح مشروعة، وحيوية، لدولة عضو في الأمم المتحدة. وإذا كان هناك ظروف قاهرة، تفرض على السلطات العراقية مواقف معيّنة إزاء مثل هذا القرار، فإن شعب العراق، لا يمكن أن يقتنع بأن حقوقه التاريخية، قد احتُرمت، وأن مصلحته، قد رُوعيَت، من قِبل مجلس الأمن، كما تفترض ذلك قواعد القانون الدولي، ومعايير العدالة والإنصاف (أُنظر وثيقة رسالة من الممثل الدائم للعراق إلى الأمين العام للأمم المتحدة، بتاريخ 7 يونيه 1993 في شأن أعمال لجنة الحدود بين العراق والكويت).

كما صرح رئيس المجلس الوطني العراقي، معلِّقاً على قرار لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود، بين الكويت والعراق، معلناً "أن الذين اختاروا هذا الحل (تخطيط الحدود)، يعرفون أنه لن يؤدي إلى الاستقرار في المنطقة، لأنه سيبقى الجمر مشتعلاً إلى الأبد".