إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / العراق والكويت، الجذور ... الغزو ... التحرير / ردود الفعل، العراقية والكويتية، تجاه ترسيم الحدود، وتأثيرها في المنطقة









مقدمة

رابعاً: التحفظات العراقية وفاعليتها

يمكن القول أن التحفظات، التي أبداها العراق من القرار الرقم 833، عام 1993، فقدت فاعليتها، شكلاً وموضوعاً. فمن الناحية الشكلية، سبق للعراق، أن وافق، من دون قيد أو شرط على قرار مجلس الأمن، الرقم 687، عام 1991، كما وافق على تشكيل لجنة ترسيم الحدود، والالتزام بقراراتها، من خلال تسميته مندوبه إليها. أما فيما يتعلق بالاعتراضات الموضوعية، فمع الاعتراف بأن قرار تشكيل اللجنة، لم تشهد له الأمم المتحدة مثيلاً، إلا أن العراق هو الذي دفع المنظمة إلى ترسيم الحدود بينه وبين الكويت. ومع أن المصادر الكويتية، تحاول تبرير عمل هيئة الأمم المتحدة، بأنها لم تكن هي المرة الأولى، التي تضطلع فيها المنظمات الدولية بمهام ترسيم الحدود؛ إذ سبق لعصبة الأمم، عقب الحرب العالمية الأولى، أن شكلت لجاناً من أجْل ذلك، للإشراف على المشكلات الحدودية في أوروبا، والتي انتهت بتوقيع معاهدات: فرساي، بين ألمانيا وفرنسا، وسان جرمان، بين النمسا والمجر، ونويلي، بين بلغاريا ويوغوسلافيا، وتريانو، بين المجر ورومانيا. إلا أنه فات تلك المصادر، أن تلك التسويات، التي فرضت من قِبل عصبة الأمم، هي نفسها قادت إلى حرب عالمية ثانية.

غير أن اعتراض العراق على الخريطة البريطانية، ليس له ما يبرره، بحكم الوجود البريطاني في كلٍّ من الكويت والعراق، فضلاً عن أنها لم تكن الأساس الوحيد لعمل اللجنة، وإنما عُدَّت مادة من المواد المعتَمَدَة، ناهيك أنه لم يؤخذ بما جاء فيها، في كثير من التحديدات.

أما رفض العراق الاعتراف بالمحضر، المتفق عليه بين الكويت والعراق، في أكتوبر 1963، لعدم تصديق السلطة التشريعية في العراق عليه، فإن رجال القانون الدولي والباحثين فيه، يرون أن عدم اتِّباع شروط التصديق، إنما يقع على مسؤولية الدولة المخلة بتلك الشروط، وليس على الدولة التي تعاملت معها. فضلاً عن نية الطرفَين تنفيذ الاتفاق، إذ اعترف العراق باستقلال الكويت وسيادتها، وتبادل التمثيل الدبلوماسي معها، وأبرم العديد من الاتفاقات، الاقتصادية والتجارية والثقافية، معها[1]. إضافة إلى أن المحضر، المتفق عليه بين الدولتَين، حرصت الكويت على تسجيله في الأمم المتحدة، في 10 يناير 1963، ولم تعترض الحكومة العراقية على ذلك.

ورداً على اتهام العراق اللجنة بعدم الموضوعية، والتحيز إلى جانب الكويت، يمكن القول إنه لم يستجب لطلب اللجنة، تزويدها ما لديه من وثائق أو معلومات. كما أن اعتراض العراق، أنه لم يكن له رأي في تشكيل اللجنة، واختيار أعضائها، فهو أمر تساوى فيه مع الكويت، ولم ينفردبه، وحده. ناهيك أن اللجنة، بطبيعة المهمة الموكولة إليها، هي لجنة فنية، وليست لجنة تحكيم، أو لجنة سياسية.

ولعـل العراق تناقض مع نفسه، حين رأى أن الفقرة الثالثة، من قرار مجلس الأمن، الرقم 687، لا تتعرض للحدود البحرية بينه وبين الكويت إذ إن لفظ الحدود، الوارد فيها، يتضمن، بطبيعة الحال، الحدود البرية والبحرية. فضلاً عن إشارة الفقرة، صراحة، إلى تخصيص الجُزُر، بمعنى أنها تعرضت للقسم البحري من الحدود الكويتية ـ العراقية. وإضافة إلى ذلك، فإن اللجنة وصلت إلى الحدّ الذي حرمت فيه الكويت خور الزبير، ورأت انتفاع العراق الكامل به[2]. وعلى الرغم من أن الكويت تحفظت على ذلك، إلا أنها وافقت، في النهاية، على تقرير اللجنة. وبذلك، أصبح العراق يمتلك سواحل على الخليج، تصل أطوالها إلى ما يقرب من مائة كيلومتر، ابتداءً من سواحل الفاو الجنوبية، المطلة على خور عبدالله، وانتهاء بخور الزبير وميناء أم قصر.

لم يقتصر العراق على مذكرات الاحتجاج، التي كان يبعث بها إلى الأمين العام للأمم المتحدة، بل صدر العديد من البيانات عن الدوائر، السياسية والإعلامية، التي تضمنت اعتراض العراق الكامل على ترسيم الحدود بينه وبين الكويت. واستمرت المناهج التعليمية والخرائط العراقية، تُدخِل الكويت كلها في حدود العراق. كما ظل العراق يكرر شكواه، أن ترسيم الحدود، الذي جرى على هذه الصورة، جعله معرضاً للاختناق، وذلك على الرغم من أن اللجنة، كانت حريصة على أن تضمن له حرية الملاحة في الخليج.



[1]  يطلق القانونيون فيما يتعلق بتلك الاعتبارات المشار إليها عبارة السلوك اللاحق (Subsequent Conduct) والذي يأخذ صفة الاعتراف الكامل.

[2]  كانت الاتفاقيات السابقة الخاصة بتعيين الحدود بين العراق والكويت تنص على أن تلك الحدود تمتد من تقاطع وادي العوجة بالباطن ثم باتجاه الشمال إلى نقطة تقع جنوب خط عرض صفوان وجبل سنام وأم قصر تاركة هذه المواقع للعراق وذلك حتى التقاء خور الزبير بخور عبدالله، غير أن اللجنة قررت ترك خور الزبير بكامله للعراق لإتاحة منفذ بحري له على الخليج.