إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / العراق والكويت، الجذور ... الغزو ... التحرير / الجوانب الاقتصادية للأزمة العراقية ـ الكويتية (1980 ـ 1990)









ثانياً: أزمة "الأوبك"، والموقف العراقي

ثانياً: أزمة "الأوبك"، والموقف العراقي

    ترجع أزمة "الأوبك" إلى فترة طويلة مضت، وربما منذ اللحظة التي أُخذ فيها بنظام حصص الإنتاج، عام 1983. فقد كان من الواضح، في ذلك الوقت، أن مكانة المنظمة في السوق، هي في تراجع مستمر، لعدد من الأسباب، من أهمها ظهور منتجين آخرين، خارج "الأوبك"، وسياسة الدول المستهلكة الرئيسية للنفط، المكونة لوكالة الطاقة الدولية خاصة سياسة المخزون، التي تساعد على إضعاف هيكل أسعار "الأوبك". يضاف إلى ذلك عدم الالتزام بالحصص، كنهج ثابت في سياسة أعضاء المنظمة، الثلاثة عشر، وهو ما كان يعود، في أغلبه، إلى أسباب موضوعية، من أهمها أنه كلما كانت الأسعار تزداد انخفاضاً، فإن العديد من الدول، كانت تتجه نحو زيادة إنتاجها، للحفاظ على دخلها النفطي عند مستوى مقبول، إذ يُعَدّ النفط بالنسبة إلى كثير من الأعضاء مصدر الصادرات الوحيد. أضف إلى ذلك التناقض بين دول "الأوبك"، الناجم عن اختلاف مستويات الاحتياطي، إذ من مصلحة الدول ذات الاحتياطي الكبير، استمرار انخفاض الأسعار، وذلك لعدم تشجيع دخول منتجين آخرين، وكذلك لعدم الحث على تطوير بدائل للنفط، من مصادر أخرى للطاقة. وفي المقابل، فإن الدول ذات الاحتياطي المنخفض، التي تنتظر أن ينفد احتياطيها بسرعة، مهتمة بالحصول على أعلى عائد ممكن من صادراتها، قبل نفاد ما تمتلكه من الثروة النفطية.

    وقد انعكست كل هذه العوامل إلى جانب تفجر الحرب العراقية ـ الإيرانية على هيكل التحالفات داخل منظمة "الأوبك". فتقليدياً، كان هناك جناحان : الجناح الراديكالي، ويضم العراق والجزائر وليبيا، المطالب، دائماً، بأسعار مرتفعة. والجناح الآخر المعتدل، بقيادة المملكة العربية السعودية وإيران (قبل اندلاع الثورة الإسلامية، في إيران، عام 1979)، ويضم بقية بلدان الخليج، والمطالب بما أسماه أسعاراً معتدلة. وبعد الثورة الإيرانية، ثم نشوب الحرب العراقية ـ الإيرانية، تبدلت المواقف، فانضمت إيران إلى الجناح الراديكالي، وتحوّل موقف العراق في مصلحة الجناح المعتدل. وذلك لعدة أسباب، من أبرزها عدم قدرة العراق على تصدير حصته النفطية كاملة، ولذا، احتاج إلى تصدير حصة، في مصلحته، من نفط كلٍّ من المملكة العربية السعودية والكويت، وإلى مد خط أنابيب نفط، من حقل الرميلة في العراق إلى ميناء ينبع السعودي؛ إذ كانت تلك هي الوسيلة الأساسية، لنقل معظم النفط العراقي، ثم عبر الأنابيب، الواصلة بين العراق وتركيا، وذلك بسبب عدم القدرة على التصدير من خلال الخليج، وإغلاق الخط العراقي ـ السوري.

    ومن الجدير بالإشارة، أن العراق قد أصرّ لمدة عامين، على عدم الالتزام بأي حصة، ضمن سقف إنتاج "الأوبك"، ما لم تتساوى حصته بحصة إيران. وفي هذه الآونة، كان كل الاتفاقات، المتعلقة بسقف الإنتاج والحصص، تستثني العراق منها، بما يعني السماح له بتصدير كل ما يمكنه تصديره من نفطه (وهي في الواقع، حالة مماثلة لحالة الإمارات العربية المتحدة، ضمن الاتفاق الأخير). وقد عاد العراق إلى الانضمام، مؤخراً، إلى سقف إنتاج "الأوبك"، بعد موافقة إيران على مساواة حصتها بحصة العراق، وكان ذلك بداية لبعض التغيير في الموقف الإيراني، تجاه الاقتراب من الجناح المعتدل، داخل "الأوبك"، الأمر الذي تأكد من موافقة إيران على زيادة حصتَي الإمارات والكويت، لتكونا أكبر من حصص الدول الأخرى، وهو ما كانت ترفضه ليبيا، لإصرارها على مساواة حصتها بحصة الكويت. وهكذا، فإن تعارض الموقف الإيراني مع موقف ليبيا ثم الجزائر، اللتين ترفضان زيادة سقف الإنتاج، أكد بدء علاقة طيبة، على جبهة النفط، بين إيران وكلٍّ من الكويت والإمارات. وعلى الرغم من تشابه الأزمة الحالية، في الجوهر، مع غيرها من أزمات منظمة "الأوبك"، إلاّ أنه كان من الواضح أن الأزمة، هذه المرة، قد تميزت بعدة خصائص، أهمها كثافة الاتصالات التي واكبتها، ووجود درجة عالية من السلوك العنيف، في ممارسات بعض البلدان، بدءاً من تجاوز الحصص، عمداً، وإعلان ذلك، من دون مواربة، ومروراً بتكذيب الوزراء بعضهم بعضاً، علانية، ثم مؤخراً، الوصول إلى العدوان العسكري.