إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / خالد بن سلطان / كلمات وخطب قائد القوات المشتركة ومسرح العمليات: (19 محرم 1411 ـ 20 ذي القعدة 1411)، الموافق (10 أغسطس 1990 ـ 3 يونيه 1991)









بسم الله الرحمن الرحيم

خلال الجولة التفقدية

على وحدات من الفرقة التاسعة المدرعة السورية

ــــــــــــــ

السبت، 28 جمادى الأولى 1411، الموافق 15 ديسمبر 1990

ـــــــــــــــــــــ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

والْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
والصلاةُ والسلامُ على سيدِ المرسَـلينَ

 

إخواني قادة وضباط وضباط صف وجنود الوحدات السورية

أحيّيكم، يا أبطال حرب تشرين المجيدة، بتحية الإسلام، تحية مباركة طيبة. أحيّيكم بتحية الجهاد، وحب الاستشهاد، دفاعاً عن الحق والعدل، وردعاً للبَغْي والظلم.

إخواني، أنقل إليكم تحيات خادم الحرمَيْن الشريفَيْن، القائد الأعلى للقوات المسلحة، ووليّ عهدِه الأمين، وصاحب السموّ الملكي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والمفتش العام، وأنقل تمنياتهم لكم بالتوفيق في أداء مهمّتكم، وطيب إقامتكم.

إنني أعتز اليوم بما شاهدته من قدرات عالية، وروح معنوية مرتفعة. وأقدر وجودكم بيننا في كفاح مشترك، دفاعاً عن الأراضي المقدسة، ووقوفاً ضدّ من يُهَدّد ويتوعّد، ضدّ من يخدع ويَـتَـلَوّن، ضدّ من أساء إلى الإسلام، وأساء استخدام قواته المسلحة، فبدلاً من أن يوجّهها إلى عدوٍّ مشترك، وَجّهها إلى دولةٍ عربيةٍ إسلامية، جارة له، وادّعى أن هذا هو طريق تحرير فلسطين. والحمد لله، أن الشعب السوري لم ينخدع بما يَـدّعِيه، وكَشَفَ عن زيفِ أقواله، وأسرع يقف ضدّ أطماعه وتوسعاته. فتحية تقدير لهذا الشعب العظيم ولقائده، الذي لا يخشى في الحق لومة لائم، ولم يرهبه الوعيد، والتلويح والتهديد.

إننا لسنا ضدّ الشعب العراقي الشقيق، إنّما نحن ضدّ الظلم، وضدّ التوسع على حساب الغَير، وضدّ انتهاك الحرمات، وضدّ السطْوِ على الممتلكات، وضدّ الهيمنة وفرْض الإتاوات. وسنقف إلى جانب العراق، بالقوة نفسها، إذا تعرض لاعتداءٍ أو ظلمٍ أو قهر. إننا لسنا ضد القوات المسلحة العراقية، ما دامت عوناً لنا، وليس علينا، محققةً لأهدافنا، وليس مخيبةً لآمالنا، ناصرة لنا، وليس ناصرةً علينا. فإذا بغَى قائدها وأساء استخدامها، فعلينا أن نقف ضدّها وقفة رجل واحد، لنعيد إليه صوابه، ونُعيد إليها اتّزانها، وذلك امتثالاً لقول الحق تبارك وتعالى: "وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" صدق الله العظيم.

أقول الحمد لله، أنه لم ينخدع بأقواله إلا القليلون، لأنه، منذ الثاني من أغسطس العام الحالي، يتناقض ما نسمع منه من أهدافٍ ليبرر بها فعلته الشنعاء. فعندما بدأ غزوه الكويت، ادّعى أن الحكومة الكويتية الجديدة هي التي استدعته. وعندما لم يستطع أن يعلن تشكيلها، ووقف الشعب الكـويتي خلْف حكومته الشرعية، ادّعى أن الحكومة تطلب الوحدة الاندماجية. وعندما ضحك العالم من هذه الأكذوبة، أسرع يقول لقد ضممنا الفرع إلى الأصل، وإننا كنّا ندافع عن أنفسنا، فلقد سرقت الكويت النفط من حقولنا، وأقامت المنشآت العسكرية والنفطية على أراضينا. وعندما استنكرت الشعوب العربية والإسلامية الواعية هذه الجريمة، أعلن أنه فعل هذا تحريراً لفلسطين! ما هذا التلاعب والاستخفاف بالعقول؟! وما علاقة غزو دولة مساندة لشعبه وقواته المسلحة بتحرير فلسطين؟! وهل تحرير فلسطين يجب أن يمرّ عبر تدمير دولة أخرى وتشريد شعبها؟  أي منطق في هذا؟ ومَنْ مِنَ العُقلاء يصدّق هذه الادعاءات؟ ونسأله نحن، عن تضحياته في سبيل القضية الفلسطينية؟ وكم مرة حارب فيها من أجلها؟ وكم مرة نفّذ فيها تعهداته نحوها؟ ومرة أخرى، عندما سارع الأشقاء والأصدقاء إلى الوقوف ضدّه، تَلَوّن، فجأة، وارتدى عباءة الإسلام. وادّعى أنه يحارب الكفّار، ويريد تحرير الديار، ويدعو المؤمنين للوقوف في صفه، وأن يَشُدّوا من أزره. ولم يرَ يديه وهما تقطران دماً، من دماء العراقيين والإيرانيين والكويتيين والمصريين وغيرهم. إنه يظن أنه قادرٌ على خداع كلِّ الناس، كلِّ الوقت.

وعندما انكشف أمام العالم كله، ادّعى أنه فعل ذلك دعوةً إلى التوزيع العادل للثروات العربية. ولم يشرح لنا لِمَ لَمْ يوزع ثروات العراق، عندما كانت دولة غنية، قبل أن يُفْقِـرها بتصرفاته وأفعاله؟ ولَمْ يشرح لنا لماذا تقتصر الثروات العربية على النفط فقط؟ ولماذا لا تكون المشاركة، أيضاً، في باقي المصادر المعدنية الأخرى كالفوسفات والحديد مثلاً؟ ولماذا لا تكون المشاركة، أيضاً، في الأراضي الصالحة للزراعة، وفي مياه الأنهار؟

ادّعاءات وأكاذيب مفضوحة. وإذا حاول أيّ شخص أن يعارضها أو يكشفها، فما أسهل اتهامه بالعمالة والخيانة، والرأسمالية والصهيونية! عليكم أن تستمعوا إلى إذاعته، وستجدون أنها تسير في خطَّيْن اثنَيْن،لا ثالث لهما، الأول: الاتهامات وتبرير الأكاذيب. والثاني: السباب والشتائم.

إن حرْبه على إيران، ضاع فيها المال والرجال. وغزْوه الكويت، جاع فيه الشعب العراقي الشقيق، وبـدّد فيه ملايين الدينارات. ولا ندري ما سيحلّ بالمنطقة غداً، نتيجة عناده وإصراره على تحدي إرادة العالم كلّه، وصَمِّ أذنيه عن نداءات العقل والحكمة؟

إخواني، علينا الاستمرار في رفع كفاءتنا القتالية، والتدريب المستمر. وإننا، بإذن الله، جاهزون لأداء مسؤولياتنا، قادرون على تنفيذ ما نؤمر به من قادتنا، متوكلون على الله، واثقون من نصره.

والله يوفّقكم

والسلام عليكم ورحمة الله.

ـــــــــــــــــــ