إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / خالد بن سلطان / كلمات وخطب قائد القوات المشتركة ومسرح العمليات: (19 محرم 1411 ـ 20 ذي القعدة 1411)، الموافق (10 أغسطس 1990 ـ 3 يونيه 1991)









بسم الله الرحمن الرحيم

خلال الجولة التفقدية

على لواء الشهيد الكويتي

ــــــــــــــ

الأحد، 29 جمادى الأولى 1411، الموافق 16 ديسمبر 1990

ـــــــــــــــــــــ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

والْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
والصلاةُ والسلامُ على سيدِ المرسَـلينَ

 

إخواني منسوبي القوات المسلحة الكويتية

أحيّيكم بتحية الإسلام، تحية مباركة طيبة. وأرحّب بكم في بلدكم، وبلد كلِّ مسلمٍ، وقِبلة كلِّ من يعرف حدود الله وحُرماته.

لقد سعدت اليوم بلقائكم، لقاء الإخوة الأشقاء، ولقاء رفاق السلاح الشرفاء، لقاء على طريق الحق والنصر والتحرير، بإذن الله العلي القدير.

إنني أحمل إليكم تحيات القائد الأعلى للقوات المسلحة، خادم الحرمَيْن الشريفَيْن، ووليّ عهده الأمين، وصاحب السموّ الملكي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، وأبلغكم تمنياتهم لكم بالتوفيق، في أداء مسؤولياتكم، وفي تحرير أرضكم، وفي العودة سالمين منتصرين إلى وطنكم.

إخواني الأعزاء

إنني أعرب لكم عن تقديري لِمَا شاهدته اليوم، من استعدادكم للقتال، لتحرير دولة الكويت الشقيقة. وأُقدّر تصميمكم على الجهاد في سبيل الله، ثم في سبيل وطنكم. إن الأحداث التي مَرّت بكم وبنا، أثبتت أن الرئيس العراقي لا يعرف إلاَّ لغة واحدة، هي لغة القوة، أمّا اللغات الأخرى، فلا يحسنها، لغة الإسلام والعقيدة، والأخوّة والعروبة، والتسامح والجوار، وعرفان الجميل لمن ساندوه وقت الشـدة، كلّها لغات لا يعرفها ويصمّ أذنيه عنها. إن القوة هي اللغة الوحيدة، التي يُقدّرها جيداً. لقد غَيَّر أقواله وأفعاله وتصريحاته، تبعاً لمفردات هذه اللغة. لقد رضِيَ في عام 1975 بمعاهدة الجزائر، عندما شعر بالقوة الإيرانية واحتمال تهديدها له، ثم ألغَى في عام 1980 هذه المعاهدة، عندما شعر بقوّته، واعتقد أن في إمكانه غزو إيران في وقت قصير، وتحقيق نصر سريع حاسم عليها. لم يرعَ عهداً ولا وعداً، ثم تراجع مرة أخرى، واعترف بالمعاهدة نفسها في عام 1990، بل سَلَّم بما هو أكثر منها، عندما شعر بضعفه وعدم قدرته على فتح جبهتَيْن في وقتٍ واحد، وظنّ أنه بهذا الأسلوب خدع إيران وحَـيّدها، وخدع العالم العربي والإسلامي، ولا ندري ماذا سيفعل في الغد بهذه المعاهدة، التي أصبحـت ألعوبة في يده؟

لقد استخدم قوّته لاحتلال دولتكم، دولة عربية مسلمة، لا يتناسب تعدادها ولا قواتها المسلحة مع تعداد بلده، أو مع قواته المسلحة. هذه القوات، التي ساعدت دولتُكم على بنائها، ولم تشفع لكم بلايين الدولارات التي ساندتموه بها، ولم يشفع لكم ما تحملتموه نتيجة وقوفكم إلى جانبه، في حربه الخاسرة ضد إيران لمدة ثماني سنوات، ثم استمر في عناده، ولم يستمع إلى النصح من القادة والزعماء العرب، ولم يرضخ لمطالب الحق والعدل، ولم يرجع عن غيّه وظلمه وعدوانه؛ ولكن، عندما شعر بوقوف زعماء العالم كلهم ضدّ أطماعه وأحقاده، وتصميمهم على تنفيذ الحق والشرعية، قَـبِل من الغرب ما لم يقبله من العرب، ووافق على الحوار من دون شروط من جانبه، وابتدأ في التصريحات التي تخطب ودّ العالم الغربي، وأفرج عن الرهائن أملاً في إبعاد شبح الحرب عنه، أو استخدام القوة ضدّه. أَلَمْ أقل لكم إنه لا يفهم غير لغة القوة؟ أمّا الشهامة العربية، والخُلُق الإسلامي القويم، والقِيم والمبادئ الرفيعة، فهي مفردات لا يَعِيها ولا يُقِيم لها وزناً.

لذلك، فإن علينا جميعاً أن نَعِي هذا الدرس جيداً، وأن يكون اعتمادنا على الله أولاً، وقبل كلِّ شيء، ثم اعتمادنا على قوّتنا الذاتية، ثم اعتمادنا على الدول الشقيقة المخلصة، التي لم تهدّد، ولم تتوعد، ولم تطمع، ولم تطالب.

إن ما حدث لدولة الكويت الشقيقة، لا أعدّه حلماً مزعجاً، ولكني أراه واقعاً مريراً، وعلينا أن نواجهه بما يستحقه من قوةٍ وجديةٍ، وألاّ ندَع مثل هذه الأحداث تتكرر مرة أخرى، سواء على أرض الكويت أو أي أرض عربية أخرى.

إننا في عصر ستظل القوة فيه هي العامل الأساسي، والرادع الرئيسي، لحسم أي قضية، مهْما كانت عادلة، ومن دون هذه القوة الفاعلة والضاربة، فإن أي جهد سياسي، مهْما كان مكلفاً وضاغطاً، لن يجدي نفعاً، وسنكون تحت رحمة هؤلاء الطغاة، الذين لا يرعون حدّاً، ولا يؤدّون حقّاً.

إننا نريد امتلاك القوة، التي تحمينا وتحمي إنجازاتنا، وليس القوة التي تهدم وتدمّر. نريد امتلاك القوة التي تردع المعتدي قبل أن يعتدي، ولا نريد قوة تكون البادئة بالعدوان. نريد القوة التي تحمي السلام والاستقرار، ولا نريد القوة التي تؤدّي إلى الحرب والدمار.

إخواني الأعزاء

حافظوا على استعدادكم، وكثّفوا تدريباتكم، وأخلصوا في أعمالكم، واتّقوا الله، فإن نَصْـره قريب.

والسلام عليكم ورحمة الله.

ـــــــــــــــــــ