إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / خالد بن سلطان / كلمات وخطب قائد القوات المشتركة ومسرح العمليات: (19 محرم 1411 ـ 20 ذي القعدة 1411)، الموافق (10 أغسطس 1990 ـ 3 يونيه 1991)









بسم الله الرحمن الرحيم

في وداع سموّه

قوات دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والقوات المصرية، والقوات السورية

(في مناسبة قرب انتهاء عمل قيادة القوات المشتركة ومسرح العمليات)

ـــــــــــــــــ

مسرح العمليات الكويتي، دولة الكويت

يوم الإثنين، 13 ذي القعدة 1411، الموافق 27 مايو 1991

ـــــــــــــــــــــ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

والْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
والصلاةُ والسلامُ على سيدِ المرسَـلينَ

 

الإخوة قادة وضباط وضباط الصف وجنود القوات العربية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أحيّيكم، اليوم، تحية خاصة، تحمل تقديراً وإعزازاً لزملاء الميدان، ورفقاء السلاح، الذين عملت معهم وتشرّفت بقيادتهم، فسطّروا بعَرقهم، ودَوَّنوا بدماء جرحاهم، وأرواح شهدائهم، أغلى أسطر في صفحات تاريخ منطقة الخليج، بل تاريخ الأمّة العربية والإسلامية.

لقد سجّلت تلك الأسطر الخلاص لشعبٍ فَقَدَ هويّـته، بين يوم وليلة، ودولة داستها أطماع حاقدٍ باغٍ، ناكرٍ لكلّ جميل، متجاهلٍ لكلّ قِيمة، متناسٍ لكلّ ما قُدِّم إليه من دَعْم، سانده في مِحنته، وأقاله من عَثْرته. إنه رمزُ الغدرِ والخيانةِ.

وكان قرار مولاي خادم الحرمَيْن الشريفَيْن، القائد الأعلى للقوات المسلحة، قمةً في الحكمة والتعقّل والرويّة. وكانت مهمّتنا تأمين حدود المملكة، واستعادة الكويت مرة أخرى، حرّة أبيّة. وبدأت المراحل تتوالى، بدايةً بالحشد، الذي يحقّ للمملكة أن تفخر من خلاله بكفاءة التخطيط، وحسن الإدارة، والاستغلال الأمثل للموارد، لما أدّته الموانئ والمطارات والطرق وعناصر المواصلات، أثناء هذه المرحلة، من خدمات، مكّنت القوات من سرعة الحشد والتمركز، ففاجأت العالم، وفرضَـتْ عليه احترام المملكة وتقديرها.

وبعد أن أُمِّنَت حدود المملكة، وفشلت محاولات ومبادرات دعاة السلام، وأهل العقل والحكمة، أصبح الحسم والحلّ في أيدي القوات المشتركة والصديقة. وكنتم عند حُسن الظن بِكم، وكنتم أهلاً لِما أُلقي على عاتقكم. وبفضلٍ من الله ومِنَّةٍ، تحقق النصر، وتحررت الكويت، وارتفعت الراية الكويتية مرة أخرى، وعلَت الوجوهَ الفرحة، وملأت القلوبَ السعادة. بِكم، وبقتالكم، وبجرحاكم، وبشهدائكم، فُرض العدل، وعاد الحق، وسيسود السلام. أدّيتم الواجب أبطالاً، وحققتم المهمّة رجالاً، وغرستم الأمل بعزيمتكم، وفتحتم أبواب المستقبل بإصراركم، بعد أن شَعر بعض الناس أن المستقبل أَظلم، وأبوابه سُدّت.

تحية من هنا، من أرض البطولة، من رجال القوات المشتركة، إلى خادم الحرمَيْن الشريفَيْن، الذي وثِق بنا، فكنّا عند حُسن ظنه، وأتاح لنا الفرصة، فأكّدنا مقدرتنا وكفاءتنا، وشدّ من أزرنا، فلم نخذله. وتحدى بنا، فكّنا خير رجاله. أدار المعركة سياسياً، وأشرف عليها عسكرياً، فكان مثالاً ونموذجاً، وكان النصر الذي شاركتم في صُـنعه.

تحية، باسم كل واحد منكم، إلى المملكة، قادة وشعباً، على مساندتهم ودَعْمهم لنا، ووقوفهم سدّاً منيعاً خَلْفنا. تحية، باسم كل واحد منّا، إلى قادة دولِكم، الذين ساندوا الحق والعدل، ورفضوا الباطل والظلم، فكانوا نِعم القادة، ونِعم الزعماء. تحية عرفان وتقدير لهم جميعاً، فالتاريخ لن ينسى مواقفهم، ولن ينسى شهامتهم.

وجاء اليوم، وحانت الساعة. بدأ الوداع للأصدقاء، والرحيل للأشقاء. ولكن، سيبقى بيننا رباط لن ينفك، وعلاقات لن تُنسى، وذكريات لن تُمحى. لقد مرّت علينا أوقات عصيبة، فلم يتزعزع إيماننا، ومرّت علينا لحظات صعبة، فلم يهتز ثباتنا، ثم أكرمَنا الله بنصره وتأييده، فسجدنا له شاكرين فضله.

واليوم، في هذه اللحظات المؤثّرة، لحظات انتهاء المهمّة، لحظات الفراق بين القائد وجنوده، لحظات قد يصعب بعدها اللقاء، لحظات تتوقف عندها الكلمات، فتصبح الوصية واجبة، والنصيحة فرضاً. أوصيكم بتقوى الله في السرِّ والعلن، وأن يكون هدفكم وحدات ذات كفاءة قتالية عالية. عليكم الاهتمام بالتدريب القتالي، والبناء النفسي والمعنوي، والانضباط القوي. لا تدعوا ما اكتسبتم من خبرات، وما تعلمتم من دروس، يمرّ دون الاستفادة منه في جميع المجالات، تطويراً، وتعليماً، وتدريباً، وتسليحاً. فبتقوى الله، ثم بالتدريب الشاقّ المستمر، والانضباط والروح المعنوية العالية، والخبرة القتالية، ستحققون أهدافكم، بمشيئة الله.

أيها الإخوة

هناك دروس، وهناك خبرات، وهناك تطور، والذكي من تعلم وعَلّم، وواكب الزمن. تقديرنا وسلامنا الخاص لكل واحد منكم ... وتحيّتنا الشخصية لكل واحد منكم ... وتمنياتنا الطيّبة لكم جميعاً.

وفّقكم الله لِما يحبه ويرضاه، وجعَلكم ذخراً للأمة العربية، وسنداً للأمة الإسلامية.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ـــــــــــــــــــ