إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / خالد بن سلطان / كلمات وخطب قائد القوات المشتركة ومسرح العمليات: (19 محرم 1411 ـ 20 ذي القعدة 1411)، الموافق (10 أغسطس 1990 ـ 3 يونيه 1991)









بسم الله الرحمن الرحيم

في حفلة القوات المسلحة، التي أقامتها

تكريماً لسموّه، في مناسبة ترقيته إلى رتبة "فريق أول ركن"

وإعفاء سموّه من منصبه بناءً على طلبه

ـــــــــــــــــ

الرياض، المملكة العربية السعودية

الإثنين: 29 ربيع الأول 1412، الموافق 7 أكتوبر 1991

ـــــــــــــــــــــ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

والْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
والصلاةُ والسلامُ على سيدِ المرسَـلينَ

 

 

معالي مساعد وزير الدفاع والطيران للشؤون العسكرية

الإخــــوة القادة

زملائـــي الضباط

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أقف بينكم، اليوم، لا لأودّعكم، ولكن لأحيّيكم. أُحيّي فيكم سني العمر التي قضيناها معاً، وزهرة الشباب التي أفنيناها عملاً، وسني الرجولة التي قضيناها تضحية. أُحيّي فيكم الشرف والأمانة، والإخلاص ونكران الذات، إنها قِيَم رجال القوات المسلحة السعودية.

بداية التحية، أوجّهها إلى قائدنا الأعلى، خادم الحرمَيْن الشريفَيْن، الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود، الذي شَـرّفني، فبذلت. وكَرّمني، فضحيت. واختارني قائداً، فلبيت. حَـمّلنا الأمانة، وبفضل من الله، ثم بمجهود الزملاء، أَدّينا. وكَلّفنا فأنجزنا. عَلّمنا من حكمته، ووجَّهنا بحنكته، وشملَنا برعايته. ونحمد الله، أن كُنّا عند حُسن الظن بنا. تحية لكم، يا مولاي، أرفعها إليكم بكل الفخر والاعتزاز، جندياً سعودياً ما حييت، مقاتلاً، تحت راية الوطن، ما دامت عروقي تنبض، وقلبي يدق، ألبّي النداء أينما كنت، مُقدّماً حياتي فداءً لدِيني، ثم مليكي ووطني. أبقاكم الله لنا ذخراً، وحقق على أياديكم الرُقيّ والازدهار، والرفعة والانتصار، للمملكة والأمّة العربية والإسلامية.

أما تحيّتي الثانية، فأرفعها إلى صاحب السموّ الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، وليّ العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس الحرس الوطني، على كلِّ دَعْم قدّمه إليّ، وكلِّ مؤازرة لمستُها منه. كان لنا في الخُلق قدوة، وفي العمل مثالاً، وفي الشدائد مرشداً، وفي التضحية سباقاً. حفظه الله وأبقاه.

تحيّتي هذه أرفعها إلى صاحب السموّ الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود، النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، الذي كنت له جندياً مُطيعاً، وقائداً ملتزماً، ومنفذاً أميناً. منه تعلمت الكثير، وبِنُصْحه حققت المهامّ. لم أتردد، يوماً، في أَمْرٍ، ولم أتوانَ في مهمّةٍ. إنه نِعم الأب والمعلم، نِعم الناصح والسند، نِعم القائد والموجّه. دام لنا وللقوات المسلحة، موجّهاً وراعياً.

كُلّفت بقيادة قوات الدفاع الجوي، فوجدت أُسساً أرساها قادةٌ أفاضل من قَبْلي، ووجدت بنياناً يدلّ على جهود السابقين ممّن تقاعدوا، وجهود الحاليين. وبهمّة رجالها ونشاطهم ارتفعنا بالبنيان، تنظيماً وتسليحاً وتدريباً، حتى أصبحت قواتٍ متميزة، سلوكاً وعلماً، وعملاً واحترافاً.

تدانيها مرتبة، قوة الصواريخ الإستراتيجية، التي أُنشِـئت في صمت، فجاءت عملاقة. وتَدَرَّبَت خُفْية، فانطلقت قُدماً. أذهل العالم نبؤها، وأثار الرعب مولدها، وتحقق الردع بوجودها.

ثم جاء تشريفي قائداً للقوات المشتركة ومسرح العمليات، في موقف لم يتعرض لمِثله الوطن من قَبْل، وفي مهمّة لم يُكلَّف بها أحد من قبْل. فحملت الراية مع زملاء أُحسن اختيارهم، واستعنا بالعليّ القدير، والحمد لله سبحانه، وفّقنا في التقدير، فوضعنا الخطط، واستقبلنا حشوداً، لم يشهد مثلها العالم منذ الحرب العالمية الثانية، أتت إلينا من البر والبحر والجو، فتمّت قيادتها وتوجيهها، وأُستُكمل حشدُها بدقةٍ، وبلا ضجة. ترك رجال القوات المسلحة الأهل والولد، ووصلوا الليل بالنهار. عملوا في صمت، وتحركوا بحساب، بذلوا العَرق، وأصروا على السهر حماية للوطن، ودفاعاً عن العِرض والشرف، حتى أتت لحظة النداء، ودَنت ساعة الجهاد، فانطلقنا نستعيد الخفجي، ونلقّن المعتدي درساً لن ينساه. طَهّرنا تراب الوطن، ورفعنا جميعاً راية لا إله إلا الله عالية خفاقة، وهكذا سَـلِمَ الوطن.

وأتى واجب الحق والعدل، حق الجار وشرف الجوار، فمضى رجال القوات المسلحة السعودية، تساندهم قوات من الدول العربية والإسلامية والصديقة، يحققون المهمّة، وينفّذون الوعد، ويردّون الظلم، ويرفعون القهر، ويطلقون الحرية الأسير، فتحررت الكويت الشقيقة، وعلَت البسمة وجوه شعبها، وعادت الشرعية إلى وطنها، هكذا أُدِّيت الأمانة وحُققت المهمّة، ورُفعت رايات النصر. هكذا كان رجال القوات المشتركة، عاصفة الصحراء بحقٍ، وسيف الحقِّ عن قوةٍ، ودرع العدل عن اقتدار.

إخواني رجال القوات المسلحة السعودية

إن كلَّ ما ذكرتُ، هو التحية لكم، هو إعزاز الوطن بكم، هو نظرة قادتِنا إليكم وأملهم فيكم، فأنتم طموح المستقبل، وإشراقة الغد، يرونه فيكم، وينتظرونه منكم، لتكون رايتنا خفاقة يحملها قائد بعد قائد، وجيل بعد جيل، إنها سنّة الحياة، وعجلة الزمن.

أما تحيّتي الآن، فهي لرجال قوات الدفاع الجوي، وقوة الصواريخ الإستراتيجية، ولرجال القوات الجوية والقوات البحرية، وتشكيلات القوات البرّية، التي كان لي شرف قيادتها، ولكلّ من شاركنا من قوات الحرس الوطني، وقوات الأمن العام وأجهزة الدولة المختلفة، وللمتطوعين من الشعب السعودي الأصيل، تحية الأب لأبنائه، تحية الأخ لإخوته، تحية الزميل لزملائه، لهم جميعاً تقديري على ما أعطوا، وشكري على ما قدموا، وامتناني على ما ضحوا، لم أحقق شيئاً إلاّ بهم، ولم أنجز عملاً إلا بجهدهم، ولم أُحرز نصراً إلا بعَرقهم، فليواصلوا ما بدأوا، وليحافظوا على ما شيدوا، ولينظروا إلى الغد، ولا يلتفتوا إلى الأمس، إلاّ لاستخلاص عِبرة أو تعلم درس، وما يسعدني هو تَقَدمهم، وما يفرحني هو رُقيّهم، وما يثلج صدري هو صدارتهم في أصعب المهامّ وأشقّ الواجبات، لهم منّي كلّ تحية وتقدير وامتنان.

 

الإخوة الأعزاء

أتمنى لكم جميعاً التقدم والتطور، والنجاح والنصر، بقيادة القائد الأعلى للقوات المسلحة، وسموّ وليّ عهده الأمين، وسموّ النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع والطيران والمفتش العام. وأشكركم من كلِّ قلبي على إقامة هذا الحفلة.

إلى الأمام دائماً، يا رفاق العمر، وزملاء السلاح، وشركاء النصر.

والسلام عليكم ورحمة الله.

ـــــــــــــــــــ