إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات صحية وغذائية / الموسوعة الغذائية المصغرة / الشاي





نبات الشاي




الشاي

الشاي

شراب الشاي من أقدم المشروبات، وأكثرها شيوعاً في العالم. ويُرجح أن معرفة الإنسان بهذا المشروب ترجع إلى الإمبراطور الصيني شين نانج [1](Shen-Nung) الذي كان مستلقياً ذات مرة في حديقته فوقعت بعض أوراق الشاي في إناء بجواره به ماء يُغْلَى، فشربه، فأُعجب بطعمه، فصار مشروبه المفضل، ثم راح ينصح ضيوفه ورعيته بشرب الشاي بعد غليه في الماء.

وقد انتشر نبات الشاي في اليابان، عام 600، عن طريق الصينيين من أتباع بوذا ، وعرفه الأوروبيون، عام 1610، وأُدخل إلى الأمريكتين عام 1650.

ويبلغ إنتاج العالم من الشاي سنوياً 2.6 مليون طن، تنتج الهند منه حوالي 720 ألف طن، والصين حوالي 600 ألف طن. ومن الدول المنتجة أيضاً سريلانكا وإندونيسيا وكينيا وتركيا، إلا أن معظم النبات المزروع يُصدَّر القليل منه فقط. وتختلف جودة الشاي ونكهته من مكان إلى آخر. وتُعدّ نكهة شاي سريلانكا من أكثر النكهات قبولاً.

وينتشر نبات الشاي في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية. أما في المناطق الباردة، فإنه ينمو ببطء شديد.

وأوراق نبات الشاي (اُنظر شكل نبات الشاي) خضراء غامقة اللون تتميز بشكلها البيضاوي وحوافها المشرشرة، وهو ينضج خلال 3 - 5 سنوات، فيُنتج أغصاناً يتكون كل منها من عدة أوراق، وبرعم واحد. وتُحصد تلك الأغصان يدوياً كل عام، وتنقل إلى مصنع قريب من الحقل لتصنيع الشاي، حيث تُبسط على أرفف، ثم يمرر الهواء من فوقها حتى تجف أوراقها تماماً. يتم بعد ذلك عصر الأوراق بين أسطوانتين، فيخرج منهما زيت يحمل رائحة الشاي المستحبة، لكنه سرعان ما يتأكسد، فيُتخلص منه حتى لا  يؤثر سلباً على مذاق الشاي المستحب. تُوضع الأوراق بعد ذلك في غرفة التخمر التي يتم فيها التحكم في درجتي الحرارة والرطوبة، فتحدث عمليات أكسدة طبيعية مصحوبة بتغيير اللون الأخضر إلى النحاسي، ثم البني القاتم المائل للسواد. ثم تُجفف الأوراق بعد ذلك في أفران خاصة.

و يوجد نوع ثانٍ من الشاي، يحتفظ فيه بلونه الأصلي يُطلق عليه الشاي الأخضر. وهذا النوع مستحب في جنوب شرقي آسيا. ويُصنع بتعريض أوراقه لبخار الماء، فيتوقف عمل بعض إنزيمات الأكسدة التي تغير اللون، فتبقى الأوراق خضراء كما هي. ثم تُعصر الأوراق بعد ذلك للتخلص من الزيت وتجفف في الأفران، دونما تعرض لمرحلة التخمر.

وهناك نوع ثالث من الشاي يُنتج في الصين وتايوان اسمه التنين الأسود (Oolong Tea) الذي  يُصنع مثل الشاي الأسود، إلا أن فترة تخمره تكون أقصر بكثير، ولذلك فإن تغير اللون يكون جزئياً ومحدوداً فقط.

ويُصنف الشاي طبقاً لحجم الورقة الناتج من التصنيع، فكلما كبرت الورقة ارتفع سعر الشاي، مع أن مذاق الشاي لا علاقة له بحجم الورقة بعد تصنيعها. وعليه فإن درجة شاي الأورانج بيكو (Orange Pekoe) التي تتميز بكبر أوراقها، تكون مرتفعة السعر، تليها درجة شاي البيكو (Pekoe)، ثم درجة البيكو سو شونج (Pekoe Souchong) أما بقايا أوراق الشاي صغيرة الحجم وفتاتها، فتستخدم في عمل أكياس الشاي (Tea Bags).


وتعود فكرة تعبئة الشاي في أكياس صغيرة إلى صاحب مقهى أمريكي بمدينة نيويورك يدعى توماس سوليفان (Thomas Sullivan) في عام 1904، حيث كان قد اعتاد أن يرسل عينات من أوراق الشاي في أكياس حريرية صغيرة بدلاً من العلب المعدنية، وفوجئ السيد سوليفان بازدياد الطلب عليها، الأمر الذي دعاه إلى أن ينتج الكثير منها، ثم انتشرت بعد ذلك، في أمريكا، وأوروبا، ثم العالم أجمع.

ومن الولايات المتحدة الأمريكية خرجت كذلك فكرة تقديم الشاي مثلجاً (Ice Tea) فقد ابتكر السيد ريتشارد بليشيندن (Richard Blechynden)[2]. طريقة لجذب زائري معرض لويزيانا التجاري(Louisiana Purchase) Exposition إلى جناحه، في يوليه عام 1904، بتقديم عينات مجانية من شراب الشاي الساخن، إلا أن الجمهور لم يقبل عليها نظراً إلى ارتفاع درجة حرارة الجو. فقام بتقديم شراب الشاي مُحلَّى ومُثلجاً. ووجد الزائرون فيه تلطيفاً لحرارة الجو العالية، فأقبلوا عليه بنهم شديد، وانتشرت عادة تقديم الشاي مُثلجاً بعد ذلك، منذ ذلك الحين.

وارتبط شراب الشاي ببعض الطقوس الدينية والمناسبات التاريخية، فمثلاً توجد حفلة  تشا ـ نو ـ يو (Cha- no- yo)، وهي حفلة تقليدية قديمة تقيمها طائفة بوذية في اليابان. ويقدم فيها الشاي بطقوس معينة، حيث تقام الحفلة في غرفة يطلق عليها غرفة الشاي. وفي كل غرفة يجلس المضيف مع خمسة من ضيوفه على الأرض المفروشة بحصير القش من نوع التتامي، حيث يقدم الشاي في فترات الراحة بين الصلوات والترانيم، ويقدم الشاي أولاً لأكثر المصلين ورعاً ثم الذي يليه، وتستغرق الحفلة عادة أربع ساعات. وقد نُقل هذا التقليد عن البوذيين في الصين الذين كانوا يعتقدون أن الشاي له فوائد صحية.

 وكذلك هناك حفلة شاي بوسطن الشهيرة التي تقام في السادس عشر من ديسمبر من كل عام، وتُحْيا فيها ذكرى ما حدث يوم 16 ديسمبر 1773، الذي كان سبباً في اندلاع شرارة الثورة الأمريكية على الحُكم الإنجليزي.

وقصة هذا اليوم تبدأ بحصول الشركة الهندية البريطانية على قروض مالية، ومزايا غير شرعية بموافقة من البرلمان الإنجليزي بعد أن شارفت على الإفلاس، الأمر الذي عدَّه الثوار الأمريكيون تصرفاً غير شرعي، ولا يراعي أصول المنافسة الشريفة بين الشركات، فتنكرت مجموعة من ثوار مدينة بوسطن في هيئة الهنود الحمر، وقاموا بإلقاء حمولة ثلاث سفن من الشاي تابعة للشركة الهندية البريطانية في مياه البحر، وذلك أثناء رُسُوّها في ميناء بوسطن (Boston Harbor)، الأمر الذي أثار حفيظة الحكومة البريطانية، حيث عدَّته تحدياً لأوامر التاج البريطاني، فأمرت بإغلاق ميناء بوسطن، وفرضت ضرائب باهظة على مبيعات الشاي في أمريكا.

ويحتوي الشاي على مادة الكافيين (Caffeine) المنشطة للجهاز العصبي المركزي والقلب بنسبة تراوح من 2.5-4.5%. أما القهوة التي اشتهرت بعلو نسبة الكافيين فيها، فإن تركيزه لا يتجاوز 1.5%. كما يحتوي الشاي على نسبة من حامض التنيك (Tannic Acid) القابض للأوعية الدموية، ويحتوي كذلك على بعض المركبات العطرية والزيوت.



[1] شين ناتج: حاكم الصين عام 2737 ق.م

[2] تاجر إنجليزي كان يعمل لترويج مشروب الشاي وسط الأمريكان