إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات صحية وغذائية / الموسوعة الصحية المصغرة / جهاز المناعة




أحد أعراض مرض الإيدز
مرض الذئبة الحمراء
نظام عمل الخلايا القاتلة
أعراض مرض الروماتويد
تورم الغدة الدرقية

مكونات الجهاز المناعي
نظام عمل الخلايا الأكولة
نظام عمل الخلايا التائية
الخلايا البائية والتائية
استجابة الخلايا التنفسية للأنتيجين
تأثير السيكلوسبورين على المناعة
طريقة التهام الخلايا الأكولة




جدول توصيف الأشكال

أولاً: نشأة وتطور جهاز المناعة

1. النشأة والتطور

اهتم الإنسان بالمناعة منذ أزمنة بعيدة، حين لاحظ أن بعض الأمراض، إذا أصيب بها الإنسان مرة واحدة لا يصاب بها نهائياً بعد ذلك، مهما تعرض للعدوى بها. وكان التفسير لذلك، وهو وجود ما يسمى بالمناعة في جسم الإنسان، ضد الإصابة بالمرض نفسه. وفي القرن العاشر الميلادي كان الأتراك هم أصحاب فكرة حقن الأصحاء بالمواد المستخلصة من البثور، التي يسببها مرض الجدري، للوقاية من ذلك الوباء، الذي اجتاح العالم كله حينذاك. ثم استطاع الصينيون تطوير هذه الطريقة، واستخدام تلك المواد من طريق الأنف بدل الحقن، وذلك لتقليل الآثار الجانبية، التي حدثت مع الحقن. واستمرت محاولات العلماء منذ ذلك الحين، حتى توصلوا إلى تطعيم الجدري في شكل مسحوق "بودرة" توضع على الجلد، ثم يشرط الجلد في ذلك المكان. ونجح هذا النوع من التطعيم، الذي نُقل إلى إنجلترا وأُطلق عليه Variolation، أي التطعيم باستخدام ميكروب الـ Variola، أو Smallpox  أي الجدري. ومع أن هذا النوع من التطعيم انتشر في العالم كله، إلاّ أنه كان له الكثير من الأعراض الجانبية، مثل التورم والاحمرار وارتفاع الحرارة. ولهذا، استخدم العلماء خلاصة البثور المستخلصة من جدري البقر Cow pox، وليس جدري الإنسان Small pox، بعد أن لاحظوا أن النساء اللاتي كن يحلبن الأبقار المصابة بجدري البقر، لم يصبن بوباء الجدري المنتشر آنذاك. ثم عرف الإنسان خلال القرن التاسع عشر الميلادي، أن تركيب الجزيء المعدي في فيروس جدري البقر، مطابق تماما لتركيب الجزيء المعدي في فيروس جدري الإنسان، ومن ثم فإن الأجسام المضادة Antibodies، التي ينتجها جهاز المناعة لأحدهما تمنع العدوى بالآخر.

ويرجع الفضل في اكتشاف علم المناعة الحديث، ولفت النظر إلى معظم نظرياته، إلى العالم الفرنسي الشهير لويس باستير، الذي اكتشف أن التلقيح بالبكتريا المضعفة، أو المقتولة، يحدث نوعاً من الوقاية، أو الحماية، التي أسماها باستير "التلقيح" Vaccination. وقد استطاع باستير اكتشاف طرق عديدة لإضعاف البكتريا، واستخدامها في التلقيح وتحضير الأمصال. ويُعد التحصين ضد مرض الكلب أو السعار، من أعظم إنجازات باستير.

ثم اكتشف العلماء حقيقة أخرى، هي أن حقن الحيوانات بالسائل، الذي يحتوى على سموم ميكروب الدفتيريا، أو ميكروب التيتانوس، ينتج عنه مصل يمنع حدوث هذه الأمراض إذا حقن في الإنسان. وأطلق على هذا المصل "مضاد السموم" أو Antitoxins. واستمرت التجارب بعد ذلك لاكتشاف التطعيمات المستخدمة حالياً، والتي أدت إلى منع انتشار عددٍ من الأمراض، مثل شلل الأطفال، والحصبة، والدفتريا.

ثم اكتشف الجهاز المكمل complement The، ودوره في قتل البكتريا، وكذلك دور خلايا الجهاز المناعي الأساسية، وهي الخلايا الليمفاوية البائية B-cell، المسؤولة عن إفراز الأجسام المضادة؛ والخلايا الليمفاوية التائية T-cell، المسؤولة عن مهاجمة البكتريا والتخلص منها والتهامها، أو إفراز مواد تقضى عليها. وجدير بالذكر أن الأجسام المضادة Antibodies، تُفرز حسب نوع الجزيء المعدي للميكروب Antigen، ويطلق عليه مولّد المضادات. وهذه الأجسام تنتمي إلى نوع من البروتينات يسمى جاما جلوبيولين Gammaglobuline، يسمى أيضاً Immunoglobuline، أو "البروتين المناعي"، ويختصر إلى رمز Ig، وهو مقسّم حسب المهمة الخاصة به، وحسب أماكن وجوده في الدم، أو في الجهاز الهضمي، أو خلافه، إلى أنواع عدة، هي: IgE, IgM, IgG,  IgA, IgD.

وتتكون الأجسام المضادة من أجزاء ثابتة وأجزاء متغيرة، ويحدث هذا التغيير على شكل تباديل وتوافيق، حسب نوع الميكروب؛ أي أن الخلايا البائية يمكنها تكوين ملايين الأجسام المضادة المختلفة عن بعضها. وقد ثبت إنها تساعد الخلايا الأكولة، وتزيد من فاعليتها، وهو ما يسمى "الأعداد للبلع" أو Opsonization، وهو مشتق من اللفظ اليوناني Opsono، ومعناه "أنا أعد الطعام". وتستخدم الأجسام المضادة، كذلك، في تحديد فصائل الدم المختلفة. كما اكتشف أن أحد الأجسام المضادة، وهو IgE، له علاقة وثيقة بالحساسية، وأن هناك خلايا ليمفاوية تسمى "الخلايا السائدة" Mast cell، لها القدرة في حالات الحساسية، على إفراز مواد كيماوية مثل الهيستامين Histamine. وهى تنطلق إلى الدم لتسبب كل أعراض الحساسية، التي يشعر بها المريض في بعض أمراض الحساسية، مثل حساسية الجلد، وحمى القش، والحساسية الصدرية.

2. جهاز المناعة   The Immune System

يتكون الجهاز المناعي في الإنسان، من خلايا كثيرة ومتعددة، مثل: خلايا الدم البيضاء والخلايا الليمفاوية، وهي تنتشر في كافة أعضاء الجسم، وخاصة في نخاع العظام والغدد الليمفاوية والغدة الصعترية أو التيموسية Thymus gland، وكما توجد خلايا في الأنسجة المبطنة للأمعاء والرئة والكبد والمخ وغيرهما من الأعضاء. (أُنظر شكل مكونات الجهاز المناعي)

ويتكون الجهاز المناعي من:

أ. النخاع العظمي Bone marrow

يعد النخاع العظمي، المصدر الرئيسي لإمداد الجسم بمكونات الدم، من كرات دم حمراء، وكرات دم بيضاء، وصفائح دموية، وخلايا ليمفاوية. ويرتبط هذا الإمداد، ارتباطاً وثيقاً بحاجة الجسم إلى هذه المكونات. والنخاع العظمي في العظام الطويلة، أو عظام الحوض، هو الأنشط في هذا المجال. ففي حالات فقر الدم "أنيميا" ونقص الهيموجلوبين مثلاً، يبدأ النخاع في إنتاج أعداد كبيرة من كرات الدم الحمراء، وبسرعة قصوى، أو هذا ما يجعل الفحص المجهري للدم يُظهر بعض كرات الدم الحمراء غير كاملة النمو، وهي تسمى الخلايا الشبكية Reticulocyte لاحتوائها على بقايا النواة، بينما لا تحتوي كرات الدم الحمراء الناضجة على نواة. وتنشأ جميع الخلايا، التي ينتجها النخاع، من الخلية الأم، التي تتشكل إلى عدة أنواع من الخلايا، كل منها له خط إنتاج منفصل لنوع محددٍ من الخلايا الحمراء أو البيضاء أو الصفائح. وداخل هذا الخط تتشكل الخلايا إلى أنواع محددة لإنتاج خلايا المناعة، التي تنمو وتخرج إلى الدم لتؤدي وظائفها المناعية. وتسمى هذه الخلايا "البائيـة" B - cell نسبة إلى الحرف B، الذي يبدأ به "نخاع العظام"  Bone marrow.

ب. الغدة الصعترية أو التيموسية Thymus gland

تقع هذه الغدة خلف عظمة القص في القفص الصدري، وهي تزداد في الحجم تدريجيا حتى سن البلوغ، ثم تضمر تدريجياً بعد ذلك. وهي تفرز هرموناً يساعد على إكمال نمو الخلايا الليمفاوية، التي أُنتجت في نخاع العظم. ويطلق على هذه الخلايا "التائية" T- cell نسبة إلى الحرف T، الذي تبدأ به الغدة الصعترية أو التيموسية Thymus gland.

ج. الغدد الليمفاوية والطحال Lymph nodes & Spleen:

بعد خروج الخلايا الليمفاوية من النخاع العظمى، ينقلها الدم إلى الأنسجة المختلفة وإلى الطحال Spleen. فتصل من طريق السائل الليمفاوي إلى الغدد الليمفاوية، الموجودة في أماكن مختلفة من الجسم، مثل أسفل الإبط، أو أعلى الفخذ، أو في الرقبة.  

وتبدأ هذه الخلايا في ممارسة عملها، بالتعرف على أي جسم غريب عن الجسم، يصل من طريق الدم، أو السائل الليمفاوي، لمحاربته، وحماية الجسم منه.

كما توجد تجمعات للخلايا الليمفاوية، في أماكن عديدة داخل الجسم، في الجهاز الهضمي والجهاز التنفسي واللوزتين؛ ولذا، يفضل عدم استئصال اللوزتين في سن صغيرة نظراً لدورهما المهم في مناعة الجسم.

د. خلايا الدم  Blood cells

توجد بالدم خلايا كثيرة خاصة بالمناعة، مثل الخلايا البالعة Phagocytic cells، التي تلتهم الأجسام الغريبة عن الجسم. وهي خلايا غير متخصصة في عملها، مثل الخلايا التائية أو البائية.

ومن أهم مكونات جهاز المناعة في الجسم:

(1) الخلايا البائية B- cells (أُنظر شكل الخلايا البائية والتائية)

هي نوع من الخلايا الليمفاوية، مسؤولة عن إنتاج الأجسام المضادة.

ويساعدها في عملها إفراز الخلايا التائية المساعدة T - helper cells، المسمى Lymphokines، الذي يساعد الخلايا البائية على إتمام النمو، وعلى إفراز الأجسام المضادة. وكذلك تساعدها خلايا الذاكرة Memory cells، وهي إحدى الخلايا التائية، في تكوين ذاكرة قوية تمكّنها من صناعة الأجسام المضادة بسرعة كبيرة، عند تعرض الجسم للميكروب نفسه مرة أخرى.

(2) الخلايا التائية T-cells (أُنظر شكل نظام عمل الخلايا التائية)

توجد أنواع كثيرة من الخلايا التائية، لكل نوع منها وظيفته الخاصة به. ومن أنواع هذه الخلايا:

(أ) الخلايا التائية المساعدة أو المنشطة T- helper cells

ووظيفتها مساعدة الخلايا البائية B- cell، على النمو وإنتاج الأجسام المضادة Antibodies، وكذلك التعاون مع الخلايا التائية السامة T-cytotoxic cells، المنوط بها، القضاء على الخلايا التي أصيبت بالعدوى الداخلية، بأحد الفيروسات أو الخلايا السرطانية.

كذلك تنّشط الخلايا الأكولة Macrophages، على إفراز أنزيمات خاصة تحتوي على مواد مثل الأنترفيرون Interferon، أو الأنترليوكين رقم 2 Interleukin-2، ويعقد العلماء آمالاً كبيرة على هذه المواد، في علاج مرض نقص المناعة المكتسبة، أو السرطان.

كما تُجمّع الخلايا التائية المساعدة الخلايا الأكولة في مناطق الحساسية، وتساعدها على التهام الكائنات الغريبة، وتقديمها، بعد ذلك، إلى الخلايا البائية أو التائية للقضاء عليها. وفي هذه الحالة، تسمى هذه الخلايا الأكولة، باسم آخر هو: "خلايا تقديم مولدات المضاد" Antigen presenting cells. (أُنظر شكل نظام عمل الخلايا الأكولة)

(ب) الخلايا التائية السامة T - cytotoxic

هي نوع من الخلايا، التي تهاجم وتتعرف على الميكروب، داخل الخلايا السرطانية، أو داخل الخلايا المصابة بأحد الفيروسات.

(ج) الخلايا التائية المثبطة، أو المانعة T-suppressor cell

يبلغ عدد الخلايا التائية المساعدة، تقريباً، ضعف عدد الخلايا التائية المثبطة، في الأحوال العادية لجهاز المناعة. ويبدأ عمل، هذه الخلايا المثبطة، بعد مهاجمة الجسم الغريب والقضاء عليه. فهي تنبه جهاز المناعة ليوقف نشاطه، حتى لا يستمر في مهاجمة الخلايا من دون فائدة، بل إن جهاز المناعة قد يهاجم ـ أحياناً ـ خلايا الجسم السليمة، مسبباً ما يسمى بأمراض المناعة الذاتية.

أما عن باقي خلايا الدم، التي لها دور في عمل جهاز المناعة، فهناك الخلايا البالغة Phagocytes وهي إحدى كرات الدم البيضاء التي تلتهم الميكروب أو الجسم الغريب الملتصق بالأجسام المضادة، وكما تلتهم كل الخلايا الناتجة عن مهاجمة الأجسام المضادة للميكروبات. (أُنظر شكل طريقة التهام الخلايا الأكولة)

(د) الجهاز التكميلي أو المتمم The Complement

يتكون الجهاز التكميلي من مجموعة من الأنزيمات، أو البروتينات، التي يزداد نشاطها، نتيجة لوجود جسم غريب بالدم، أو نتيجة لوجود الأجسام المضادة لهذا الجسم الغريب. وتتعاون هذه الأنزيمات البروتينية وتعمل معاً، بحيث يكون كل أنزيم هو العامل المنشط لتفاعل الأنزيم التالي، ولهذا يُسمى الجهاز المتمم أو التكميلي، لأن كل أنزيم، ينشط ويتمم عمل الأنزيم والتفاعل التالي له. وهذه المجموعة من التفاعلات، تشكل الأضلاع الثلاثة للحرف الإنجليزي Y، حيث تسير التفاعلات في اتجاه معين، في حالة وجود الجسم المضاد بالدم أو تسير في الاتجاه الآخر، في حالة عدم وجود أجسام مضادة بالدم. وكلا الاتجاهين يلتقيان في النهاية، بتنشيط المركب البروتيني المكمل رقم 3 C3، وبعد ذلك تسير التفاعلات في اتجاه واحد مشترك، نحو الجزء الذي ينتهي به فرعى حرف Y. وتسمى تلك السلسلة المتصلة من التفاعلات، "التفاعل المتسلسل"  Cascade التي نتيجة كل تفاعل فيها، هو العامل المنشط لإجراء التفاعل الذي يليه. ويقوم الجهاز التكميلي بعملية تمييز وإظهار للجسم الغريب أو الميكروب، حتى تستطيع الخلايا البالغة التعرف عليه بسهولة وتقديمه لجهاز المناعة. كذلك يقوم بإعداد هذا الجسم للبلع Opsonization وبعملية الجذب الكيميائي للجسم الغريب Chemotaxis، إلى مناطق تجمع الخلايا البالغة، وأحيانا، يقوم بتحليل وتدمير الميكروب بنفسه Cell lysis، دون انتظار للخلايا البالغة.