إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات صحية وغذائية / الموسوعة الصحية المصغرة / جهاز المناعة




أحد أعراض مرض الإيدز
مرض الذئبة الحمراء
نظام عمل الخلايا القاتلة
أعراض مرض الروماتويد
تورم الغدة الدرقية

مكونات الجهاز المناعي
نظام عمل الخلايا الأكولة
نظام عمل الخلايا التائية
الخلايا البائية والتائية
استجابة الخلايا التنفسية للأنتيجين
تأثير السيكلوسبورين على المناعة
طريقة التهام الخلايا الأكولة




جدول توصيف الأشكال

سابعاً: المناعة وعلاقتها بالأمراض السّرطانية

الخلية السرطانية، هي في الواقع، خلية طبيعية في جسم الإنسان، وتنقسم انقساماً طبيعياً إلى خليتين، تحملان عدد الكروموسومات Chromosomes نفسها، الموجودة في الخلية الأصلية. ولكن تحدث استجابة مناعية لبعض التغيرات، التي تتعرض لها الخلية، تؤدي إلى حدوث طفرة في تركيبها الجيني، وفي ترتيب الأحماض النووية بالخلية DNA، فيؤدي ذلك إلى تحول الخلية الطبيعية إلى خلية سرطانية، لا تنقسم بانتظام، وإنما تنقسم بصورة عشوائية جنونية، لتنتج عدداً من الخلايا، لا يحتاج إليها الجسم، وتسبب الورم السرطاني.

1. الأسباب المناعية لحدوث الأمراض السرطانية

أ. وجود جينات تسبب السرطان Oncogens

اكتُشف أكثر من مائة جين منها حتى الآن، وهي عبارة عن جين وراثي، حدثت به طفرة أدت إلى أن يختلف عن الجينات الطبيعية، التي تحدث انقساما طبيعيا في الخلية، ونسخ الحامض النووي بطريقة سليمة، وبترتيب مطابق لترتيبه في الخلية الأصلية. وعند حدوث هذه الطفرة في الجين، يؤدي ذلك إلى حدوث انقسام غير طبيعي في الخلية، ونسخ الحامض النووي بطريقة غير سليمة، وبترتيب يختلف عن الترتيب الموجود في الخلية الأصلية، ما يؤدي إلى حدوث ورم سرطاني.

ب. توقف عمل الجينات المثبطة للأورام Tumor Suppressor Genes

تؤدي الجينات المثبطة للأورام، والمكتشف منها حوالي خمسة عشر نوعاً حتى الآن، دوراً مهماً في تكوين الأورام السرطانية. فهذه الجينات، التي توجد بشكل طبيعي في الخلية، مهمتها الأساسية هي وقف عمل الخلايا السرطانية. فإذا حدث بها أي تغيير أو طفرات، انعدم تأثيرها، ويصبح الانقسام السرطاني العشوائي مستمر دون توقف أو تحجيم. ويزداد نمو الورم السرطاني. وقد استطاع العلماء، من طريق دراسة هذه الجينات، ومعرفة ترتيب الأحماض بها، وتركيبها، تحديد مدى انتشار السرطان، ونسبة الشفاء منه، وإمكانية علاجه.

ج. الشفرة الوراثية Genetic Code

يوجد داخل النواة بكل خلية الحامض النووي DNA، وهو يمثّل الشفرة الوراثية، أو البصمة الجينية، وهي عبارة عن ترتيب معين لأحماض أمينية، وبروتينات. وإذا أختلف أحدها في الترتيب عن الآخر، يحدث ما يُسمى بالطفرة. ويؤدي ذلك إلى تغيير في الصفة الوراثية، والوظيفة المسؤول عنها هذا الجين، فيُحدث أمراضاً وراثية، وتشوهات خلقية، وأوراماً سرطانية، وذلك حسب شكل ووظيفة ومكان هذا الجين.ويوجد بالخلية حوالي مائة ألف جين يعمل منها 10% فقط، والباقي في حالة خمول، ولكنه قد ينشط في أجيال لاحقة بعد ذلك.

وقد تركّزت جهود العلماء في البحث عن الجين المعيب، الذي يسبب المرض، وأمكن التوصل إلى معظم هذه العيوب، وأماكن وجودها، بل حاول العلماء إصلاح ترتيب الأحماض الأمينية بالخلية، من خلال الهندسة الوراثية، ومن ثم يصبح علاج الأمراض الوراثية ممكناً.

  واستطاع العلماء اكتشاف أنزيمات لإصلاح الحامض النووي، تُسمى DNA Repair Enzymes وهي تقدم علاجاً فورياً لأي خلل يحدث بالخلية، في ترتيب الأحماض النووية وشكلها، لكي تظل الخلية تؤدي عملها بصورة طبيعية. ولكن إذا ضعف تأثير هذه الأنزيمات بسبب ملوثات البيئة، والأدوية، والمواد المسببة للسرطان، وأشعة الكومبيوتر، والتكنولوجيا الحديثة، تزداد نسبة حدوث الأخطاء أثناء الانقسامات، ما يؤدي إلى أن تعمل هذه الأنزيمات فوق طاقتها، فتقع منها أخطاء أثناء عملية نسخ الحامض النووي DNA، وتسبب الأورام السرطانية.

2. علاقة المناعة بالأمراض السرطانية

يؤدي جهاز المناعة دوراً حيوياً في مراقبة الخلايا السرطانية والقضاء عليها، لأنه يعدها خلايا غريبة عنه، يجب التخلص منها. ويؤدي هذا الدور الخلايا الآتية:-

أ. الخلايا القاتلة الطبيعية Natural Killer cells: NK cells (أُنظر صورة نظام عمل الخلايا القاتلة)

وهي خلايا متخصصة، مهمتها الأساسية القضاء على الخلايا السرطانية، أو الخلايا التي هاجمتها الفيروسات، وأدت إلى حدوث تغيير خلوي بداخلها. وتؤدي هذه الخلايا مهمتها عندما يكون جهاز المناعة قوى، والمواد المناعية تفرز جيداً، أما إذا كان هناك ضعف أو نقص في الجهاز المناعي، أو أثناء تناول أدوية، تؤدي إلى تثبيط الجهاز المناعي، فلا تقوم هذه الخلايا بعملها.

ب. الخلايا التائية T-cells

وهي تمثل خط الدفاع الثاني في القضاء على الخلايا السرطانية، كلما ظهرت في مكان بالجسم.

ج. الخلايا البالعة Phagocytic cells

تبتلع الخلايا السرطانية، وتقضي عليها، وأحياناً تفتت الخلية السرطانية، وتخرج جزءاً منها على السطح، لتقضي الخلايا التائية النشطة عليه. وقد اكتشف العلماء بعض المواد، التي تقلل من نشاط الخلايا البالعة، وتفرزها خلايا سرطانية، حتى تسنح لها الفرصة في الهروب، من الخلايا البالعة.

ويحفّز ظهور الخلايا السرطانية، التي تحمل صفة جينية تختلف عن الصفات الجينية الموجودة في الخلايا الطبيعية بالجسم، جهاز المناعة، على إفراز بعض الأجسام المضادة، والمواد السامة القاتلة لهذه الخلايا، ومن ثم يصبح ظهور هذه المواد في الدم مُعيناً على الكشف المبكر عن السرطان. وقد لاحظ العلماء أن بعض الخلايا السرطانية تظهر في الجنين، ويكوّن الجسم أجساماً مضادة لها، ثم تختفي هذه الخلايا والأجسام المضادة بعد الولادة مباشرة. ولكن وجودها مرة ثانية، يكون دليلاً على أن الخلايا السرطانية، نشطت مرة أخرى. وتسمى هذه المواد "بدلالات الأورام السرطانية".

وقد يحدث التغيير للصفة الجينية في الخلايا المصابة، بسبب مواد كيميائية، أو إصابة بفيروسات، ويمر هذا التغيير بثلاث مراحل هي:

(1) تغيير في حامض نواة الخلية DNA، بواسطة المؤثرات الكيميائية، كالأدوية، أو المواد الحافظة المضافة للأطعمة، أو بواسطة مؤثرات بيولوجية، مثل الفيروسات، أو بعض أنواع الفطريات، والبكتريا، والطفيليات.

(2) يؤدي التغيير في حامض نواة الخلية، إلى زيادة نشاط الخلية وتحفيزها، مع تغيير في البصمة الجينية.

(3) تبدأ الخلية في الانقسام العشوائي المطرد، وتستمر عملية النمو، والانقسام، حتى يؤدي ذلك إلى ظهور الورم نفسه، أو ظهور أعراض بسبب ضغط هذا الورم على ما حوله، ويكتشف في مرحلة متأخرة. لذا، يمثل الورم السرطاني، المرحلة الأخيرة من مراحل متعددة، ومستمرة على مدى زمني، يختلف باختلاف نوع السرطان، ومكانه. ولهذا فاستخدام الدلالات الخاصة بالكشف المبكر على السرطان Tumor Markers، تؤدي إلى سرعة علاجه.

3. العوامل التي تساعد الخلايا السرطانية على الهروب من الجهاز المناعي:

أ. عمر المريض

إن من أهم عوامل حماية الجسم من السرطان، وجود جهاز مناعة على مستوى معين من الكفاءة ومكتمل؛ لهذا تكثر الإصابة بالأورام السرطانية في السن الصغير، لأن جهاز المناعة يكون غير مكتمل النمو، وكذلك عند الكبر، حيث تقل كفاءة الجهاز لكثرة التعرض للتلوث البيئي، وضعف الخلايا عامة عند تقدم العمر.

ب. أمراض نقص المناعة واستخدام الأدوية المثبطة للمناعة

وسواء كانت "نقص مناعة طبيعية"، بسبب أمراض وراثية، أو "نقص مناعة مكتسبة"، فإن قلة عدد الخلايا بالجهاز المناعي، تسمح للخلايا السرطانية بالهروب والنمو والانقسام. كما ينطبق ذلك على الأدوية المثبطة للمناعة.

ج. نوع الخلايا السرطانية

تتسلل بعض أنواع الخلايا السرطانية، بحيث لا يشُعر بها الجهاز المناعي في أول ظهورها، ثم تصل بعد ذلك إلى حجم كبير تصعب معه سيطرة الجهاز المناعي عليها. كما أن بعض الخلايا السرطانية تفرز مواد معينة مثبطة للمناعة، من طريق تقليل إفراز الأجسام المضادة، وتعوّق عمل الخلايا البالعة، أو الخلايا الليمفاوية.

د. مولدات المضادات وتحويرها

مع وجود الأجسام المضادة يحدث تحوير لهذه المولدات، أو اختفائها داخل جدار الخلايا السرطانية، مما يفقد الخلايا المناعية القدرة على التعرف على هذه الخلايا. كذلك، قد يحدث تغيير في الصفة الجينية في فترة معينة أثناء نمو الجنين، ثم يتوقف ذلك، ويتعرف جهاز المناعة على هذه الخلايا الغريبة. ثم تنشط هذه الخلايا خلال فترات أخرى من العمر، فلا يعدها الجسم غريبة، ولا يعترضها فتنمو وتنقسم، وتكوّن أوراماً. ومن العوامل التي تؤثر على زيادة نمو الخلايا السرطانية كذلك، حقيقة خاصة بالمواد البروتينية، التي تستهلكها الخلايا السرطانية في النمو والانقسام، ومن ثم فإن نقص هذه المواد يؤثر بالسّلب على الكفاءة المناعية مما يساعد على زيادة ونمو الخلايا السرطانية وانتشارها.

4. الهندسة الوراثية والسرطان

أتاح التقدم المذهل في علوم الهندسة الوراثية الفرصة أمام العلماء، لدراسة الحامض النووي DNA، واكتشاف أجزاء خاصة في نهاية الكروموسومات تسمى Telomers، أي تكرار الشفرة الوراثية؛ بمعنى أن الترتيب المعين من الصفات والشفرات الوراثية يتكرر عدة مرات، وتسمى هذه التعددية، أو التكرار، تكرار الشفرة الوراثية أو Telomers. وعندما تنقسم الخلية، فإنها تفقد ما بين خمسة إلى عشرين من هذه القطع المتكررة. ولذلك يقل هذا العدد مع كل انقسام، ويصبح العدد الذي تحمله كل خلية من هذه القطع المتكررة، هو العامل المحدد لعمر الخلية، والوقت المتاح لحياتها، وتنقسم، وتفقد هذه القطع.

إن هذه القطع، أو أجزاء الحامض النووي الموجودة في نهاية الكروموسومات، هي التي تحدد عمر كل خلية، قبل أن صيبها الشيخوخة، بل وموتها في حالة فقدها هذه القطع نهائياً. أما الخلايا السرطانية، التي تستمر في الانقسام والتكاثر إلى ما لانهاية، فقد أثبتت الأبحاث أنها تفرز أنزيماً معيناً يسمى Telomerase enzyme، له القدرة على عمل نسخ كثيرة جداً من قطع الشفرات الوراثية، كي تحل محل القطع التي تفقدها الخلية أثناء الانقسام. ولعل هذا الاكتشاف يعطى مراكز الأبحاث الخاصة بالسرطان، مدخلاً لمحاولة علاج هذا الداء اللعين من طريق اكتشاف دواء يمنع إفراز هذا الأنزيم، الذي يجعل الخلية تنقسم عشوائيا، وبلا توقف، ومن ثم لا ينتشر الورم كثيراً بل يصبح في مكان محدد يمكن استئصاله، أو علاجه، دون انتشاره في الجسم كله، وهذا هو أحد مجالات البحث لمعرفة الترتيب الجينى لهذا الأنزيم، وإنتاج ما يمنع عمله، وإفرازه.

5. الأمراض السرطانية وعلاقتها بشوارد الأكسجين الحرة Free Oxygen Radicals

من المعروف أن الأكسجين يوجد في صورة ثنائية، أي ذرتين أكسجين معا لتكون جزئ الأكسجين O2، وعند احتراق الغذاء وتوليد الطاقة تنتج ذرات أكسجين حرة، ليست في صورة جزيئيه ثنائية. ويؤثر وجود ذرات الأكسجين، أو شوارد الأكسجين الحرة، على جهاز المناعة، ويقلل من كفاءته بصفة عامة، ومن مقاومته للسرطان بصفة خاصة. وكذلك يسبب ضموراً بالأعصاب، وأمراض المناعة الذاتية، وأمراض القلب والشرايين. وقد اكتشف العلماء مواد تمنع الأكسدة Antioxidants، فتمنع ـ تبعاً لذلك ـ وجود الأكسجين في هذه الصورة الطليقة المدمرة.

ومن أمثلة هذه المواد فيتامين A ، وفيتامين C ، وفيتامين E. ومن نتائج الدراسات في هذا الموضوع ما يلي:

أ. ازدياد نسبة حدوث الأورام السرطانية، مع زيادة كمية الدهون في الغذاء، لأن المواد الدهنية تزيد من كمية الشوارد الحرة في الخلايا. ويبدو ذلك في كثرة حدوث السرطان بين مرضى السّمنة والدّول المتقدمة.

ب. انخفاض نسبة الأورام السرطانية مع تناول جرعات عالية من فيتامين E هـ بانتظام، لأنه من موانع الأكسدة؛ وكذلك الحال مع فيتامين A أ وفيتامين C ج، الذي يستخدم ليس فقط لمنع حدوث السرطان، بل في علاجه كذلك.

ج. ازدياد نسبة حدوث الأورام السرطانية، عموماً، مع تقدم العمر يعطى انطباعاً بأن السبب وراء حدوث الشيخوخة، والسرطان يرجع إلى أصل واحد، هو وجود هذه الشوارد الحرة.