إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات صحية وغذائية / الموسوعة الصحية المصغرة / التنويم المغناطيسي









نشأة التّنويم المغناطيسي

أولاً: نشأة التّنويم المغناطيسي

"المغناطيسية" ـ من الناحية العلمية ـ قوة خفية تُحدث انجذاباً في بعض الأجسام كالحديد، والنيكل، والكروم، وما شابه. وهى من حيث وجودها تشبه الكهرباء، كقوة غير منظورة تؤثر في الأجسام الحية. وقد توصل العلماء إلى أن الجاذبية الكهربائية والمغناطيسية، قوة موجودة في داخل الأجسام الجامدة والنباتية والحيوانية، كوجود الروح داخل الأجسام الحية، لكنها لا تُرى، ولا تُلمس، إنما يظهر تأثيرها فقط، كما يظهر تأثير الهواء من حيث الإحساس بالحرارة والبرودة على جسم الإنسان.

وحين تكون هذه القوة الخفية موجودة في الإنسان، فإن تأثيرها يكون أعظم وأغرب فعلاً، لأن الإنسان مخلوق خصه الخالق بسلطان التأثير على سائر الكائنات. وعلى ذلك، فإن علم التنويم المغناطيسي، هو ذلك العلم الذي يظهر فيه تأثير القوى النفسية في غيرها من الكائنات الأخرى. ويُشار هنا إلى أن للنفس البشرية قوة يُقال لها "قوة الإرادة"، باستطاعتها ـ إذا وجدت في شخص محدد ـ أن تأتي بالخوارق من الأفعال. فالنفس البشرية إذا صفت من أدرانها، وخلصت من الاشتغال بالقوى الأخرى، وانحصرت انفعالاتها في قوة الإرادة انحصاراً كلياً، ثم توجهت هذه الإرادة توجهاً نفسانياً، فكل شئ يريده الإنسان يظهر له، ولو كان ذلك الشيء في أعماق البحار، أو وراء الجبال، أو في الأفلاك المحيطة بالكون.

وأول باب لهذه القوة هو "الفراسة"؛ فالإنسان إذا وجه قوة نفسه الإرادية، باتجاه شخص آخر، وكانت نفسه لا شاغل لها إلاّ ما في نفس ذلك الشخص، ثم عطل كل حركة فكرية لديه، بحيث تصفو نفسه فوق مستوى عالم المادة، فإنه يستطيع أن يُخبر بما في ضمير ذلك الشخص، كأنه شئ ظاهر أمام عينيه ظهور الأشياء الحسية العادية، التي تُدرك بحاسة البصر والعين المجردة.

ولّما كانت النفس البشرية ذات نفوذ وتأثير قويين على الجسد كله، فإنها قد تستخدم أجزاء من الجسد تتلاءم مع حركة قوتها ونفوذها، كأن تستخدم العين، مثلاً، للوصول إلى تأثيرها في الأشياء الخارجية. ومن هنا يُلاحظ أن العين هي الواسطة التي تتخذها النفس من أجل الوقوف على ما خفي عنها، وللسيطرة على ما هو أقوى منها. فالحيوان المفترس إذا أبصر فريسته، فإنه يبعث الرعب في قلبها بواسطة النظر إليها، ثم يسيطر على الفريسة بقوة النظر المنبعثة من نفسه، وبما أن النفس البشرية هي أرقى وأقوى من نفوس الكائنات الأخرى، فإنها، ولاشك، أشد تأثيراً في الإنسان، مثل ما يحدث في التنويم المغناطيسي. ذلك أن لكل إنسان حالات مختلفة من الشعور، تتغير بتغير المؤثرات المحيطة به، وفي التنويم المغناطيسي يمر التّابع أولاً بمرحلة اضطراب الأفكار، ثم تصير الأفكار أحلاماً، ثم ينام نوماً خفيفاً، يعقبه نوم عميق.

1. تعريف التنويم المغناطيسي

عرّف العلماء التنويم المغناطيسي بأنه: حالة نفسية يقبل فيها العقل الباطن الإيحاءات الموجهة إليه بسهولة، ويعمل على تحقيقها بقوة تفوق القوة العادية؛ ذلك أنه في حالة التنويم المغناطيسي يكون العقل الواعي، الذي نعرفه، معطلاً، وهنا تكون الفرصة سانحة لأن يصل الإيحاء إلى العقل الباطن، دون عائق.

كما عرّفه آخرون، بأنه: إحداث حالة لا تختلف من الناحية الفسيولوجية عن حالة النوم العادي. والفرق بين النوم الطبيعي والمغناطيسي، هو أن الطبيعي يقوم به الإنسان بنفسه، أما المغناطيسي، فلا بد أن يحدثه مُنَوِّم موثوق فيه من التابع كما يختلف عن التخدير، الذي هو نوم ينجم عن تقنيات كيماوية. وأما الظواهر التي تحدث أثناء التنويم فمرجعها خيال النائم، وعقله الباطن، الذي يتأثر بالإيحاءات التي يلقيها إليه المنوِّم، ويعمل بموجبها. فحالة التنويم تتعلق بالنائم، وتقوم في عقله الباطن فقط. أما القوة المغناطيسية التي يحوزها المنوِّم، فيتجلى أثرها في سرعة إحداث التنويم، وقوة الإيحاء الصادرة عنه.

كما عُرّف بأنه: نوم ناقص ينجم عن الإيحاء المغناطيسي، وليس نوماً كاملاً. نوم يسترخي فيه الشعور، ولكنه لا يشرد، فيظل الشخص محتفظاً بقدرته على التركيز والانتباه، أما مداركه الحسية فتبقى قائمة ولا تفقد العضلات حيويتها قط، الأمر الذي يتيح للشخص النائم مغناطيسياً المشي والنهوض وأداء بعض التصرفات الأخرى. ويعرّف التنويم المغناطيسي، بحالة الاستيقاظ من النوم الليلي، مع فارق أن المنوّم يستجيب للإيحاءات، ويبدي ميلاً للموافقة عليها. وخلال النوم المغناطيسي يُظهر الشخص النائم قدراً كبيراً من الانصياع نحو الشخص المنوِّم، فيجيب على الأسئلة، ويمتثل لبعض الأوامر، التي يجب أن تنفذ بعد الرّقاد المغناطيسي، وغالباً ما يتم ذلك، لأن تلك الأوامر تُحفظ في عقله الباطن، أثناء النوم، ثم تأمره بتنفيذها، حال الاستيقاظ.

2. حقائق عن التنويم المغناطيسي

أ. التنويم المغناطيسي لا ينجم عنه أي ضرر أو خطر، إذا مارسه شخص مدرب مثقف في هذا الفن، وأهل للثقة، وذو أخلاق.

ب. لا يمكن تنويم أي شخص مغناطيسياً، رغماً عن إرادته.

ج. لا ينشأ عن التنويم المغناطيسي أية أمراض عصبية، أو هستيريا، على الإطلاق، بل على العكس يمكن اتخاذ التنويم وسيلة لعلاج بعض هذه الحالات.

د. التنويم المغناطيسي ليس صراعاً بين إرادة المنوِّم، وبين الشّخص المراد تنويمه، بل هو اتحاد مسبق بين الإراديتين لإحداث حالة التنويم. وليس هناك ما يمنع من أن تكون إرادة النائم أقوى من إرادة المنوِّم، ومن ثم لا صحة لِما يشاع بأن إرادة النائم ضعيفة، ولذلك خضعت لإرادة المنوِّم، الأقوى منها.

هـ. أكثر الناس قابلية للتنويم هم الأصحاء جسدياً وعقلياً. ولا صحة لما يشاع بأن الأشخاص ذوي الإرادة الضعيفة هم أكثر قابلية للتنويم من غيرهم. وقد دلت الاختبارات أن المعتوه لا يمكن تنويمه، لأنه لا يملك قوة التركيز، المطلوبة لعملية التنويم.

و. النائم مغناطيسياً لا يسترسل في الكلام فيبوح بأسرار نفسه، أو بجرم ارتكبه، أو أي شئ آخر، بدليل أن بعض المنوِّمين كانوا يعرفون مسّبقاً أن مرضاهم ارتكبوا جريمة معينة، فلما سألوهم، وهم في حالة التنويم المغناطيسي عن جريمتهم، لم يبوحوا بسرهم مطلقاً، بل كانوا يرفضون الإجابة على السؤال رفضاً باتاً، أو يجيبون بشكل يضلل المنوِّم.

ز. ليس صحيحاً أن التنويم المغناطيسي يضعف إرادة النائم. والواقع أن الاستغراق في النوم المغناطيسي ليس له من أثر، أكثر مما للنوم العادي لمدة مماثلة.

ح. لا يمكن دفع النائم مغناطيسياً إلى القيام بما يتعارض، مع مبادئه الثابتة.

كما أن الشخص النائم مغناطيسياً لا يقوم، على وجه العموم، بأي عمل مناف للأخلاق، وإذا طُلب منه أن يأتي بما يشبه هذه الأعمال، فإنه يستيقظ وقد أصيب بصدمة شديدة. وإذا حدث أن استجاب بعض الأشخاص لهذه الإيحاءات، فإن التحليل النفسي يؤكد أن هؤلاء الأشخاص يميلون إلى هذا النوع من الأعمال، ويمارسونه فعلاً، أي أنهم يفعلون أثناء التنويم ما تعودوا فعله قبل التنويم.

فإن كان النائم ذا صفات طيبة، وخصائص خلقية حميدة أثناء اليقظة، فإنه لن يخالفها في حال النوم، ذلك أن ضمير النائم يظل معه، وما يمتنع عنه عقله الظاهر، لا يمكن أن يقبل به عقله الباطن. وهذه حقيقة أكدت التجارب صحتها بما لا يقبل الشك، وإن حدث خلاف ذلك، ففي الغالب يكون، ثمة اتفاق مسّبق بين المنوِّم والنّائم.