إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات صحية وغذائية / الموسوعة الصحية المصغرة / التنويم المغناطيسي









التنويم المغناطيسي والإيحاء

ثالثاً: التنويم المغناطيسي والإيحاء

كان يعتقد قديماً في إمكانية تنويم الشخص رغماً عنه، ولكن ثبت عدم صحة ذلك. وبوجه عام، فالشخص المصاب بالهستيريا، قابل للتنويم المغناطيسي بسهولة فائقة. وهذا لا يعني ـ بداهة ـ أن كل شخص قابل للتنويم، هو ـ بالضرورة ـ مصاب بالهستيريا.

وقد أثبتت التجارب أن الشخص المنوّم، لا يفقد مطلقاً سيطرته الإرادية، ونتيجة لذلك لن يرد دون تبصر على كافة الأوامر، التي يصدرها إليها المنوَّم".

وتتمثل القدرة الكبيرة للتنويم المغناطيسي، في إمكانية لتعويضه عن التخدير الكيماوي؛ أما القدرة الأساسية الأخرى، فتتمثل في الإيحاء التنويمي، الذي قد يساعد على تفادي الآلام التي تصاحب العمليات الجراحية.

1. الإيحاء

يجب عدم الخلط بين الإقناع والإيحاء؛ فالإقناع هو التوجه إلى العقل، ومحاولة الحصول على الموافقة الإرادية والواعية بالإقناع، وهو يحدث ما إثر مناقشة واعية، تقنع الطرف الآخر طواعية.

أما الإيحاء، فهو حالة يقبل بها الطرف الآخر دون مناقشة، أو إبداء الأسباب؛ وهي طريقة مغايرة تماماً، تحتم تجاوز الوعي والعقل، والتوجه نحو اللاوعي. وينجح الإيحاء إذا ما فقدت الإرادة القدرة على المقاومة. ويتطلب الإيحاء، وجود ظروف خاصة، وغالباً ما يتطابق مع فكرة موجودة في أعماق الفرد، و يهدف إلى خلق حالة غير واقعية، ينجم عنها الفعل.

إن الاستعداد الذهني، الذي يؤدي إلى احترام الأوامر بسهولة تامة، ودون مناقشة، هو ما يسمي بالإيحائية، أو الاستعداد الإيحائي، ويتضح في حالات متعددة، مثل:

أ. السّذاجة، أو سرعة التصديق، في بعض الأشخاص المستعدين لتقبل كل شئ، غير أنها ليست الإيحائية بمعناها الصحيح.

ب. حالات الاختلال العابرة، مثل التعب الشديد والإنهاك العصبي وكافة الاضطرابات الانفعالية، التي تؤدي إلى فقدان السّيطرة على الذات، والانفعالية الشديدة.

ج. الحالات التي يكون فيها المنطق والعقل في حيرة من أمرهما، فينتصر الإيحاء الانفعالي في مثل هذه الظروف.

2. شروط الإيحاء

إذا كان الإيحاء شيئاً خاصاً، فإن شروطه يجب أن تكون خاصة هي الأخرى. ولا يمكن للإيحاء أن يتحقق إلاّ في مثل تلك الشروط.

أ. الإيحاء المعتاد نسبياً

يعتمد الإيحاء المعتاد على حالة عجز واستسلام مؤقتة، يحدثها التّنويم. ويجب ألا يتم رفض فكرة الإيحاء، باستخدام العقل والإرادة. وقد يكون الإيحاء أحياناً متوافقاً مع شعور مسّبق في اللاوعي للشخص المعني؛ ومثال ذلك ما نراه من إيحاء، في كل حالات التنويم العادية.

ب. الإيحاء المرضي

تعكسه حالة فتاة في الحادية والعشرين من عمرها، تتعرض إلى مرض شديد نتيجة لوفاة والدتها. فكانت ترفض شرب ماء الصنبور لأنها تعتقد أنه لا يُخرج ماء، بل دماً أحمر. وقد بدأ هذا الإيحاء الذاتي، أو هذه الهلوسة لديها، عندما رأت انسياب الماء قطرة قطرة، كما سال الدم من شفتي والدتها. فقد تحول الإيحاء الذاتي إلى فكرة ثابتة متسلطة. والفكرة المتسلطة هي أحد أشكال الإيحاء الذاتي في أقصى حالاته. ويعد التنويم المغناطيسي الأرضية المثالية لزراعة الأفكار المتسلطة، في دماغ شخص ما، إذ يمكن من طريق التنويم المغناطيسي، إقناع المنوّم بفكرة أو إيحاء من المُنَوِّم، ويقتنع بها النائم اقتناعاً متسلطاً وشديداً، بحيث تتحول إلى إيحاء ذاتي؛ أي يعدها إيحاء ذاتياً، وليست إيحاء معتاداً أو خارجياً، ويستيقظ من نومه والفكرة متسلطة عليه، ويستمر ذلك حتى بعد انتهاء عملية التنويم.

ج. الفكرة المتسلطة

يمكن عدّها فكرة تعيش بصورة "طفيلية"، داخل النفس الإنسانية؛ وهي تمتلك ما يكفيها من القوة والاستقرار، للقضاء على الأفكار الأخرى كافة. وليس هناك أي نقاش أو إبداء أسباب يمكنهما طرد الفكرة المتسلطة، التي تبدو وكأنها صخرة راسخة.

وهناك آلاف الأفكار المتسلطة، بدءاً بالحالات الشاذة البسيطة، وانتهاءً بالأفكار المرضية المتطرفة. وقد تفرض هذه الأفكار سيطرتها على الفرد لفترات تطول أو تقصر، وفي حالات خاصة قد تستمر مدى الحياة، وتسبب للمحيطين بالشخص تعاسة شديدة؛ فهناك آلاف الأفكار المتسلطة، التي قد ترسخ في الدماغ البشري.

والأفكار المتسلطة إما أن تكون عادية أو شاذة. وتنجم الفكرة المتسلطة ـ عادة ـ عن اللا شعورية. وتعد كافة حالات الاستحواذ من الأفكار المتسلطة الأكثر شيوعاً، وكذلك أكثر حالات الضيق النفسي، والهوس الشديد، واستحواذ فكرة الجنون الشائعة جداً، واستحواذ الخوف الخ.

ويعد العصر الحاضر، المثقل بالإرهاق النفسي، وحالات الكبت والانفعالات العصبية، أرضية مثالية لظهور هذه الأفكار المتسلطة، التي يمكن أن تنال أي فرد.

الكبح داخل الفكرة المتسلطة

يُعد الشّخص، الذي يركز على مشكلته في نظر بعض الناس "شارداً"؛ بينما الحقيقة غير أنه ليس شارداً: إنه مكبوح. وإذا كان هذا الشخص لا يلحظ شيئاً، فالسبب أنه غير قادر عصبياً على رؤية، أو سماع، أي شئ أخر سوى ما هو مهتم به؛ لأن كافة المراكز العصبية في دماغه، التي لا تعمل في المشكلة متوقفة. وفي حالة الفكرة المتسلطة، فإن الخلايا المتوقفة لا تستطيع ـ بالتأكيد ـ إظهار الردود الضرورية! ولا تُحدث الرسائل الخارجية أي رد فعل.

وينبغي أن يُفرّق بين الفكرة الطاغية المؤقتة، والمرتبطة بالحالة البدنية والذهنية للفرد، في لحظة ما، والتي تنتهي ـ عادة ـ بانتهاء المؤثر الخارجي، وبين الفكرة المتسلطة المرضية، التي تعني وجود شئ ما في حالة الشخص، أتاح بقاءها وذلك بسبب الإيحاء.

وقد تكون الفكرة المتسلطة

(1) واعية: فالشخص يعرف جيداً أنه مصاب بالفكرة المتسلطة، لأنه يقاومها بعقله، دون أن ينجح في إيجاد حل.

(2) لا واعية: وهي الفكرة المتسلطة المتولدة بواسطة الإيحاء التنويمي. وعلى كلٍ، فإن السبب الذي يسمح بظهور الفكرة المتسلطة هو دائماً "لا واعٍ".

والتنويم المغناطيسي قد يولّد فكرة متسلطة، على الأقل لدى بعض الناس، ولكن ليس كل من أُصيب بها قد تعرض للتنويم المغناطيسي.

3. الإيحاء الذاتي

الإيحاء الذاتي مثله مثل الإيحاء، يأتي من الآخرين، وهو وسيلة ممتازة لتربية الفعل والإرادة. والإيحاء الذاتي المبني جيداً، يولّد في اللاوعي طاقات جديدة، ويجمع فيه إيضاحات جديدة. وهو وسيلة جيدة لتوسيع مدارك الشخصية وتعزيزها. وهو يتيح تصحيح العيوب الوجدانية.

وينبغي أن يُعد الإيحاء الذاتي كصيغة تأملية، وليس نوعاً من التركيز. فالتأمل هو ابتعاد للنفس وانفتاح استسلامي هادئ، وهو يتيح دخول الأفكار والأحاسيس دون جهد؛ بينما يعد التركيز جهداً موجهاً إلى نقطة محددة، وهو يجعل قسماً من الدماغ في حالة رقاد، وهو يستبعد بذلك من تلقاء نفسه مئات الأحاسيس، التي قد تكون ذات فائدة.