إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات صحية وغذائية / الموسوعة الصحية المصغرة / التنويم المغناطيسي









الأحوال الملائمة للتنويم المغناطيسي

رابعاً: الأحوال الملائمة للتنويم المغناطيسي

1. القابلية للتنويم المغناطيسي:

استطاع الدكتور برايد أن يثبت، أن ظواهر التّنويم المغناطيسي لم تنشأ من تلقاء نفسها، بل ترجع إلى الإيحاءات الذاتية، التي يوجهها النائم إلى نفسه، أو إلى تدريب المنوِّم للنائم.

كما أثبت أن إغلاق العينين في التنويم ليس ضرورياً، بل يمكن إحداث التنويم والعينان مفتوحتان؛ وكذلك فإن الأطراف لا تتبع غلق العينين، بل تحتاج إلى إيحاء خاص بها. والظواهر التي تبدو في درجات السّبات، ترجع إلى إيحاء المنوِّم إلى النائم، أو إيحاء النائم إلى نفسه، لأن الأشخاص الذين ينامون مغناطيسياً يعتقدون أن التنويم هو النوم عينه، والنوم عندهم معناه النسيان عند الاستيقاظ. وفي بعض الأحيان عندما يتذكر النائم عقب استيقاظه ما حدث أثناء التنويم، فإنه يؤكد أنه لم ينم.

2. المؤثرات الملائمة للتنويم المغناطيسي

يحتاج التنويم المغناطيسي إلى جوٍ خالٍ من المؤثرات، التي تستفز الحواس وتنبهها وتشتت الانتباه. كما يتطلب راحة تامة للجسم وهدوءاً كاملاً للعقل. فمن العوامل، التي تحول دون حدوث التنويم: شدة الضوضاء، أو الأكل حتى التخمة مباشرة قبل التنويم، أو الانفعالات النفسية، مثل الحزن الشديد أو السعادة الطاغية، أو كأن تكون القاعة شديدة الحرارة، أو شديدة البرودة، أو يكون النور قوي الإشعاع فيبهر الأبصار، حتى وإن كانت العيون مغمضة، أو يكون الجو كثير الرطوبة، أو يكون الشخص المنوّم مدمناً للكحول، أو المشروبات الروحية، أو المنبهات كالقهوة والشاي وغيرها.

أما توافر الهدوء العقلي والجسمي، والنور الخفيف، والموسيقى الهادئة، والأنغام العذبة، والزهور والورود العطرة، وغيرها من العوامل المهدئة للأعصاب، فهي تساعد على تأمين أجواء ملائمة للنوم المغناطيسي بسرعة ودرجة كافية. ويُعد التأثير القائم على وتيرة واحدة من غير تنوع، بمثابة مخدر يسكّن نشاط الحواس، ويجعل عمليات العقل هادئة. كما يجعل الإنسان يتحرر من سيطرة الإرادة والفكر الوعي. ومن أهم تلك العوامل:

أ. الاسترخاء والتركيز

يُساعد الاسترخاء الجسدي على أن يكون العقل حراً، فيتخلص الإنسان من حالة التوتر. ولتحقيق ذلك لابد من الأتي:

(1) اختيار مكان هادئ وثابت، لأن التعود على المكان نفسه في كل مرة، يعطي تأثيراً مريحاً مطمئناً.

(2) تحديد الوضع المريح للجسد، سواء على فراش أو كرسي أو على الأرض "وهي أفضل الأشياء"، لأن ألفة الوضع والمكان يساعد الأعصاب على التحرر.

(3) التحرر من أي ثياب ضاغطة قد تحد من عمق التنفس، و فك الأزرار والأحزمة، وخلع النعال والجوارب والنظارات والساعات، وأي شئ قد يمنع الاسترخاء.

(4) محاولة إفراغ الفكر من أي مشاغل، وتركه يتجول في حرية، والامتناع عن التفكير في المشاكل.

(5) إذا لم تنجح محاولات الاسترخاء أعلاه، يُعمد إلى تركيز العينين على مكان عالٍ، مع العد حتى الرقم خمسة أثناء الشهيق، ثم العد حتى الرقم خمسة أثناء الزفير.

سبب ذلك أن الاهتزازات المنتظمة للجهاز التنفسي، توصل إلى الاسترخاء العميق، والانجراف في حالة تشبه النوم، تكون فيها العينان مقفلتان، والجفون ناعمة هادئة، الفكان في حالة ارتخاء، والشفتان بالكاد تتلامسان، والأسنان منفرجة، واللسان مسترخياً بقاع الفم، والرقبة مرنة، والأكتاف ثقيلة، والذراعان مرتخيتان، والتنفس هادئ ومنتظم. وتسمي هذه الرحلة: "التنويم الذاتي".

ب. الصلة العاطفية

ينبُع التحفظ والقلق ـ عادة ـ من عملية التنويم المغناطيسي من عاملين أساسيين، هما: الخوف من انتقال السيطرة إلى المنوِّم، والقلق حول الخروج من حالة التنويم؛ لذلك تكون الثقة في المنوِّم أمراً مهماً لنجاح عمله.

وللحصول على أفضل النتائج، لا بد من وجود صلة عاطفية، واتصالات عقلية متميزة، بين المنوِّم والتابع، الذي يميل إلى الخوف والشك، فعلى المنوِّم أن يوحي لتابعه بالثقة والرغبة في المساعدة، ليجعله أكثر قابلية للعمل والاستجابة.

وتعتمد القدرة في الاستفادة من الإيحاء، على الوصول إلى مستوى الإغفاءة للبدء في عملية التنويم المغناطيسي. ويحتاج الوصول إلى تلك المرحلة، إلى إلغاء الشك والمقاومة، لأنها توجد القلق، وتمنع العقل من الاسترخاء اللازم للتنويم. والتعاون من جانب التابع ضروري، إذ لا أحد يمكن أن ينوم تنويماً مغناطيسياً، ضد إرادته.

لذلك، فعلى المنوِّم أن يكون أقل سلطة، وأكثر تعاطفاً، مع التابع، لأن التنويم ليس معركة للإرادة بين الاثنين، بل هي حالة يجب أن يعملا فيها معاً بانسجام، وتلعب العواطف دوراً قوياً في عملية التنويم، ولهذا تبدأ الإيحاءات، غالبا، باستدعاء العواطف اللطيفة في التابع.

3. الفرق بين التركيز في حالة اليقظة، والتركيز في حالة التنويم المغناطيسي:

يكون التركيز العادي في حالة اليقظة ـ غالباً ـ على مادة أو مشكلة من الخارج، بينما خلال التنويم يكون العقل معكوساً، ويفكر بشكل كامل في مشكلة من الداخل، بل ويمعن في إبعاد أي تدخل لتأثير خارجي. ففي حالة اليقظة يُهْدر كثير من الناس طاقاتهم العقلية، في محاولة السيطرة على حالات خارج سيطرتهم. مثل، الحوادث، والضرائب، والعداوة... الخ.

إن تركيز القوى العقلية والشعورية على أهداف يمكن إدراكها، يمنح الإنسان الروح التي يحتاجها ليصل إلى غايته.

إن التركيز يصفّي العقل، ويفتح الباب إلى الإبداع غير المحدود الذي يمتلكه الناس جميعاً، بينما عدد قليل هم الذين يستخدمونه؛ وتبقى المواهب الكامنة مدفونة، ما لم نركّز طاقة عليها.

فالرسام أو الشاعر مكتملاً، يبدع فقط عندما ينجح في حصر تفكيره مباشرة إلى نقطة إبداعه، تاركاً ما عدا ذلك بعيداً عنه. فالاكتشافات العظيمة تحدث دائماً مع التركيز العميق، وخلال أحلام اليقظة، أو أثناء النوم، أو في حالة استرخاء العقل. أما التركيز الإجباري في حالة اليقظة فلا يجدي، لأن الشخص يميل إلى إيجاد الحل بإلحاح. ولكن عندما يركز الشخص قواه العقلية خلال فترة تأمل، فإنه يكتشف قوى عقلية خفية تدهشه أحياناً. وتتميز العقول المبدعة، بشكل عام، بامتلاكها القدرة على الانسحاب من العالم الخارجي، إلى العالم الداخلي. وهي عندما تفعل ذلك، تكتسب بصيرة وحكمة تقودها إلى إنجازات عظيمة. وكانت الصفات المشتركة بين المبدعين والمكتشفين والعباقرة والمشاهير والقادة والناجحين، هي:

أ. الرغبة في النجاح، دافعاً قوياً ومستمراً.

ب. الإدراك التام لما يريدون تحقيقه، باعتبارهم مفكرين إيجابيين و يطبقون مبدأ الإيحاء الذاتي لإيجاد حلول.

ج. استخدام الخيال بطريقة خلاقة، والاسترخاء بتمعن، والتركيز بعمق، خلال فترات التأمل.

وقد استُخدم التنويم المغناطيسي الذاتي بنجاح، لإصلاح وتعديل عادات سيئة واسعة الانتشار، ولتوجيه حياة الناس في اتجاهات أفضل.

4. عملية التأثير

يتعمد التأثير على تركيز التابع في شئ خارجي، أو داخلي. ففي التركيز الخارجي، يُطلب من التابع أن ينظر إلى جسم ثابت أمامه، كالقلم مثلاً، ثم يطلب منه أن يغلق عينيه ويبدأ في العد من وإلى أي رقم يختاره المنوِّم. أما ي التركيز الداخلي، فيطلب من التابع أن يركز على شئ جسدي، كالتنفس العميق، أو الاسترخاء.

وهناك طرق عديدة للتأثير، منها

أ. التأثير بطريقة الإصبع

في هذه الطريقة يضع المنوِّم إصبعه على جبهة التابع ، ويأمره بتتبع الإصبع بعينه، أثناء تحريكه إلى قمة الرأس، وفي اتجاهات مختلفة.

ب. التأثير بالتثبيت على بقعة

يختار التابع بقعة في السقف، مثلاً، ويدقق فيها، ويستمر في النظر إليها مع الاسترخاء التام. ويصاحب ذلك إصدار الإيحاءات من المنوِّم إلى التابع.

ج. التأثير بطريقة الضوء الوامض

في هذه الطريقة يتحقق إغلاق العين بالتحديق الثابت، على نقطة بها ضوء وامض ثابت، أثناء قيام المنوِّم بالإيحاءات.

د. التأثير السريع

في هذه الطريقة يضع المنوِّم يديه على كتفي التابع وهو واقف، وينظر في عينيه، بينما يهز كتفيه برقة شديد من جانب إلى آخر، ويصدر إليه الإيحاءات. وتطبق هذه التقنية على التابعين سريعي التأثر، الذين سبق تنويمهم مغناطيسياً من قبل.

هـ. التأثير بطريقة إدارة الرأس

في هذه الطريقة يغمض التابع عينيه، ويضع المنوم إحدى يديه على جبهة التابع، والأخرى على مؤخرة رأسه، مع إدارة الرأس ببطيء، وترديد الإيحاءات، مع سحب اليد حتى تسقط رأسه إلى الأمام على صدره، ويستمر في ترديد الإيحاءات، لكي يتعمق التابع أكثر.

وعندما يفشل التابع في أن ينام تنويماً مغناطيسياً، يصبح تنويمه مرة أخرى مهمة أشق وأصعب. وذلك لأن جميع طرق التأثير يجب أن تُطبق بعقل، آخذين في الاعتبار العوامل الأخرى، مثل مظهر الموحي، وكون التابع قد نوم مغناطيسياً قبل ذلك أم لم ينوّم.

و. التأثير باستخدام طرق أخرى

يوجد عدد من طرق التأثير، مثل: التحديق المباشر، واللمس، والصوت، واستخدام مهدئ وغيرهما.

5. تقنيات التعميق

هناك طرق عديدة لتعميق التنويم، وذلك من طريق تنبيه الوعي، وإيجاد نوع من التغيير في عقل التابع. ويتحقق ذلك بطرق كثيرة، مثل: إعادة التأثير بالطريقة نفسها، واستخدام السبورة أو المرآة، ورفع اليد والضرب، أو استخدام أسلوب الصّدمة، أو إعطاء بعض الأدوية، التي تستخدم لتعميق الإدراك.

6. درجات التنويم المغناطيسي

لا يمكن الفصل بين درجات التنويم المختلفة بخطوط واضحة صريحة، لأنها تختلط بعضها ببعض اختلاطاً كبيراً، وتقوم بينها روابط متنوعة لا يمكن فصلها. وتوجد ثلاث درجات رئيسية للتنويم المغناطيسي، أولها درجة التخشب، ثم درجة السّبات العميق، وأخيراً درجة اليقظة النومية.

وهناك رأي آخر يقسّم درجات التنويم إلى ستة مستويات، ينجرف التابع فيها من مستوى إلى آخر، خلال جلسة واحدة، بينما يصل آخرون إلى درجة واحدة ولا يستطيعون التعمق أكثر. وفي معظم الحالات يصل التابع إلى مستوى متوسط من التنويم المغناطيسي، بعد جلستين أو ثلاث، ويزداد ذلك العمق خلال الجلسات التالية. والمستويات الستة، هي:

أ. مستوى الإحساس بالنوم الجسدي

في هذا المستوى يحدث ثقل في العضلات، واسترخاء في الأعصاب، ونعاس.

ب. مستوى النوم المغناطيسي الخفيف

وفيه تحدث استجابة عقلية للإيحاء، مع ميل العيون للخلف، ويستجيب التابع للإيحاءات، التي يركّز فيها العقل.

ج. مستوى النوم المغناطيسي المتوسط

في هذا المستوى يكون التابع مسترخٍياً بعمق شديد، لا يستطيع القيام بأي استجابة عضلية عندما يُطلب منه ذلك، ولن يتكلم إلاّ بالإيحاء.

د. مستوى النوم المغناطيسي العميق

يحدث، أحياناً، "فقدان ذاكرة جزئي" عند الاستيقاظ، ويمكن الإيحاء في هذا المستوى أيضا بعدم الشعور بالألم، كما تعمل كذلك الإيحاءات البعد تنويمية.

هـ. المستوى الخامس

وفيه يمكن حدوث "فقدان ذاكرة كامل"، وكذلك تحدث هلوسة إيجابية، مثل الارتداد للطفولة وخلافه.

و. المستوى السادس

يُعد المستوى من المستويات الخطيرة، التي تستخدمها أجهزة الاستخبارات ومكافحة الجاسوسية، وكما تستخدمها الجماعات الإرهابية، لأن التابع قادر على الهلوسة السلبية، مثل إزالة معلومات مسجلة، أو ما يُسمى "غسيل المخ"، وتنفيذ الإيحاءات البعد تنويمية كأوامر غير قابلة للنقاش، أو الرفض.

وفي المستويات الثلاثة الأولى، يتذكر التابع كل شئ قاله المنوِّم المغناطيسي، ويشك الكثيرون فيما إذا كانوا منوِّمين حقاً. وتستخدم هذه المستويات، أحياناً، في تصحيح بعض العادات كالتدخين، والبدانة، والأرق، أو لتخفيف الألم وتعديل السّلوك المرضي.

أما المستويات الثلاثة الأخيرة من التنويم المغناطيسي، فلا يتذكر فيها التابع، ما قيل أثناء وجوده تحت تأثير التنويم المغناطيسي. وهذه المراحل الأعمق مفيدة في المجالات الطبية، مثل الجراحة، والولادة، وعلاج الأسنان.

ز. طرق السيطرة على التابع

يحدد المنوِّم المغناطيسي ما إذا كان التابع، الذي سيعمل معه، مستسلماً أو مشاكساً مسيطراً. وهذا يحدد اختياره للطريقة، التي سوف يعمل بها، والصفة العاطفية للصوت في إعطاء الإيحاءات، لوضع التابع تحت سيطرته. ويتم هذا من طريق:

(1) مبدأ الإخضاع

وفيه يُصدر المنوِّم المغناطيسي إيحاءات مباشرة، ويتحدث ببطء ووضوح، كما لو كان يتحدث إلى طفل. ويُستخدم هذا الأسلوب مع النوع المستسلم المطيع، الذي اعتاد على تلقي الأوامر.

(2) مبدأ الاختيار

وفيه يستخدم المنوِّم المغناطيسي طبقة أنعم في الصوت، ويطلب من التابع أن يتخيل ويتصور، ويُستخدم هذا الأسلوب مع النوع المشاكس، لأنه أقل قدرة على تقبل الأوامر؛ لذا فعلى المنوم أن يكسب ثقته أولاً. إن نجاح عملية التنويم، يتوقف على الثقة المتبادلة بين التابع والمنوِّم، ويتحقق ذلك تدريجياً، ويرى بعض المنوِّمين أن قوة التنويم المغناطيسي تتأثر إلى حد كبير، بموافقة التابع العقلية.

ح. التنويم المغناطيسي والأمواج الدماغية

للدماغ قدرة على تغيير اهتزازاته، وعلى التأثير على الأعمال اللاإرادية للأعضاء الداخلية. وتقسّم الوظائف الجسدية إلى نوعين: إرادية وغير إرادية. وعن طريق أجهزة رسم المخ حُددت الموجات الدماغية الآتية:

(1) أمواج بيتا Beta Waves

وهي حالة تيقظ وانتباه جسدي، يكون فيها العقل والعواطف في حالة استجابة للأحاسيس، ومعظم أوقات اليقظة، يقضيها الإنسان في هذه الحالة.

(2) أمواج ألفا Alpha Waves

وهي غفوة خفيفة واسترخاءً جسدياً، وفي هذا المستوى ينخفض التوتر ويحدث تباطؤ في نبض الجسم.

(3) أمواج ثيتا Theta Waves

هي مرحلة يمر بها الإنسان عند بداية النوم، وعند الاستيقاظ، أي هي مرحلة بداية النوم وقرب انتهائه، ويكون التابع في هذه المرحلة أثناء عمليات التنويم المغناطيسي.

(4) أمواج ديلتا Delta Waves

هي مرحلة النوم العميق، والأحلام. وهي فترة هدوء روحي وتجديد للخلايا، ومن دون نوم كاف في هذه المرحلة، يعاني الشخص من "حرمان النوم" أو "الأرق".