إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات صحية وغذائية / الموسوعة الصحية المصغرة / التنويم المغناطيسي









عملية التنويم المغناطيسي

سادساً: عملية التنويم المغناطيسي وإيقاظ النائم

من الثابت أن التنويم المغناطيسي موهبة غير قابلة للانتقال، وعلم له نظرياته وحقائقه، وفن له أساليبه، وهو يتطلب علاوة، على ذلك، صفات خاصة، وتنمية قوى محدودة تكفل لصاحبها النجاح.

فمن العوامل الرئيسية، الخاصة بعملية التنويم المغناطيسي ما يلي:

1. المنوِّم

لا يستطيع كل شخص ممارسة التنويم المغناطيسي، مع أن المغناطيسية الحيوانية موجودة حول الناس جميعهم، لأن هناك شروطاً ومواصفات لا بد من توافرها فيمن سيقوم بهذا الدور، أهمها أن يكون سليم البنية، صحيح الجسم، حاد الذكاء، هادئ الطباع، ثابت القلب، خفيف الحركة، قوي الإرادة، ذا هيبة ووقار، صادقاً في أعماله، واثقاً من نفسه ومن نجاحه، حتى يستطيع أن يؤثر في الأشخاص، الذين لديهم استعداد للنوم المغناطيسي. وعلى المنوِّم أن يباشر عملية التنويم بصبر شديد، ولا يكثر من طرح الأسئلة على الوسيط، الذي قد يتألم أحياناً من هذه الأسئلة. وكذلك على المنوّم ألاّ يستهزئ من الوسيط أمام الجمهور، وأن يراعي الآداب العامة وقواعد الأخلاق، فلا يأمر وسيطة بعمل شئ مغاير للآداب العامة والأخلاق. ولا بد أن يجعل فترة النّوم قصيرة قدر الإمكان، وأن يكرر على النائم قبل الاستيقاظ، أنه سوف يكون أحسن حالا، لأن ذلك يؤثر في النائم بعد استيقاظه.

2. مكان عملية التّنويم

تحتاج عملية التّنويم إلى الهدوء التام، والصمت الكامل، وخصوصاً عند الابتداء، ويُفضّل أن يكون المكان بعيداً عن الضوضاء الخارجية، وجيد التهوية. وأن يكون كرسي الوسيط ذا مسندين، ومريحاً للظهر، ويسمح للقدمين بالاستناد على الأرض براحة، وأن تكون الغرفة قليلة الأثاث. أما كرسي المنوم، فلا بد أن يكون أعلى من كرسي الوسيط، لتعميق فكرة السّيطرة. وقد يُستخدم مؤثرات خارجية، مثل البخور والموسيقى والضوء السّريع والمتقطع.

3. ظواهر التنويم المغناطيسي

أ. الجفون

يُعد إغلاق الجفون أول تغيير عضلي يطرأ على النائم مغناطيسياً، ويحدث ذلك إما فجأة أو بالتدريج، ويبقى عادة جزء منها مفتوحاً. وتظل الجفون عديمة الحركة، وفي حالة ارتعاش مستمر. وإذا بقيت العينان مفتوحتين أثناء التنويم، فإنهما لا يعطيان أي تعبير.

ب. التخشب

وهو حالة من انقباض عضلات الجسم وتصلبها، التي قد تُرى أحياناً في التابع حين يبقى جسمه معلقاً في الفضاء، فلا ينثني. وفي بعض أحوال التنويم تكون الأطراف قابلة للثني عند المفاصل، وتحتفظ بالمركز والوضع الذي يعطى لها. وكان يُعتقد أن حالة التخشب التنويمي خطرة، ولكنها في الواقع خالية من كل ضرر، وتزول بعد انتهاء عملية التنويم.

ج. أداء الحركات

يؤدي التابع الحركات المطلوبة منه، كأن يسوق حصاناً أو سيارة، أو يجمع ثمراً، أو يحرك يديه حركة دائرية الواحدة حول الأخرى، فيستمر في أداء العمل أو الحركة، ولا يتوقف إلاّ بأمر من المنوِّم. ويزيد الإيحاء من قواه العضلية، فيحمل أثقالاً لا يستطيع حملها، وهو في حالة اليقظة. كما يمكن له أن يتخذ أوضاعاً جسمية غير مريحة، دون أي أثر للإجهاد أو التعب.

د. النبض و التنفس والحرارة

يكون النبض عادة سريعاً بسبب الانفعالات التي يشعر بها التابع. وكما أن الإيحاء يمكن أن يزيد من سرعة النبض أو يُبْطِئه، وكما يزيد من سرعة التنفس، أو يمكن إبطاؤه أو وقفه بصورة مؤقتة. أما درجة حرارة الجسم، فهناك أقاويل كثيرة حول إمكانية الإيحاء رفع أو خفض درجة الحرارة موضعياً، وفي أماكن محددة من الجسم.

هـ. الدموع

يمكن أن يجعل للإيحاء النائم مغناطيسياً، يبكي، بسبب حالة عاطفية، أو انفعال شديد.

و. الحواس

يستطيع الإيحاء أن يزيد من قوة الحواس، مثل حاسة البصر، فيمكن للنائم أن يقرأ حروفاً صغيرة منعكسة على نظارة، أو عينيّ المنوِّم. وكما يمكن للإيحاء أيضاً أن يؤثر على حاسة السمع، فيجعل التابع يسمع أصواتاً دون الأخرى. كما أن الشم يمكن أن تزداد قوته بالإيحاء إلى درجة أن التابع يستطيع أن يتعرف على شخص محدد، بين عدة أشخاص، بواسطة حاسة الشم فقط. أما اللمس والإحساس فمن الممكن أن يزداد بالإيحاء إلى حد أن التابع يستطيع أن السّير في الظلام، أو معصوب العينين، دون اصطدام، وأن يحس الفروق البسيطة جداً في درجات حرارة أجسام مختلفة. ومن الممكن بالإيحاء إيقاف حاسة التذوق، وإقناع التابع أن يشرب الماء المالح على أنه شراب لذيذ الطعم. وكذلك من الممكن أن يقتنع التابع بأنه فقد الإحساس، أو أنه يشعر بكل شيء عدا الألم، ويستخدم هذا الأسلوب أثناء العمليات الجراحية، كبديل عن التخدير.

ز. الشهية

من الممكن الإيحاء بالشّبع أو الجوع أو العطش، بل يمكن علاج حالات فقد الشهية بهذا الأسلوب.

4. حالات التّنويم المغناطيسي

للتنويم المغناطيسي ثلاث حالات:

أ. حالة عدم الحركة Catalepsy

تتميز هذه الحالة بعدم حركة النائم، وتصلب الأعضاء، على الرّغم من إدراكه لكل ما يحدث حوله. وهي الحالة الأولى في مراحل التنويم. وقد يكون النائم مفتوح العينين، ويستجيب لأوامر المنوم مثل رفع اليد وإبقائها مرفوعة حسب رغبة المنوِّم، ولأي فترة دون تعب أو انزعاج أو حتى رضا. ويكون إيقاظ النائم من هذه الحالة، بالأمر المباشر بالاستيقاظ.

ب. حالة النوم العميق Lethargy

تتميز هذه الحالة بالخمول والنوم العميق، وفيها يسمع النائم كل ما يدور حوله، وهي تُعد المرحلة الثانية من مراحل التنويم، التي لا يمكن الوصول إليها دون المرور بالحالة الأولى، (حالة عدم الحركة Catalepsy) وفيها يغلق المنوّم عيني النائم، الذي يفقد مباشرة تصلب أعضائه، ويرتخي جسده تماماً، ويصبح مثل الميت. ومن الغريب أنه يستجيب في هذه الحالة للأوامر، التي قد تضره، مثل كتابة وصية أو الإيحاء بشهادة زور في المحكمة مثلاُ، أو ارتكاب جريمة بعد اليقظة، أو غير ذلك من التعهدات.

ج. حالة المشي أثناء النوم Somnambulism

وهي الحالة التي يستطيع فيها النائم أن يتكلم ويمشي ويفعل كل ما يؤمر به، ولكن عندما يستيقظ لا يتذكر شيئاً مما حدث له. وللدخول في هذه الحالة Somnambulism، يفرك المنوّم جبهة النائم لمدة ثلاث دقائق، عندما يكون في المرحلة السابقة "Lethargy".

وفي هذه الحالة يأتي النائم بأفعال مدهشة، تفوق ما يفعله الإنسان وهو مستيقظ، وذلك حسب أوامر المنوّم، كأن يرسم مثلاً، كرسام محترف، أو يصور كمصور ماهر، أو يخطب كخطيب متمرس بلسان فصيح، وفي أي موضوع يختاره له المنوِّم. ويأكل السّكر على أنه ملح، ويشمئز منه، وكما يأكل الملح بلهفة وشهية كأنه سكرٌ.

وبعد أن يمر النائم بالحالات الثلاثة للتنويم، فأنه يصل إلى ما يُسمى "حالة الارتباط" التي لا يشعر فيها إلاّ باللمس أو الصوت الصادر عن المنوِّم فقط، وذلك بواسطة التيار المغناطيسي، المتصل بينهما.

5. إيقاظ النائم

إن عملية إيقاظ النائم، أو التابع، هي الجزء السهل في عملية التنويم المغناطيسي؛ فلم يحدث قط أن فشل أحد في الاستيقاظ من هذه العملية، حتى إن كان المنوِّم تحت التدريب، أو عديم الخبرة، لأن التابع ببساطة سيستيقظ وحده، وبشكل طبيعي، ودون إيحاء من المنوم للقيام بذلك.

وقد يحدث الاستيقاظ في اللحظة التي يتوقف فيها المنوِّم عن الكلام، أو يغادر فيها الغرفة. وفي الغالب فإن الطريقة الشائعة بين المنوِّمين، هي أن يأمر النائم بالاستيقاظ مباشرة، مع التربيت على الخد، أو العد حتى يكون الاستيقاظ تدريجياً، أو النفخ في الوجه، أو التصفيق بجانب الوجه. وقد يمرر بعض المنومين اليد على الجفنين، مع تكرار الأمر بالاستيقاظ.

وإيقاظ التابع أفضل من انتظار يقظته تلقائياً، لأن هناك بعض التابعين الرافضين للخروج من شعور الإغفاءة النشيطة والخفيفة، مما يحدث ارتباكاً وقلقاً وربما خوفاً في نفوس الحاضرين.

6. أخطار التنويم المغناطيسي

مما لا شك فيه أن أكثر المخاطر، التي تنجم عن عملية التنويم المغناطيسي هي وقوع المنوَّم تحت تأثير المنوِّم، بحيث يسلب إرادته ويحمله على تنفيذ أغراضه وأهدافه. وما التأثير الذي يجريه المنوِّم على النائم، إلاّ صورة مكبّرة ومبالغة لما نراه في الحياة اليومية العادية من التأثر ببعض الشخصيات، التي تتمتع بقوة شخصية ونفوذ وسلطان يمكّنهم من السيطرة على إرادة من هم أضعف منهم عقلياً وأدبياً، وقيادتهم وتوجيههم حسبما يرون.

وهذا التأثير في الحياة العادية يكون ـ بلا شك ـ أعمق وأقوى في حالة التنويم المغناطيسي، لأن الإيحاءات تكون أشد قوة وأنفذ مفعولاً، إذ هي تنفذ إلى العقل الباطن وتسيطر عليه، وتجعله يفقد حذره الطبيعي، فيزداد اعتماد التابع على المنوِّم، وتقوي ثقته به تدريجياً، على حساب إرادة النائم وثقته بنفسه. وهناك بعض الحالات، التي اغتصبت فيها بعض السيدات، وهن تحت تأثير التنويم المغناطيسي، من بعض المنوِّمين العابثين بأصول عملهم.

وترى مجموعة أخرى من الباحثين أنه لا يمكن، بحال من الأحوال، جعل النائم مغناطيسيا القيام بما من شأنه الأضرار بنفسه سلوكياً أو جسدياً أو مالياً، أو أن يرتكب شيئاً منافياً لأخلاقه، التي هو عليها في حالة الوعي الطبيعي. ولكن مع التسليم بهذا الرأي، تبقى حقيقة لا يرقي إليها الشك، وهى: أن النائم مغناطيسياً عدة مرات، لا بد أن يقع تحت تأثير المنوِّم وسيطرته.