إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اجتماعية ونفسية / الاتجاهات









نمو الاتجاهات:

نمو الاتجاهات

          تنمو الاتجاهات في مراحل معينة من حياة الفرد:

فالمرحلة الأولى: تأثير الوالدين

          تمتد هذه المرحلة من الميلاد حتى البلوغ، وتتميز بشدة تأثير الوالدين على تشكيل اتجاهات أبنائهم. ويدل على ذلك التشابه الكبير بين اتجاهات الآباء والأبناء.

          يكتسب الطفل اتجاهاته من والديه من خلال عمليتين نفسيتين، هما: التقليد والتوحد. فميل الطفل، مثلاً، إلى تقليد طريقة حديث أو لبس والده، تساعده على اكتساب اتجاهاته نحو موضوعات الاتجاهات السابقة. أما التوحد فهو العملية اللاشعورية، التي يرتبط فيها الطفل وجدانياً وانفعالياً بأحد والديه، فيأخذ عنه كثيراً من قيمه واتجاهاته. والمثل الشعبي القائل: "هذا الشبل من ذاك الأسد"، يوضح تأثير الوالدين في اكتساب الطفل لبعض اتجاهاته.

          ومن عمليات التعلم، التي تسهم في نمو الاتجاهات لدى الطفل، الارتباط والتدعيم. يسمع الطفل من والديه ـ مثلاً ـ أن بلده نظيف، فترتبط النظافة والجمال عنده ببلده، وعندما يعبر الطفل عن ذلك يجد تشجيعاً من والديه لِما يقوله أو يفعله، للمحافظة على نظافة بلده وجمالها.

المرحلة الثانية: المرحلة الحرجة في نمو الاتجاهات

          ويبدأ تأثير الوالدين يضعف مع نمو الطفل واتساع نطاق احتكاكاته، بالكثير من الناس والمؤسسات الاجتماعية والثقافية. وتمتد هذه الفترة من سن 12-30 سنة، وتسمى بـ"المرحلة الحرجة"، لتبلور الاتجاهات وثباتها واتخاذها شكلاً جامداً مع نهاية هذه الفترة. ويتعرض الأفراد خلال هذه الفترة لمؤثرات ثلاثة رئيسية، هي:

1. الرفاق

      يُقصد بالرفاق الزملاء من السن والمستوى التعليمي نفسيهما. ويكون تأثير الرفاق كبيراً أثناء فترة المراهقة، إذ يسعى المراهق إلى اكتساب قيم وآراء واتجاهات الجماعة التي يحبها، حتى تتقبله عضواً فيها.

2. وسائل الإعلام

      تؤثر وسائل الإعلام في تشكيل اتجاهات المراهقين تأثيراً كبيراً، لأنها تزودهم بالكثير من المعلومات بطرق وأساليب وصور مختلفة، تكون، عادة، مصحوبة بخصائص فنية جذابة. كما تُعد وسائل الإعلام مصدراً لمنبهات مختلفة سمعية وبصرية وحركية، تدور حول موضوعات لاتجاهات متعددة. (مثال ذلك تبني المراهقين في الولايات المتحدة الأمريكية طريقة المغني ألفيس بريسلي في الغناء والملبس والمعيشة، وتبني المراهقين في الهند وفي بعض البلاد العربية طريقة المغني أميتاب باتشان في الغناء والملبس والمعيشة).

3. التعليم

      بيّنت الدراسات أنه كلما زاد نصيب الفرد من التعليم، زادت اتجاهاته التحررية. ولمّا كان نصيب الأبناء من التعليم يفوق ما حصل عليه آباؤهم، كان من المتوقع أن تكون اتجاهات الأبناء أكثر تحرراً من الآباء. وهذه هي إحدى أبعاد الظاهرة المعروفة باسم: "الفجوة بين الأجيال" Generation Gap.

      ويمكن تقسيم هذه الفترة الحرجة إلى مرحلتين، هما:

أ. مرحلة المراهقة

تتشكل فيها اتجاهات المراهق. وتكون الاتجاهات في هذه المرحلة متنوعة وغير ثابتة بدرجة كبيرة. وعندما يخطو الفرد إلى العشرينيات من عمره، يبدأ في إلزام نفسه بعدة التزامات؛ منها أن يدلي صوته الانتخابي، وأن يختار مهنة تناسبه، وأن يختار شريكة حياته، ويكَوِّن فلسفته الشخصية والاجتماعية في الحياة. وترتكز تلك الالتزامات على أساس ما لدى الفرد من اتجاهات اكتسبها في مرحلة سابقة. ومن ثم تساعده هذه الالتزامات في بلورة تلك الاتجاهات السابقة وتدعيمها، ثم جمودها.

ويمكن تفسير دور الالتزام في تثبيت الاتجاهات وجمودها بناءً على عملية تُعرف باسم: "عدم الاتساق المعرفي" Cognitive Dissonance. فلقد سبقت الإشارة إلى أنه كلما اتسعت معلومات الفرد زاد تأثيرها على اتجاهه، إلا أن بعضاً من هذه المعلومات، وخصوصاً الحديث منها، قد لا يكون متسقاً بعضه مع بعض، مما يولد قلقاً وتوتراً. وللتخلص من هذا التوتر يلتزم الفرد بعدة التزامات، تقوم على أساس اتجاهاته السابقة. ومن هنا تتدعم هذه الاتجاهات وتثبت بصورة جامدة في سلوك الفرد، لأنها ساعدته في التخلص من توتره الناشئ عن عدم الاتساق المعرفي.

ب. مرحلة الرشد

وفيها تتبلور الاتجاهات وتتجمد وتتجه نحو المحافظة. والدليل على ذلك أنه أُجريت دراسة على اتجاهات بعض الطلاب الجامعيين في أواخر الثلاثينيات من العمر، ثم دُرست اتجاهاتهم مرة أخرى في الخمسينيات من العمر. فبينت الدراسة احتفاظ الأفراد باتجاهاتهم نفسها، مع زيادة نزعتهم المحافظة أكثر من ذي قبل.