إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اجتماعية ونفسية / الدافعية الأكاديمية الذاتية









الارتباط بالجماعة Sociability

الدافعية الأكاديمية الذاتية

إذا كان طلب العلم فريضة، ولو كان في أبعد الأصقاع وأقصى البقاع، فإن وراء هذا الطلب دافعاً يحرك طالب العلم ويدفعه إلى سلوك طريق البحث عن العلم. من هنا اهتم الباحثون منذ سنوات عديدة بدافعية الدارسين، لتحسين سلوكهم في مواقف التعلم، كما اهتموا بتحسين نوعية العمل الدراسي باستخدام إستراتيجيات تعتمد وتوظف التوجه الدافعي (الداخلي والخارجي) للدارسين.

وقد اهتم علماء النفس بمفهوم الدافعية الأكاديمية الذاتية، لأنها تعتبر من أهم الأسس الدافعة لنشاط الفرد الذاتي. يرجع ذلك إلى ميل الفرد إلى توظيف إمكاناته للوصول إلى الهدف الذي ينشده بكفاءة، فيصبح متميزاً بالثقة بنفسه وبالإنجاز والطموح المرتفع، وحب الاستطلاع.

ولعل من دواعي ذلك الاهتمام ما بينته الدراسات من أن الدافعية الذاتية تجعل الفرد يؤدي السلوك وليس له هدف سوى المتعة المستمدة من الأداء ذاته. كذلك فإن الطلاب ذوي الدافعية الذاتية المرتفعة يقبلون على العمل المدرسي بحماس ونشاط، ويبذلون أقصى جهد لديهم للحصول على أعلى الدرجات، ويصممون برغبة وشغف على النجاح بتفوق، كما أنهم يحبون البيئة المدرسية.

وقد بينت الدراسات كذلك وجود علاقة بين الدافعية الأكاديمية الذاتية وإدراك الفرد لكفاءته الذاتية، بمعنى أن التلميذ الذي يتميز بدافعية ذاتية عالية يكون إدراكه لكفاءته الذاتية عالياً، وهذا يوضح دور الدافعية الأكاديمية الذاتية في تقدير الذات لدى الدارسين. فالتلميذ الذي يكون على مستوى عالٍ من إعلاء الذات يبحث عن المركز والنجاح وتقدير الذات، وهو مُجد ومقدر للأشياء التي بذل فيها مجهوداً، ويجاهد للوصول إلى مستوى من النجاح يكفل له الوصول إلى مستوى ملائم من تقدير الذات.

إضافة إلى ذلك، فإن ثمة علاقة قوية بين الدافعية الأكاديمية الذاتية والابتكار، لأنها تؤدي إلى الرغبة في الاكتشاف والتركيز في موضوع المعرفة أو البحث والدراسة، والمثابرة في أداء الأعمال والبحث عن التحديات، وزيادة كفاءة البحث والتقصي.

بناءً على ما تبين من حيث أهمية الدافعية الأكاديمية الذاتية، أصبح التربويون ينظرون إليها على أنها هدف تربوي ينشده أي نظام تربوي. فاستثارة دافعية الطلاب وتوجيهها وتوليد اهتمامات معينة لديهم يجعلهم يُقبلون على ممارسة نشاطات معرفية ووجدانية وحركية تتعدى نطاق المدرسة، كما أنها وسيلة تستخدم في إنجاز الأهداف التعليمية.

لتحديد معنى الدافعية الأكاديمية، يجب الوقوف على مفهوم أعم منها، ومتداخل معها، هو الدافعية الداخلية. للدافعية الداخلية تعريفات متعددة، منها:

1. أداء النشاط أو المهمة من أجل المهمة نفسها أو النشاط عينه، وليس لغرض الحصول على مكافأة خارجية.

2. أداء الأنشطة والمهام التي تكمن فيها السعادة أداءً لنفسها.

3. الحالة التي يشعر فيها الفرد بأن سبب النشاط يكمن في الرضا عن المهمة.

4. إنجاز الأعمال والأنشطة من أجل النشاط نفسه، بحيث تكون سعادة الأفراد مستمدة من أداء النشاط نفسه.

5. السلوك المدفوع ذاتياً هو السلوك الذي يتم في غياب القيود الخارجية، ويتم إجراؤه على أنه ممارسة لحرية الاختيار.

6. النزعة الطبيعية لمواصلة الاهتمامات الشخصية وتوظيف القدرات في البحث عن التحديات المختلفة، وهي ناتجة من عوامل فيها، هي الاهتمام الذاتي وحب الاستطلاع والمثابرة عند أداء المهام.

من التعريفات السابقة، يتضح أن الدافعية الداخلية يمكن النظر إليها على أنها أداء أو حالة أو إنجاز أو نزعة طبيعية، وأن السلوك المدفوع بدافع داخلي يتم في غياب القيود الخارجية، وأنه ممارسة لحرية الاختيار، وأن الهدف الذي تسعى إليه الدافعية الداخلية هو السعادة والرضا لأداء المهمة، وأن تلك الدافعية ترتبط بأي عمل من الأعمال، أي أنها دافعية داخلية عامة، إذا اتجهت إلى الدراسة أصبحت أكاديمية، وإذا اتجهت إلى ممارسة نوع من الرياضة البدنية أصبحت رياضية... وهكذا.

الدافعية الأكاديمية الذاتية

تعتبر الدافعية الأكاديمية الذاتية دافعية داخلية، إلا أنها ليست عامة بل خاصة، ترتبط بالعمل المدرسي وعمليات التعلم. ويحفل التراث بالعديد من التعريفات، منها:

1. التعلم من أجل الشعور بالإنجاز والمتعة المستمدة من الخبرة المكتسبة.

2. المتعة المشتقة من عملية التعلم نفسها، وحب الاستطلاع، وتعلم المهام الصعبة ذات التحدي، والمثابرة والانشغال بالمهمة بدرجة عالية.

3. ميل إلى التعلم من أجل التعلم عينه.

4. خاصية لدى الفرد تؤدي إلى أداء مهمة أو واجب معين، وذلك من خلال حافز داخل الفرد عينه، بمعنى أن ميول التلميذ إلى التعلم أو أداء مهمة معينة تدفعه إلى أداء هذا العمل بصورة متقنة.

5. رغبة التلميذ وميله إلى رفع مستوى تحصيله المدرسي، بحيث يؤدي به إلى بذل المزيد من الجهد وقضاء الكثير من الوقت في التحصيل، ليحصل على أعلى ما يستطيع من درجات علمية بتقديرات ممتازة.

6. الإطلاع والقراءة من أجل متعة شخصية ذاتية تقوم على الدافع إلى المعرفة والفهم، ويكون سلوك الفرد أكثر استمراراً وثباتاً وقوة، لأنه يحقق لنفسه إشباعاً ذاتياً، وتشمل حب الاستطلاع، والكفاءة والإنجاز.

7. وعي المتعلم بذاته المعرفية، وامتلاك مهارات التنظيم الذاتي المعرفي، وتوجيه الذات نحو مهام التعلم التي تتسم بالتحدي المعتدل للقدرة باعتبارها فرصة لاكتساب المعرفة، مع الشعور بالمسؤولية الأكاديمية تجاه نتائج التعلم.

يتضح من التعريفات السابقة أن الدافعية الأكاديمية الذاتية نوع من الدافعية الداخلية، إذ إنها أداء أو حالة أو ميل أو خاصية لدى الفرد، ويكون هدف الفرد تحقيق التعلم وإتقان المهام واكتساب المعرفة والشعور بالسعادة لإنجاز المهام، وما يحركه لا يكون مستمداً من المكافآت الخارجية بل يكون نابعاً من ذات الفرد.

إزاء هذا التعدد، قام أحد الباحثين بإجراء دراسة استخدم فيها أسلوباً إحصائياً متقدماً (التحليل العاملي) وتوصل إلى أن الدافعية الأكاديمية الذاتية هي استجابة الفرد لكل ما هو جديد، وقدرته على أداء ما يُكلفه من أعمال بكفاءة تامة، مع تمسكه بأداء الأعمال الصعبة وتغلبه على كل ما يعترضه من عقبات، وميله إلى تحديد مستويات عالية لنفسه في العمل المدرسي، مما يجعله إيجابياً في أدائه للأعمال التي كُلِّفها.

هذا وقد تضمنت التعريفات السابقة إشارة إلى مكونات الدافعية الأكاديمية الذاتية.

مكونات الدافعية الأكاديمية الذاتية

في دراسة رائدة، قام باحث مصري باستعراض أربع وعشرين دراسة عربية وأجنبية عن الدافعية الذاتية الأكاديمية، أُجريت بين عامي 1945 و 2003، وتوصل من هذه الدراسات إلى أن للدافعية الأكاديمية الذاتية عشرين مكوناً، ثم قام بحساب تكرار كل مكون منها فوجد:

1. أن المكونات الأكثر تكراراً هي: المثابرة، والدافع إلى الإنجاز، والاستمتاع بالتعلم، وحب الاستطلاع.

2. يليها في المرتبة الثانية: الكفاءة الذاتية، والدافع المعرفي، والانتباه والتركيز، والاستقلال الذاتي، والثقة بالنفس، والأداء الأكاديمي، ومستوى الطموح، ومفهوم الذات الأكاديمي.

3. يليها في المرتبة الأخيرة: الاندماج الذاتي، وتقدير الذات، والتحكم الذاتي، والاهتمام الذاتي، والخوف من الفشل، والرضا الاجتماعي، والاتجاه الموجب نحو التعلم، وإدراك الكفاءة.

ثم قام الباحث نفسه باستخدام أسلوب إحصائي متقدم (التحليل العاملي) لتحديد المكونات الأساسية للدافعية الأكاديمية الذاتية، وتوصل من ذلك إلى أن المكونات الأساسية هي:

1. التركيز في أداء العمل المدرسي: ويُقصد به اندماج المشارك في التدقيق في العمل المدرسي بالتهيئة الذهنية للعمل ومقاومة التشتت، والقدرة على أداء العمل الدراسي بكفاءة تامة، ووضع أهداف ومحاولة تحقيقها بالبحث وتعلم ما هو جديد.

2. الاستمتاع بالتعلم المدرسي: استغراق المشارك في العمل المدرسي لتحقيق أهدافه ومتطلباته، والحصول على نتائج سارة، والفوز على الآخرين، وذلك بناءً على شعوره بالسعادة لتعلم كل ما هو جديد يتفق وأهدافه وإمكاناته ومتطلباته المدرسية.

3. المثابرة أثناء أداء العمل المدرسي: استمرار المشارك في أداء العمل المدرسي، مهما كان طويلاً أو صعباً، وبذل المزيد من الجهد في الدراسة، والبحث للتغلب على الصعوبات التي تعترضه للانتهاء من العمل المدرسي بإتقان.

خصائص الأفراد ذوي الدافعية الأكاديمية الذاتية المرتفعة

بعد استعراض العديد من الدراسات، لخص أحد الباحثين هذه الخصائص في الجدول التالي:

جدول يوضح بعض خصائص الأفراد ذوي الدافعية الأكاديمية الذاتية المرتفعة

الخصائص السلوكية

الخصائص الوجدانية

الخصائص المعرفية

·      استغلال الوقت بكفاءة تامة

·      الثقة بالنفس

·      حب الاستطلاع

·      القيام بالأعمال التي كُلِّفها بطريقة منتظمة

·      مستوى الطموح المرتفع

·      الدافع المعرفي

·   القيام بالأعمال الصعبة وعدم تركها قبل استكمالها

·      الحاجة إلى التعزيز الاجتماعي

·      الأداء الأكاديمي المرتفع

·      القيام بالعمل من أجل العمل

·      تقدير الذات

·      الانتباه والتركيز

·   الاستمرار في العمل من دون تشجيع من أحد

·      الشعور بالاقتدار

·      الدافع إلى الإنجاز

·   عدم الشعور بالملل من طول الوقت المستغرق في العمل

·   الرغبة في المشاركة في الأعمال المدرسية

·      استخدام معينات التذكر

·      التعاون مع الآخرين

·      الاتزان الانفعالي

·      الخيال

·      التلقائية في السلوك

·      الاستمتاع بالتعلم

·      الكفاءة الذاتية

·      الاندماج الذاتي

·      المثابرة

·      القدرة على اتخاذ القرارات

·      العمل للفوز على الآخرين

·      تفضيل الأعمال المتحدية

·      الابتكار

·      القدرة على التعامل مع المواقف المختلفة

·      الرغبة في التفوق

·   القدرة على التعبير عن آرائه وحاجاته

 

·      الاستقلال الذاتي

·      القدرة على إتقان المهارات.

 

·      الخوف من الفشل

 

 

·      الاتجاه الموجب نحو التعلم المدرسي

 

 

·      الرضا الاجتماعي

 

 

·   الرغبة في التمكن والسيطرة على البيئة من حوله

 

بعض العوامل المؤثرة في الدافعية الأكاديمية الذاتية

أولاً: عوامل ميسرة

1. المكافآت: إن تأثير المكافآت في الدافعية الأكاديمية الذاتية يختلف باختلاف المكافأة المقدمة للتلميذ. فالمكافآت اللفظية الموجبة والذاتية تزيد من الدافعية، أما المكافآت المادية فيمكن أن تكون مفيدة مع التلاميذ في مرحلة ما قبل المدرسة، وبداية المرحلة الابتدائية.

2. إدراك الكفاءة: تتأثر الدافعية الأكاديمية الذاتية بإدراك التلميذ لدرجة كفاءته، فلو أدرك أنه كفء في أداء المهمة أو النشاط، لأدى ذلك إلى زيادة تركيزه واستمتاعه ومثابرته إلى إتقان المهمة.

3. الفاعلية الذاتية: يمكن أن تؤدي الفاعلية الذاتية إلى زيادة الدافعية الأكاديمية الذاتية، كما أنها تساعد على بذل التلميذ لأقصى جهد لديه للاستمرار في أداء المهام والأنشطة، واستمتاعه بها وتركيزه في أدائها.

4. التنشئة الاجتماعية: يؤدي ترحيب الأسرة بأسئلة التلميذ واستجابتها إلى تشجيعه على مزيد من التعلم، كما أن توقعات المعلمين لمستوى أداء التلميذ يؤثر في الدافعية الأكاديمية الذاتية.

5. طبيعة المهام الأكاديمية وأنماط السلطة داخل المدرسة والطرائق المتبعة لمعرفة محتوى العمل الأكاديمي: تتأثر الدافعية الأكاديمية الذاتية بمدى الاهتمام بالمتعلم ودعم استقلاله الذاتي، وتنوع المثيرات أو الأنشطة والأساليب التي تيسر تفاعل التلميذ مع المحتوى الأكاديمي وانشغاله به.

ثانياً: عوامل معوقة

1. عوامل مدرسية، أهمها:

أ. التخطيط غير الكافي للوقت

(1) تخطيط الوقت بحيث لا يسمح بأن يكون الموضوع أكثر إثارة وتشويقاً.

(2) وقت الفصل الدراسي لا يسمح بزيادة الأنشطة أو ممارستها.

(3) ليس هناك وقت لحضور ورش العمل.

ب. الاعتماد المالي غير الكافي

(1) نقص المواد اللازمة لتنفيذ المنهج.

(2) نقص الموارد، مثل مصادر المعلومات.

2. عوامل خاصة بالتلاميذ

أ. السلوكيات غير الملائمة.

ب. المشاكل العاطفية العامة.

ج. القدرات الضعيفة.

د. مشاكل في الانتباه والتركيز.

3. عوامل خاصة بالوالدين

·   نقص الدعم الوالدي.

تطبيقات تربوية لتنمية الدافعية الأكاديمية الذاتية

1. إدراك الطالب للهدف من تعلمه.

2. وضع توقعات خاصة بكل تلميذ، تتزايد تدريجاً مع تقدمه.

3. توفير فرص النجاح المختلفة، سواء في المواد الدراسية أو الأنشطة.

4. الوقوف على التحسن المتزايد الذي يحققه التلميذ.

5. إيجاد بيئة تشعر الطالب بالاهتمام والمساندة والأمان.

6. توفير الإرشاد والدعم للطالب الذي يتعلم بصعوبة، أو يعاني نقصاً في المشاركة.

7. جذب وتركيز انتباه الطالب فيما يقوم به من أعمال أو أنشطة.

8. تجنيب الطالب الشعور الزائد بالقلق والتوتر.

9. اختيار أنشطة تعليمية متنوعة لتشبع احتياجات التلاميذ.

10. التحدي الملائم لقدرات التلاميذ.

11. جعل المادة التعليمية شائقة ومثيرة.

12. التغذية الراجعة المعلوماتية.

13. استخدام إستراتيجيات التعلم التعاوني.

14. إشراك الطلاب في عملية التعلم واندماجهم في أداء المهام.

15. استخدام الأنشطة التي تثير الدافعية الأكاديمية الذاتية.