إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اجتماعية ونفسية / التعاون الاجتماعي









الارتباط بالجماعة Sociability

التعاون الاجتماعي

Social Co-operation

يُشير هذا المصطلح إلى التفاعل أو إلى العمل العام لتحقيق أهداف مشتركة. ويوضح التراث أهمية التعاون الاجتماعي الذي يُشير إلى كل من الأنشطة الداخلية والعلاقات بين الجماعات، التي تعبر عن الموافقة الجماعية حول فعل مشترك، أو وحدة الجهود المتماثلة وغير المتماثلة من أجل استمرار الحياة. تسود الوحدة بين الجهود المتماثلة أو المتشابهة في الجماعات الأولية والمجتمعات المحلية الصغيرة كالقرى، بينما تتحقق وحدة الجهود غير المتماثلة في الجماعات والروابط الثانوية، وفي المجتمعات الحضرية.

والتعاون قد يكون مباشراً، مثل التعاون للقيام بأنشطة مترابطة ومتشابهة في صورة جماعية. يرجع هذا الطابع الجماعي إلى الطبيعة الخاصة بهذه الأنشطة، والتي بدونها لا يمكن الجماعة أن تعمل كأفراد مستقلين.

والتعاون قد يكون غير مباشر، مثل التعاون الذي يقوم على إنجاز أنشطة غير متشابهة يكمل بعضها بعضاً، وتؤدي جميعاً هدفاً مشتركاً. ويتضمن التعاون غير المباشر تقسيماً للعمل وأداء مهام متخصصة.

وعلى هذا يُطلق اصطلاح التعاون على التفاعل الذي ينطوي على قيام فردين فما فوق بالعمل معاً لتحقيق غاية مشتركة. وهو بهذه الصورة لا يتحقق إلا من طريق العمل الجماعي، خلافاً لعمليات أخرى كالمنافسة والصراع حيث يستطيع الفرد الواحد أن يعمل بمفرده لتحقيق أهدافه.

والتعاون سلوك شائع في أغلب المجتمعات، وفي كل مجال من مجالات الحياة، غير أنه يبدو بوضوح شديد في النشاط الاقتصادي والمجالات التي يسودها تقسيم العمل. والتعاون يربط أفراد المجتمع الإنساني برباط وثيق، فلا يقتصر على المستويات المحلية والإقليمية، وإنما يتعداها إلى المجتمع العالمي الكبير وهيئاته المختلفة. وللتعاون أهمية كبيرة بالنسبة للأفراد والجماعات والمجتمعات، من حيث تحقيق الحاجات والشعور بالثقة والأمن والمحافظة على البقاء وحفظ النوع.

ولذا فالتعاون سمة ضرورية للحياة الإنسانية. ويصف "كولي" وظيفة التعاون قائلاً بأنه يظهر حينما يلحظ البشر أن لهم اهتماماً مشتركاً، وأن لهم في الوقت نفسه مصلحة عامة في استمرار هذا الاهتمام ودعمه من طريق فعل متوحد، ولذلك فهم يقبلون وحدة الاهتمام واستمرار التنظيم على أنهما حقيقتان جوهريتان في التوفيق للوصول إلى هذه الغايات.

لا يُمارس التعاون لذاته، وإنما يتعاون الأفراد والجماعات بغية الوصول إلى أهداف معينة بالذات. فالتعاون عبارة عن تفاعل في حدود إدراك عام للحاجات الإنسانية. ويعني ذلك العمل معاً بغية تحقيق غايات وأهداف عامة مشتركة من ناحية، والوحدة من ناحية أخرى.

وفي هذا السياق، يمكن الإشارة إلى التعاون بأنه ذلك الفعل الاجتماعي القائم على المعاضدة والمساعدة والتحالف مع الآخرين لتحقيق أهداف مشتركة. وحتى تنمو أنماط المساعدة البسيطة لا بد أن يكون لدى الأفراد دوافع لتحقيق أهداف يمكن أن تكون مشتركة، ثم لا بد أن يكون للأفراد علم أو معرفة بفوائد ذلك النشاط، كما لا بد أن يكون لدى أولئك الأفراد اتجاه إيجابي نحو المشاركة في العمل والحوافز تجاه ذلك الموضوع، وأخيراً لا بد لأولئك الأفراد من الإلمام التام بالمهارات اللازمة لجعل البرنامج التعاوني فاعلاً.

تظهر أهمية التعاون الاجتماعي بالنسبة للأفراد والجماعات والمجتمعات على حد سواء. فالفرد بطبيعته ينضم إلى جماعة تحقق حاجته للاجتماع وتكسبه مكانة، وهذا يتحقق من خلال تعاونه مع الآخرين. وتعتمد الجماعة الإنسانية على التعاون حتى تستطيع المحافظة على وجودها وتحقيق أهدافها.

ويؤكد كثير من علماء الاجتماع وعلماء النفس والأنثروبولوجيا، أهمية التعاون في المحافظة على توازن الشخصية، واستمرارية المجتمع وبنائه. ومن ثم فإن لثقافة المجتمع بما تحتويه من قيم ومعايير وعادات وتقاليد أثراً كبيراً في تحديد نوع السلوك التعاوني الذي يسود الجماعة. وهم يؤكدون كذلك دور ثقافة المجتمع، بما فيها من قيم ومعايير وعادات وتقاليد في تحديد نوع السلوك التعاوني أو التنافسي بين أعضاء الجماعة.

حدد علماء الاجتماع ثلاثة أنماط للتعاون على النحو التالي:

1. التعاون الأولي Primary Co-operation

يظهر هذا النمط من التعاون واضحاً في المجتمعات البسيطة، حيث تسود العلاقات الأولية وتذوب شخصية الفرد في إطار الجماعة التي ينتمي إليها. ويكون التعاون واضحاً في المجال الاقتصادي، حيث يشترك الجميع، ذكوراً وإناثاً، في مجالات الزراعة أو صيد الأسماك أو الرعي أو غيرها، ويتقاسمون معاً عائد العمل.

ويعتبر التعاون الأولي من أهم قيم المجتمعات البسيطة، ويحرص عليه أفراد المجتمع ويعززونه بشتى الوسائل. ينتشر هذا النمط في المجتمعات القبلية والقروية، حيث يظهر التعاون الأولي بين أفراد المجتمع في جميع أنشطة الحياة الاجتماعية، فيتعاون الأفراد نساءً أو ذكوراً، في إقامة حفلات الزواج أو المآتم، أو الاستعداد للأعياد، وكذلك في الألعاب الجماعية والرقصات والأغاني الشعبية.

2. التعاون الثانوي Secondary Co-operation

يمتاز التعاون الثانوي بالخاصية الرسمية التخصصية، ومن ثم فإنه يعتبر إحدى خصائص المجتمعات الحديثة التي تُبنى على التخصص وتقسيم العمل. ونظراً إلى أن كل فرد يقوم بوظيفة معينة متخصصة ضمن إطار متكامل، فإنه يشعر بأن عليه التزامات محددة نحو الجماعة التي ينتمي إليها. وبالتالي يحرص على تعزيز عضويته من خلال وعيه بواجباته والتزاماته نحو الجماعة، وتعاونه مع باقي الأفراد.

ويُنظر إلى التعاون الثانوي باعتباره وسيلة لتحقيق أهداف خاصة بالفرد ذاته، وبالجماعة التي ينتمي إليها. أي أن الفرد يشارك الآخرين في العمل، لأن ذلك العمل التعاوني يعود عليه بالنفع الخاص والفائدة الشخصية.

3. التعاون الثلاثي Tertiary Co-operation

يحدث هذا النمط من التعاون عندما يوجد صراع بين جماعتين، ثم تظهر جماعة ثالثة تناصبهما العداء، فتتفق الجماعتان المتصارعتان على التعاون معاً على الجماعة الثالثة، بصورة مؤقتة، للقضاء على خطرها الذي يهددهما. ويتسم هذا النمط من التعاون بالاستغلال والانتهازية وعدم الاستمرارية، إذ إنه تعاون مؤقت ينتهي بانتهاء السبب الذي أدى إلى ظهوره، كالتعاون بين حزبين في القضاء أو الفوز على حزب ثالث، كما هو الحال في الانتخابات البرلمانية، على سبيل المثال لا الحصر.

كما قدم "نيسبت" أربعة أنماط أخرى للتعاون، هي:

1. التعاون التلقائي: ويُقصد به المساعدة المتبادلة، مثل مساعدة المارة لشخص مصاب في الطريق.

2. التعاون التقليدي: حيث أصبح مبدأ المساعدة المتبادلة أمراً تقليدياً تتناقله الأجيال، بحيث يصبح تعاوناً تقليدياً.

3. التعاون الموجه: وهو نمط من التعاون، يتمثل في المجتمعات الحديثة، حيث يكون التعاون موجهاً من قِبل الشخص الذي يملك حق اتخاذ القرارات وإصدار التعليمات.

4. التعاون التعاقدي: وهو تعاون يوجد في المجتمعات الحديثة، يشمل المجتمعات والجماعات والأفراد. ويظهر في اتفاق مجموعة من الأمهات العاملات على رعاية أبنائهن بطريقة تعاونية، حيث تقوم كل واحدة منهن بالإشراف على الأطفال في يوم محدد من أيام الأسبوع.