إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / منظمات وأحلاف وتكتلات / منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) North Atlantic Treaty Organization NATO




لورد اسماي
لورد جورج روبرتسون
لورد كارينجتون
مانليو بروزيو
مانفريد فورنر
ويلي كلاس
بول هنري سباك
جوزيف لانز
خافيير سولانا
ديرك ي ستيكر
علم الحلف

الهيكل التنظيمي المدني (1951)
الهيكل التنظيمي العسكري للحلف (1951)
تنظيم قيادة الحلفاء بأوروبا 1952
السكرتارية العامة للحلف
الأقسام المعاونة للسكرتير العام
تنظيم القوة خفيفة الحركة
الهيكل التنظيمي للحلف حتى 1990
الهيكل التنظيمي للحلف حتى 1992
هيئة أركان الحلف الدولية
أقسام هيئة الأركان الدولية
اللجان الرئيسية للمجلس
الهيكل التنظيمي العسكري 1992
هيئة الأركان العسكرية للحلف 1992
تنظيم التحالف بوسط أوروبا
الهيكل التنظيمي للحلف 1998
اللجان الرئيسية للحلف 1998
هيئة الأركان الدولية 1998
هيئة الأركان العسكرية 1998
أقسام هيئة الأركان الدولية (1998)
الهيكل العسكري للناتو (1998)
الهيكل العسكري للناتو بأوروبا (1998)
الهيكل العسكري للناتو بالأطلسي (1998)
مؤسسات التعاون والاستشارة
قوات التحالف في أوروبا (2000)
قوات التحالف في الأطلسي (2000)
قيادات مناطق عمل الحلف
قيادة التحالف في أوروبا
قيادة التحالف في الأطلسي
القوات التقليدية لحلف الناتو
القوة النووية لحلف الناتو

مناطق تهديد أمن الحلف
دول الناتو أبريل 1949
دول حلف وارسو 1955
قوات التحالف وسط أوروبا
قوات التحالف جنوب أوروبا
قوات التحالف شمال غرب أوروبا
قوات التحالف في الأطلسي



خامساً: المشاكل الدفاعية الجديدة، وانسحاب القوات الفرنسية من الحلف:

1. المشكلات الدفاعية ونزع السلاح:

    أدى اعتماد السياسة الدفاعية للحلف على الأسلحة النووية، إلى التخوف السوفيتي وكانت السبب وراء قبوله عقد اتفاقيات خاصة بنزع التسلح، شملت إجراءات فعالة للسيطرة والتفتيش.

    نوقشت مسألة نزع التسلح، بواسطة مجلس الحلف في لقاء لندن، بين عدد من دول الحلف (أمريكا، بريطانيا، فرنسا، كندا)، مع اللجنة الفرعية لنزع التسلح، التابعة للأمم المتحدة.

    وقدمت المقترحات الغربية إلى مؤتمر لندن في 29 أغسطس 1957 وهي تشمل الإجراءات التي يجب اتخاذها والتي يلزم إخضاعها للإشراف والسيطرة الدولية وأبرزها:

أ. تخفيض جميع أنواع الأسلحة والقوات العسكرية

ب. إيقاف إنتاج المواد التي يمكن استخدامها في الأغراض العسكرية.

ج. تخفيض المخزون من الأسلحة النووية.

د. إيقاف التجارب النووية.

هـ. تقرير الإجراءات الوقائية لمواجهة أية أخطار تنجم عن الهجوم المباغت.

    رفض الاتحاد السوفيتي هذه المقترحات، لكنها قُبِلَتْ (فيما بعد) بواسطة أغلبية ملموسة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأدى ذلك إلى إنشاء الجمعية العامة للأمم المتحدة، لمفوضية نزع السلاح، أعلن الاتحاد السوفيتي مقاطعته لأعمالها.

2. إطلاق القمر الروسي الأول:

    برزت عدة عوامل أخرى، لتزيد التوتر بين الكتلتين، إضافة إلى مقاطعة مفوضية ضبط التسلح، فقد أطلق الاتحاد السوفيتي القمر الصناعي "سبوتنيك" في 4 أكتوبر 1957، معلناً إمكانياته التكنولوجية المتفوقة، والتي حققت له التفوق العسكري، خاصة في مجال الصواريخ الباليستية بعيدة المدى. وازداد التخوف من وقوع سورية في دائرة النفوذ السوفيتي، خاصة وأنها تسيطر على خط أنابيب النفط العراقي إلى البحر المتوسط، وازداد تعقد الموقف، بالتخوف  من الموقف الذي اتخذه الاتحاد السوفيتي لإدانة تركيا، وإعلانه أنها مدعومة من الولايات المتحدة وبريطانيا، وأنهما تعدان لغزو سورية.

3. إنشاء القوة خفيفة الحركة:  Allied Mobile Force (AMF) (أُنظر شكل تنظيم القوة خفيفة الحركة)

    في نهاية عام 1961، تم إخطار الوزراء بإنشاء قوة خفيفة الحركة، من الوحدات التي خصصتها ست دول، حيث تكونت في هذا الوقت من:

أ. عنصر برى متعدد الجنسيات، من خمس كتائب منقولة جواً.

ب. عنصر جوى متعدد الجنسيات، من أربعة أسراب طائرات قاذفة مقاتلة هجومية.

ج. عنصر إسناد إداري وفني.

د. عنصر اتصالات.

    وكانت المهمة (التي لم تتغير) للقوة، هي إظهار وحدة وصمود الناتو، في أي منطقة تتعرض للتهديد. كما كان هناك كذلك تقدم، في برامج التعاون، في الأبحاث المتعلقة بالدفاع، والخاصة بالإنتاج، إضافة إلى الاتصالات وموضوعات البنية الأساسية.

4. استقلال مالطة:

    بحصول جزيرة مالطة على استقلالها في 21 سبتمبر 1964 برزت مشكلة المنشآت والقوات التابعة للناتو في مالطة، كان مجلس الحلف قد أتخذ قراراً، في 3 نوفمبر 1955، يؤكد ضرورة الحصول على موافقة حكومة مالطة، لاستمرار الأوضاع، بصفة رسمية، لذلك تقرر أن تجرى مشاورات جديدة مع الحكومة، كما أكدوا اهتمام الحلف بأمن الجزيرة[6].

5. الإجراءات الجديدة للخطط الدفاعية:

أ. في اجتماع وزراء الدفاع بباريس في 31 مايو 1965، تم التركيز على ضرورة التوافق بين متطلبات الناتو، وبين خطط الدفاع الوطنية لدول الحلف. وذلك من خلال الفكر الاستراتيجي المتفق عليه، بشأن الموقف من الدفاع المتقدم. وقد أكد الاجتماع الوزاري في ديسمبر 1965، على التقدم الذي تم تحقيقه، من خلال إجراءات جديدة، تتعلق بتحقيق الأهداف المحددة لقوات الحلفاء، والخطط السنوية لكل دولة، لمدة خمس سنوات قادمة، والتي تم تحديدها لتقييم قدرة التحالف، على مواءمة خطط دفاعه، تمشياً مع أي متغيرات في التقنية العسكرية، أو في الموقف الدولي.

ب. على المستوى السياسي العام، لم يتمكن الوزراء، سوى الإعراب عن أسفهم، نتيجة عدم التقدم في مسألة تقسيم ألمانيا، أو عملية نزع التسلح. رغم إعلان الجانبين، وتأكيدهم على مساهمتهم في التوصل إلى السلام، المبنى على الحلول المتوازنة للمشكلات، من منطلق مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، فلم يكن هناك تقدم حقيقي، للتغلب على المشاكل بينهما، واقتصر التقدم على الاتصالات، وتبادل الآراء، التي تمت مع الاتحاد السوفيتي، ودول أوروبا الشرقية، والتي قوبلت بقدر من الاستجابة، لم يكن كافياً للتوصل إلى حلول واتفاقات نهائية.

6. انسحاب القوات الفرنسية عام 1966 وتداعياته:

    شهد عام 1966 أحداث جديدة، شكلت تعقيدات هامة، سواء في نظام العمل، أو في هيكل الحلف، ففي شهر مارس، قامت الحكومة الفرنسية بسلسلة من الإخطارات، لدول الحلف الأربع عشرة الأخرى[7]بأنها تنوى:

أ. سحب العناصر الفرنسية، من القيادات العسكرية المشتركة للناتو.

ب. إلغاء تخصيص القوات الفرنسية، التي كانت معينة للقيادات الدولية.

ج. طلب نقل القيادات الدولية للحلف، من الأراضي الفرنسية.

د. كذلك نقل قوات ومنشآت الحلفاء، أو القواعد، التي لا تقع تحت سيطرة السلطات الفرنسية.

    أدت القرارات الفرنسية، التي كان الرئيس الفرنسي "شارل دي جولCharles de Gaulle " قد أشار إليها من قبل، في 10 مارس 1966، إلى ضرورة عقد مفاوضات، بين الحكومة الفرنسية من جانب، وبين حلفائها بالحلف من جانب آخر، وشكل الحلف لجنة خاصة لدراسة الموقف الناتج عن سحب فرنسا لقواتها من الحلف، ووضع الحلول الملاءمة لتداعيات الحدث.

7. قرارات بروكسل في يونيه 1966:

    اجتمع المجلس في بروكسل، في 7 يونيه 1966، على المستوى الوزاري، حيث كانت اللجنة قد أعدت عدداً من البدائل، واتخذ المجلس عددا من القرارات الهامة لمواجهة الحدث.

أ. نقل القيادات العسكرية للحلف من فرنسا.

ب. دعوة دول "البنيلوكس" للتقدم برؤية جديدة لتكوين مهام القيادة العامة للتحالف في أوروبا (SHAPE).

ج. الموافقة على تبسيط هيكل قيادة الحلف.

د. الموافقة على ضرورة إلغاء "المجموعة الدائمة Standing Group"، وأن يتم استبدالها بجهاز آخر أكثر ملائمة.

هـ. دعوة إيطاليا لتوفير مكان آخر لكلية الدفاع التابعة للحلف.

و. باقي المشكلات المتبقية مثل مهام القوات الفرنسية في ألمانيا، ومشاركة فرنسا في مشروعات البنية الأساسية للحلف تحال إلى المجلس في دورة انعقاده الدائمة للمناقشة.

    وبعد عدة أشهر من عمل المندوبين الدائمين بفعالية، في تناول العديد من المهام الجديدة التي انتقلت إليهم، نتيجة الأحداث الخارجية التي وقعت، في الحلف، مثل استمرار فرنسا كأحد أطراف التحالف، دون أن تشارك في المناقشات العسكرية للحلف، فقد وجد المجلس نفسه مضطراً للبحث عن منتدى ليمكن من خلاله مناقشة الموضوعات العسكرية.

8. اللجنة الدفاعية للحلف:  Defence Planning Committee (DPC)

    أصبحت اللجنة الدفاعية التي تم تشكيلها عام 1963، بعد كل تلك الأحداث، هي الجهاز المسؤول عن التنسيق وعن اتخاذ القرار في كل المسائل المتعلقة بالهيكل العسكري الشامل للحلف. وقد عينت فرنسا بعثة اتصال عسكرية مع اللجنة العسكرية، ومع معظم قادة الحلف.

    برز العديد من المشكلات العسكرية، نتيجة قرار فرنسا، بسحب قواتها من الحلف. أولها الأماكن التي ينقل إليها مراكز القيادة العسكرية من فرنسا. تقدمت بلجيكا بعرض، لتمركز القيادة العامة لقوات الحلفاء في أوروبا من فرنسا، إلى "كاستيو Casteau" بالقرب من "مونز Mons"، كما وافقت هولندا كذلك على وجود قيادة وسط أوروبا بالقرب من في "برونسم Brunssum" بالأراضي الهولندية.

    وأدى ذلك إلى مصاعب وتعقيدات في عمليات الاتصال بين السلطات العسكرية، وبين المجلس الذي بقي في باريس، حيث لم يكن قد اتخذ قرار بالانتقال بعد. كما استمرت المشكلة الأكبر، وهى مشاركة الحلفاء في صياغة الاستراتيجية النووية للحلف. كذلك كانت هناك إشارات لا تقبل الخطأ، في وجود قلق داخل الحلف، لم يكن نتيجة الأحداث الفرنسية فقط.

    عقد المجلس الوزاري بباريس في 15 ديسمبر 1966 وكان عليه اتخاذ قرارات خاصة لجميع المسائل التي لم يتم حلها، وكما هو متبع، صدر بيان رسمي طويل عقب اللقاء، أعاد فيه الأعضاء، تأكيد مواقفهم تجاه عدد من المشكلات والموضوعات الملحة، التي وضعت على جدول الأعمال مثل:

أ. مسودة معاهدة الاستخدام السلمي للفضاء الخارجي.

ب. مباحثات التعريفة الجمركية متعددة الأطراف.

ج. عبرت حكومات كل من فرنسا، وألمانيا الغربية، وبريطانيا، والولايات المتحدة عن اتفاقهم على وجهات النظر التي عبر عنها البيان والخاصة بألمانيا، حيث أكدوا على الاستمرار في تحمل مسؤولياتهم تجاه أمن برلين[8].

9. المهام المستقبلية للحلف:

    بناء على الاقتراح المقدم من بلجيكا، ومبادرة مماثلة كانت قد اتخذت من قبل في مؤتمر بكندا عام 1964، وافق المجلس في 1 ديسمبر 1966 على إجراء دراسات للموقف وتطوراته، على المستوى الدولي، منذ التوقيع على اتفاقية الحلف عام 1949، لتحديد انعكاسات تلك التطورات على التحالف، ولتحديد الأعمال التي يجب اتخاذها بهدف تقوية التحالف، ومن أجل سلام دائم. وقد عرفت الدراسة بعد ذلك باسم "تقرير هارمل".

سادساً: الإستراتيجية النووية للحلف في الستينيات:

    تبنى الحلف استراتيجية نووية في الستينيات عرفت باسم "الرد المرنFlexible Response". وقد بنيت تلك الاستراتيجية على أساس استحالة الحرب الشاملة على المستوى النووي، وعدم قدرة متخذي القرار على اختيار بديل "الرد الجسيم"، نظراً لوجود حالة من الردع المتبادل بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي. وكان الغرض من هذه الاستراتيجية التغلب على عدم مرونة استراتيجية "الرد الجسيم"، التي تُمثل رداً آلياً، لا يمكن السيطرة عليه بعد استخدامه، أو توجيهه بدرجة تأكيد مناسبة.

    بُنِيَتْ فكرة "الرد المرن" على أساس بناء قوات ذات قدرات متوازنة متعددة "Multiple Balanced Capabilities"، بحيث يتوافر لكل قدرة درجة عالية من الفاعلية والتأثير، ويكون استخدامها تحت سيطرة دقيقة ومستمرة، وبذا تحقق القوات النووية الاستراتيجية فكرة "الردع من خلال الضربة الثانية"، والتي تعنى القدرة على استيعاب الضربة الأولى بالقدر الذي يمكن معه توجيه الضربة الثانية ضد القوات العسكرية لعدو، في هجوم ساحق كبير، بدلاً من السعي لتدمير الشامل للمدن والسكان (وهو المبدأ الذي قامت عليه استراتيجية "الرد الجسيم").

    لذلك دعت الولايات المتحدة، إلى ضرورة تقوية القوات التقليدية، مع ضرورة المحافظة على القوة النووية التكتيكية، واستمرار بقاء التهديد باستخدام القوات النووية الاستراتيجية قائماً، وذلك من خلال استخدام "قوة ثلاثية" لتنفيذ استراتيجية "الرد المرن" وهى قوات تقليدية، وقوات نووية تكتيكية للمسرح الأوروبي، وقوات نووية استراتيجية. على أساس التصعيد على سلم الصراع إلى آخر مداه، وأن يتم مقاومة أي مستوى من الأعمال العدائية للاتحاد السوفيتي، مع الاستعداد لتصعيد الصراع للمستوى الضروري الملائم له.

    يعتبر المستوى النووي وسيلة أخيرة عند فشل القدرات التقليدية. وتجرى "وقفة استراتيجية" بين استخدام القدرات التقليدية، والقدرات النووية (سواء كانت تكتيكية أو استراتيجية)، كفرصة أخيرة للبحث واتخاذ القرار السياسي، بدلاً من الاستمرار التلقائي في سلم التصعيد بشكل آلي، للتحكم في التصعيد طبقاً لمعطيات الموقف. أطلق البعض على ذلك الأسلوب "استراتيجية الغموض" فهي غامضة بالنسبة للخصم، من حيث مستوى الرد على سلم التصعيد في موقف معين[9].

1. التجارب النووية السوفيتية:

    طبقاً للاتفاق بين الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد السوفيتي فقد أوقفت التجارب النووية اعتباراً من عام 1958. وفي 31 أغسطس 1961 هددت الولايات المتحدة بأن حرباً يمكن أن تنشب، كإجراء مضاد  للاقتراح الخاص باتفاقية السلام مع ألمانيا الشرقية، دفع ذلك الاتحاد السوفيتي إلى مواصلة التجارب الذرية، على نطاق لم يسبق له مثيل، حيث أجرى خلال شهرين، حوالي "50" انفجار نووي، بلغت ذروتها في 30 أكتوبر 1961 بتفجير قنبلة قوتها "50" ميجا طن.

2. الاجتماع الوزاري بباريس في ديسمبر 1961:

    عاد الموقف الدولي إلى التحسن بعد أن بلغ التوتر ذروته، إذ لم يضع خروشوف إنذاره النهائي موضع التنفيذ، وأعلن في اجتماع اللجنة المركزية، في أكتوبر 1961 أن الاتحاد السوفيتي قد لا يصر على توقيع معاهدة مع ألمانيا الشرقية قبل 31 ديسمبر، وبذلك ظل الموقف السوفيتي بدون تغيير. وفي مؤتمر صحفي عقد عقب الاجتماع الوزاري للناتو بباريس، في ديسمبر، استهجن الوزراء استمرار رفض الحكومة السوفيتية للسيطرة الدولية الفعالة على نزع التسلح، كما أعربوا كذلك عن الأسف لأن الاتحاد السوفيتي رفض عقد مباحثات جادة، وأعاق مباحثات حظر التجارب النووية لمدة ثلاث سنوات، بينما يقوم بالإعداد سراً لسلسلة طويلة من التجارب التي أنهاها بالتفجير الضخم (50 ميجا طن). وأعاد الوزراء تأكيد قناعتهم، بأن الحل العاجل والسلمي للمشكلة الألمانية، بما فيها برلين، يجب أن تتم من خلال المفاوضات، وفي إطار حق تقرير المصير.

3. الدفاع النووي ـ توجيهات أثينا الإرشادية: Athens Guidelines

    في اجتماع وزاري بالعاصمة اليونانية (4 ـ 6 مايو 1962) حدد الأعضاء ما سمى توجيهات أثينا الإرشادية، والتي وضعت تصورات عامة، بالنظر للظروف المحيطة، التي قد تجبر الناتو على اللجوء للأسلحة النووية، للدفاع الذاتي، وللمدى الذي يجعل المشاورات السياسية ممكنة، في مختلف الظروف. وقد أكدت الولايات المتحدة، إصرارها على استمرار توفير الأسلحة النووية الضرورية، للحلفاء، للدفاع عن الناتو، وأكدت بحزم، وكذلك بريطانيا بأن قواتهما النووية الاستراتيجية، قد تستمر في توفير الدفاع ضد أي تهديد للحلفاء، وذلك بخلاف قواتهما النووية المخصصة للناتو. في النهاية قرر الأعضاء، إرساء القواعد لتبادل المعلومات، بين جميع الدول الأعضاء ذات الصلة بالأسلحة النووية، في الدفاع عن الناتو.

4. تحديد القوات النووية:

أ. اجتمع الرئيس كيندي ورئيس وزراء بريطانيا (ماكميلان) في جزر الباهاما 18 ـ 20 ديسمبر 1962، وتضمنت مباحثاتهما عناصر جديدة وغاية في الأهمية لسياسة الحلف الدفاعية، إذ اقترحت الدولتان إقامة قوات نووية للناتو، والتي قد تشكل جزءاً من قواتهما النووية الاستراتيجية، كما اقترحا كذلك إنشاء قوة نووية متعددة الأطراف للناتو يمكن أن تخصص لها الغواصات المسلحة بالصواريخ بولاريس.

ب. وقد بدئ دراسة تلك المقترحات مع بداية عام 1963، وفي اجتماعات أوتاوا للمجلس الوزاري التي تمت في المدة من 22 ـ 25 مايو 1963، أكد الحلفاء موقفهم الجماعي، تجاه مشكلتي كوبا وبرلين، بالإضافة لموضوع نزع التسلح، غير أن اهتمامهم، كان منصباً أساس، إلى تنظيم القوات النووية للحلفاء. وقد اتخذت قرارات هامة، بتخصيص العناصر التالية، لقيادة التحالف في أوروبا (SACEUR):

(1) من الولايات المتحدة "قوة القاذفات ف .V- Bomber Force".

(2) من المملكة المتحدة 3 غواصات مسلحة بالصواريخ بولاريس.

وتعين نائب لقائد قوات الحلفاء، مسؤول عن القيادة في أوروبا، فيما يتعلق بالشؤون النووية[10].

    ومن منظور الحاجة لتحقيق توازن مناسب، بين الأسلحة النووية والأسلحة التقليدية، وجه الوزراء، مجلس الحلف، إلى الأخذ بتوصية السلطات العسكرية للناتو، التي أشارت إلى ضرورة القيام بدراسات أخرى فيما يتعلق بالاستراتيجية، ومطالب القوات، والموارد المتيسرة لمواجهة ذلك.

5. معاهدة حظر التجارب النووية (25 يوليه 1963):

    بعد نشاط دبلوماسي مكثف أمكن التوصل إلى اتفاقين هامين، وافق عليهما الجانبان، وهما:

أ. توقيع معاهدة بين واشنطن وموسكو في جنيف (20 يونيه 1963) لإقامة خط اتصال هاتفي ساخن (Hot Line)، الهدف منه منع تداعيات الموقف إلى حد التصعيد باستخدام القوة النووية، نتيجة خطأ غير مقصود.

ب. توقيع معاهدة، بين كل من الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد السوفيتي، لحظر التجارب النووية: في الجو، وفي الفضاء الخارجي، وتحت سطح البحر. وقد وقعت هذه المعاهدة بالكريملين في 25 يوليه 1963، وقد دعيت كل الدول التي أبدت رغبتها في دعمها، لإضافة توقيعها على المعاهدة. وقد أدت هذه المعاهدة إلى وقف التدهور مرة أخرى، في العلاقات مع الاتحاد السوفيتي.

6. اشتراك الحلفاء في التخطيط النووي:

    أدى تطور قدرات الجانبين، في توجيه الضربة الثانية، إلى تعقيدات سياسية، خاصة مع إتاحة استخدام الأسلحة النووية على المستويين الاستراتيجي والتكتيكي، لمعظم قادة الناتو العسكريين. وإضافة إلى المشاكل الفنية، ظهرت الحاجة إلى إطار لسياسة نووية للحلفاء بمشاركة فعالة، قدر الإمكان، للدول غير النووية الأعضاء بالحلف، ولتطوير الإجراءات المناسبة للتشاور، واتخاذ القرار.

    وقد وضع في حيز التنفيذ، مختلف المقترحات، لإنشاء قوة محددة للحلفاء مسلحة بالأسلحة النووية، وكان أكثر المقترحات أهمية، الاقتراح الأمريكي بإنشاء قوة نووية متعددة الأطراف "Multilateral Force (MLF)" والاقتراح البريطاني البديل بإنشاء قوة نووية للحلف "Atlantic Nuclear Force (ANF)" . واتخذ فيما بعد خطوة حاسمة لتحسين التعاون بين الحلفاء في الشؤون النووية. إذ تكونت لجنة خاصة من وزراء الدفاع، تعمل تحت رعايتهم ثلاث مجموعات عمل لدراسة: تبادل معلومات الاستخبارات وباقي البيانات، والاتصالات، والتخطيط النووي.

7. ترتيبات التخطيط النووي:

    لم تكن القرارات التي اتخذت في المجال النووي أقل أهمية، فقد وافقت لجنة التخطيط الدفاعي، على توصيات اللجنة الخاصة لوزراء دفاع الحلف والتي أوصت بإقامة جهازين دائمين للتخطيط النووي:

أ. لجنة الشؤون الدفاعية النووية، وهى مفتوحة لعضوية كل دول الحلف.

ب. مجموعة مصغرة للتخطيط النووي مكونة من سبع دول[11].

    كما قرر المجلس كذلك، التخطيط لإنشاء مواصلات شاملة للحلف، ووافقوا على دراسة إطلاق قمر صناعي للاتصالات، خاص بالناتو، يؤمن تضافر جهود دول الحلف، في المجالات المتطورة للفضاء.

8. كان آخر القرارات التصديق على نقل مركز القيادة الدائم فوراً إلى بروكسل، التي ستصبح المنطقة الجديدة لتمركز اللجنة العسكرية، بعد أن ظلت في واشنطن منذ إنشائها في سبتمبر عام 1949.

سابعاً: أبرز المتغيرات والأزمات التي واجهها الحلف خلال هذه المرحلة وانعكاساتها:

    شهدت هذه المرحلة العديد من الأزمات، عالية الشدة، والتي أدت إلى حدوث تصاعد في التوتر بين القطبين العظميين، وهو ما انعكس على الناتو:

1. حائط برلين:

    في 7 أغسطس 1961 هدد خروشوف بزيادة فعالية الجيش السوفيتي في مواجهة الغرب، واستدعاء الاحتياطي، وقد أدى تصاعد الأزمة إلى زيادة عدد مواطني ألمانيا الشرقية الفارين إلى ألمانيا الغربية، حتى أن عدد الفارين للغرب بلغ 130.000 فرد في الستة أشهر الأولى من عام 1961، وهو ما دفع الحكومة في ألمانيا الشرقية إلى إقامة الحواجز في القطاع الشرقي من برلين، وبالرغم من الاحتجاج الذي قدمته الدول الثلاث الحليفة على ذلك، إلا أنه أقيم حائط للفصل بين شطري برلين (13 أغسطس 1961).

2. الأزمة الكوبية: Cuba Crisis 22 أكتوبر ـ 20 نوفمبر 1962:

    في النصف الثاني من عام 1962، نشأت أزمة جديدة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي في البحر الكاريبي، ورغم أنها خارج نطاق مسؤولية الناتو، فقد انعكست الأزمة الكوبية بشكل مباشر على مصالح الحلفاء، ومن ثم فقد أصبحت موضوعاً لمشاورات داخل الناتو،  وذلك قبل النصف الثاني من أكتوبر، فقد تأكدت الولايات المتحدة من وجود صواريخ سوفيتية باليستية في الجزيرة الكوبية، وأتخذ الرئيس الأمريكي جون كينيدي، قراراً بحصار كوبا بحراً وجواً، وهدد باستخدام الأسلحة النووية، وتراجع الرئيس السوفيتي خروشوف وسحب الصواريخ من كوبا. وخلال سلسلة الأزمات التي نشبت، فإن جميع الحلفاء ساندوا بدون تحفظ، موقف الولايات المتحدة. وفي الاجتماع الوزاري بباريس، في ديسمبر 1962، تمت مناقشة الموضوع بالتفصيل، مؤكدين أن العمل السوفيتي الذي تم في كوبا دفع العالم إلى حافة الحرب، وأنه تجنب الخطر، نتيجة الحزم الذي مارسته الولايات المتحدة، والدعم الذي قدمه لها الحلفاء وباقي دول العامل الحر.

3. اغتيال الرئيس كيندي:

    في 22 نوفمبر 1963 اغتيل الرئيس كيندي في مدينة دالاس بولاية تكساس، وهو ما شكل صدمة للرأي العام في العالم، وفي 25 نوفمبر عبر مجلس الحلف عن تقديره لذكراه ومواقفه. وبعد ثلاثة أسابيع، قام الرئيس الأمريكي الجديد "ليندون جونسون" بإرسال رسالة إلى الاجتماع الوزاري لمجلس الحلف، أعاد فيها تأكيد الدعم المخلص للولايات المتحدة للناتو. وقد عبر أعضاء المجلس، في اجتماعهم في ديسمبر 1963، عن تفاؤلهم لعدم نشوء أزمات جديدة منذ أزمة كوبا.

4. الخلاف في قبرص:

    تميز بداية عام 1964، بزيادة حدة الخلاف، بين كل من القبارصة الأتراك والقبارصة اليونانيين، الأمر الذي انعكس على العلاقات التركية ـ اليونانية، وقد عبر مجلس الحلف عن قلقه لتردى علاقات الصداقة بينهما، كعضوين في التحالف، نتيجة لعدم بذلهما أي جهود لإنهائها. وفي الاجتماع الوزاري، في مايو 1964، فوض المجلس، السكرتير العام للحلف، بتقديم تقرير عن العلاقات اليونانية التركية، وكلفه بزيارة كل من أثينا وأنقرة، في محاولة لتحسين العلاقات بينهما. وفي مارس 1964 قرر مجلس الأمن، إرسال قوة لحفظ السلام بالجزيرة، حيث استمرت المشكلة بعيدة عن الحل، وبينما أعطى مجلس الحلف دعمه الكامل للأمم المتحدة في هذا الموضوع، فقد استمر كذلك في مساعيه المباشرة لتحسين الموقف.

5. إعفاء خروشوف من منصبه، وتفجير القنبلة النووية الصينية الأولى:

    استمرت العلاقة الصينية / السوفيتية متوترة، دون أي صدام جوهري، إلى أن وقع حدثان هامان، كانا ذي أهمية على المستوى الدولي:

أ. في 15 أكتوبر 1964 أقصيّ "خروشوف" من مناصبه، وحل محله في رئاسة الحكومة "ألكسي كوسيجينAlexei Kosygin"، وفي رئاسة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي "ليونيد بريجينيف Leonid Breghnev".

ب. وفي 16 أكتوبر فجرت الصين قنبلتها النووية الأولى، التي لم تكن مباغتة كاملة، وقد ارتبط الحدثان بعد ذلك ببعضهما حيث كان لهما صدى كبير على الموقف العالمى، وأصبحت هذه القنبلة سبباً مباشراً للتغيرات في وجهات النظر داخل مجلس الحلف.

6. الحرب العربية الإسرائيلية (الجولة الثالثة) 5 يونيه 1967:

    بنشوب الحرب بين إسرائيل، والدول العربية المجاورة الثلاث (مصر، سورية، الأردن) في 5 يونيه 1967، راقب مجلس الحلف تطورات تلك الحرب، خشية تصاعد تداعياتها، وتهديد أمن دولة. وقد أنهت إسرائيل الحرب لمصلحتها في وقت قصير (6 أيام) واحتلت مساحات جديدة من الأراضي العربية، ولم يستدعى الأمر تصعيد في التوتر، في العلاقات مع الكتلة الأخرى، إذ اكتفي الاتحاد السوفيتي بشجب العدوان على الدول العربية.

ثامناً: تعديلات جديدة في الهياكل التنظيمية للحلف:

    مرّ الحلف، بتعديلات عدة، خلال تلك المرحلة (1956 ـ 1967)، والتي رغم قصرها، حفلت بأزمات ومتغيرات كثيرة. ويعد أكثر تلك المتغيرات أهمية، ما خص القوة النووية للحلف، وقد شملت التغيرات بصفة عامة ما يلي:

1. إنشاء مجموعة تخطيط نووي Nuclear Planning Group (N.P.G) (من 7 دول):

    تختص ببحث المسائل المتعلقة بالمجال النووي فقط، وتتشابه مع لجنة تخطيط الدفاع في تشكيلها وأسلوب انعقادها، إذ يشارك في أنشطتها كل الدول الأعضاء بالحلف، حتى تلك الغير نووية، باستثناء فرنسا، التي انسحبت من الجناح العسكري عام 1966، وهو نفس عام إنشاء اللجنة، وأيسلندا التي تشارك كمراقب فقط.

    تجتمع هذه المجموعة، مرتين خلال العام، على مستوى وزراء الدفاع، لمراجعة سياسات الحلف النووية، ولوضع إطار القرارات لتلك السياسة، والتشاور بخصوص الشؤون النووية. وكما تعتقد المجموعة على مستويين آخرين:

أ. اجتماع على مستوى الأعضاء الدائمين، من الوفود الدائمة في بروكسل، ويتم مرة كل شهر.

ب. اجتماع على مستوى أقل، لأعضاء من وفود الدول، تجتمع ضمن مجموعة عمل، تحت رعاية إدارة مجموعة التخطيط النووية، كلجان استشارية نووية للحلف.

        تتم الموافقة على قرارات المجموعة، بواسطة مجلس الحلف، ولجنة التخطيط الدفاعية، في موقف جماعي للحلف.

ج. يتبع مجموعة التخطيط النووي عدد من اللجان الفرعية.

2. ألغيت اللجنة الدائمة، وأضيفت اختصاصاتها إلى لجنة الدفاع.

3. دعم القوة النووية بقوة قاذفات نووية أمريكية، وثلاث غواصات بريطانية مسلحة بصواريخ بولاريس.

4. إنشاء قوة خفيفة الحركة (AMF)، لسرعة التدخل في مناطق التوتر.

5. إنشاء لجنة الشؤون النووية، مفتوحة العضوية لأعضاء الحلف.


 



[1] هي الصين الوطنية، والتي اضطرت إلى ترك الأراضي الصينية، والتمركز في جنوب فرموزا الصينية، وإقامة دولة غير شيوعية بها.

[2] من أقوال لينين: "أقرب الطرق إلى باريس، هو طريق الجنوب الشرقي ثم جنوب آسيا، فالشرق الأوسط ومنه إلى باريس".

[3] كانت برلين مقسمة إلى جزء غربي (كانت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا تحتله) وآخر شرقي، وكل جزء منهما يتبع لأحد شطري ألمانيا، وقد أنشأت السلطات الشيوعية حائطاً خرسانياً لعزل الجزء الشرقي عن الغربي. كما أن الوصول للجزء الغربي كان لا بد من المرور عبر أراضي خاضعة لألمانيا الشرقية.

[4] كان قد تم أسر قائدها كذلك، وهو الطيار فرانسيس باورز.

[5] كان الرئيس الأمريكي أيزنهاور، قد أعلن إيقاف طلعات التجسس فقط، بينما كان خرشوف يود أن يعلن عن إدانة تلك الطلعات، ومعاقبة المسؤولين عنها، باعتبارها تمت دون علم الإدارة الأمريكية.

[6] في أغسطس 1968، بدأت مجموعة عمل، تم إنشاؤها، تحت إشراف المجلس، تبعاً لقرار 1965، لتقديم وجهات النظر في العلاقات مع مالطة، حيث قامت حكومة مالطة، بتعيين ممثليها في بروكسل، لعرض وجهة نظرها في علاقتها بالناتو.

[7] لم يكن لأيسلندا "الدولة الخامسة عشر" قوات بالحلف.

[8] صدر هذا الإعلان بواسطة وزراء خارجية هذه الدول عقب لقائهم في 15 ديسمبر 1966.

[9] تردد أن الأمريكيين تراجعوا عن هذه الاستراتيجية إلى استراتيجية أخرى لشكهم في قدرة بقاء قوات الضربة الثانية الأمريكية وأنهم أتبعوا استراتيجية `التدمير المتبادل Mutual Assured Destruction` ، إلا أن ذلك لم يتأكد، ومن المعتقد أن الاستراتيجية السائدة ظلت هي استراتيجية `الرد المرن`.

[10] تم إلغاء هذا المنصب بعد ذلك عام 1968.

[11] اختلف تكوين هذه المجموعة عدة مرات، ولكن في نوفمبر 1979، قررت الدول الثلاث عشرة الاشتراك بشكل دائم.