إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / تنامي الدور الإيراني، وتأثيره على الأمن القومي العربي





مواقع إيران النووية الأساسية
نظام ولاية الفقيه الملالي
الهيكل التنظيمي للقوات المسلحة
التقسيم الإداري لإيران
التقسيم العرقي والطائفي




المبحث الثاني

المبحث السابع

تأثير الدور الإيراني على الأمن القومي العربي

يُعرف الأمن القومي العربي بأنه "قدرة الأمة العربية في الدفاع عن أمنها وحقوقها، وصيانة استقلالها وسيادتها على أراضيها، وتنمية القدرات والإمكانات العربية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، مستندة إلى قدراتها العسكرية والدبلوماسية، آخذه في الاعتبار الاحتياجات الأمنية الوطنية لكل دولة، والإمكانات المتاحة والمتغيرات الداخلية والإقليمية والدولية المؤثرة على المصالح القومية".

يُعد استمرار النظام الإيراني في محاولة تبوء مكانة إقليمية في منطقة الشرق الأوسط، ودعم تصدير الفكر الثوري والمد الشيعي من أبرز التهديدات التي تواجه المنطقة العربية بصفة عامة، ودول الخليج بصفة خاصة، في المرحلة الراهنة، وقد ارتبطت علاقة إيران بالنشاط المتطرف، منذ قيام ثورتها عام 1979، والتي دعت لتصدير فكر الإمام الخميني للدول العربية والإسلامية كافة، حيث ينص الدستور الإيراني على دعم المستضعفين في الأرض ومساندتهم، وقد نجحت في توثيق علاقاتها مع العديد من التنظيمات المتطرفة من خلال تقديم الدعم المادي والمعنوي، وهو ما أسهم في نشر أفكارها بين بعض دول المنطقة، رغم اختلاف سياسات أنظمة الحكم بها.

لا شك أن الفترة الأخيرة شهدت تصاعداً للتوجهات والأهداف الإيرانية على المستوى الإقليمي، الأمر الذي قد يؤثر سلباً على الأمن القومي للمنطقة العربية، خاصة مع نجاح طهران في توظيف الظروف الإقليمية والدولية لخدمة مصالحهما في المنطقة، واستثمارهما للتداعيات الناجمة عن الاحتلال الأمريكي لكل من العراق وأفغانستان، وجمود عملية التسوية للقضية الفلسطينية، وتطرح التحركات الإيرانية الإقليمية العديد من التأثيرات السلبية على الأمن القومي العربي، ومن أبرزها ما يلي:

1. استمرار دعم طهران للعناصر الشيعية الموالية لها في دول المنطقة، لتصبح كياناً منفصلاً لها دورها السياسي، ولتولي المناصب القيادية في الدول، كما يحدث في العراق بهدف عدم ظهور دولة عراقية قوية قد تهدد أمنها القومي، فضلاً عن مواصلة سياستها السلبية في العراق والرامية لاستمرار حالة عدم الاستقرار فيه، لامتلاك العديد من كروت الضغط ضد الإرادة الأمريكية بشأن برنامجها النووي، الأمر الذي يطرح تداعياته السلبية على الأمن القومي العربي، خاصة مع رغبة دول المنطقة في تهدئة الأوضاع واستقرارها في العراق، ومشاركة السُنة بصورة أكبر في الحياة السياسية.

2. سعي إيران لمحاولة استبعاد مصر بما لها ثقلها في المنطقة من أية ترتيبات أمنية في منظومة أمن الخليج، من خلال عدم مشاركة أية أطراف أخرى في هذه المنظومة واقتصارها على الدول المطلة على الخليج، لاسيما مع تلميح بعض الدول الغربية لإيران بعدم ممانعتهم في إعطائها دوراً أكبر في أمن الخليج، مقابل الاستجابة لمطالب المجتمع الدولي بخصوص قضيتها النووية، فقد أشارت الحوافز الأوروبية التي قدمتها دول الترويكا الأوروبية لإيران إلى إعطاء إيران أولوية في أية ترتيبات أمنية في منطقة الخليج.

اتخذت الحركة الإيرانية منحنى تصاعدياً نحو التمدد تجاه دوائر الأمن القومي العربي والمصري في السنوات الأخيرة، تحقيقاً لمطامحها وأهدافها الإقليمية والدولية على حساب المصالح العربية، باستغلال أخطاء السياسات الدولية بالمنطقة من ناحية، وتراجع المواقف العربية وانقسامها حول القضايا المصيرية الرئيسة من ناحية أخرى، وهو ما يمكن تناوله على النحو الآتـي:

أولاً: تأثير الدور الإيرانـي في العراق ودول الخليج

1. محاولة بناء تكتل أو تحالف إقليمي ببُعد سياسي واقتصادي بعيداً عن النظام العربي، يجمع في مرحلته الأولى إيران وتركيا، ويضم في مرحلة تالية العراق وسورية ولبنان والأردن.

2. ملء الفراغ الإستراتيجي في العراق بعد الانسحاب الأمريكي وفقاً لما هو معلن في بداية عام 2011، وتثبيت سيطرة الشيعة على نظام الحكم مع استبعاد العراق عن هويته العربية.

3. قيادة النظام الإقليمي للخليج العربي بترتيباته الأمنية والسياسية والاقتصادية دون مشاركة مصرية، وتعزيز قدرتها العسكرية وامتلاك القوة النووية.

4. تأسيس مراكز للتجمعات الشيعية لاستخدامها أدوات لإضعاف القوى العربية الفاعلة بالمنطقة، وهو ما تعكسه التحركات الإيرانية للارتباط مع الشيعة في العراق، والشيعة في دول الخليج، خاصة البحرين والسعودية والإمارات العربية، والتأسيس للحركة الحوثية في شمال اليمن للضغط على المملكة العربية السعودية من الجنوب، إلى جانب الشمال عبر الامتدادات الشيعية، والوجود بجنوب البحر الأحمر.

5. استقطاب بعض الأطراف العربية، مثل قطر للقيام بأعمال مزدوجة لتعزيز سياسات تسهم في تقسيم المواقف العربية والإضرار بمصالحها تجاه القضايا المصيرية، خاصة الفلسطينية.

6. سيطرة إيران على مضيق هرمز وتصعيد تهديداتها بإغلاقه في حالة توجيه ضربة عسكرية أمريكية ضدها، بما يؤدى إلى عدم مرور أية حاملات للنفط فيه (يمر عبر هذا المضيق حوالي 25% من الإنتاج العالمي للنفط)، يطرح تداعياته السلبية على الاقتصاد المصري، في ضوء مرور غالبية ناقلات النفط عبر قناة السويس، وهو ما قد يؤدي إلى تقليل العوائد المادية المنتظر تحقيقها منها.

7. التطلعات الإيرانية لإنشاء دولة شيعية كبرى في المنطقة، بحيث تضم أجزاء من العراق ولبنان والمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية الغنية بالنفط، مستثمرة في ذلك وجود أغلبية شيعية في كل من العراق ولبنان وأقلية في السعودية، فضلاً عن تمسكها باحتلال الجزر الإماراتية ورفضها أية وساطة لتسوية هذه المشكلة، في ضوء الموقع الجغرافي المميز لتلك الجزر الذي يسهم في زيادة بسط سيطرتها ونفوذها على الخليج العربي، وهو ما يؤثر بالسلب على الدور المصري وعلاقاته مع دول هذه المنطقة.

أما فيما يتعلق بتأثير تطور العلاقات الإيرانية مع سورية وحزب الله على الأمن القومي للمنطقة العربية، فإنه يمكن إيضاحها على النحو التالي:

1. وجود تحالف إستراتيجي بين طهران ودمشق أسهم في تأييد الجانب السوري للسياسات الإيرانية في المنطقة، مثل تأثير قيام حزب الله بضرب إسرائيل، والتصويت في الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعدم إحالة الملف النووي الإيراني لمجلس الأمن، ومهاجمة سياسات بعض الأنظمة العربية، وهو ما أكده تنامي علاقات طهران ودمشق بصورة ملحوظة، وتعظيم الأخيرة لعلاقاتها مع الجانب الإيراني على حساب الدول العربية، الأمر الذي أسهم في وجود مزيد من الفتور في علاقات الجانبين المصري والسعودي مع سورية، علاوة على دعم إيران للنظام السوري ضد الثور الشعبية السورية التي مازالت مستعرة حتى الآن.

2. تأثر النظام السوري بمشكلات النظام الإيراني الخارجية، خاصة مع الإدارة الأمريكية، بشأن برنامجها النووي واحتمالات المواجهة العسكرية بينهما قد يورط دمشق في اتخاذ مواقف مساندة لطهران، وهو ما يؤثر سلباً على العمل العربي المشترك.

3. مواصلة دعم إيران لحزب الله مادياً أعطت دفعة قوية لمواقف الحزب في مواجهة الحكومة اللبنانية، وبما يجعله أحد أدوات طهران لاستخدامها في إثارة الأوضاع في المنطقة، وهو ما أكدته العمليات الأخيرة بين حزب الله وإسرائيل، الأمر الذي يمكن أن يؤثر تأثيراً كبيراً على الأمن القومي العربي في حالة اتساع نطاق تلك المواجهة لتصبح حرباً إقليمية تضم بعض الأطراف الأخرى كسورية.

4. تحقيق حزب الله للعديد من النجاحات بمساعدة إيران، سواء العسكرية أو في مواجهته السياسية مع الحكومة اللبنانية، قد يسهم في إثارة الجماعات الإسلامية في دول المنطقة، خاصة الأخوان المسلمين، بما يهدد الاستقرار الداخلي لا سيما مع استعداد هذه الجماعات لتلقى المساعدات من طهران لتحقيق أهدافها.

لا شك أن مجمل التحركات الإيرانية على الصعيد الفلسطيني من شأنه التأثير السلبي على الأمن القومي العربي، الأمر الذي يمكن إيضاحه فيما يلي:

1. إسهام المساعدات المالية والعسكرية المقدمة من إيران لحماس في زيادة تشددها ودفعها لاتخاذ خطوات تقوض من التحركات على المسار الفلسطيني، مثل اختطاف الجندى "جلعات شاليط"، والممالطة في إتمام صفقة الإفراج عنه، وعلاقاتها مع الجماعات الإسلامية بمصر، بما يؤدي إلي إعاقة الدور المصري لتحريك جهود التسوية السياسية في هذا المجال، وبما يؤثر في مجملة على دور مصر إقليمياً.

2. تكوين تحالفات قائمة على أساس عقدي بالمنطقة، في ضوء العلاقات التي تربط حركة حماس بحزب الله اللبناني وإيران، وجماعة الأخوان المسلمين بمصر، حيث سبق عقد لقاءات في الدانمارك بين مندوبين من حركة حماس وجماعة الإخوان المسلمين، خلال شهر إبريل 2008.

3. تصاعد التحديات والتهديدات الأمنية بشبة جزيرة سيناء، وعدم الاستقرار بالمنطقة الحدودية مع قطاع غزة، واستمرار الصراع الإسرائيلي مع حركة حماس بدعم إيراني، وما يتبعه من تزايد الإجراءات والأعباء الأمنية والإدارية، وتهدئة الأوضاع الملتهبة السياسية والأمنية والعسكرية، لتأمين المنطقة.

4. دعم إيران مالياً وعسكرياً للفصائل الفلسطينية لشراء الأسلحة وتهريبها عبر الحدود المصرية مع قطاع غزة، وبما يسئ لصورة مصر على المستوى الدولي، خاصة مع ترويج إسرائيل لتزايد عمليات التهريب من تلك المنطقة، مما يخلق نوعاً من عدم الاستقرار في المنطقة العربية.

ثانياً: تأثير الدور الإيراني على قضية الشرق الأوسط

في نفس الإطار فإن تزايد النفوذ الإيراني في المنطقة قد يطرح بتأثيراته على قضية الشرق الأوسط، وذلك على النحو التالي:

1. دعم حزب الله من قِبل إيران في الجنوب اللبناني، في توقيتات إجراء المباحثات اللبنانية - الإسرائيلية، يؤثر سلباً على تحقيق أي تقدم في هذا المجال لا سيما مع توافق هذه التحركات مع التوجهات السورية، المتمثلة في عدم الفصل بين المسارين السوري واللبناني لحين إحراز تقدم على المسار السوري - الإسرائيلي، الأمر الذي يحد من أي محاولات لتنشيط عملية السلام على هذا المجال.

2. العلاقات القوية بين إيران وسورية وتقارب توجهاتهما وأهدافهما يقلل من فرص نجاح المحاولات المبذولة لإحراز أي تقدم على المسار السوري - الإسرائيلي.

3. التطلعات الإيرانية المستقبلية لامتلاك السلاح النووي قد يزيد من الثقل والتأثير الإيراني على أدوات الحركة الموالية لها داخل مسارات عملية السلام المختلفة في منطقة الشرق الأوسط، المتمثلة في حزب الله اللبناني، وحركة حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيين، والنظام السوري، الأمر الذي يؤثر على الدور الذي تلعبه دول المنطقة العربية في إحلال عملية السلام بالمنطقة.

4. دعم إيران لعناصر وجماعات متشددة فلسطينية ومؤثرة على القضية الفلسطينية مثل منظمة حماس والجهاد الإسلامي، يؤثر بالسلب على النتائج التي سبق التوصل إليها بين السلطة الفلسطينية مع الجانب الإسرائيلي، وبما قد يؤثر تأثيراً مباشراً على الأمن القومي العربي.

ثالثاً: تأثير أزمة الملف النووي الإيراني على الأمن القومي لدول المنطقة

يطرح تصاعد الأزمة النووية الإيرانية تصاعداً ملحوظاً مؤخراً، لا سيما عقب صدور عدة قرارات من جانب مجلس الأمن لفرض عقوبات على النظام الإيراني، مع بقاء احتمالات توجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية، يطرح حالة فشل الجهود الدبلوماسية الرامية إلى التوصل لتسوية المشكلة العديد من السلبيات على الأمن القومي العربي، التي يمكن إبراز أهمها في الآتي:

1. إثارة حالة من عدم الاستقرار الداخلي في ضوء ما هو متوقع من تصاعد المظاهرات المناوئة للولايات المتحدة الأمريكية، وردود الأفعال السياسية والشعبية بضرورة اتخاذ موقف عربي فعال لإيقاف التهديدات الأمريكية ضد إيران، لعدم تكرار السيناريو العراقي، لا سيما مع زيادة شعبية إيران في صفوف الشعب العربي، ونجاح إيران في الصمود أمام الضغوط الأمريكية والدولية المتعلقة ببرنامجها النووي حتى الآن.

2. تأثر الاقتصاد بكل دول المنطقة تأثراً سلباً، مثل عودة معظم العمالة العربية الموجودة في منطقة الخليج، وتراجع العائدات السياحية وحجم التجارة البينية مع دول المنطقة، وانخفاض عائدات قناة السويس، وارتفاع تكلفة النقل لزيادة أسعار التأمين نتيجة اتساع نطاق وتداعيات العمليات العسكرية، لتشمل أغلب دول الخليج العربي بصفة عامة، وتأثر عمليات تصدير النفط للخارج.

3. احتمالات توجيه إيران ضربات صاروخية مفاجئة  للمنشآت النووية الإسرائيلية، وما يمثله ذلك من تأثيرات سالبة على الدول العربية في ظل تعرض أراضي دول الجوار للآثار الناجمة عن تلك الضربات (إشعاع - غبار ذري).

4. تعرض دول المنطقة العربية لضغوط من المجتمع الدولي والإدارة الأمريكية بشأن أهمية تطبيق القرارات الدولية المتعلقة بفرض عقوبات على إيران، خاصة من جانب مصر، والمتعلقة بالمشاركة في تفتيش السفن المتجهة إلي إيران عبر قناة السويس، الأمر الذي قد يطرح تأثيراته السالبة على الرأي العام الداخلي، وفي الوقت نفسه يزيد من العقبات أمام إمكان عودة العلاقات الثنائية بين البلدين مستقبلاً (اُنظر شكل مواقع إيران النووية الأساسية).

في هذا الإطار فإن نجاح إيران في تجاوز الضغوط الدولية، وقيامها بفرض واقع جديد في حالة نجاحها امتلاك السلاح النووي، سيؤدي إلى مزيد من التهديدات للأمن القومي العربي، وذلك على النحو التالي:

1. تراجع فرص نشوء علاقات متوازنة بين دول المنطقة العربية وإيران مرة أخرى على أسس متساوية، لا سيما مع اختلاف موازين القوي لصالح إيران، ومن ثم عدم تجاوبها مع مطالب دول المنطقة المشروعة لإعادة إنشاء هذه العلاقات، مثل إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية، وعدم التهديد أو التدخل في الشؤون الداخلية.

2. إمكان لجوء إيران إلى استغلال امتلاكها للسلاح النووي في ابتزاز دول الخليج وفرض مزيد من الهيمنة عليها وعلى مياه الخليج العربي، لا سيما مع احتمالات تراجع التأييد والدعم العسكري الأمريكي لهذه الدول.

3. تهميش الدور العربي في إعادة بناء النظام العراقي مرة أخرى، ووقف المد الشيعي والثورة الخمينية في منطقة الشرق الأوسط عامة، والمنطقة العربية خاصة، الأمر الذي يمثل تهديداً رئيساً للأمن القومي العربي.

4. تراجع الفرص المحدودة لحل مشكلة الجزر الإماراتية التي تحتلها إيران (أبو موسى - طنب الكبرى - طنب الصغرى)، مع عدم استبعاد اتجاه إيران لتوسيع مناطق نفوذها البحرية في الخليج، وخاصة حول مضيق هرمز، الأمر الذي قد يؤدي إلى تهميش الدور العربي في هذه المنطقة بصفة عامة.

5. وجود دولتين نوويتين (إيران - إسرائيل)، داخل نطاق الأمن المباشر للمنطقة العربية يؤثر على ثقل الموقف العربي إقليمياً ودولياً، بما قد يعكس تأثيراته السالبة على الاستقرار الداخلي، لا سيما مع عدم تقبل الشعوب العربية لهذا الوضع.

6. إمكان تفعيل طهران سياستها الخارجية مع الدول الإسلامية غير العربية (باكستان بوصفها ثاني دولة إسلامية تمتلك السلاح النووي - ثم تركيا - دول آسيا الوسطي الإسلامية الخمس)، وقد يؤثر ذلك سلباً على حركة السياسة العربية الخارجية تجاه تلك الدول.

7. تزايد نفوذ إيران الإقليمي والدولي في المنطقة، طهران تمثل شرطي منطقة الخليج كما كان في عهد شاه إيران السابق، بل بدور أكبر، على حساب الدور العربي خاصة مع قيام القوى الدولية الفاعلة بمراعاة الثقل والنفوذ الإيراني في أي ترتيبات أمنية مستقبلية.

8. فرض النظام الإيراني رؤيته للعمل العربي المشترك، لمواجهة الأطماع الخارجية، خاصة الأمريكية والإسرائيلية، بالإضافة إلى إعادة طرح فكرة إقامة الشرق الأوسط الإسلامي من المنطلق الإيراني، ودون مراعاة مواقف الأطراف العربية المعتدلة الأخرى في المنطقة.

رابعاً: تأثير دعم إيران للإرهاب والتطرف على الأمن القومي العربي 

لا شك أن مواصلة إيران دعم الإرهاب والتطرف في المنطقة، يمثل أحد أهم التهديدات للأمن القومي العربي، وهو ما يمكن استعراضه على النحو التالي:

1. مواصلة طهران تأييد الجماعات المتطرفة في منطقة الخليج تأييداً غير مباشر[1]، تجنباً لعدم إثارة حكومات دول المنطقة ضدها، وهو ما أكده الدعم الحالي المقدم لجماعة "بدر الدين الحوثي" وأنصاره، وتداعيات عدم استقرار الأوضاع باليمن على الأمن القومي العربي.

2. احتفاظها ببعض قيادات عناصر تنظيم القاعدة على أراضيها عقب هروبهم من أفغانستان (يُعد من أبرزهم "سيف العدل المصري")، لصالح استهداف المصالح الأمريكية والبريطانية في المنطقة، وهو ما لا يستبعد معه دفعها لبعض تلك العناصر للقيام بعمليات داخل دول المنطقة العربية مستقبلاً، وطبقا للتقييمات السياسية الإيرانية في حينه.

3. وجود بعض الاتصالات مع الجماعات الإسلامية في بعض دول المنطقة، إذ تعددت الدعوات الموجهة لبعض أعضاء الجماعة من طهران لحضور مؤتمرات تستهدف دعم القضية الفلسطينية ومواجهة الحركة الصهيونية، بما يمكن توظيفه مستقبلاً للتأثير سلباً على الأمن القومي لدول المنطقة.

4. بروز التحرك الإيراني في المجال الحيوي لمصر بالقارة الأفريقية وبدول حوض النيل، وكان أهم مظاهره زيارة الرئيس الإيراني لكل من كينيا وإريتريا، مع تزايد الوجود الإيراني بميناء عصب الإريتري المطل على البحر الأحمر، من خلال الحرس الثوري الإيراني، وتداعيات ذلك على المصالح الحيوية لمصر بأفريقيا وبدول حوض النيل، قد يؤثر سلباً على مصر، ومن ثم على الترتيبات الأمنية والاقتصادية لدول المنطقة العربية.

خامساً: تأثير النشاط الإيرانى في أفريقيا

يطرح تنامي الدور الإيراني في أفريقيا بعض المحاذير والمخاطر على المصالح المصرية بالقارة، وذلك على النحو التالي:

1. خطورة التوجهات الإيرانية بشأن محاولة نشر المذهب الشيعي وتغليبه في أفريقيا، وما لذلك من تأثير على دور وقوة السُنة بها، حيث تقوم المراكز الثقافية والقنصليات الإيرانية بمحاولة استغلال تدني الحالة الاقتصادية في بعض دول القارة، واستقطاب المواطنين الأفارقة بها لاعتناق المذهب الشيعي مقابل الحصول على مبالغ مالية.

2. محاولات طهران تصدير الثورة والفكر المتطرف في أفريقيا بصفة عامة، والسودان بصفة خاصة، وبما يمكن أن يهدد الأمن القومي العربي ويزعزع استقرار المنطقة.

3. ما يمثله الوجود الإيراني المتزايد في منطقة شرق أفريقيا ودول حوض النيل، من إمكان استثمار طهران ذلك مستقبلاً، وتنسيقها مع تلك الدول لتهديد المصالح المصرية المائية في منطقة الحوض.

4. ما تمثله زيادة البضائع والمنتجات الإيرانية في الأسواق الأفريقية، لا سيما دول الشرق الأفريقي من أعضاء الكوميسا، مع تقييد نسبى لفرص نفاذ السلع العربية في تلك الأسواق مستقبلاً.

5. تزايد التنافس الإيراني والإسرائيلي في منطقة القرن الأفريقي والسيطرة على باب المندب المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، يؤثر تأثيراً رئيساً على الدور العربي في هذه المنطقة الحيوية، سواء على المستوى الإستراتيجي أو الاقتصادي.

سادساً: تأثير تنامي الدور الإيراني على وحدة الصف العربي

في الإطار نفسه فإن تنامي الدور الإقليمي لإيران له تأثيرات سالبة على وحدة الصف العربي، وهو ما يمكن إيضاحه على النحو التالي:

1. رفض النظام الإيراني إقامة أي تجمع أو تحالف عربي يتعلق بالموضوعات المؤثرة على أمنه القومي دون وجود دور بارز له في هذا التجمع أو التحالف، ونجاحه في إفشال مجموعة دول إعلان دمشق، الذي تكون بعد عام 1992، ويضم بالإضافة إلى دول الخليج كلاً من مصر وسورية.

2. إضعاف أي دور لجامعة الدول العربية في التدخل لمحاولة تقريب وجهات النظر بين الدول في بعض القضايا العربية، خاصة فيما يتعلق بتطورات الأوضاع في العراق ولبنان، الأمر الذي يحد من توجهات دول المنطقة العربية لتفعيل دور الجامعة العربية بصفة عامة، لا سيما وأن نجاح إيران في استقطاب أعضاء من داخل الجامعة يقلل من قدرة الأمين العام في استعادة مكانة الجامعة العربية مستقبلاً.

3. نجاح إيران في توقيع العديد من الاتفاقيات مع بعض الدول العربية، مثل المملكة العربية السعودية، والأردن، والبحرين، والإمارات، قد يسهم في عرقله أية جهود عربية قد تُبذل لمحاولة اتخاذ مواقف محددة ضد التوجهات الإيرانية الساعية لامتلاك سلاح نووي مستقبلاً، خاصة مع اتجاه الدولة لتأمين أمنها القومي طبقاً لمنظورها الخاص.

وبصفة عامة، فإن تزايد النفوذ الإيراني الإقليمي في المنطقة يطرح العديد من التداعيات السالبة على الأمن القومي العربي، إضافة إلى أنه يعد انتقاصاً للدور العربي، لا سيما مع اتجاه القوى الكبرى، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية، لانتهاج سياسة الحوار مع طهران بوصفها إحدى القوى الفاعلة في المنطقة، وطرفاً رئيساً في حل بعض القضايا العربية - العربية الحيوية، الأمر الذي يتطلب ضرورة التحرك الفاعل في مجال احتواء المطامح والأهداف الإيرانية.



[1] يتم الدعم حالياً من جانب بعض المؤسسات الدينية غير الرسمية وبعض العناصر المتشددة في مدينة "قم"