إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / غزو العراق عام 2003




مواقع عسكرية قًصفت بالذخائر الذكية
موقع سد الحديثة
مجموعة صور لصدام حسين
محمد سعيد الصحاف
مجلس الحكم العراقي
آية الله علي سيستاني
أركان النظام الصدامي
المظاهرات تعم مدن العالم
بليكس والبرادعي
تحطيم تمثال صدام حسين
صدام حسين لحظة القبض عليه
كولين باول
عناصر القيادة السياسية العسكرية في الحرب
قادة المعارضة العراقية

أهم المدن العراقية
مناطق الاحتلال (سبتمبر 2003)
مناطق القاعدة (ديسمبر 2006)
مناطق القاعدة ديسمبر 2007
أوضاع فرق الحرس الجمهوري
محاولة اغتيال صدام
محاور التقدم الرئيسية والمساعدة
مخبأ صدام حسين
مستويات هجمات قوى التمرد
الأهداف الإستراتيجية في وسط بغداد
الليلة الأولى لقصف بغداد
الهجوم على مطار صدام الدولي
التمرد والعصيان
انتشار قوات التحالف
الحلقة الدفاعية حول بغداد
اقتحام الفرقة الثالثة لبغداد
توزيع قوات الحرس الجمهوري ومواقع قوات التحالف
حصاد ثلاثة أسابيع من المعارك
سيناريو الحرب البرية المتوقع
غزو العراق
قوات التحالف في الحرب
قاعدة العديد الجوية بقطر

معركة الاستيلاء على جزيرة الفاو
أقسام العراق الطائفية والعرقية (بالمحافظات)
المحافظات العراقية
التوزيع السكاني للأكراد بين دول المنطقة
التوزيع السكاني في المحافظات
تحرك القوات الأرضية والقوات الخاصة
خرائط الجمهورية العراقية



بسم الله الرحمن الرحيم

المبحث السادس

التوازن الإستراتيجي العسكري

بين قوات التحالف والقوات العراقية

أولاً: قوات التحالف

1. تشكيل القوات البرية والبحرية والجوية والصاروخية لقوات التحالف، وقدراتها العسكرية

أ. القوات الأمريكية

نشرت القوات الأمريكية في منطقة الخليج وما حولها لحساب الحرب في العراق، حوالى 250 ألف جندى، و2580 طائرة مقاتلة وقاذفة مقاتلة (من خمس قواعد أرضية و ست حاملات طائرات)، و72 طائرة قاذفة ثقيلة، و500 طائرة عمودية مقاتلة ونقل وبحث وإنقاذ مسلح، و885 دبابة، و581 مركبة قتال مدرعة، وألفي صاروخ توماهوك، و1500 مدفع وهاون، تحت القيادة الوسطى الأمريكية US-CENTCOM. (اُنظر ملحق الدول المشاركة في العمليات العسكرية)

(1) القوات البرية (اُنظر ملحق القوات البرية للتحالف)

من الجيش الثالث الأمريكي، وتحت قيادته من الفيلق الخامس التشكيلات الآتية، وأماكن انتشارها:

(أ) قوة الواجب الجوية رقم 11، الكويت.

(ب) قوات الواجب المدفعية رقم 75، الكويت.

(ج) فيلق المدفعية المحمول جواً رقم 18/ قيادة الفيلق الأول معاونة.

(د) اللواء 18 جوي/ قيادة الفيلق الأول معاونة.

(هـ) اللواء الثاني/ الفرقة 82 اقتحام جوي.

(و) اللواء 173 محمول جواً (مظلي)/ الفرقة الأولى مشاة.

(ز) الفوجين 2 و3 فرسان مدرع.

(ح) الفرقة 10 جبلية.

(ط) الفرقة الثالثة مشاة ميكانيكية، الكويت/ قاعدة قابالس 18 ألف فرد.

(ي) الفرقة 101 اقتحام جوي (16 ألف فرد)، و(271 طائرة عمودية)، الكويت.

(ك) الفرقة الأولى المدرعة.

(ل) قوة واجب الحصان الحديدى Ironed Horse (4000 فرد).

(م) الفرقة الأولى مشاة.

(ن) الفرقة الرابعة المشاة الميكانيكية.

(2) مشاة الأسطول التابعة للقيادة الوسطى MARCENT، وتتكون من التشكيلات الآتية

(أ) قوة الحملة الأولى مارينز (58 ألف فرد).

(ب) الفرقة الأولى مارينز  (الكويت).

(ج) قوة الحملة الثانية مارينز (11 الف فرد).

(3) القوات الجوية التابعة للقيادة الوسطى الأمريكية

(أ) في القواعد الجوية الأرضية: (815 مقاتلة و2300 فرد) موزعين كالآتى:

·      مجموعات حملات جوية الأرقام 457، 409، 386، 332، 355، 462، 386.

·      أجنحة جوية مقاتلات الأرقام 33، 58، 52، 23، 81، 23، 75، 103، 111، 320، 405، 379، 380، 363، مجموعة 23، 462.

·      أجنحة جوية إنزال جوي الأرقام 133، 139.

·      أجنحة جوية إعادة ملء بالوقود في الجو الأرقام 22، 100، 401، سرب 351، جناح 319، سرب 507، 39، 9، 92.

·      أجنحة استطلاع جوي الرقم 9، سرب 15.

·      أجنحة عمليات خاصة الأرقام 193، سرب 20، 99.

·      أسراب إنقاذ الأرقام 15، 38، 57، 61، 66، 71، سرب 320 طبي.

·      أسراب نقل جوي الأرقام 363، 36، 37، 92.

·      أسراب مقاتلات مستقلة الأرقام 58، 23، 81، 75.

·      جناح قاذفات ثقيلة (ب-52) رقم 40 من سربين، بإجمالي 22 طائرة.

·      أسراب حرب إلكترونية 41.

(ب) توزيع أماكن تمركز الوحدات الجوية على القواعد الجوية

·      قاعدة على السالم في الكويت بها مجموعة الحملة 386، والأسراب المستقلة 23، 81 مقاتلات.

·      قاعدة الجابر في الكويت بها مجموعة الحملة 332.

·      قاعدة فيرفورد ببريطانيا: بها المجموعة 497، وعناصر من جناح 9 استطلاع، والجناح 193 عمليات خاصة، والأجنحة 33، 52، 103، 111 مقاتلات، والمجموعة 23 مقاتلات، والأسراب 75، 58 مقاتلات.

·      قاعدة العديد بقطر: بها الجناح 379.

·      قاعدة أنجرليك بتركيا: الجناح 9 الجوى والفضائى لمراقبة منطقة الحظر بشمال العراق.

·      قاعدة الأمير سلطان بالسعودية: الجناح 363، سرب القيادة والسيطرة 363، الأسراب 38، 99 استطلاع، والجناح 92 إمداد وقود في الجو.

·      قاعدة ديجو جارسيا بالمحيط الهندى: الجناح 40 قاذفات ثقيلة.

·      قاعدة مصيرة في عمان: المجموعة 355.

·      قاعدة كونستانتا في إيطاليا: الجناح 39 الجوى الفضائى.

·      قاعدة سيب في عمان: الجناح 320.

·      قاعدة ثومريت: الجناح 405.

·      قاعدة الظافرة بالإمارات: الجناح 380.

·      قاعدة بورجاس في سارافوفو في بوليفيا: مجموعة الحملة 409.

·      فى الأردن: الوحدة U/1 الجوية.

·      فى خليج سودا بجزيرة كريت: الجناح 1-4.

(ج) أنواع المقاتلات في القواعد الجوية الأرضية

·      مقاتلات: F-15, F-16, A-10, F/A-18, F-14,

·      القاذفات الثقيلة: B-52، والمقاتلات القاذفة B-1B, B2, F-117A

·      طائرات الإمداد بالوقود جواً: KC-135

·      طائرات الاستطلاع الإستراتيجي: U-2S, U-2

·      طائرات الاستطلاع والإنذار المبكر والقيادة والسيطرة: أواكس E-3A، جستارز E-8،E-2C E-Sentry, ، Joint RC-135/W Rivet, U2، وحرب إلكترونية EC-130H, RQ-4

·      طائرات النقل C - 17, C - 130 جلوبال ماستر

·      طائرات عمودية: بلاك هوك UH-60، بيف هوك HH-60G، بيف لو MH-53، الأباتشى AH-64، الأباتشى لونج بو، سوبر كوبرا AH-LW.

·      صواريخ كروز: كروز جو/أرض AGM-86، كروز جو/أرض AGM-84.

·      خمس بطاريات صواريخ (باتريوت PAC-3) للدفاع الجوى والصاروخى

·      بطاريتا صواريخ في السعودية: في الظهران، ومطار الرياض.

·      بطاريتا في الكويت: في قاعدة أحمد الجابر الجوية، وقاعدة على السالم.

·      بطارية صواريخ في تركيا: في قاعدة أنجرليك (من ألمانيا).

·      ثلاث بطاريات صواريخ في إسرائيل: قرب الحدود مع الأردن.

(4) القوات البحرية التابعة للقيادة الوسطى غرب آسيا

(أ) إجمالى الأفراد 23 ألف فرد، بدون حاملات الطائرات.

(ب) قيادة القوات البحرية للقيادة الوسطى موكلة للأسطول الخامس، ويتبعه السرب 50 مدمرات، وقوتي الواجب المشتركة 53 و57 فرقاطات، ومقر القيادة في المنامة بالبحرين (1200 فرد).

(ج) المجموعة 3 برمائية، بها 1700 بحار، و1500 مارينز، و700 طيار بحري، و137 سفينة، منهم 115 برمائية.

(د) طيران الأسطول، ويتكون من 4300 فرد، و190 طائرة.

(هـ) ست مجموعات حاملات طائرات، كل مجموعة بها جناح جوي، و6000 فرد، و2500 طيار ومساعد طيار وفنى، و70 طائرة، منهم 50 طائرة مقاتلة (F-18) (F-14)، والباقى طائرات عمودية (بلاك هوك) و(بيف هوك)، وطائرات استطلاع (فايكنج S-3). تدعمها حوالي 11 - 17 سفينة قتال ومعاونة وغواصة، بها 2 - 3 فرقاطة، و4 - 5 مدمرة، و2 - 3 طراد، وغواصتان، و400 صاروخ كروز (توما هوك). وتم انتشار مجموعات حاملات الطائرات في المناطق الآتية:

·      حاملة الطائرات (نيمتز) في الخليج.

·      حاملة الطائرات (ترومان) في البحر المتوسط.

·      حاملة الطائرات (كونستاليشن) في الخليج.

·      حاملة الطائرات (تيودور روزفلت) في البحر المتوسط.

·      حاملة الطائرات (كيتى هوك) في بحر العرب.

·      حاملة الطائرات (ابراهام لنكولن) في بحر العرب.

(و) مجموعة Tarawa البرمائية، وبها 29 طائرة، و700 طيار ومساعد وفنى، و1950 بحار، أربع سفن إنزال.

(ز) قوة واجب البرمائية في الشرق، وبها 90 طائرة، و1000 طيار ومساعد وفنى، وست سفن إبرار، و4400 فرد.

(ح) قوة واجب البرمائية في الغرب، وبها 80 طائرة، و950 طيار ومساعد وفنى، وسبع سفن إبرار، و4200 فرد.

(ط) قوة واجب مشتركة في القرن الأفريقي، مكونة من 842 فرد، وسفينة قتال (ماونت وتينى).

(ي) الفرقة 31 لإزالة الألغام البحرية، مكونة من 270 فرد، وأربع سفن كاسحات ألغام.

(ك) مجموعة الواجب البحرية 2003 للعمليات، مكونة من 235 فرد، و12 سفينة قتال وغواصة.

(5) أماكن التمركز في القواعد البحرية

(أ) قوة الواجب المشتركة رقم 57 في قاعدة مصيرة بعمان.

(ب) السرب الثانى لإعادة التمركز الساحلى في ديجو جارسيا.

(ج) السرب الرابع لإعادة تمركز السفن في ديجو جارسيا.

(د) السرب الأول لإعادة التمركز الساحلى في ديجو جارسيا.

(6) القوات الخاصة

قوة دلتا، والرينجرز، ووحدة عجول البحر، وقوة سيلز، ووحدة العمليات الخاصة في سلاح الجو، ووحدة الاقتحام الجوي، ووحدة أصحاب الباريهات الخضراء التابعة للمخابرات العسكرية. وقد توزعت هذه المجموعات بين الكويت؛ للعمل في جنوب العراق، والأردن؛ للعمل في غرب العراق، وفي المنطقة الكردية؛ للعمل في شمال العراق.

(7) أقمار التجسس والإنذار

أُطلق قبل الحرب ثمانية أقمار تجسس من نوعي لاكروس وKH-1، على مدار 320 كم فوق سطح الأرض.

ب. القوات الملكية البريطانية

نشرت القوات البريطانية حوالي 48 ألف جندي كالآتى:

(1) مشاة الأسطول: اللواء الثالث كوماندوز، 4000 فرد

(2) الجيش البريطاني: 26 ألف فرد

(أ) عناصر دعم من الفرقة الأولى المدرعة.

(ب) اللواء السابع مدرع (جرذان الصحراء).

(ج) اللواء 16 اقتحام جوي، مكون من 1400 فرد

(د) اللواء 102 إمداد لوجستي

(هـ) عناصر من اللواء 12 مهندسين.

(3) الطيران البريطانى

(أ) الأسراب 11، 25، 43، 111 مقاتلات (تورنادو F-3)، في قاعدة الأمير سلطان بالسعودية.

(ب) الأسراب 9، 12، 13، 14، 31، 617 مقاتلات (تورنادو GR4)، في قاعدة علي السالم بالكويت.

(ج) السرب 216 (ترستار)، في مطار المحرق بالبحرين.

(4) البحرية البريطانية

(أ) مجموعة حاملة الطائرات (آرك رويال)، وتتمركز في الخليج وتتكون من:

·      أفراد: 686 بحار، و366عنصر في القوات الجوية.

·      طائرات قتال: 50 مقاتلة سي هاريير (FA3)، وهاريير (GR1)، و20 طائرة عمودية سي كينج ومارلين مضادة للغواصات.      

(ب) سفينة العمليات Oracle، تتكون من فرقاطة 85، و237 فرد.

(ج) سفينة الداورية Armilla، تتكون من مدمرة 108، و235 فرد

(د) مجموعة كاسحات الألغام، تتكون من ثلاث سفن كاسحة، و365 فرد.

(5) القوات الخاصة البريطانية

(أ) القوة المحمولة جواً SBS.

(ب) القوة الخاصة CIS.

(ج) الدراجين.

(د) وحدة القوارب الخاصة.

(هـ) مجموعتا مظلات.

ج. القوات البحرية الدانمركية: سفينتا مساعدة.

د. الجيش الأسترالي

(1) عناصر من السرب التابع للفوج الخامس الجوي، 250 فرد.

(2) عناصر من الجيش، 250 فرد.

(3) الفوج 16 دفاع جوي 250 فرد.

هـ. الجيش التشيكي: السرية الرابعة تطهير من أسلحة الدمار الشامل، 400 فرد.

و. الجيش الألماني: الكتيبة 70 تطهير أسلحة دمار شامل.

ز. الجيش السلوفاكي: سرية حرب كيميائية، 69 فرد.

ح. قوات كردية: 30 ألف جندى (بشمرجة)، مسلحين بأسلحة خفيفة، ومركبات نصف نقل، تعمل من المنطقة الكردية بشمال العراق، في اتجاه الموصل وكركوك.

ط. جيش العراق الحر: حوالي عشرة آلاف فرد من المعارضة العراقية، دربوا في المجر (نقلوا إلى جنوب العراق أثناء الحرب)، ويتبعون المؤتمر الوطني العراقي بزعامة "أحمد جلبى".

ى. في تركيا

(1) ألفا رجل في قاعدة أنجرليك الجوية بجنوب تركيا، التي تستخدمها المقاتلات الأمريكية والبريطانية لمراقبة منطقة الحظر الجوي في شمال العراق.

(2) خمسة آلاف فرد أمريكي، دُفع بهم لإجراء الإعداد اللوجستى، لاستقبال الفرقة الرابعة المشاة، ووحدات أمريكية أخرى (طبقاً للخطة التي لم تنفذ).

ك. في أفغانستان: عشرة آلاف رجل من القوات الخاصة الأمريكية، على استعداد للدفع بهم إلى منطقة الخليج.

ل. مركز القيادة المتقدم للقيادة الوسطى الأمريكية: قاعدة (السيلية) في قطر.

2. الفكرة الإستراتيجية للعملية الهجومية لقوات التحالف

أ. تحت ستر عمليات القصف الإستراتيجي الجوي والصاروخي (قاذفات، مقاتلات، صواريخ كروز)، ضد أهداف البنية الأساسية العسكرية العراقية، ووسائل الدفاع الجوي والقواعد والمطارات، ومراكز القيادة والسيطرة السياسية والإستراتيجية، ومناطق تمركز ودفاعات فرق الجيش العراقي والحرس الجمهوري، تعبر قوات النسق الأول الإستراتيجي في اتجاه الجهود الرئيسة للهجوم الحدود الكويتية ـ العراقية، وتتقدم على أربعة محاور، منها محوران رئيسيان ومحوران ثانويان كالآتى:

(1) المحور الرئيس الأول: بواسطة الفرقة الأولى مشاة أسطول الأمريكية وعناصر دعمها، من أم القصر، في اتجاه الناصرية، وبحذاء نهر دجلة في اتجاه الكوت، ثم بغداد.

(2) المحور الرئيس الثاني: بواسطة الفرقة الثالثة المشاة الأمريكية وعناصر دعمها، من العبدلي، في اتجاه صفوان، ثم الزبير، وبحذاء نهر الفرات في اتجاه الحلة، ثم بغداد.

(3) المحور الثانوي الأول: بواسطة اللواء السابع المدرع البريطاني (جرذان الصحراء) وعناصر دعمه، من شبه جزيرة الفاو، وبحذاء شط العرب في اتجاه أبو خصيب ثم البصرة.

(4) المحور الثانوي الثاني: بواسطة الفرقة 101 اقتحام جوي الأمريكية وعناصر دعمها، من هايبة، في اتجاه الرميلة، والنجف وكربلاء والرمادى، ثم حصار بغداد من الغرب.

ب. اتجاه الجهود الثانوية للهجوم: بواسطة الفرقة الرابعة المشاة وعناصر دعمها، تعبر الحدود التركية ـ العراقية، وتتخذ مواقع متقدمة في المنطقة الكردية المؤمنة بواسطة القوات الكردية (البشمرجة) الحليفة، وتتقدم على محورين كالآتى:

(1) المحور الأول: من أربيل والسليمانية في اتجاه كركوك، للاستيلاء عليها وتأمين حقول النفط حولها، ثم التقدم في اتجاه بغداد لحصارها من الشمال الشرقي.

(2) المحور الثانى: من دهوك في اتجاه الموصل، للاستيلاء عليها وتأمين حقول النفط حولها، ثم التقدم بحذاء نهر دجلة في اتجاه تكريت وسامراء، ثم بغداد وحصارها من الشمال الغربي.

ج. اتجاه جهود ثانوية لأعمال قتالية خاصة في غرب العراق: بواسطة قوات الفرقة 82 اقتحام جوي، والقوات الخاصة الأمريكية والبريطانية والأسترالية، يتم السيطرة على القواعد الجوية والعسكرية في منطقة الرطبة في غرب العراق عبر الحدود مع الأردن، وتأمين هذه المناطق ومنع فتح وحدات الصواريخ الباليستية العراقية فيها، بالإضافة لمراقبة منطقة الحدود العراقية ـ السورية ومنع عبور أية قوات سورية وتقدمها من منطقة (البوكمال) في اتجاه الفرات لدعم النظام العراقي، بالإضافة لمنع أركان النظام العراقي من الهروب في اتجاه سورية.

ومع مواصلة حصار المدن العراقية بجزء من القوات المهاجمة وقصفها جواً وبراً، دون اقتحامها حتى تستسلم، تواصل الوحدات الرئيسة هجومها من تشكيلات الهجوم في اتجاه بغداد للوصول إليها بأقصى سرعة وإحكام حصارها، مع التدمير المستمر لقوات الحرس الجمهوري المدافعة عنها، حتى تستسلم أو تنسحب إلى داخل بغداد. ثم بالقصف الجوي والضغط البري من جميع الاتجاهات حول بغداد، وباستخدام أسلوب (القضمات) في التطهير والاستيلاء على أحيائها من الخارج إلى الداخل، حتى استكمال السيطرة عليها وإعلان إسقاط النظام الحاكم في العراق.

د. النسق الثانى الإستراتيجي للهجوم: يتشكل من الفرقة الأولى المشاة وعناصر دعمها، والتي تتقدم من الكويت خلف قوات النسق الأول الإستراتيجية، وتكون مستعدة للدفع للاشتباك في أية مرحلة من مراحل الهجوم لتدمير القوات العراقية التي لم تستكمل تشكيلات النسق الأول الإستراتيجي تدميرها، ولاستكمال الإستيلاء على بغداد.

3. مراكز القيادة والسيطرة للعملية الهجومية الإستراتيجية

أ. مركز القيادة الرئيس للجبهة: في قاعدة السيلية بدولة قطر

ب. مركز القيادة المتقدم للجبهة: في مدينة الكويت

4. عناصر رئيسية في إجراءات أمن القتال

أ. تعطى أهمية خاصة بواسطة تشكيلات النسق الأول الإستراتيجي، لسرعة الاستيلاء على حقول النفط في الجنوب والشمال، ومنع النظام العراقي من تخريبها، مع التعاون مع فرق الإطفاء لتسهيل مهمة إخمادها.

ب. تتخذ جميع القوات إجراءات الاستطلاع والوقاية والتطهير، ضد احتمالات تعرضها لهجمات كيميائية أو بيولوجية معادية.

ج. تتخذ إجراءات قتالية مبكرة لتأمين الاستيلاء على الجسور المقامة على الأنهار الرئيسة، لمنع العدو من تدميرها، مع الاستعداد لإقامة جسور بديلة ميدانية بواسطة وحدات المهندسين، في حالة تدمير الجسور الرئيسة، وبما لا يؤخر أو يوقف تقدم القوات نحو بغداد.

د. تتخذ إجراءات تأمين السكان المدنيين ضد الأعمال القتالية، بإخراجهم من المدن وترحيلهم إلى المناطق الآمنة، وتسهيل عمليات الإغاثة الدولية لهم.

هـ. التحسب جيداً للأعمال الإرهابية والانتحارية التي قد تقوم بها ميليشيات النظام العراقي ضد القوات المهاجمة، وذلك بتأمين أجنابها ومؤخرتها خاصة ليلاً.

و. التحسب المسبق لاستسلام أعداد كبيرة من القوات العراقية، وسرعة إخلائهم إلى معسكرات أسرى الحرب في الخلف لاستجوابهم.

ز. اتخاذ الإجراءات الكفيلة التي تمنع تعرض القوات والطائرات إلى النيران الصديقة.

ثانيا: القوات العراقية

1. القدرات العسكرية العراقية قبل الحرب (اُنظر ملحق مقارنة بين القوات العراقية وقوات التحالف)

أ. القوة البشرية: خدمة عاملة 242 ألف جندى، وخدمة احتياط 650 ألف.

ب. تشكيلات برية: سبعة فيالق، تضم ثلاث فرق مدرعة، وثلاث فرق ميكانيكية، و11 فرقة مشاة، وست فرق حرس جمهوري، وأربعة ألوية حرس جمهوري، وعشرة ألوية قوات خاصة.

ج. التسليح

(1) القوات البرية: 2900 دبابة (منهم 700 دبابة من نوع T-72، مسلح بها فرق الحرس الجمهوري)، و3700 مركبة مدرعة، و2050 مدفع وراجمة صواريخ، و50 صاروخ أرض/ أرض تكتيكي من نوع فروج-7، يخدمهم ستة قواذف.

(2) القوات الجوية: 316 طائرة قتال، منهم 130 مقاتلة قاذفة سوخوي 20 و22 وميراج، و180 مقاتلة اعتراضية ميج 21، 23، 25، وميراج F-7 الصينية، وقاذفة ثقيلة TU-22، وخمس طائرات استطلاع، و155 طائرة تدريب، و34 طائرة نقل، و375 طائرة عمودية، منها 100 هجومية.

(3) قوات الدفاع الجوى: 180 منصة إطلاق سام-2، و125 منصة إطلاق سام-3، و125 منصة إطلاق سام-6، و35 منصة إطلاق سام-8، و45 منصة إطلاق سام-9، وأعداد أخرى من صواريخ سام-10، 13، ورولاند-5، ووحدات صواريخ كروتال، وألفي صاروخ سام-7 قصير المدى، وسام -14، سام-16 وسبايد.

(4) قوات بحرية: في قواعد البحرية في الزبير وأم القصر، و85 زورق قتالي، بعضها مزود بصواريخ بحر/ بحر SSN-2A ستايكس، وخمسة زوارق داورية، و80 قارب صغير، وثلاث كاسحات ألغام، وسفينتا إسناد إدارى.

(5) قوات شبه عسكرية: حوالى 44 ألف فرد، منهم 15 ألف قوات أمن، و9000 حرس حدود، و20 ألف فدائيو صدام موزعون في لواءين.

(6) فيلق الحرس الجمهوري ودوره في حماية النظام العراقي: يتكون من 60 ألف جندى، يعد أفراده من الذين يدينون بالولاء للنظام الحاكم، معظمهم من تكريت التي بها عشيرة "صدام حسين"، تسلح فرقة بأحدث الأسلحة والمعدات، ويتكون من ست فرق، منها ثلاث فرق مدرعة، هي: النداء، وحامورابى، والمدينة، وثلاث فرق ميكانيكا خفيفة، بالإضافة إلى أربعة ألوية حرس جمهوري قوات خاصة، وتعمل جميعها تحت قيادة نجل صدام حسين (قصي) وتتبع صدام مباشرة.

2. الفكرة الإستراتيجية العراقية للدفاع

على العكس تماماً من الهدف السياسي والإستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية من الحرب، كان الهدف الوحيد والأساسى للإستراتيجية العراقية في الحرب هو بقاء النظام الصدامى، أما الحفاظ على وحدة الأراضي العراقية فقد كان هدفاً ثانوياً في الإستراتيجية العراقية، لأنها كانت مفككة الأوصال فعلاً منذ حرب عام 1991، عندما خرجت المنطقة الكردية بشمال العراق عن سيطرة الحكومة العراقية تماماً، وفرضت الولايات المتحدة الأمريكية مناطق الحظر الجوي بشمال وجنوب العراق. لذلك قبلت الخطة الإستراتيجية العراقية، بخسارة الأرض إذا كان ذلك يسمح ببقاء النظام.

لذلك قامت الإستراتيجية العراقية على أساس مفهوم يقول بأن حرباً تضيع فيها الأرض، ولكن النظام الحاكم يبقى، هو شيء مفضل وممكن، ويستحق المراهنة عليه والسعي لتحقيقه، على أساس أن تسعى السياسة والإستراتيجية العسكرية بعد ذلك إلى استعادة ما فقدته من أرض. لذلك راهن النظام العراقي على خوض حرب طويلة يرهق فيها القوات الأمريكية ويكبدها خسائر بشرية جسيمة، لا تتحملها وتجبرها على الانسحاب من العراق، كما فعلت في السابق في بيروت والصومال وعاصفة الصحراء وأفغانستان، حين تكبدت في هذه البلدان خسائر بشرية يسيرة ولكنها كانت ذات مغزى سياسي داخلى عميق في الولايات المتحدة الأمريكية.

ناهيك عن الخسائر الضخمة التي تكبدتها في فيتنام، حيث كانت الولايات المتحدة الأمريكية تفضل الانسحاب أو إيقاف القتال أو اتخاذ إجراءات صارمة لحماية قواتها، وتحد في المقابل من قدرة هذه القوات على السيطرة على الأرض، فإذا ما نجحت الإستراتيجية العراقية في تحقيق ذلك، استعاد النظام العراقي جاذبيته السياسية على الساحات الداخلية والإقليمية والدولية، بقدرته على التصدي للولايات المتحدة الأمريكية وكسر إرادتها، وبما يساعده مستقبلاً على تحقيق أهدافه الانتقامية والتوسعية في منطقة الخليج.

إضافة إلى هذا التحليل العراقي حول عدم قدرة القوات الأمريكية على تقبل خسائر بشرية جسيمة، على عكس القوات العراقية التي أبدى "صدام حسين" استعداده علانية للتضحية بأكثر من 100 ألف منها، ولقرابة مليون من الشعب العراقي في سبيل بقائه في الحكم، فإن نظرة "صدام حسين" إلى الموقف الدولي، أن إطالة فترة الحرب سوف تفرض على الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها أعباءً سياسية داخلية وخارجية، ستضطر تحت وطأتها أن تقبل بإيقاف القتال، والانسحاب من أجل إتاحة الفرص لقوات حفظ سلام دولية تابعة للأمم المتحدة أن تلعب دورها، وهو ما يستدعي إيقاع القوات الأمريكية وحلفائها في مصيدة حرب استنزاف بفعل حرب العصابات التي تشنها المليشيات التابعة للحزب (فدائيو صدام)، هذا مع افتراض انهيار قوى الجيش النظامي والحرس الجمهوري في الحرب.

يدخل في هذا الإطار إدخال متطوعين عرب ومسلمين إلى العراق عبر البلدان المجاورة له، وتنظيم هجمات مكثفة ضد المصالح الأمريكية في دول الخليج العربية الأخرى المجاورة للعراق، وبما يخلق ضغطاً متزايداً على الحكومتين الأمريكية والبريطانية. هذه هى الرهانات التي أدت بصدام حسين إلى تفضيل خيار الحرب عن التنحى عن الحكم طواعية وتجنيب العراق ويلات الحرب، رغم عدم ثقته في قدرة جيشه وشعبه على الصمود في الحرب، وأن هزيمته فيها شبه حتمية؛ لاسيما بعد التقارير التي قدمها الجنرالات الروس والصرب قبل الحرب إلى صدام عقب دراستهم على الأرض تنظيم وهيكلة الخطة الدفاعية العراقية، وحالة الكفاءة القتالية المتردية للجيش العراقي، وخلاصته أن الجيش العراقي بمختلف فروعه وتشكيلاته، لا يمكنه في أى ظرف من الظروف الصمود في وجه الهجوم الأمريكي، وأنه إذا ما وقعت معركة بغداد التي كثر رهان صدام عليها، فإن قوات الحرس الجمهوري وميليشيات الحزب وفدائيو صدام سيتعرضون لإبادة شاملة، وستتعرض بغداد لتدمير كامل، إلا أن صدام نظر إلى فرصة النجاح على أنها أكثر من الصفر، ومن ثم فإن الاستسلام ـ بمعنى التنحي ـ أمر غير رشيد في نظره.

ولأن القادة العراقيين كان لديهم تجربة طويلة مع الإستراتيجية الأمريكية في الحروب الأخيرة، منذ حرب عام 1991 وطوال الاثنى عشر عاماً التي تلتها، فقد أدركوا عدة حقائق بنوا عليها الإستراتيجية الدفاعية العراقية. وأبرز هذه الحقائق أن القوات الجوية الأمريكية والبريطانية ستحقق السيادة الجوية في سماء مسرح العمليات على مدار الساعة وطوال أيام الحرب، إلا أن هذه السيادة الجوية يمكن أن تكون محدودة وليست مطلقة، إذا ما جرت المناورة جيداً بوسائل الدفاع الجوي العراقية، وتمكنت من البقاء دون تدمير كلي، وواصلت تحديها بإسقاط طائرات منفردة أمريكية من خلال كمائن الدفاع الجوي المختار محلاتها جيداً، كما فعل الدفاع الجوى في يوغسلافيا عام 1999.

كما أدرك القادة العراقيون أيضاً أن القوات الأمريكية ستنجح في شل وتدمير معظم قدرات الاتصالات الإستراتيجية والتكتيكية خلال الساعات الأولى من الحرب، وهو ما يفرض على القوات العراقية أن توفر مستقبلاً وسائل اتصالات بديلة تؤمن القيادة والسيطرة، حتى وإن كانت بدائية للغاية، وهو ما تمثل بعد ذلك في خطابات صدام المسجلة مسبقاً، والتى أذيعت أثناء الحرب، وتحمل في طياتها شفرات خاصة بمثابة تعليمات قتال. وبالإضافة لتدمير وسائل القيادة والسيطرة العراقية، فإن القيادة العراقية أدركت أيضاً أنه قبل الحرب وأثناءها وبعدها لن تكون لديها قدرات استطلاعية ومخابراتية جيدة تتابع بها الموقف العملياتي للقوات الأمريكية والبريطانية، ليس فقط بسبب افتقاد عنصر الاستطلاع الجوي العراقي، ولكن أيضاً بسبب ما سيحدث من تدمير في وسائل الاستطلاع والمخابرات البرية العراقية.

ويقترن ذلك بالتدمير المبرمج جواً وبراً لجميع التشكيلات البرية العراقية، سواء النظامية أو الحرس الجمهوري، منذ بدء الحرب وقبل الدخول في معارك برية حاسمة، وذلك أثناء انتشار هذه التشكيلات في مناطق تمركزها ودفاعاتها، أو أثناء تحركها للقيام بهجمات مضادة، وستكون فرص التدمير في الحالة الأخيرة أفضل بالنسبة للقوات الجوية الأمريكية عندما تكون الدبابات والمركبات العراقية في العراء بدون غطاء جوي.

من هذه التنبؤات والمدركات استنبط القادة العراقيون عدة مبادئ حكمت إستراتيجيتهم الدفاعية على النحو التالي:

أ. بذل الجهود والمناورات السياسية التي يمكن أن تؤدي إلى تأخير شن الحرب أطول فترة ممكنة، بهدف تقويض الأساس السياسي والمعنوي لقوات التحالف، خاصة مع الدخول في فصل الصيف، وبما يمنح العراق فرصة زمنية أكبر للاستعداد للحرب واستكمال انتشار القوات والبناء الدفاعى لها.

ب. تدبير وسائل اتصالات تبادلية تؤمن القيادة والسيطرة من أعلى المستويات السياسية والإستراتيجية في الدولة وحتى المستويات التكتيكية، وبما يتمشى مع خطة الانتقالات المستمرة لمركز القيادة والسيطرة الرئيس للدولة (صدام حسين نفسه)، في ظل الظروف المتغيرة المتوقع أن تسود الحرب، مع القبول بسيطرة لا مركزية في المناطق الإستراتيجية التي يتعذر تأمين سيطرة مركزية فيها، وهو ما يتطلب وجود أحجام كافية من القوات في هذه المناطق تجعلها قادرة على مواصلة القتال معتمدة على نفسها.

ج. تحقيق الاستفادة الكاملة من كل المعالم الأرضية والعمرانية وذات الطبيعة الصعبة (أنهار وبحيرات، مدن، مضايق، سدود .. الخ)، بما يعيق تقدم قوات التحالف ويكبدهم أكبر قدر ممكن من الخسائر، مع الاستفادة الكاملة من طرق الخداع التكتيكى للحد من آثار القصف الجوى والبرى للتحالف، وإيقاع قواتهم البرية في مصائد قتل وكمائن مدبرة مسبقاً، بما في ذلك شن العمليات الانتحارية.

د. التلويح باستخدام الأسلحة الكيماوية والبيولوجية لردع قوات التحالف وتثبيط معنوياتها، وإجبارها على الانتشار واتخاذ إجراءات وقائية ودفاعية تعطل تقدمها، واستخدامها عند اللزوم عندما تخترق هذه القوات الخط الأحمر حول بغداد، وبما يكبدها خسائر فادحة، مع الاستعداد لامتصاص صدمة الرد الانتقامي الأمريكي، بما في ذلك استخدام أسلحة نووية تكتيكية، بما يؤمن مواصلة الصمود والقتال بعد ذلك، رغم قسوة الظروف التي ستنتج عن استخدام هذه الأسلحة، واستثمار ذلك سياسياً على أوسع نطاق على الساحتين الإقليمية والدولية ضد الولايات المتحدة الأمريكية ودول التحالف، وبما يؤدي إلى وقف الحرب، وهو ما يفرض تأمين بقاء القيادة السياسة العراقية (صدام حسين ونظامه) لمواصلة التحدي بعد الحرب، رغم ما سيصيب العراق من خسائر بشرية ومادية جسيمة.

هـ. نشر القوات البرية ذات الكفاءة القتالية العالية، خاصة فرق الحرس الجمهوري، في المناطق الإستراتيجية التي تحقق أقصى استفادة منها، مثل المناطق الجبلية، والتلال المحيطة بالمضايق (ممر كربلاء)، والمدن المزدحمة بالسكان. بهدف تأمين التمسك بها أطول فترة ممكنة ـ لاسيما في المدن ـ وبما يخلق مراكز مقاومة في ظهر قوات التحالف إذا ما واصلت تقدمها، ما يهدد مؤخراتها ويجبرها على التوقف، أو الهجوم وهي في أضعف حالاتها.

و. الاعتماد بشكل أساسى على القتال في دفاعات ثابتة للاستفادة من الوقاية التي تهيئها طبيعة الأرض وما بها من تحصينات ميدانية في ظل غياب غطاء جوي، وتقليل المناورة بالقوات وحركتها، إلا في أضيق نطاق، وفي المستويات التكتيكية فقط، وفي الظروف الجوية الصعبة التي تحد من استخدام الطيران. وهو ما يتطلب الاختيار الجيد لأماكن المواقع الدفاعية الثابتة، واعتماد القيادات في هذه المواقع على ذاتها في إدارة المعارك والسيطرة عليها، دونما حاجة للعودة إلى القيادات الإستراتيجية الأعلى أو الاعتماد عليها. مع الاستعداد لتوجيه هجمات برية مختارة ضد قوات التحالف في مراحل وتوقيتات مناسبة من الحرب، وأماكن يخف فيها أثر اعتمادها على تفوقها الجوي، وتفقد فيه أسلحتها وذخائرها الذكية ميزاتها، مثل الاستفادة من العواصف الترابية، وستائر الدخان الناتجة عن إحراق حقول وخنادق النفط، والليل، والقتال في المناطق المبينة المكتظة بالسكان. بمعنى آخر أنه في غياب قيادة إستراتيجية وسيطرة وفقد الاتصالات وعدم القدرة على الحصول على معلومات استخبارية عن العدو، فإن المعركة مع قوات التحالف من المفضل أن تتحول من وجهة النظر العراقية إلى ما يشبه (المشاجرة) التي يصعب فيها استغلال التفوق الجوي لما يمكن أن تحدثه الطائرات من إصابات في قواتها الصديقة، ويفقدها السيطرة على أبعادها ويعطل تقدمها، وتستنزف في معارك قصيرة متتابعة.

ز. التأثير على الروح المعنوية لقوات التحالف بمفاجأتها بالهجوم في أماكن وتوقيتات لا تتوقعها، وبالصمود الطويل في أماكن متوقع أن تجتاحها بسرعة وسهولة، وبأسر أعداد كبيرة منها وقتلهم وتضخيم ذلك إعلامياً (ذبح بعض الجنود الأمريكيين والطيارين وترك جثثهم لإخافة زملائهم). وفي المقابل العمل على رفع الروح المعنوية للقوات العراقية بخلق الدوافع لديهم للصمود حتى الموت داخل المواقع الدفاعية والمدن. ذلك أنه في اعتقاد صدام أنه لو استطاع الصمود والقتال لساعات قليلة، فانه سيمكنه الصمود ليوم آخر، ولو صمد ليوم آخر فإنه يمكنه أن يحقق الخسائر في قوات التحالف التي ستضطر إلى أن توقف تقدمها أو تؤخره، وباستغلال ذلك إعلامياً يمكنه رفع معنويات قواته وشعبه ويدفعهم إلى مزيد من الصمود أياماً أخرى، وقد يتحقق في نهايتها هدفه بإجبار القيادة الأمريكية على وقف القتال. يدعم هذا التوجه الدعاية الإعلامية الواسعة بأن الجيش الأمريكي ليس بالذي لا يقهر، وأن ما يتسلح به من عناصر تفوق، تتمثل في أسلحته وذخائره الذكية وقواته الجوية، من الممكن تحييدها وهزيمتها. ولكن في المقابل فإن صمود الجيش العراقي لأيام طويلة يتطلب أن تكون تشكيلات هذا الجيش على قدر عالي من التماسك المعنوي والبنائي، والثقة بالنفس لاسيما عند مواجهة المواقف الصعبة.

3. الخطة الدفاعية العراقية

أ. اعتبارات رئيسة

بالنظر لإدراك القيادة العراقية عدم قدرة قواتها على التصدي للتفوق الجوي للتحالف، وضعف إمكانات المناورة بالقوات البرية في الصحراء وبين المدن في غياب غطاء جوي، لذلك قررت تبنى خطة الدفاع الثابت، وهو نظام دفاعي يتسم بالجمود وضبط النفس، ولديه القدرة على التصدي للهجمات الجوية والبرية المشتركة للعدو، في إطار ما يعرف بالحرب الجوبرية. ورغم أن هذا الخط الثابت من الأنظمة الدفاعية التي ترجع إلى الحرب العالمية الأولى (1914 – 1918)، والتى عُرفت بحرب الخنادق، لم يعد يُعتد به منذ معارك الحرب العالمية الثانية، التي اتسمت بالمناورة الواسعة بالمدرعات في مسارح العمليات، فقد استعاضت عن ذلك بنشر قواتها وأسلحتها داخل المدن وإخفائها بجوار الأهداف المدنية (مثل المدارس والمساجد والمستشفيات والمبانى السكنية .. إلخ)، بهدفين الأول محاولة إخفائها عن أعين وسائل الاستطلاع الفضائي الجوي الأمريكية، والثانى دمجها في الأهداف المدنية حتى إذا ما قصفت تحدث خسائر ضخمة في السكان المدنيين يمكن استغلالها إعلامياً وسياسياً ضد دول التحالف، ولإجبار القوات الأمريكية والبريطانية على خوض القتال البري داخل مناطق مأهولة بالسكان.

لذلك نشرت القيادة العراقية قواتها، ليس فقط داخل المدن، بل أيضاً حول حقول النفط الرئيسة بالقرب من البصرة وكركوك، حتى يسهل عليها نسف هذه الحقول ومنشآتها قبل سقوطها في أيدي قوات التحالف، وبطريقة لا يمكن لهذه القوات (التحالف) تجنبها، خاصة وأن مراكز المقاومة الرئيسة في الدفاعات العراقية الثابتة كانت تسعى إلى توريط قوات التحالف المهاجمة في مناطق قتل وحقول نيران، يتطلب أمر كشفها وتميزها عن الأهداف المدنية المجاورة لها الاعتماد على الرؤية البصرية القريبة أكثر من الاعتماد على أنظمة الاستطلاع الإلكترونية، ويستدعى من ثم اقتراب القوات المهاجمة منها، ومن ثم دخولها في جيوب النيران العراقية، خاصة وأن قتال قوات التحالف في المدن سيفقدها ميزة الاعتماد على التكنولوجيا المتقدمة.

لكن المأزق الذي وقعت فيه القيادة العراقية أنها لم تطبق المبادئ وأسس الدفاع الثابت على الأرض عند نشر قواتها. فإذا كان رهان هذه القيادة على الصمود في الساعات والأيام الأولى من الحرب، وإحداث خسائر جسيمة في قوات التحالف المهاجمة، بما يرفع الروح المعنوية للقوات العراقية على طول المسرح، ويعزز صمودها في أيام القتال التالية، فإن تحقيق ذلك كان يتطلب نشر قوات ذات فعالية في المناطق القريبة من الحدود وعلى طول طرق تقدم القوات المهاجمة، وفي تقاطعات الطرق المهمة، والمناطق المتحتم عبورها، وبعمق وبما ينهك قوات التحالف قبل اقترابها من المدن، إلا أن ذلك لم يتحقق، حيث احتفظت القيادة العراقية بخيرة تشكيلاتها البرية (الحرس الجمهوري) للدفاع عن بغداد وبعض المدن الأخرى، في حين كلفت تشكيلات الجيش النظامي ذات الكفاءة القتالية المتدنية بالقتال في باقي مناطق العراق، وعلى طرق تقدم قوات التحالف نحو بغداد، وبتجهيزات دفاعية متواضعة، ما سهل على قوات التحالف المهاجمة اختراقها أو عزلها وتخطيها، وبذلك أمكن لقوات التحالف تحقيق هدف تفكيك الهيكل الدفاعي للنظام الصدامي منذ الأيام الأولى في القتال.

لذلك تركز انتشار القوات العراقية في المناطق الرئيسة الآتية: في الشمال بالقرب من الموصل وكركوك بواسطة فرق من الجيش النظامي، تعززها وحدات من الحرس الجمهوري، وبما يغلق طريقي الموصل/ بغداد، كركوك/ بغداد، شمال وجنوب بغداد بواسطة ثلاث فرق حرس جمهوري، وتكريت، وحول المدن الرئيسة في الجنوب بواسطة فرق الجيش النظامي وفرقة حرس جمهوري. مع الاهتمام بالتمركز حول مواقع حقول النفط الكبرى في الجنوب والشمال، ولم تتمركز قوات كافية في جنوب نهر الفرات أو غرب دجلة، كما لم يعط اهتماماً كافياً لتأمين المعابر والجسور على هذين النهرين المهمين اللذين يؤديان بالطرق الموازية لهما إلى بغداد.

ب. مراحل الحرب طبقا للسيناريو العراقي

قسمت الخطة العراقية سيناريو الحرب إلى أربعة مراحل على النحو التالي:

(1) المرحلة الأولى: التصدي للهجوم الافتتاحي

بالنظر لإدراك القيادة العراقية أن الأسلوب الأمريكي في الهجوم، الذي يتسم بالمرونة والسرعة والهجوم المباشر، أقل تفضيلاً لديهم عن أساليب الالتفاف والتطويق، باستثناء هجمات رأس الحربة التي لا يمكن تجنبها، ولأن القوات العراقية المدافعة لا تستطيع البقاء والصمود طويلاً في المناطق جنوب نهر الفرات، بالنظر لتذكرهم عملية الالتفاف التي طوقتهم بها القوات الأمريكية في هذه المناطق، عام 1991، (المخطاف اليسارى)، لذلك كسروا قواعد انتشارهم المعتادة بوضع قوة كبيرة في الجنوب الشرقي لحراسة حقول النفط في الرميلة والطرق التي تتخلل منطقة المستنقعات شمالي الكويت، بالإضافة لفرقة حرس جمهوري في منطقة الكوت، وثلاث فرق حول بغداد، ولكن منطقة الفرات من بغداد وحتى شط العرب كانت بالكامل غير مُدافع عنها، ما يشكل ثغرة كبيرة في النظام الدفاعي العراقي.

وكان ذلك يعني في النظرة العراقية حرمان قوات التحالف من الاستيلاء على آبار النفط في الجنوب، وإجبارها على التورط في قتال ضد فرقتي الحرس الجمهوري وفرقة نظامية في مناطق المستنقعات، حيث تصعب المناورة بالمدرعات واستخدام قوات الاقتحام الجوي، وهو ما سيكلفهم الكثير من الخسائر. أما البديل لهذا الخيار في النظرة العراقية، بأن تتجنب قوات التحالف نهائياً التورط في مثل هذا القتال، وأن تشن هجومها من غرب الكويت وشمالاً حتى الفرات، على الخط من السماوة وحتى الناصرية، حيث توجد جسور في كلتا المدينتين، بالإضافة لجسر ثالث بينهما، ويعبر الطريق الرقم 12 هذه القناة المائية إلى الرميثة.

كما يتوافر أمام قوات التحالف خيار ثالث، يتمثل في التحرك عبر الصحراء إلى الخط كربلاء ـ النجف، إلا أن هذا الخيار يعني إجراء مناورة صعبة تشمل التحرك لأكثر من 300 كم، يتخللها عبور مناطق مأهولة بالسكان، ولكي تنفذ يلزمها الاستيلاء مبكراً على المعابر المقامة على نهر الفرات بواسطة القوات الخاصة أو قوات منقولة جواً، وسيكون الوقت الذي تستغرقه القوات لتنفيذ هذا الخيار أطول منه فيما لو نفذ الهجوم عن طريق خط السماوة/ الناصرية.

ومع توقعات بقيام قوات خاصة منقولة جواً بالاستيلاء المبكر على المعابر، بمصاحبة تحرك سريع لقوات مدرعة من غرب الكويت، وبغض النظر عن الاستيلاء على المعابر من عدمه، فمما لا شك فيه أنه سيحدث تكدس مرورى على الجانب الجنوبي من نهر الفرات، وحتى مع افتراض سيولة في المرور، فإن هذه ستكون اللحظة المناسبة لإطلاق الأسلحة الكيماوية العراقية ضد قوات التحالف، إما بواسطة صواريخ أرض/ أرض تكتيكية، أو طائرات من دون طيار، أو بواسطة قذائف المدفعية.

فمن المؤكد أن إطلاق قصفات مدفعية كيماوية ضد قوات التحالف المتحركة جنوب نهر الفرات، مصحوبة بقصف صاروخي كيماوي ضد قوات أخرى للتحالف في غرب البصرة وداخل الكويت، من الممكن أن يحدث خسائر جسيمة وفوضى وإرباك في صفوف قوات التحالف وقياداتها في المرحلة الافتتاحية للحرب، تؤثر سلباً في تنفيذ باقي مراحل الحرب، وتعرقل عبور هذه القوات وتقدمها، وحتى إذا لم تستخدم الأسلحة الكيماوية، فإن الخوف من استخدامها في إطار التهديد بها من قبل القيادة العراقية سيحدث أيضاً مفعوله السلبي في تأخير تقدم وعبور قوات التحالف.

إلا أن العراقيين تعلموا من التجربة الصربية في حرب كوسوفا، عام 1999، أنه من الممكن خداع طائرات التحالف باستخدام الأهداف الهيكلية التي تشتت هجماتها وتحد من فاعليتها، وحتى مع تدمير قواذف الصواريخ بعد إطلاقها نتيجة كشفها وقصفها جواً، فإنها تكون قد حققت مهمتها قبل تدميرها.

وفي جميع الأحوال فإن التحدي الكبير الذي كانت تواجهه الخطة الدفاعية عن العراق في المرحلة الافتتاحية للحرب، هو أهمية صمود التشكيلات العراقية المنتشرة عند المعابر للدفاع عنها، لأن عبور قوات التحالف على هذه المعابر كان يشكل أبرز نقاط الضعف في مراحل تقدم هجوم هذه القوات، وهو ما كان ينبغي على القوات العراقية استغلاله لأقصى ما يمكن حتى يمكن عرقلة تقدمها نحو بغداد. وهو ما يتطلب أن تتمتع التشكيلات العراقية بروح معنوية عالية، تمكنها من مواصلة المقاومة وضرب قوات التحالف حتى آخر رجل فيها، وأن تنفي عن نفسها أى شعور بالإحباط أو بتفوق قوات التحالف عليها.

(2) المرحلة الثانية: التقدم في اتجاه بغداد

في التصور العراقي كانت قوات التحالف ستواجه عند اقترابها من بغداد تحديين رئيسيين: أولهما الموانع المائية المنتشرة على طول طرق التقدم، والثانى عدد السكان الكبير. وكما تفيد دروس الحروب السابقة أن المناطق المزدحمة سكانيا تشكل أكبر عقبة في طريق تقدم القوات الغازية وهجومها. ومن ثم فإن قدرة القيادة العراقية على إجبار كتل كبيرة من السكان في المدن المنتشرة في حوض الفرات الأوسط وحول دجلة بين البصرة والكوت على الخروج من مدنهم وسد الطرق التي تتحرك عليها قوات التحالف، سيجعل آخر 150 كم من تقدم هذه القوات بطيئاً جداً، ويخلق أفضل الظروف لشن حرب عصابات ضد أرتال هذه القوات التي ستكون شبه متوقفة، يساعد على ذلك اختلاط القوات الخاصة العراقية مع فدائيي صدام في وسط المدنيين، ومن خلال هذا الاختلاط يسهل توجيه الضربات. ولأن الولايات المتحدة الأمريكية كانت قد أعلنت مسبقاً أن قواتها لن تأسر أى جندى عراقي يرفض مقاومتها، فإن ذلك كان يعنى أن الولايات المتحدة الأمريكية تخشى من عملية إدارة أسرى الحرب في خضم الحرب، ومن ثم فإن موقفها مع جحافل اللاجئين المدنيين سيكون بالقطع أسوأ. أما الالتفاف من خلال البحيرات (رزازة، ثرثار) فإنه لن يحل مشكلة القوات الأمريكية.

ومن ثم فإن المخرج السليم والواضح أمام القوات الأمريكية، يكون في الاعتماد على عمليات النقل الجوي للقوات، وهذه أيضاً لن تحل المشكلة في هذه المنطقة لتواجد قوات عراقية محدودة قادرة على الاشتباك، فإذا ما نجحت في مواجهة قوات التحالف المنقولة جواً وحصارها، وعزلها عن القوات البرية للتحالف المتقدمة لأكثر من أربع ساعات، فإنه يمكن القضاء على القوات المنقولة جواً بسهولة، ناهيك عن كونها لن تنجح في حل مشكلة تقدم القوات البرية المتورطة في مناطق مزدحمة بالسكان على جانبي دجلة والفرات.

وإذا كانت خطة العراق في المرحلة الأولى عند الفرات، أن تسبب خسائر جسيمة لقوات التحالف، فإن إستراتيجية التعامل مع المرحلة الثانية ستسعى إلى إطالة مدة زمن التقدم على قوات التحالف إلى أقصى حد، لا سيما مع نجاح القوات العراقية في دفع آلاف اللاجئين من السكان العراقيين إلى سد طرق التحرك في وجه قوات التحالف المتقدمة. وبذلك تستغرق الفترة الزمنية بين عبور الفرات وحتى الوصول إلى بغداد حوالي أربعة أيام وأكثر، بالنظر لانخفاض سرعة تقدمها إلى حوالى 40 كم / يوم.

(3) المرحلة الثالثة: الدفاع عن بغداد

بغداد مدينة كبيرة تسكنها حوالي خمسة ملايين نسمة، تحيط بها ضواحي مكتظة بالسكان، يشطرها نهر دجلة، ويحيط بها من الشرق نهر ديالا، ومن الغرب نهر الفرات، ومحاطة من جميع الجهات بمجاري مياه عديدة ذات أحجام مختلفة. وقد قامت القوات العراقية بدعم هذه المواقع الطبيعية بمواقع أخرى صناعية زادت وضاعفت من تحصين المدينة، وهو ما تمثل في الحفر العميقة والعريضة المتصلة بخزانات نفط أو غاز بروبين، تم تجهيزها في جنوب وشمال المدينة لإشعالها في حالة مهاجمة قوات التحالف للمدينة، ما يدل على تصميم لإدارة حرب دفاعية حاسمة وفاصلة في بغداد.

وخصصت الخطة العراقية للدفاع عن بغداد ثلاث ألوية قوات خاصة من الحرس الجمهوري، بخلاف فرق الحرس الجمهوري المدافعة جنوب وشمال العراق، ومن الممكن تدعيمهم بفرق أخرى من الحرس الجمهوري القريبة من بغداد، وبقوة صد وتدمير قوامها 25 ألف جندي. وفي مواجهة هذا الموقف كان هناك ثلاثة خيارات أمام القيادة الأمريكية للتعامل مع القوات المدافعة عن بغداد طبقاً للرؤية العراقية: إما الهجوم، أو حصار المدينة، أو احتواؤها ثم الالتفاف حولها.

وفي جميع الحالات فإن القيادة الأمريكية لا تريد أن يزحف خمسة ملايين لاجئ عراقي خارج المدينة، وما يشل حركة قوات التحالف. لذلك فقد كان يتعين على هذه القيادة أن تبتكر خطة ما من خطط الاحتواء، وطبقاً للرؤية العراقية فإن أية خطة احتواء لبغداد سيكون لها انعكاساً مفيداً على الجانب العراقي عسكرياً وسياسياً. فمن الناحية العسكرية ستشل حركة قوات التحالف وتجمد حجماً كبيراً، منها لتنفيذ مهام الاحتواء عن مدينة كبيرة بهذا الحجم، الأمر الذي يؤدي إلى إيقاف الهجوم أو تقليل قوة اندفاعه، وإطالة الوقت اللازم لتحقيق السيطرة على كل العراق.

أما على الصعيد السياسي فإن أي حصار أو احتواء من هذا النوع، حتى وإن لم يشتمل على قصف جوي أو مدفعي، سيعيق وصول إمدادات الغذاء والوقود والمؤن الأخرى إلى المدينة، ويعرقل الخدمات الحيوية الأخرى، ما يؤدي إلى خلق أزمة إنسانية حادة سيكون لها صدى عنيف على كل الساحة الدولية، خاصة إذا طالت فترة الحصار أو الاحتواء، وهو ما يخدم الخطة العراقية ويحقق أهدافها في إثارة الرأي العام الدولي ضد الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، ويحدث انشقاق في بنيان التحالف من جهة أخرى.

إن احتفاظ الخطة الدفاعية العراقية بحوالي 25 ألف مقاتل من الموثوق في ولائهم للنظام الحاكم، وذوي الكفاءة القتالية العالية تنظيماً وتسليحاً وتدريباً، في بغداد تحت السيطرة المباشرة لقصي (ابن صدام حسين) احتياطياً إستراتيجياً، يمثل في النظرة العراقية تنفيذاً لمبدأ الاقتصاد في القوى. ذلك أنه بافتراض نجاح قوات التحالف في اجتياح القوات العراقية الأخرى المدافعة عن بغداد، فإن الإبقاء على قوة احتياطي إستراتيجي كبيرة نوعاً ما تحت القيادة المباشرة للقيادة السياسية، سيكون في مقدورها إعطاء عمق للمعركة، ويوفر بدائل عمل عسكري في أيدى هذه القيادة، أبرزها تكبيد قوات التحالف خسائر بشرية جسيمة قد تدفعها إلى وقف إطلاق النار والدخول في مساومات سياسية، كما يمكن هذا الاحتياطي الإستراتيجي من تأمين السيطرة الأمنية على بغداد، واحتفاظ النظام الحاكم بسلطاته فيها في حالة حصار بغداد، خاصة إذا ما نجحت القيادة العراقية في تأمين انسحاب منظم لبقايا فرق الحرس الجمهوري المدافعة في شمال وجنوب بغداد إلى داخلها بأسلحتهم، وبما يدعم الدفاع عن المدينة.

وفي المحصلة النهائية، يستبعد القادة العراقيون احتمال سقوط بغداد في أيدي قوات التحالف، وأن هذه القوات خسائر ستكلف جسيمة إذا ما حاولت اقتحام المدينة، وهذا لا يستطيع الرأي العام الأمريكي والبريطاني قبوله، خاصة مع إطالة زمن الحرب، وهو ما راهن عليه القادة العراقيون. ذلك أن إطالة فترة القتال حول بغداد وداخلها لمدة أسبوع، من الممكن أن يكبد قوات التحالف 500 قتيل وضعفهم من المصابين، وبذلك ينجح رهان القيادات السياسية والعسكرية العراقية، لأن صمود القوات العراقية بأي صورة حتى تحقق هذا الهدف، كفيل في رؤية هذه القيادات أن يجبر القيادات الأمريكية على طلب إيقاف إطلاق النار.

(4) المرحلة الرابعة: سقوط بغداد

إذا حدث وسقطت بغداد، فإن ذلك يعني بالنسبة للتحالف نهاية خطة الدفاع عن العراق، ولكن لا تزال هناك شكوك في ذلك، لأن تجربة الأيام الأخيرة من الحرب العالمية الثانية سادت مخاوف بين قيادات الحلفاء من احتمال أن يقوم الألمان في أعقاب سقوط برلين بمحاولة إعادة تجميع صفوفهم في مناطق الجبال الجنوبية في بافاريا، في محاولة الإبقاء على النظام النازي هناك، متخذين من الجبال حصوناً لهم ضد الهجمات الجوية والأرضية لقوات الحلفاء، ورغم وجود شكوك حول وجود مثل هذه المحاولات أصلاًً، إلا أن القوات الجوية والبرية الأمريكية شنت هجمات ضد هذه المناطق تحسباً لمثل هذه الإستراتيجية.

كانت هناك دلائل لدى القادة العراقيين على التحسب لوقوع مثل هذا السيناريو. يتمثل ذلك في انتشار فرقتي حرس جمهوري في مواقع تغلق المنافذ على الطريقين الرئيسين اللذين يمران شمالاً من بغداد، وهو ما يدل على مخطط لمنع زحف قوات التحالف نحو الشمال بعد سقوط بغداد. مع الوضع في الاعتبار وجود الفيلق العراقي الخامس بالكامل في شمال العراق حول الموصل وكركوك وفرقة حرس جمهوري في تكريت، وهو ما يشكل رصيداً إستراتيجياً للقيادة العراقية، خاصة مع وجود دفاعات حصينة في شمال بغداد.

فإذا ما استمر الموقف التركي في امتناعه السماح لقوات التحالف (الفرقة الرابعة الميكانيكية) بعبور الأراضي التركية نحو شمال العراق، فإن ذلك يعزز من جعل منطقة شمال العراق حصناً وملاذاً باقياً للنظام الحاكم يتخذه معقلاً في حالة سقوط بغداد، خاصة وأن القوات الأمريكية ستعتمد في الحصول على إمداداتها اللوجستية فقط على الكويت، وهو ما يطيل خطوط مواصلاتها ويجعلها عرضة لحرب العصابات.

فإذا وضعنا في الحسبان أن قوات التحالف بعد وصولها إلى بغداد، ستكون في حاجة ماسة لفترة زمنية كافية تعيد خلالها تجميع تشكيلاتها المقاتلة، وتستعيض خسائرها، وتحصل على احتياجاتها اللوجستية، وتنال قسطاً من الراحة، وإجراءات لإدارة شؤون العراق المدنية، فإن هذا هو الوقت المناسب من وجهة النظر العراقية لإرهاق قوات التحالف بحرب العصابات، وتحويلها إلى حرب تستنزف فيها هذه القوات، وتفقدها الاستقرار، وتخفض من روحها المعنوية، وتحرمها من جني ثمار انتصارها، خاصة إذا ما واكب ذلك شن هجمات ضد المصالح الأمريكية والبريطانية على كل الساحة العالمية، بواسطة عناصر مناصرة للنظام الصدامي.

تتركز خطة الدفاع العراقية عن المدينة في الآتي:

(1) تنظيم الدفاع للقوات البرية العراقية في شكل نطاقات دفاعية، تحوي مفارز متقدمة تحتل نطاقات أمن ونطاقين دفاعيين رئيسين واحتياط متمركز حول بغداد، مع تركيز الجهود للدفاع عن المدن، وعلى محاور الاقتراب الرئيسة إلى العاصمة بغداد، ويتكون كل نطاق دفاعي من 2 - 3 موقع دفاعي، بعمق يصل إلى 20 كم، ويحتل كل نطاق بواسطة فرقة مشاة أو مشاة ميكانيكية، بحيث تحتل ألوية المشاة المواقع الدفاعية في النسق الأول، وتحتل الألوية الميكانيكية والمدرعة مواقع النسق الثاني والاحتياط لتوجيه الهجمات المضادة.

(2) بقوة مفارز نطاقات الأمن على الحدود، تعمل على اكتشاف القوات المهاجمة وتعطيلها وإحداث أكبر خسائر ممكنة بها، باستخدام ستائر المقذوفات المضادة للدبابات، ثم إدارة عمليات دفاعية أمام وداخل النطاقات الدفاعية الرئيسة، بما يكفل صد قوات العدو وتثبيتها واحتوائها وتدميرها، وتهيئة الظروف لقيام فرق النسق الثاني والاحتياط المدرعة والميكانيكية بهجمات وضربات مضادة، تستكمل بها تدمير العدو المهاجم، وتعيد الأوضاع لما كانت عليه.

(3) تركز جهود الدفاع لإحداث أكبر قدر ممكن من الخسائر البشرية في القوات المهاجمة، وما يعرقل تقدمها نحو بغداد. ويتحقق ذلك بالسعي إلى جذب وحدات العدو المهاجمة إلى مناطق الكثافة السكانية والمدن، لتوريطها في قتال شوارع تشارك فيه قوات المقاومة الشعبية، وبما يورط العدو في حرب استنزاف طويلة الأمد، تجعله يعدل عن مواصلة تقدمه إلى بغداد. وتستخدم الصواريخ البالستية (سكود، والصمود-2، الفتح)، في توجيه ضربات صاروخية ضد مناطق تمركز تجمعات العدو الرئيسة، في الكويت والمنطقة الكردية في الشمال، ومناطق تمركزه التي ينتقل إليها داخل العراق.

(4) التوسع في تنفيذ العمليات الخاصة وأنظمة الموانع المختلفة (ألغام وخنادق نفط محترقة... الخ) على محاور التقدم الرئيسة نحو بغداد، خاصة في الاتجاهين الجنوبي والغربي لعرقلة تقدم القوات المهاجمة، مع الاستعداد لتنفيذ عمليات انتحارية، وإحراق حقول النفط، وتدمير الجسور والسدود، في خيار أخير للتأثير على الأهداف الرئيسة للعملية الهجومية المعادية.

(5) تركز الجهود الرئيسة للدفاع في الاتجاهات الآتية

(أ) عرقلة تقدم وهجوم قوات العدو في الشمال على محوري: الموصل/ بغداد، كركوك/ بغداد.

(ب) عرقلة تقدم وهجوم قوات العدو في الجنوب على محوري: النجف/ كربلاء/ بغداد، البصرة/ الناصرية/ الكوت/ بغداد.

(ج) الدفاع بقوة عن المدن: البصرة، الناصرية، العمارة، الحلة، السماوة، النجف، كربلاء، الكوت، الموصل، كركوك، تكريت، وبغداد.

(6) تعد الجبهة الغربية اتجاهاً ثانوياً للدفاع، تدار فيها أعمال قتال تعطيلي لعرقلة تقدم القوات المهاجمة على محور الرطبة/ الرمادي/ بغداد، مع الاستعداد لتدمير القواعد والمطارات الجوية على هذا الاتجاه، خاصة قاعدة (الرطبة) لحرمان القوات المهاجمة من استخدامها.

(7) نطاق الأمن والنطاق الدفاعي الأول: على الحدود العراقية مع الكويت والسعودية والأردن وإيران وضواحى الموصل وكركوك، وبعمق 30 – 40 كم، ويتولى الدفاع عنه فرق الجيش العاملة.

(8) النطاق الدفاعى الثانى: ويبدأ من حدود خط الحظر الجوى الشمالية والجنوبية، وبعمق 20-30 كم، ويتولى الدفاع عليه فيلق الحرس الجمهوري.

(9) النطاق الدفاعى الثالث: حول بغداد ويدافع عليه قوات النخبة من الحرس الجمهوري (ألوية الحرس الجمهوري الخاص)، وقوات أخرى خاصة تعرف بـ(جيش الظل) وقوامه 150 ألف جندي ممن يدينون بالولاء للنظام الحاكم. وقسمت بغداد إلى أربعة مربعات عسكرية، مع توفير احتياجات كل مربع من الأسلحة والذخائر وأجهزة الاتصالات بما يحقق لها الاكتفاء الذاتي في الدفاع والصمود في القتال لمدة 45 يوماً، بما في ذلك المؤن الغذائية والمياه والمستشفيات، مع شق أنفاق وممرات سرية لسرعة الاختفاء والانتقال للقتال والمناورة من منطقة إلى أخرى.

ولتنفيذ هذا المخطط سحبت كتائب مدفعية الحرس الجمهوري التي كانت منتشرة في الكوت والدبونى والعزيزية، إلى منطقة الصويرة ومشروع الوحدة (50 كم من بغداد)، حيث انضمت إلى فرق الحرس الجمهوري. كما انتشرت قوات الحرس الجمهوري الموجودة في معسكر طوبراوة القريب من سيطرة تكريت ـ كركوك (30 كم إلى ناحية بيجي) على طول الطريق في مناطق صحراوية، وأخفيت دباباتها وعرباتها المدرعة في ملاجئ حصينة تحت الأرض منتشرة في مجموعات صغيرة وعلى مساحات واسعة من الأرض.

ج. مهام القوات

تحددت مهمة القوات المدافعة عن النطاق الدفاعي الأول، في صد هجوم قوات التحالف وعرقلة تقدمها، اعتماداً على الصواريخ المضادة للدبابات، لاسيما (كورنيت) الحديثة التي حصلت عليها العراق من روسيا البيضاء، مع استيعاب الهجمات الجوية بواسطة وسائل الدفاع الجوى الحديثة التي حصلت عليها مؤخراً من بعض دول أوروبا الشرقية والصين، وحرمان الطيران المعادي من التركيز على بغداد، مع منع القوات البرية المهاجمة من الاتصال بأي قوات خاصة تابعة لها يكون قد تم إبرارها في محيط بغداد والمطار، حتى القضاء عليها.

أما مهمة النطاق الدفاعى الثاني عن بغداد، فيتولى اللواء الثالث حرس جمهوري (قوات خاصة) مهمة الدفاع عن جنوبها في منطقة الزعفرانة، بعد أن أكمل تدريبه على مهمة القتال في المدن وحرب الشوارع. وتبدأ مهمة قوات النطاق الثاني بعد تهاوي الدفاع عن النطاق الأول. وقد وضع بتصرفها أفضل وحدات الحرس الجمهوري المدعمة بالمدرعات والمدفعية ووسائل الدفاع الجوى، وتركزت جهودها للدفاع على محاور التقدم إلى بغداد وتكريت، وتعمل في مجموعات صغيرة مسلحة بصواريخ مضادة للدبابات لعرقلة تقدم مركبات القتال المهاجمة وتعطيلها، وتدمير أية قوات خاصة يكون قد تم إبرارها في نطاق بغداد قبل أن تتصل بها القوات المهاجمة، ومنعها من دخول بغداد بكل الوسائل، مع تجهيز مناطق من طرق التقدم والجسور للنسف عند اقتراب قوات التحالف منها.

وقد أطلق على النطاق الدفاعي الثالث (عش الدبابير) حول بغداد، وذلك بسبب تعدد مستويات الدفاع عنها، وكثافة العناصر المشاركة فيها، وهي من قوات النخبة في الحرس (الجيش الخاص 15 ألف جندى)، ويتكون من كتائب جيدة التسليح والتدريب ومضمونة الولاء للنظام، ومجهزة لإدارة حرب مدن وشوارع، لذلك زوّدت بأسلحة متقدمة وأجهزة اتصالات متطورة. كما زرعت عبوات مفخخة على كل مداخل بغداد وتكريت، وقد طورت هذه العبوات محلياً لتكون شديدة الانفجار ومزودة بمسامير وقطع معدنية حادة لإلحاق أكبر خسائر ممكنة بالقوات المهاجمة. وقد وضعت بصفة خاصة في الطرق الإلزامية للتقدم صوب قلب بغداد، وتشكل مع الأسلحة المضادة للدبابات والمضادة للأفراد مناطق قتل مغطاة تماماً بنيران المدفعية.

أما "جيش الظل"، أو ما أطلق عليه "جيش الخفاء"، فيتولى مسؤولية الدفاع عن مدينة بغداد في حالة سقوط النطاقات الدفاعية الثلاث، وهو الذي اعتمد عليه صدام في الدفاع عن نظامه في معركة البقاء، ويتكون في الأساس من كتائب (فدائيو صدام) و5000 رجل ممن لديهم حوافز قوية للقتال حتى الرجل الأخير. وقد أُخضعوا لتدريب مكثف على جميع أنواع الأسلحة الخفيفة والمتفجرات، وأساليب حرب المدن، كما تم تزويدهم بنظام اتصالات خاص يعتمد على الهواتف النقالة، ذلك أن القيادة العراقية قد وضعت في حسبانها أن جميع مراكز الاتصالات ستتعرض للدمار. لذلك جرى تجهيز سنترالات للهاتف النقال، مع برمجة السنترالات لتعمل وفق أرقام مختصرة.

وقد قسمت هذه القوات على الأحياء السكنية في بغداد، بحيث تحدد لكل حي مركز قيادة يسيطر على بضع عشرات من المجموعات الأمنية الصغيرة الموزعة في شكل عنقودي، ولكل قيادة حرية التصرف والحركة في منطقتها، ويكون التعاون بين القيادات الميدانية بعضها البعض حسب حاجة المعركة. هذا مع وجود قوات احتياطي عام تحت سيطرة قصي نجل "صدام حسين"، في محيط المنطقة الرئاسة التي يسيطر عليها في قلب بغداد، بحيث يدفعه لدعم قوات أى قطاع طبقاً للحاجة وظروف المعركة والمخاطر التي يتعرض لها نتيجة ثقل العدو المهاجم.

ومن مميزات هذه الخطة ـ في نظر القيادة العراقية ـ أن من شأنها تقليل فعالية الهجمات الجوية، لأن طبيعة انتشار القوات العراقية في مجموعات صغيرة وتكتيكاتها للقتال داخل مدينة بغداد، أن يجعل بغداد بأكملها هدفاً عسكرياً، ومن المستحيل أن تدمر الهجمات الجوية بغداد بالكامل للقضاء على نظام صدام.