إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / غزو العراق عام 2003




مواقع عسكرية قًصفت بالذخائر الذكية
موقع سد الحديثة
مجموعة صور لصدام حسين
محمد سعيد الصحاف
مجلس الحكم العراقي
آية الله علي سيستاني
أركان النظام الصدامي
المظاهرات تعم مدن العالم
بليكس والبرادعي
تحطيم تمثال صدام حسين
صدام حسين لحظة القبض عليه
كولين باول
عناصر القيادة السياسية العسكرية في الحرب
قادة المعارضة العراقية

أهم المدن العراقية
مناطق الاحتلال (سبتمبر 2003)
مناطق القاعدة (ديسمبر 2006)
مناطق القاعدة ديسمبر 2007
أوضاع فرق الحرس الجمهوري
محاولة اغتيال صدام
محاور التقدم الرئيسية والمساعدة
مخبأ صدام حسين
مستويات هجمات قوى التمرد
الأهداف الإستراتيجية في وسط بغداد
الليلة الأولى لقصف بغداد
الهجوم على مطار صدام الدولي
التمرد والعصيان
انتشار قوات التحالف
الحلقة الدفاعية حول بغداد
اقتحام الفرقة الثالثة لبغداد
توزيع قوات الحرس الجمهوري ومواقع قوات التحالف
حصاد ثلاثة أسابيع من المعارك
سيناريو الحرب البرية المتوقع
غزو العراق
قوات التحالف في الحرب
قاعدة العديد الجوية بقطر

معركة الاستيلاء على جزيرة الفاو
أقسام العراق الطائفية والعرقية (بالمحافظات)
المحافظات العراقية
التوزيع السكاني للأكراد بين دول المنطقة
التوزيع السكاني في المحافظات
تحرك القوات الأرضية والقوات الخاصة
خرائط الجمهورية العراقية



بسم الله الرحمن الرحيم

المبحث الثامن

 إعداد مسرح العمليات لكلا الجانبين (التحالف والعراق)

أولاً: قوات التحالف

اتسمت عملية الحشد العسكري الأمريكي بخصائص جديدة في العمل العسكري الأمريكي، تتمثل في الاكتفاء بالحد الأدنى من القوات التي تسمح ببدء الهجوم على العراق، على أن يجري إرسال المزيد من القوات بعد ذلك حسب تطور الموقف العسكري، وكان هذا الحد الأدنى متمثلاً على الأقل في 150 ألف جندي كان على الولايات المتحدة الأمريكية حشدهم في الخليج، من أجل امتلاك القدرة على بدء الحرب على العراق. وتوزعت الحشود الأمريكية ما بين الكويت وقطر وتركيا والأردن، وعدد من دول الخليج الأخرى، بالإضافة إلى نشر العديد من القطع البحرية الأمريكية في مياه الخليج وبحر العرب وشرق البحر المتوسط والبحر الأحمر. (اُنظر شكل محاور التقدم الرئيسية والمساعدة)

وكانت الكويت أبرز نقطة ارتكاز في الحشد العسكري الأمريكي في الخليج، نظراً لحسابات الجوار الجغرافي مع العراق. كما استفادت القوات الأمريكية من التسهيلات العسكرية التي حصلت عليها من البحرين وسلطنة عمان، وذلك تحت مظلة اتفاقات الدفاع المشترك التي أبرمتها الولايات المتحدة الأمريكية مع جميع دول مجلس التعاون الخليجي، في فترة ما بعد حرب الخليج عام 1991. وبدأت عمليات الحشد العسكري الأمريكي في الكويت منذ فترة مبكرة، في ديسمبر 2001، بنقل مقر الجيش الثالث إليها، عندما ظهرت إشارات لعدوان عراقي آخر على الكويت، تأكدت دلالاته في عام 1994، بحشود عراقية قرب الحدود الكويتية، ومنذ ذلك التاريخ زاد تدريجياً حجم القوات الأمريكية في الكويت. كما تسارعت عمليات تطوير قاعدة علي السالم الجوية، والتى تحولت من مجرد مركز راداري للمراقبة الجوية إلى مدينة عسكرية متكاملة، وجاهزة لاستيعاب مواقع إطلاق صواريخ بالستية، فضلاً عن أسراب مقاتلات جوية حديثة، وبطارية صواريخ أرض/ جو باتريوت.

وقد شكل الهجوم الذي تعرضت له القوات الأمريكية في جزيرة فيلكا الكويتية، في 8 أكتوبر 2002، وما تلا ذلك من حوادث إطلاق نار على جنود أمريكيين من قِبل عناصر من تنظيم القاعدة داخل الكويت، دليلاً على اختراق هذا التنظيم الإرهابي للكويت وغيرها من دول مجلس التعاون، التي تعرضت المصالح الأمريكية فيها لعمليات مماثلة.

ولتجهيز مسرح العمليات في شمال الكويت للحرب، تم تجهيز أربعة مطارات وأراضي هبوط في منطقة كردستان العراقية، لتكون جاهزة لاستقبال طائرات النقل الأمريكية C-130، والمقاتلات الأمريكية والبريطانية، لاسيما وأن مدارج الطائرات في هذه المنطقة ضعيفة وتجهيزاتها قليلة، ناهيك عن تعرضها لنيران المدفعية العراقية من الموصل وكركوك. كما جهزت ممرات هبوط وإقلاع في حرير وآس كلك قرب أربيل، وبامراني قرب دهوك، وباكراجو قرب السليمانية، وتزويدهم بمركز إدارة جوي وخدمة أرضية كافية، وإحاطتهم بتحصينات دفاعية ووسائل دفاع جوي وأرضي، وبناء مخزونات من الذخائر الجوية فيهما، بالتعاون مع القوات الكردية (البشمرجة) والقوات الخاصة الأمريكية، التي دفعت مبكراً إلى هذه المناطق في ثلاث مجموعات كل من حوالي عشرة عسكريين لهذا الغرض.

وفي تركيا أسهمت وحدات هندسية أمريكية في رفع كفاءة الموانئ التركية على البحر المتوسط، خاصة الاسكندرونة، لتكون قادرة على عمليات تفريغ السفن الأمريكية التي تحمل معدات الفرقة الرابعة الميكانيكية الأمريكية وغيرها من الوحدات العاملة في شمال العراق. وطلبت البحرية الأمريكية تأجير سفن شحن عملاقة تسمح بشحن بضائع على مقطورات من ثلاث دول في أوروبا، وهو أضخم طلب من نوعه قدمته البحرية الأمريكية.

وفي معسكر الدوحة، غرب الكويت بعشرة أميال، أُقيم مركز قيادة متقدم للقيادة الوسطى، يشمل مركز تحكم للمهام الفضائية، يوجد به سبع محطات مجهزة بالكمبيوتر وأجهزة الاتصالات، وشاشات استقبال ضخمة تسمح للجنرال "ديفيد ماكيرنان" قائد القوات البرية الأمريكية في الخليج، بقيادة عملية الهجوم في العراق من الكويت أولاً، ثم من داخل العراق بعد ذلك بتطور العمليات الحربية داخل أراضيه. كما أنهت القوات الأمريكية إنشاء معسكرات لاستقبال الأسرى في شمال الكويت.

وفي 7 مارس 2003، فتح المهندسون العسكريون الأمريكيون سبع ثغرات في السور الحديدي الإلكتروني الكائن في شمال الكويت، في منطقة الحدود مع العراق، تمهيداً للهجوم البري.

وجرى تدريب القوات الأمريكية في الكويت على اجتياز الحدود نحو العراق، حيث أنشأ مهندسو الجيش الأمريكي نموذج فعلي لمنطقة الحدود العراقية، تشمل طرق التقدم، والهيئات الطبيعية، ومواقع النفط، والعوائق المائية، للتدريب على اجتيازها والتعامل مع المواقع الدفاعية العراقية في أم القصر والفاو وصفوان. وقد استخدم لذلك 130 جرافة ضخمة لتحويل جبال الرمال والصخور إلى سلسلة من المتاريس والخنادق المحاطة بالمواقع الهندسية. وسبق ذلك تدريب للقوات الأمريكية المشاركة في الهجوم في صحراء كاليفورنيا، في درجة حرارة 45 مئوية، وهي ترتدي ملابس الوقاية من أسلحة الدمار الشامل، مع إعطاء تركيز في التدريب على مواجهة أسلحة الدمار الشامل، وكيفية التعامل معها. كما أجرت القوات الأمريكية أيضاً تدريبات على القتال في المدن وإدارة حرب الشوارع، ومن منزل إلى منزل.

أما القوات البريطانية، فقد أطلقت على خطتها للحرب المقبلة NTG-03، وأكملت التدريب عليها، والذي شمل إنزال برمائي من شط العرب على الساحل العراقي في شبه جزيرة الفاو، تحت ستار نيران مقاتلات تورنادو GR-4، التي ستنطلق من البحرين لضرب أهداف عسكرية في البصرة، مع قيام اللواء السابع مدرع (جرذان الصحراء) المسلح بدبابات (تشالنجر-2) بالهجوم على القوات العراقية المدافعة عن محيط المدن، دون اقتحامها، مما يفقدها توازنها، بالاشتراك مع عمليات قوات خاصة SAS و SPS في عمق المواقع العراقية.

وبالمثل لعبت قطر دوراً مهماً في عملية الحشد، وذلك بالتركيز على قاعدة (العديد) الجوية لتكون مقراً لسرب المقاتلات F-117 (الشبح) وغيرها من المقاتلات الحديثة، بطاقة 120 مقاتلة أمريكية، كما جرى تزويدها بمنشآت قيادة وسيطرة ونظام إتصالات عبر الأقمار الصناعية، وبما يتيح لها التحكم في آلاف الغارات الجوية يومياً، كما تقع قاعدة العديد الجوية قرب مستودع أسلحة ضخم، نقلت إليه القيادة الوسطى أعداداً كبيرة من الدبابات والعربات المدرعة وقطع المدفعية، وأسلحة أخرى وقطع غيار وذخيرة، تكفي لتسليح فرقة كاملة يتم نقل أفرادها جواً إلى قطر.

إلى جانب وجود قاعدة السيلية التي تحوي المركز الرئيس للقيادة الوسطى، على مساحة 262 فداناً، وأصبح جاهزاً لقيادة قوات هذه القيادة بنفس المستوى الذي عليه مركز القيادة الوسطى في تامبا بولاية فلوريدا. ومع استكمال عملية الحشد العسكري الأمريكي، في أوائل مارس 2003، وصل حجم القوات الأمريكية والحليفة لها في الخليج إلى 280 ألف أمريكي، و48 ألف بريطانى، كما وصل إجمالى حجم القوات الأمريكية في المنطقة وبالقرب منها إلى حوالي 323 ألفاً، تضم مختلف التشكيلات البرية والبحرية والجوية.

وعلى صعيد تدريب قيادات القوات الأمريكية والبريطانية المشاركة في الحرب، أجرت هذه القيادات، في ديسمبر 2002، مشروعاً تدريبياً خاصاً بها في مقر مركز القيادة الوسطى في قطر، تحت إشراف الجنرال فرانكس. شارك فيه 600 من العسكريين الأمريكيين و400 من البريطانيين، بعضهم قدم من مقر القيادة الرئيس في (تامبا) بولاية فلوريدا، والآخرون قدموا من مناطق تمركز قواتهم المنتشرة على كل ساحة الشرق الأوسط وأفغانستان والقرن الأفريقى، في 25 دولة، وكان موضوع التدريب شن هجوم افتراضي على العراق بهدف اختبار مدى قدرة هذه القيادات على أعمال التعاون والتنسيق المشترك بين القوات الجوية والبرية والبحرية، سواء في مجال تبادل المعلومات واستقبال تقارير عمليات القيادات الدنيا في الميدان وتداولها وتقديم الدعم المطلوب لها، وتنفيذ خطة العمليات، مع وضع احتمالات التغيير في الحسبان، وكيفية مواجهتها طبقاً للسيناريوهات المتعددة لذلك. وكانت سمة التدريب هى المباراة الحربية باستخدام الكمبيوتر.

كما نفذ الجنرال فرانكس، قائد عام قوات التحالف، بعدة زيارات للدول المجاورة للعراق، والتى تنطلق منها القوات الأمريكية نحو العراق، أو التي لها دور وتأثير على الخطة، وهي مجموعة دول مجلس التعاون الخليجي وتركيا والأردن، ومصر بحكم مرور قناة السويس بأراضيها، حيث أجرى تنسيقاً مع القيادات العسكرية في هذه الدول، بما يؤمن مساراً سليماً للخطة عند تنفيذها.

وفي إطار عمليات التدريب التي جرت، جرى في إحدى القواعد الجوية التي يستخدمها الأمريكيون في جنوب المجر تدريب أكثر من 5000 معارض عراقي، وتحويلهم إلى مقاتلين ضد نظام "صدام حسين"، ومرشدين ومترجمين مرافقين للقوات الأمريكية. وهم من أعضاء المؤتمر الوطني العراقي، وحركة الوفاق الوطني العراقي، والحزب الديموقراطي الكردستاني، والحركة الدستورية الملكية، والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية.

وفي 11 أكتوبر 2002، أصدر الرئيس الأمريكي بوش أمراً باستدعاء 60 ألف جندى من الاحتياط. وفي 6 مارس 2003 تسلم بوش الخطة الكاملة للحرب بخياراتها المختلفة، بما في ذلك احتمال عدم فتح جبهة شمالية من تركيا. وأعلن البنتاجون أن الخطة تجمع بين دروس حرب تحرير الكويت، والعمليات العسكرية التي شنتها القوات الأمريكية في بنما، ويوغسلافيا، وأفغانستان. وتعمَّد البنتاجون تسريب معلومات حول استهداف قوات فرق الحرس الجمهوري لتدميرها، بحسبان ذلك هدفاً رئيساً في الخطة، بغرض إضعاف معنويات قادة هذه الفرق ودفعهم إلى الاستسلام المبكر دون قتال.

كما شملت التسريبات أيضاً أن الخطة تجمع بين التفوق في معركة المدرعات، التي جرت في حرب عام 1991، والسرعة التي احتلت بها القوات الأمريكية بنما عام 1989، في ليلة واحدة، ودقة وإحكام الضربات الجوية التي جرت ضد يوغسلافيا عام 1999، والدور الرئيسي للقوات الخاصة في أفغانستان عام 2001. وأن الخطة الأمريكية للهجوم على العراق تعتمد إستراتيجية "الصدمة والترويع" لحرب قصيرة الأمد وتحقق أهدافها بشكل حاسم وبأقل كلفة.

وأكد الجنرال مايرز رئيس الأركان الأمريكية أن الحرب ستكون مختلفة تماماً عن حرب عام 1991، التي جرى فيها قصف جوي وصاروخي لمدة 38 يوماً، حيث ستتحقق الصدمة المطلوبة من خلال ضربات جوية وبرية مشتركة ومتزامنة وخاطفة، وبما يؤدي في النهاية إلى كسر الروح القتالية لدى العراقيين والاستسلام. وأن من أهداف الخطة سرعة تأمين مصافي النفط قبل حقول النفط، حيث يصعب إعادة تشغيل الأولى في حالة تدميرها، ومنع صدام من تنفيذ إستراتيجيته المعروفة بـ(الأرض المحروقة).

كما كثفت المقاتلات الأمريكية والبريطانية طلعاتها في مناطق الحظر الجوي شمال وجنوب العراق، حيث قسم البنتاجون المنطقة إلى 18 منطقة تفتيش تخضع للمراقبة الجوية المتصلة، ووسعت من دائرة مراقبتها للأنشطة العسكرية العراقية شمال خط عرض 36، وجنوب خط عرض 32، حتى وصلت إلى ضواحي بغداد. وفي إطار هذا النشاط دُمّر العديد من وسائل الدفاع الجوي العراقية (رادارات، ومراكز اتصالات، ومراكز قيادة، ومواقع بطاريات صواريخ أرض/ جو) منها خمسة مراكز اتصالات رئيسة، وكثفت من عمليات الاستطلاع الجوي الإلكتروني ضد مراكز القيادة والسيطرة العراقية، وكذلك الإعاقة الإلكترونية على محطات الرادار وأجهزة الاتصالات اللاسلكية والسلكية والمتعددة القنوات العراقية. وقد شارك طيارو المقاتلات الأمريكية والبريطانية المشاركون في الحرب في هذه الطلعات لتدريبهم على الأجواء العراقية.

وأكملت القوات الأمريكية والبريطانية والأسترالية، بأفرعها الجوية والبحرية والبرية، انتشارها في مسرح العمليات طبقاً للخطة، مستعدة للهجوم، بما في ذلك حاملات الطائرات والسفن، وسرب القاذفات الإستراتيجية (ب-52) في قاعدة فيرفورد ببريطانيا، ببداية مارس 2003. وبذلك بلغ حجم الحشود الأمريكية والبريطانية المعبأة في المسرح لصالح الحرب حوالى 310 ألف فرد، منهم ربع إجمالى الجيش البريطاني، وثلث القوة الجوية الأمريكية، ومنهم في الأردن 37 ألف جندي معظمهم قوات خاصة، وعناصر من الفرقتين 101، 82 اقتحام جوي، استعداداً لنقلهم من قاعدة الأزرق الجوية في الأردن إلى مناطق عملهم داخل العراق، خاصة في منطقة تكريت وغرب بغداد. (اُنظر شكل انتشار قوات التحالف)

كما رفعت درجة استعداد الفرقة الرابعة الميكانيكية الأمريكية في قاعدتها (فورت هود) بولاية تكساس بانتظار الأوامر بالتوجه إلى تركيا أو الكويت، وأن اللواء 173 مظلي مستقل هو الذي سيفتح الطريق أمامها باستيلائه المسبق على المناطق التي ستصل إليها وتأمينها، وأيضاً رُفعت درجة استعداد الفرقة الأولى المدرعة في قاعدة (فسبادن) في ألمانيا وفرقة الخيالة الأولى.

وفي الأسبوع الأول من مارس 2003، سمحت تركيا بإنزال 500 شاحنة وقاطرة أمريكية من السفن الراسية أمام ميناء الإسكندرونة تابعة للفرقة الرابعة، للقيام بتجهيزات لوجيستية في المنطقة الكردية بشمال العراق، ولم تسمح لباقي الأسلحة والمعدات الثقيلة الخاصة بهذه الفرقة بالنزول في الأراضي التركية.

وفي إطار الخطط البديلة، أجريت ترتيبات لانطلاق القاذفات والمقاتلات الأمريكية والبريطانية من قواعد جوية في كل من رومانيا وبلغاريا، حيث سمحت بلغاريا باستخدام مطار (سارافوتو) على البحر الأسود، وكذلك رومانيا سمحت باستخدام قواعد الناتو داخل أراضيها في نقل القوات إلى الأردن، ومنها إلى مدينة تكريت. وفتحت أسبانيا وأوكرانيا وكرواتيا مجالها الجوي أمام الطائرات الأمريكية والبريطانية المتجهة لمنطقة الشرق الأوسط. أما البرتغال فقد سمحت باستخدام قواعد الناتو في جزر الآزور بالمحيط الأطلسي لاستقبال الطائرات الأمريكية القادمة من الولايات المتحدة الأمريكية في طريقها للخليج. وقد استقبلت قاعدة ديجو جارسيا 21 قاذفة مقاتلة حديثة (B-2) القادمة من ولاية ميسوري للقيام بمهام القصف الإستراتيجي (مجهزة بـ 16 قنبلة زنة 900 كجم موجهة بالأقمار الصناعية).

وفي ألمانيا تم رفع درجة استعداد عشرات القواعد العسكرية الأمريكية، أبرزها في شتوتجارت التي تضم قاعدتين بالأولى 3466 عنصر، منهم 2509 أمريكي و 524 ألماني، والثانية 5162 أمريكي و1802 ألماني، وقاعدة هايدلبرج، وفي انسباتشي، وبادا يبرلينخ، وبادكر، وزناخ، وبامبيرغ، وبولهودر، ودارمشتات، وفريد بيرنج، وغارميش، وجيبرلستات، وأغرافينهور، وهانو، ومانهايم، وشوينغورث. والقواعد الجوية في بيتبورغ، حيث يوجد 4524 أمريكي، و817 ألمانى، ورامشتين.

وفي جيبوتى بالقرن الأفريقى رفع استعداد قاعدة (أوبوك) الأمريكية لتأمين سلامة تحركات القوات الأمريكية ضد عناصر الإرهاب. وفي الأردن زِيد تدعيم قاعدة الأزرق الجوية بعناصر أمريكية، بجانب القواعد الجوية في مدن الخليج العربية، وقاعدة أنجرليك في جنوب تركيا. أما قاعدة (العديد) الجوية بقطر فقد دُعِمت بمدارج جديدة تسمح باستخدام القاذفات المقاتلة الحديثة B-2، وطول المدرج 4500 م ويعد أطول مدرج بمنطقة الشرق الأوسط. وقد بلغت تكاليف تجهيز القاعدة 4.5 مليار دولار، وبها 10 آلاف عنصر أمريكي و 120 طائرة قتال.

وفي أواخر مارس 2003، نقلت إليها الولايات المتحدة الأمريكية من قاعدة الأمير سلطان بالسعودية أجهزة الاتصالات والكمبيوتر، لتأمين مرونة عملياتية أكبر للقادة الميدانيين على المدى الطويل. وكان هناك اتفاق مبدئي بين قطر والولايات المتحدة الأمريكية، في عام 1992، يسمح باستخدام هذه القاعدة لمدة 20 عاماً، وتم تجديده في عام 2000، ليقنن الوجود العسكري الأمريكي في المستقبل. وفي المملكة العربية السعودية، تم إغلاق مطار عرعر على الحدود مع العراق لأسباب أمنية، وأشارت بعض المصادر إلى أن الرياض وافقت على استخدامه أثناء الحرب بشروط.

ومن أجل استمرار تدفق المعلومات عن القوات العراقية، وتطور الأوضاع داخل العراق، أطلق المكتب الوطني الأمريكي للاستطلاع ستة أقمار صناعية للتجسس، تبلغ تكلفتها مليار دولار، ويزن الواحد منها 15 طن، وهي قادرة على التقاط صور تبلغ دقتها 10 – 15 سم نهاراً، 60 - 90 سم ليلاً، وكانت تحلق فوق العراق كل 2 - 3 ساعة، ويمكنها أن تنجز 12 رحلة في اليوم، وتسمح بمراقبة التحركات العراقية، ولكن لا تخترق المبانى. كما أطلقت الولايات المتحدة الأمريكية قبل الحرب بتسعة أيام قمراً صناعياً للاتصالات، زنته طن، وتكلفته 200 مليون دولار، لتسريع الاتصالات بين البنتاجون ومركز القيادة الوسطى في قطر، والتشكيلات الميدانية، ويحلق فوق المحيط الهندي، ويمد القيادات الأمريكية البحرية والجوية في المسرح بسيل من البث الصوتي والمرئي السريع المؤمن، يربطها ببعضها وبمقر القيادة الوسطى في السيلية ومع البنتاجون، بالإضافة إلى نقل الإشارات بين الرقابة الأرضية والطائرات من دون طيار.

إلى جانب عشرات أخرى من الأقمار الصناعية التي تعمل في مهام التجسس والاتصالات وتوجيه الصواريخ والإنذار والطقس. بينهم عشرة أقمار مواصلات فضائية، و28 قمراً تعمل في نظام تحديد المواقع GPS وتوجيه الصواريخ والقنابل، ويتكلف الواحد منهم 50 مليون دولار، حيث يرسل إشارات إذاعية متواصلة إلى الأرض تساعد تخصيصاً في توجيه الصواريخ (توماهوك) كروز نحو أهدافها، التي تقع على مسافة 1600 كم من مواقع إطلاقها. وخلال الحرب بلغ عدد الأقمار الصناعية التي تعمل لصالح العمليات الحربية في العراق، 60 قمراً صناعياً لمختلف الاستخدامات السابقة ومشاركة بقدر كبير في إدارة أعمال القتال، ومثل هذا الحشد يأتى في إطار خطط طويلة الأمد وضعتها القيادة الأمريكية الوسطى.

كما أولت الخطة الأمريكية للهجوم اهتماماً بارزاً للقوات الخاصة في الحرب، لذلك جرى خلال عدة أشهر سابقة للهجوم الدفع بعناصر من القوات الخاصة الأمريكية والبريطانية المدعومة بعناصر من أجهزة المخابرات الأمريكية والبريطانية لتقوم بعدة مهام أساسية، أبرزها التفتيش على مواقع أسلحة الدمار الشامل، بالتوازي مع عمل فرق التفتيش الدولي، لاسيما مواقع 25 صاروخ سكود يخفيها العراق، وتحييد هذه المواقع بصورة أو بأخرى، خاصة تلك المواقع الواقعة في غرب العراق المؤثرة على إسرائيل، وتتبع رؤوس النظام العراقي وأسرهم أو قتلهم والتبليغ عن تحركاتهم، والقيام بعمليات تخريب في أهداف محددة، بالإضافة لتحفيز وإغراء قادة الحرس الجمهوري وكبار الضباط على التمرد وعدم القتال، وحث شيوخ القبائل والعشائر على عدم الانصياع للنظام الصدامي. إلى جانب البحث عن الأسرى والطيارين وتخليصهم من أيدي النظام العراقي وتهريبهم، وتحديد توقيت استخدام العراقيين لأسلحتهم الكيميائية والبيولوجية وأماكنها ووسائل إطلاقها، والإنذار بذلك مبكراً مع العمل على إفشاله.

وقد دُفع بمجموعات الفرق الخاصة إلى داخل العراق من المنطقة الكردية بشمال العراق، ومن الأردن، ومن الكويت، بأساليب وطرق مختلفة، منها التنكر بالعمل سائقي شاحنات ومهربين لنقل صهاريج النفط المهرب بين العراق وتركيا، والمتجهة أيضاً من الأردن إلى العراق، وتجار وعناصر إغاثة إنسانية... الخ، حيث اندمجوا مع السكان المدنيين وأقاموا مراكز لإرسال المعلومات، ونقاط إرشاد على طرق تقدم القوات الأمريكية والبريطانية لإرشادها عند تقدمها، وقواعد سرية لهم بها أسلحتهم ومتفجرات وأجهزة اتصالاتهم وأجهزة الرؤية الليلية، ومعداتهم الإلكترونية ومستلزماتهم الإدارية، وذلك بمعاونة عملاء محليين تم تجنيدهم وتدريبهم وتنظيم عملهم، بعد تسليحهم بالمعدات اللازمة. وكان من أبرز مهام القوات الخاصة المساعدة في احتلال المطارين H2 و H3 في غرب العراق قبل الحرب بأسابيع، وأجزاء من قاعدة طليل الجوية في الناصرية قبل الحرب مباشرة.

وكان الأردن، على وجه الخصوص قاعدة انطلاق رئيسة لحوالي عشرة آلاف فرد من القوات الخاصة الأمريكية والبريطانية قبل وأثناء الحرب، وكانت المجموعة الخاصة التي دخلت قبل الحرب ومعها عناصر من المخابرات الأمريكية مزودة بملايين الدولارات لشراء ولاء قادة الحرس الجمهوري والجيش ورؤساء العشائر والقبائل، وضمان ولائهم أثناء الحرب. وقد تركزت مناطق عمل هذه المجموعات في وسط العراق وحول بغداد وغرب العراق، حيث تقيم القبائل والعشائر السُنَّة، الذين تعهد لهم الأمريكيون بعدم فقد مناصبهم بعد إزاحة نظام "صدام حسين"، كما أسهمت القوات الخاصة أثناء الحرب في توجيه نيران المقاتلات نحو أهدافها. أما الكوماندوز البحري البريطاني، فقد قام قبل الحرب بتطهير مياه شط العرب من الكثير من الألغام، تمهيداً للهجوم البرمائي المخطط على شبه جزيرة الفاو، وذلك بواسطة أربع كاسحات ألغام.

وعلى جانب الحرب النفسية، فقد كثفت القيادة الأمريكية من حملاتها المتنوعة على هذا الجانب، والتي شملت إلقاء ملايين المنشورات على مواقع الجيش العراقي والحرس الجمهوري والقبائل والعشائر وعمال النفط، تحضهم على التمرد وعدم إطاعة أوامر النظام الحاكم، خاصة فيما يتعلق باستخدام أسلحة الدمار الشامل، حيث حذرت من يستخدمها بالقتل أو بالملاحقة، حتى يحاكم بوصفه مجرم حرب.

كما أوضحت المنشورات والإذاعة التي تبث من السليمانية ومن الكويت ومن طائرة نقل C-130 تحلق فوق مناطق الحظر الجوى بشمال وجنوب العراق، كيفية استسلام وحدات الجيش العراقي وأفرادها إلى القوات الأمريكية، حتى يتجنب العراقيون نيران مقاتلات والطائرات العمودية لقوات التحالف وأسلحتهم البرية. موضحة أنه من الخطأ الفاحش أن يراهن القادة العراقيين على "صدام حسين"، الذي أصبح كسفينة أوشكت على الغرق. وكان من الواضح أن هدف هذه الحرب النفسية، في الأيام السابقة للحرب، هو إقناع المترددين من قادة الجيش والحرس الجمهوري بالتخلي عن ولائهم للنظام الحاكم.

وفي إطار الحرب النفسية والتأثير في الروح المعنوية للقوات العراقية، كشفت القيادة الأمريكية عن معظم أسلحتها وذخائرها الحديثة الموجهة، وقوة تدميرها ودقة إصابتها. لاسيما القنبلة (ديزى كاتر)، التي تزن حوالى تسعة آلاف كجم وتمت تجربتها في فلوريدا، وقد نجحت المخابرات الأمريكية في جمع العناوين الإلكترونية وأرقام هواتف معظم قادة الجيش والحرس الجمهوري العراقي والعناصر المقربة من صدام، ووجهت لهم رسائل بنفس المعنى، في إطار خطة سعت إلى زرع الشك في نفوس هؤلاء، والتشكيك حيال مواقف بعضهم البعض.

ومع بداية شهر فبراير 2003، بدأت قوات درع الجزيرة، التابعة لدول مجلس التعاون الخليجى، في التدفق على الكويت (20 ألف جندي)، ليس بهدف المشاركة في الحرب، ولكن للدفاع عن الكويت مع جيشها، حيث انتشرت في مناطق بعيدة عن مناطق انتشار القوات الأمريكية، وقد أكد وزراء دفاع مجلس التعاون أن قواتهم الموجودة في الكويت لن تدخل الأراضي العراقية. وأوضح وزير الدفاع الكويتى أنه رغم ارتباط بلاده باتفاقية دفاعية مع الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 1992، إلا أن الجيش الكويتي لن يشارك في الحرب.

كما توجه مئات من خبراء الأرصاد الجوية الأمريكية إلى منطقة الخليج، لمراقبة تقلبات الطقس لتحديد موعد بدء القتال، وتأثيرات الطقس على العمليات الحربية، خاصة وأن منطقة الكويت وجنوب العراق تعرضت في منتصف مارس لعواصف رعدية تبعتها رياح شمالية مصحوبة بمنخفض جوي، بسرعة 70 – 80 كم/ ساعة، تُعرف بنوة السرايات، كان من المعتاد أن تأتي في شهر أبريل ممطرة، فجاءت مبكرة وجافة قبل موعدها السنوي. في حين أن النوة الجافة والتى تعرف بالبوارح موعدها في يونيه.

بالإضافة لتطعيم 500 ألف من العسكريين الأمريكيين والبريطانيين المشاركين في الحرب ضد الجدري والإنثراكس، تحسباً لاستخدام القوات العراقية للأسلحة الكيميائية والبيولوجية، خاصة بعد صدور تقرير من رئيس المفتشين الدوليين بأن صدام خطط لشن هجوم كيماوي وبيولوجي إذا تعرضت بغداد لاعتداءات نووية.

ثانياً: القوات العراقية

أجرت القيادة العراقية، قبل نشوب الحرب بأسابيع قليلة، تعديلاً على الخطة الدفاعية، بحيث سحبت فرق الجيش النظامية من مناطق الحدود، وتركزت جهودها في الدفاع عن المدن الرئيسة في الجنوب (البصرة، الناصرية، العمارة، السماوة، النجف، كربلاء والكوت)، ومدن الشمال في الموصل وكركوك، وأعيد توزيع فرق الجيش العراقي والحرس الجمهوري على النحو التالي:

1. الفيلق الخامس في منطقة الموصل: ويضم الفرق الأولى مشاة ميكانيكية، والفرق 4 و7 و16 مشاة.

2. الفيلق الأول في منطقة كركوك: ويضم الفرق 2 و38 مشاة، والفرقة 5 ميكانيكية.

3. الفيلق الثانى في منطقة تكريت وسامراء والخالص: ويضم الفرق 15 و34 مشاة، والفرقة 3 مدرعة.

4. الفيلق الرابع في منطقة العمارة: ويضم الفرق 14 (القرنة)، و18 مشاة (قلعة صالح)، والفرقة 10 ميكانيكية (جنوب البصرة)، والفرقة 6 مدرعة (شمال البصرة).

5. الفيلق الثالث في جنوب الناصرية: ويضم الفرق 11 مشاه (الناصرية)، الفرقة 51 ميكانيكية (جنوب البصرة)، والفرقة 6 مدرعة (شمال البصرة).

6. فيلق الحرس الجمهوري حول بغداد: ويضم فرقة (نبوخذنصر) المشاة شمال شرق بغداد، وفرقة (عدنان) مشاة ميكانيكى شمال بغداد وقيادتها في (بيجي ـ تكريت)، فرقة (حامورابى) مدرعة في غرب بغداد، وفرقة (النداء) المدرعة في (بعقوبة) جنوب شرق بغداد، وفرقة (بغداد) الميكانيكية جنوب بغداد (الكوت)، وفرقة (المدينة) المدرعة جنوب غرب بغداد في (غرب الصويرة)، ولواءات الحرس الجمهوري الخاص داخل بغداد مشكلة خطة الدفاع الثانى عن العاصمة. (اُنظر شكل أوضاع فرق الحرس الجمهوري)

وبذلك كان في خط الدفاع الأول عن بغداد حوالي ست فرق حرس جمهوري، بإجمالى 40 ألف جندى، 1900 دبابة، و500 مدفع وراجمة صواريخ. وفي خط الدفاع الثاني عن بغداد ألوية الحرس الجمهوري الخاص بقوة 15 ألف جندى، وحوالي 20 ألف من فدائى صدام.

ومن أجل الدفاع عن بغداد، "ولإغراق الأمريكيين في بحيرة من الدماء إذا ما وصلوا إلى أسوار بغداد ومحيطها" ـ على حد قول أجهزة الإعلام العراقية ـ فلقد اعتمدت الخطة المعدلة للدفاع عن بغداد على خط أحمر لا ينبغي على القوات الأمريكية المهاجمة أن تتجاوزه، ويقع هذا الخط على مسافة 25 كم من مركز العاصمة. حيث تم تشييد سبعة خطوط دفاعية في المناطق الزراعية المحيطة ببغداد، بفاصل 2.5 كم بين كل خط دفاعي وآخر، وهى عبارة عن براميل من النفط الخام ومواد متفجرة خاصة مع مادة TNT المتفجرة، وضعت بعمق خمسة أمتار تحت الأرض وتحيط بغداد من الاتجاهات كافة، حيث تضمنت الخطة ربط هذه الخطوط الدفاعية كافة بكنترول مركزي. (اُنظر شكل الحلقة الدفاعية حول بغداد)

وتقضي الخطة باستدراج القوات الأمريكية للوصول إلى المنطقة ببغداد ـ وهو ما أعلن عنه وزير الإعلام العراقي "سعيد الصحاف" (اُنظر صورة محمد سعيد الصحاف)ـ وانتظار تمركز هذه القوات بآلياتها في تلك المنطقة، ثم يجري تفجير هذه الخطوط الدفاعية من خلال الكنترول المركزي، وبما يحول هذه المنطقة إلى (جهنم) ويوقع ما يقرب من 25 ألف جندى أمريكي قتلى، ويدفع واشنطن إلى التراجع عن هجومها.

كما جهزت خنادق أمام النطاقات الدفاعية مُلئت بالنفط، لإشعالها بمجرد بدء الهجوم، لعرقلة توجيه الذخائر الجوية الموجهة بأشعة الليزر، والتى تتأثر سلباً بالدخان، وهو ما أطلق عليه (حاجز النار)، إلى جانب عرقلته هجوم القوات البرية إذ هو مع الألغام والموانع الهندسية الأخرى، يشكل نظام موانع فعال أمام القوات المهاجمة من مشاة ومدرعات.

وإمعاناً في خداع المقاتلات الأمريكية، عمدت القيادة العراقية إلى نشر أهدافها العسكرية الحيوية في وسط المناطق السكنية وبين المنشآت المدنية، مثل المساجد والمستشفيات ومحطات القوى الكهربائية والمدارس، وهو نهج مشابه لأفكار الزعيم الصيني الراحل "ماوتسى تونج" الذي نصح رجال الميليشيات بالاختلاط في صفوف المدنيين (مثل السمك في البحر)، وهو ما يفسر كثيراً ارتداء الكثيرين من الجنود (فدائيو صدام) ملابس مدنية لإخفاء حقيقة هويتهم العسكرية، سواء أثناء القتال، أو إذا ما اضطروا للهروب، أو الاستسلام على النحو الذي وقع فعلاً بعد نشوب الحرب على نطاق واسع.

أما المقاتلات والطائرات العراقية، فقد نشرت على مناطق واسعة من العراق، في وسط الحقول والبساتين وبين الأشجار، وعلى عكس ما توقع الجميع أن تكون هذه المقاتلات في حظائر حصينة تحت الأرض تخدمها ممرات إقلاع وهبوط مخفاة لتقوم بهجمات جوية انتحارية. من هذه المناطق (الضلوعية) التي تبعد 110 كم عن بغداد وتنتمي إلى محافظة صلاح الدين، وتقع عند تخوم المحافظة وقرب حدود محافظة ديالى، حيث جرى نشر عشر طائرات ميج 21 وميج 23، تم فك جانب الذيل منها وبقى المحرك مكشوفاً.

وحول مطار (المعتمد) الذي أنشئ منذ 15 عاماً، جرت الطائرات بكامل هياكلها ومحركاتها عبر طرق المنطقة الزراعية وأوقفوها بمحاذاة الطريق، وحفروا أحياناً حفراً عميقة لطمر معظم هيكلها ومنع ظهورها من الجو، وفكوا جزء الذيل منها وأظهروا محركاتها عارية لتأكيد أنها ليست هدفاً عسكرياً، إلا أنها تعرضت بعد ذلك كلها للتدمير عندما اكتشف أمرها، ناهيك عن أعمال النهب والسلب التي قام بها الأهالى. كما اكتشفت القوات الأسترالية مزرعة في غرب العراق بها حوالى 51 مقاتلة مخفاة فوق سطح الأرض بشباك تمويه وسط الأشجار. وفي قاعدة (التقدم) قرب الحبانية 50 كم غرب بغداد، وقاعدة (السعد) تم اكتشف 31 مقاتلة أخرى، ناهيك عن عشرات الآلاف من قنابل الطائرات التي اكتشفت في مستودع بمدينة الإسكندرية.

وقد قسَّمت الخطة العراق إلى أربع مناطق رئيسة، على رأس كل منها واحد من أبرز مساعدي صدام، وذلك كالآتي:

1. منطقة جنوب العراق، وعلى رأسها "علي حسن المجيد".

2. منطقة شمال العراق، وعلى رأسها "عزة إبراهيم الدوري".

3. منطقة الفرات الأوسط، وعلى رأسها "مرزبان خضر هادي".

4. منطقة بغداد، ويرأسها "قصي صدام حسين".

وتحسباً لقيام انتفاضات شعبية في مدن الجنوب والشمال ضد النظام مع بدء الحرب، كما حدث في مارس 1991، هدَّد صدام سكان هذه المدن والعشائر والقبائل بأنه سيتم إحراقها بغازات الحرب الكيماوية ونيران المدفعية إذا ما انحازت إلى جانب قوات التحالف المهاجمة، كما أخذ رهائن من أبناء هذه العشائر والأهالى لقتلهم في حالة التمرد عليه، خاصة وأن معظمهم من الشيعة والأكراد المعادين له.

ولقد حرص صدام حسين على تسجيل عدة خطابات مسبقاً له في أماكن وبأوضاع وأزياء مختلفة من قبل أن تبدأ الحرب، حتى تذاع وتشاهد في التلفزيون على مراحل أثناء الحرب، وطبقاً لظروفها المتوقعة مسبقاً. وتحسباً من صدام حسين لانقطاع الاتصالات بينه وبين مرؤوسيه، فقد حوت هذه الخطابات فقرات معينة كانت بمنزلة شفرات لإجراءات قتالية محددة على القادة المعنيين تنفيذها، برز ذلك بوضوح في قصف مدينة الكويت بالصواريخ (صمود-2) عقب كل خطاب له كان يذاع. وكان في تقدير صدام أن إشعار الجميع داخل وخارج العراق في البيئتين الإقليمية والدولية باستمرار وجوده ومقاومته، سيؤمن له استمرار الدعم السياسي والشعبي الذي كان يلقاه قبل الحرب من قِبل الرافضين لها في هاتين البيئتين، وبما يدفع الرأي العام العالمي والأمريكي خاصة، للضغط على بوش وبلير لسحب قواتهما من العراق، خاصة وأن صدام أوهم نفسه أن لديه فرصة حقيقية لتحويل غزو العراق إلى كابوس دائم للأمريكيين والبريطانيين.

لذلك كان حلفاء صدام الأفضل الذين راهن عليهم هم: الوقت، الخداع، والسم. فقد وضع خطته على أساس أن يفعل ما بوسعه لإبطاء زحف قوات التحالف نحو بغداد، ثم يحول عاصمته بغداد إلى "ستالينجراد"[1] أخرى، في منطقة ما بين النهرين، لاسيما وأن القوات الأمريكية في حرب المدن ـ مثل بغداد ـ ستخسر في ظن صدام تفوقها التكنولوجي، حيث يصعب استخدام الطائرات العمودية أمام مقاتلي الشوارع المسلحين بالقنابل الصاروخية البدائية، خاصة وأن بغداد مدينة فسيحة (ألفي ميل2)، أي ضعف مساحة نيويورك، ويمكن للحرب من شارع إلى شارع أن تستغرق أسابيع وتسبب خسائر جسيمة. كما اعتمد صدام أساليب الخداع بأن أمر الضباط والجنود العراقيين بارتداء الملابس المدنية لقتال القوات المهاجمة، بل طلب أيضاً آلافاً من البزات العسكرية المشابهة تماماً لتلك التي يرتديها الجنود الأمريكيون والبريطانيون ليرتديها عناصر فدائيي صدام، ويتظاهرون بأنهم أمريكيون وبريطانيون ويقومون بذبح المواطنين العراقيين تحت سمع وبصر كاميرات القنوات الفضائية والصحافة العربية والعالمية.

بالإضافة لاستعداده لاستخدام ما لديه من أسلحة كيميائية لضرب القوات الأمريكية وشعبه، بما يؤدي إلى حدوث مجازر بشرية تنقل تفاصيلها وبالمبالغات إعلامياً على كل الساحات الدولية، وذلك مما يزيد من حجم الضغوط على بوش لإنهاء الحرب، أو دفعه لاستخدام ما لديه من أسلحة نووية تكتيكية سبق أن هدد بها (B61-11)، التي تبلغ قوتها 340 طن من المتفجرات، وهو ما يعادل 3% من قنبلة هيروشيما، الأمر الذي يضاعف كثيراً من حجم المأساة البشرية، ويجبر بوش على وقف الحرب وسحب قواته.

واعتمد صدام أيضاً في خطته الدفاعية المعدلة على استخدام أساليب العمليات الانتحارية ضد القوات الأمريكية والبريطانية، سواء بالأفراد أو العربات المفخخة، وأعد لذلك أكثر من ثلاثة آلاف بزة مجهزة بالمتفجرات ليرتديها الانتحاريون، لاسيما المتطوعون العرب (خمسة آلاف عنصر)، الذين قدموا للدفاع عن العراق من مختلف الدول العربية، والاستشهاد في سبيله، وذلك بشن هجمات مفاجئة غير متوقعة ضد الأمريكيين والبريطانيين.

وفي مواجهة السيادة الجوية الأمريكية فوق مسرح العمليات، وقرار صدام بعدم الزج بالمقاتلات العراقية في معارك جوية معروف مسبقاً أنها ستكون خاسرة بالنسبة له، اعتمد في المقابل على وسائل الدفاع الجوي الأرضية التي طورها بالتعاون مع روسيا والصين وروسيا البيضاء وأوكرانيا ويوغسلافيا، حيث حصل على نوعيات متقدمة من صواريخ سام أرض/ جو، منها صفقة مع روسيا قيمتها 450 مليون دولار حصل بموجبها على سبع بطاريات سام-10، مع إدخال تطويرات على صواريخ سام-2 و3، ومن المعروف أن صواريخ سام-10 تعد نظاماً للرد المباشر على صواريخ كروز الأمريكية (توماهوك).

كما حصل من أوكرانيا على رادارات سلبية (كالوشجا) التي لا تبث إشعاعات، بالإضافة لصفقة أخرى مع بلغاريا للحصول على الرادار TAMARA، وكلها لا يمكن للمقاتلات المهاجمة اكتشافها. كما قامت الصين بتركيب نظام اتصالات (كابل) مدفون تحت الأرض يعتمد على الألياف الزجاجية لقيادات الدفاع الجوي، وهو نظام يصعب التداخل والشوشرة عليه، ويمتاز أنه برغم صغر حجم الكابلات المستخدمة فيه، إلا أنه قادر على استيعاب أضعاف عدد الخطوط التي تستوعبها الكابلات العادية، ناهيك عن نقاء الصوت، وبذلك لم يعد نظام القيادة والسيطرة للدفاع الجوي العراقي يعتمد على الاتصالات اللاسلكية. كما حصل النظام العراقي أيضاً من إحدى الشركات الروسية على 2400 جهاز تداخل وشوشرة على أنظمة تحديد المكان العالمى GPS المجهز بها الصواريخ الأمريكية، وتعتمد في توجيهها على الأقمار الصناعية.

ووضع صدام خطة لنقل المعركة إلى أراضي وموانئ دول أخرى في منطقة الخليج، أبرزها الكويت، يتمثل أساساً في قصف المعسكرات والقواعد الجوية الأمريكية، وأهداف حيوية إستراتيجية مثل مواقع منشآت النفط ومحطات القوى، بل وشمل المخطط أيضاً قصف أهداف مدنية داخل مدينة الكويت، لإحداث حالة ذعر بين المدنيين. إلى جانب تجهيز عدد من السفن المحملة بكميات ضخمة بالمتفجرات لتفجيرها في الموانئ الكويتية والسفن الحربية الأمريكية الرابضة في منطقة الخليج.

ولتعطيل تقدم القوات الأمريكية والبريطانية، لاسيما عند الاقتراب من بغداد، وبجانب التخطيط لنسف الجسور الدائمة على أنهار دجلة والفرات وديالي، التي تؤدي إلى بغداد، فقد شكل النظام الصدامي أيضاً مجموعات من الضفادع البشرية لتفجير الجسور المؤقتة التي تقيمها القوات الأمريكية لعبور مدرعاتهم صوب بغداد، خاصة وأن هذه القوات من المتوقع أن تكون مجهدة بعد قطعها مسافات طويلة تزيد عن 500 كم، ومن المفروض أن تكون قد تعرضت خلالها لخسائر شديدة أثناء اختراقها للدفاعات العراقية المتتالية من الحدود وحتى بغداد، الأمر الذي سيبطئ من قوة اندفاعها وتخفيض سرعتها.

أما إذا نجحت القوات الأمريكية في إحداث اختراق في دفاعات الحرس الجمهوري حول بغداد، والتقدم داخلها، وفشلت قوات الحرس الجمهوري والحرس الخاص والقوات الخاصة في التمسك بمواقعهم والدفاع عنها، فقد تحسبت الخطة الدفاعية المعدلة مسبقاً لهذا الاحتمال، وذلك بالمحافظة على حياة رأس النظام وما يتبقى من أركانه، بترتيب مغادرة صدام للمدينة في وقت مبكر، والاختفاء تحت الأرض داخل أنفاق مدنه السرية، المقامة تحت مياه نهري دجلة والفرات وبحيرة الثرثار وبحيرة الحبانية، ومداخلها من سراديب قصور الرئاسة المقامة على ضفافها، ولا يعلم سوى قليلون جداً عن أسرارها، وفي هذه الحالة ستتولى قوة الحماية الخاصة مرافقة صدام وأبنائه ومجموعته إلى المكان الذي سيلجأ إليه، حيث توجد شبكة من الملاجئ السرية المجهزة مسبقاً لإيواء صدام، لا تقتصر فقط على المدن السرية المشار إليها، ولكن تشمل أيضاً عدداً من المنازل والفيلات المنتشرة في أنحاء العراق.

وشملت الخطة الدفاعية المعدلة أيضاً، تنفيذ هجمات إرهابية داخل بعض مدن الولايات المتحدة الأمريكية، تشمل أهدافاً إستراتيجية حيوية ومناطق سكنية، وضد المصالح الأمريكية في منطقة الخليج وخارجها في أوروبا وآسيا. بواسطة مجموعة عملائه المرتبطين بخلايا تنظيم القاعدة، الذين لم تطلهم أيدى المخابرات الأمريكية، والمنتشرة في مناطق مختلفة بها. ولم تستبعد المخابرات الأمريكية أن تشمل هذه الهجمات أسلحة كيميائية وبيولوجية، خاصة وأن صدام يملك مخططاً لنقل أسلحة من هذا النوع إلى خارج العراق، حيث الدول الصديقة له. وذكرت تقارير لمكتب التحقيقات الفيدرالية FBI أن المخابرات العراقية تعِد بشن هجمات انتقامية بواسطة نساء عميلات يحملن عبوات من أسلحة بيولوجية (جدري، انثراكس، بوتولينيوم) نجحن في عبور الحدود إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ويحتمل أن تستخدم هذه المواد لتسميم مصادر الطعام والمياه الأمريكية، وشركات توريد المواد الغذائية إلى القوات الأمريكية في الكويت.

وهو ما دفع بوش لرفع مستوى حالة الاستنفار الوطني إلى البرتقالي، في فبراير 2003، حيث انخرط عملاء المخابرات المركزية الأمريكية والمخابرات العراقية في لعبة قط وفأر سرية، لاسيما بعد أن رصدت المخابرات الأمريكية وجود نحو 300 عميل عراقي يعملون تحت غطاء دبلوماسي، في عدد كبير من الدول، وهو ما دعا إدارة بوش إلى أن تطلب من ستين دولة طردهم، في ذات الوقت الذي كانت فيه المخابرات العراقية تخطط لعدة ضربات إرهابية ضد أهداف أمريكية في أوروبا وجنوب شرق آسيا، وهو ما أطلقت عليه الـCIA "إستراتيجية العراق الانحرافية"، خاصة بعد أن وضعت يدها على مخطط عراقي لتخريب ثكنات القاعدة البحرية الأمريكية في البحرين، وإذاعة أوروبا الحرة في براغ عاصمة تشيكيا.

ولأن التمرد على النظام من قِبل القوات المسلحة العراقية، والخيانة من قِبل العناصر القريبة منه كان أخشى ما يخشاه "صدام حسين"، حيث يشكل ذلك ضربة له من الداخل أقسى من الضربة التي توقع أن يتلقاها من الخارج، لاسيما وأن ضربة الداخل توقع أن تأتيه من الأجهزة التي يعتمد عليها في تأمين نظامه والدفاع عن العراق، خاصة مع الإغراءات الكثيرة التي قدمتها أجهزة المخابرات الأمريكية لقادة تشكيلات الجيش والحرس الجمهوري والقبائل والعشائر والعناصر التي جندتها في دائرته الداخلية، ولم يكن صدام يعرف عنها شيئاً. لذلك وسّع صدام في الأشهر الأخيرة التي سبقت الحرب من دائرة الاشتباه في كل من حوله، وأخضعهم لرقابة مستمرة، ومنع كبار المسؤولين الذين يقومون بمهام خارجية من اصطحاب عائلاتهم، حتى يكونوا رهائن عنده في حالة هروب هؤلاء المسؤولين، بل لقد أمر بإعدام وطرد عدد من قادة الجيش والحرس الجمهوري والأمن الخاص، كما حرص أيضاً على إذاعة أخبار هذه الإعدامات في وسائل الإعلام العراقية لردع الآخرين وإرهابهم.

كما أنشأ جهازاً خاصاً جديداً يرتبط بديوان الرئاسة، مهمته اعتقال كل من يشتبه في إنتمائه للمعارضة. وقد نتج عن ذلك شيوع حالة من الإضطراب والإرتباك في سلوك المسؤولين العراقيين على المستويات كافة، بسبب الضغوط التي كانت تمارس عليهم من رؤوس النظام، لضمان وقوفهم إلى جانب النظام عندما تجئ لحظة المواجهة الأخيرة مع القوات الأمريكية. حتى إن صدام أجبر كبار القادة العسكريين ورؤساء الأجهزة الأمنية على توقيع وثائق مكتوبة بالدم بأن يبقوا على ولائهم له، وألا ينشقوا عليه وألا يهربوا، وأن يقاوموا الهجوم الأمريكي حتى آخر رمق في حياتهم.

وفي الأيام الأخيرة التي سبقت الحرب وصل العراق حوالي خمسة آلاف متطوع عربي ومسلم إلى بغداد، من عدة بلاد عربية وإسلامية، وزعهم النظام العراقي على المباني الحكومية دروعاً بشرية لحمايتها، في ذات الوقت الذي أجرى فيه فدائيو صدام استعراضاً عسكرياً في بغداد، ضم 120 مسلحاً يرتدون أكفاناً بيضاء ويغطون وجوههم للتدليل على أنهم انتحاريون، بالإضافة لعدة آلاف من عناصر الأمن الداخلي. هذا في الوقت الذي أشارت فيه المعلومات الواردة من داخل الجيش، في الأسبوع الأول من مارس 2003، إلى تزايد نسبة هروب الجنود في وحدات الجيش العراقي مع اقتراب موعد الحرب، حيث تجاوزت في الجيش النظامى 35%، وفي جيش القدس بلغت حوالي 20%، رغم الممارسات القمعية والعقوبات المفروضة على الهاربين من الجيش، والتى تمثلت في قطع الأذن ووشم الجبهة.

كما قامت أجهزة الأمن العراقية بإبعاد عدد غير قليل من الضباط العراقيين الشيعة والتركمان والمسيحيين عن المناصب الحساسة في ديوان وزارة الدفاع وهيئات العمليات والتحركات، بالإضافة لاعتقال 47 مهندساً وفنياً يعملون في منشآت التصنيع الحربي، بتهمة التقرب من المفتشين الدوليين، منهم 29 في منشأة القعقاع. كما رصد خلال شهر فبراير 2003، حركة واسعة في بغداد ومدن أخرى في جنوب العراق لتحويلها إلى حصون عسكرية، وتخزين كميات ضخمة من الأسلحة والذخائر فيها. وعلى صعيد التعاون العسكري بين العراق وروسيا، أُقيم حفل تكريم في وزارة الدفاع العراقية، في بداية مارس 2003، لعدد من المستشارين والخبراء الروس، حيث قام وزير الدفاع العراقي "سلطان هاشم" بتسليمهم أوسمة عراقية، غادروا بعدها بغداد، صباح الأربعاء 19 مارس 2003، قبل الحرب بيوم واحد.

وبدءاً من مطلع عام 2003، توافرت معلومات مخابراتية بأن "صدام حسين" يقضي وقتاً أقل في بغداد مع تزايد مخاوف النظام من اقتراب الحرب، مع استخدامه الموسع لدوبليراته (أشباهه) لحضور اجتماعاته المصورة واستقبالاته، حتى يصعب على أجهزة المخابرات الأمريكية رصده والعثور عليه والإطاحة به.

ثالثاً: الأيام الأخيرة قبل الحرب

بدءاً من يوم 11 مارس 2003، تحركت القوات الأمريكية في الكويت من معسكراتها في شمال الكويت إلى مناطق أمامية قريبة من الحدود مع العراق، حيث اتخذت أوضاع التقدم للهجوم في أرتال، واستكمل فتح الثغرات في نظام الموانع الهندسية الكويتية بما يسمح بعبور القوات على محاور تقدمها إلى جنوب العراق، بعد أن أخلت قوات الأمم المتحدة مواقعها في المنطقة منزوعة السلاح، وعمقها خمسة كم في الأراضي الكويتية، و10 كم في الأراضي العراقية. في ذات الوقت الذي استكملت فيه القوات الجوية والبحرية للتحالف في كل المسرح اتخاذ أوضاع الهجوم النهائية، وأصبح فيه مركز القيادة الوسطى في السيلية بقطر مستعداً لإدارة الحرب بمجرد بدئها. وفي 17 مارس 2003، وجه الرئيس الأمريكي بوش إنذاراً نهائياً لصدام حسين بمغادرة العراق وولديه خلال 48 ساعة، إذا ما أراد تجنيب بلاده الحرب. (اُنظر شكل غزو العراق)

 



[1] هي معركة مدينة روسية في الحرب العالمية الثانية، حاصرتها القوات الألمانية لأكثر من عام، فاستماتت القوات الروسية في الصمود والدفاع، حتى أمكن للهجوم المضاد الروسي أن يفك حصارها، ما أدى إلى مقتل أكثر من مليون روسي وألماني.