إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / موجز الحرب العالمية الثانية





معركة ستالنجراد
أقصى التوسع الياباني
التقاء القوات
الغزو الألماني للبلقان
غزو جزيرة صقلية

من نورماندي إلى نهر الراين
أوروبا تحت السيطرة الألمانية
أوروبا عند نشوب الحرب
إبرار الحلفاء في نورماندي
هجوم المدرعات الألمانية لاجتياح فرنسا
هجوم الاتحاد السوفيتي على فنلندا
مسرح الباسيفيكي
معركة الأردين
معركة العلمين
معركة الغزالة، سقوط طبرق
معركة علم حلفا
الإبرار في نورماندي
الهجوم الألماني على الاتحاد السوفيتي
الهجوم الأمريكي في الباسيفيكي
الهجوم في اتجاه القوقاز
الاجتياح لأراضي الاتحاد السوفيتي
الاجتياح السوفيتي نهر فستيولا
التقدم في جنوب إيطاليا
الغزو الألماني للنرويج
الغزو الألماني لأراض بولندا
الغزو الألماني لغرب أوروبا
تحرير فرنسا وبلجيكا
تقدم الحلفاء
خطة هتلر لغزو روسيا "بارباروسا"
خطط هتلر لاستكمال الغزو
رأس شاطئ ساليرنو
غزو صقلية وإيطاليا



المبحث الثالث

المبحث الثالث

مسرح عمليات شمال أفريقيا

(سبتمبر 1940 ـ مايو 1943)

أولاً: أهداف هجوم المحور في شمال أفريقيا

1. الوصول إلى دلتا النيل والاعتماد على مصر كقاعدة إستراتيجية. كان على رومل اتخاذ واحد من قرارين، إمّا التقدم إلى الأمام ودخول مصر، لحل كل مشاكله اللوجستية، وهو ما عجز عنه، وإمّا التراجع إلى الخلف، والتشبث بطرابلس؛ لتقصير خطوط مواصلاته وحلّ مشاكله اللوجستية، وهو ما ترفضه وتأباه قدراته وشخصيته. فحقق انتصارات تكتيكية عديدة، لكنها أضافت كثيراً إلى مشاكله من دون حل.

2. السيطرة على قناة السويس، كهدف إستراتيجي مسيطر يقطع خطوط مواصلات بريطانيا مع مستعمراتها في الشرق.

3. لسيطرة على مصادر البترول في العراق وإيران.

4. إحكام السيطرة على منطقة الشرق الأوسط، بحركة تطويق واسعة، ذات اتجاهين متقابلين (فكي كماشة) واحد من مصر في اتجاه الشمال، يقابل الثاني من القوقاز في اتجاه الجنوب.

5. الضغط على تركيا (للانحياز إلى المحور)، من اتجاه البلقان ومن اتجاه مصر ومن اتجاه القوقاز والاستفادة بموقعها وقواعدها وبعض المواد الأولية.

6. تحويل البحر المتوسط بشاطئيه الشمالي والجنوبي إلى منطقة نفوذ للمحور.

7. قطع طريق الاتصال البري الذي يربط الاتحاد السوفيتي مع الحلفاء عبر إيران.

ثانياً: ملخص الأحداث

تقدم الجيش العاشر الإيطالي، المكون من80 ألف جندي، بقيادة رودولفو جرازياني، ووصل إلى سيدي براني، وتوقف عندها مدة طويلة؛ لبناء قاعدة تستند إليها قواته.

·        في الفترة من 9 إلى 16 سبتمبر 1940،

أقلعت الطائرات البريطانية من فوق حاملة الطائرات البريطانية، Illustrious، وكانت هي الحاملة الوحيدة في البحر المتوسط، وقصفت القاعدة البحرية الإيطالية في تارانتو، ودمرت ثلاث بوارج وعدداً من المدمرات الإيطالية، تمثل نصف قوة البحرية الإيطالية. بعدها أبحر الأسطول الإيطالي من تارانتو إلى نابولي، واكتفى بمهمة تأمين خط المواصلات البحري من إيطاليا وصقلية حتى طرابلس وبنغازي (في ليبيا)، تُعد أول عملية جوية تتم بحاملة طائرات، وتسبق بيرل هاربور بعام كامل.

·        في ليلة 11/12 نوفمبر 1940،

نُفّذ الهجوم البريطاني الأول لقوة الصحراء الغربية بقيادة ويفل ـ أوكونور بقوة 31 ألف جندي، تعادل فرقتين. وقد انتصر البريطانيون في معركة سيدي براني، في 9 ديسمبر، وتم تطوير الهجوم وتدمير الجيش العاشر الإيطالي.

·    الفترة من 8 ديسمبر 1940 إلى 7 فبراير 1941

قطعت القوة البريطانية 800 كم في شهرين، واحتلت برقة كلها، واستكملت تدمير الجيش العاشر الإيطالي، الذي استسلم عند بيضاء فم (جنوب بنغازي).

·        في 7 فبراير 1941

 وصل رومل إلى طرابلس، وتولى قيادة الفيلق الأفريقي.

·        في 12 فبراير 1941

نُفّذ الهجوم المضاد الأول لرومل، فاسترد برقة، ووصل إلى الحدود المصرية في 11 يوماً، وحاصر طبرق، التي استعصى عليه اقتحامها. وخلال هذه العملية، أسرت القوات الألمانية الجنرالين أوكونور، ونيم، عندما هاجمت مركز قيادة بريطاني، في برقة.

·    الفترة من 31 مارس إلى 11 أبريل 1941

نُفذ الهجوم البريطاني الثاني، معركة باتل إكس. وفشل فشلاً ذريعاً، وكانت هذه المعركة آخر معارك ويفل في مسرح شمال أفريقيا.

·        من 15 إلى 17 يونيه 1941

الهجوم البريطاني الثالث، معركة كروسيدور. حقق أوكنلك هدفين: الأول، فك حصار طبرق، بعد أن ظلت سبعة أشهر تحت الحصار. الثاني، احتلال برقة والوصول إلى جنوب بنغازي. أمّا الهدف الثالث، وهو تدمير قوات رومل، فقد عجز عن تحقيقه، إذ تمكن رومل من تجميع قواته واستعادة كفاءتها غرب خط العقيلة، لمعاودة الهجوم من جديد.

·    الفترة من 18 نوفمبر إلى 9 ديسمبر 1941

الهجوم المضاد الثاني لرومل، تقدم من العقيلة إلى بنغازي، وتوقف عند خط الغزالة ـ بئر حكيم.

·        الفترة من 21 يناير إلى 4 فبراير 1942

الهجوم الثالث لرومل، معركة الغزالة ودخول طبرق. جرت أحداث معركة الغزالة الفترة من 26 مايو حتى 15 يونيه. وفي 21 يونيه، كان سقوط طبرق، ثم المطاردة داخل حدود مصر إلى مرسى مطروح، والتوقف في النهاية أمام خط العلمين، في الأول من يوليه.

·        الفترة من 26 مايو إلى 21 يونيه 1942

الهجوم الرابع لرومل، معركة علم حلفا. في هذه المعركة، فشل رومل في تطويق الخط البريطاني، وصُدّت القوات الألمانية أمام هيئة علم حلفا.

·    الفترة من 31 أغسطس إلى 6 سبتمبر 1942

الهجوم البريطاني الرابع، لقوات الجيش الثامن، بقيادة مونتجمري. دارت معركة العلمين، وانتهت بانتصار بريطاني حاسم، وتدمير قوات المحور المدرعة، أعقبها انسحاب طويل لرومل.

·    الفترة من 23 أكتوبر إلى 4 نوفمبر 1942

مطاردة قوات المحور، ودخول الجيش الثامن إلى العاصمة طرابلس، قاطعاً 1800 كم في ثلاثة أشهر بمعدل تقدم 20 كم يومياً.

·        في 23 يناير 1943

عبر الجيش الثامن حدود تونس الشرقية.

·        في 29 يناير 1943

تم اختراق الخط الدفاعي الألماني ميريث، في تونس.

·        الفترة من 20 إلى 28 مارس

إبرار قوات الحلفاء في شمال غرب أفريقيا (مراكش، وهران، الجزائر)، في 8 نوفمبر، ثم التجمع والتحرك في اتجاه تونس، حيث أسرعت ألمانيا بتدعيمها بالقوات.

·    الفترة من 8 نوفمبر 1942 إلى 12 مايو 1943

اتصال قوات الجيش الثامن البريطاني بقوات الفيلق الثاني الأمريكي، واخترق خط العكاريت الدفاعي.

·        في ليلة 6/7 أبريل 1943

سقطت تونس العاصمة، وميناء بنزرت.

·        في 7 مايو 1943

استسلمت قوات المحور، في شمال أفريقيا.

·        في 12 مايو 1943

ثالثاً: التأثير المتبادل بين مسرح عمليات شمال أفريقيا ومسرحي البلقان وشرق أفريقيا

1. في 7 فبراير 1941، وصلت القوات البريطانية، بقيادة ويفل، إلى بيضاء فم ونجحت في تدمير الجيش العاشر الإيطالي، واحتلال برقة. وتوقفت عند خط العقيلة في انتظار التقدم إلى طرابلس، التي أصبحت مكشوفة.

2. في هذا التوقيت بالذات، قررت هيئة الأركان البريطانية دعم مسرحَيْن آخرين، فنقلت عدداً من الفرق إلى شرق أفريقيا لتصفية الوجود الإيطالي، ونجحت في تحقيق هذا الهدف بدخول أديس أبابا، العاصمة، في 6 أبريل 1941. أمّا المسرح الآخر فكان البلقان، الذي نقلت إليه في مارس 1941 عدداً من الفرق لتدعيم اليونان، ضد الهجوم الألماني الوشيك، والذي حدث في أوائل أبريل 1941.

3. يتزامن مع هذه الأحداث، وفي شهر أبريل 1941 بالذات، قيام رومل بهجومه المضاد الأول، وكانت قوات ويفل في أضعف حالاتها، فتمكن رومل من تحقيق أول انتصاراته.

4. بعد انتصار القوات البريطانية في شرق أفريقيا، في أبريل 1941، وبعد هزيمتها في البلقان، في مايو 1941، سحبت الفرق المنتصرة والمنهزمة، على وجه السرعة، وأُعيد تدعيم قوات ويفل؛ ليشن هجوماً جديداً في معركة باتل إكس، 15ـ 17 يونيه 1941. وبعدها تابع أوكنلك الهجوم بهذا الحشد من القوات في معركة كروسيدور، من 18 نوفمبر إلى 9 ديسمبر 1941.

رابعاً: معركة الغزالة ـ طبرق (اُنظر خريطة معركة الغزالة، سقوط طبرق)

1. تُعدّ معركة الغزالة واحدة من أروع انتصارات رومل، في شمال أفريقيا. وهي تجسد التطبيق البارع لمبادئ الحرب، خاصة الحشد وخفة الحركة والمفاجأة والعمل الهجومي.

  • يمتد خط الدفاع البريطاني الغزالة ـ بئر حكيم بطول 65 كم، ويتكون من عدد من النقاط الحصينة، وأمامه حقل ألغام كثيف.
  • شكلت القوات البريطانية من فيلقين، 13، 30، ويضمان 7 فرق، منها اثنتَيْن مدرعتين.
  • شكلت قوات المحور من 11 فرقة، منها 8 فرق إيطالية (منها فرقتين مدرعتين)، وثلاث فرق ألمانية (اثنتان مدرعان وواحدة خفيفة).

2. في الساعة (14:00) 26 مايو 1942، بدأ التمهيد النيراني لقوات المحور على خط الغزالة، وهاجم رومل الخط البريطاني، بفكر الحرب الخاطفة نفسه، وكانت أبرز ملامح المعركة كالآتي:

  • تثبيت الخط الدفاعي البريطاني، في المواجهة، بالفرق المشاة الإيطالية.
  • تطويق الخط بكامله من الجنوب الصحراوي بكل قواته المدرعة والآلية والوصول إلى خلف الخط البريطاني وتدمير احتياطياته المدرعة.

3. في 28 مايو، بعد أن قام رومل بحركة التطويق الواسعة وأصبحت مدرعاته خلف الخط البريطاني، أبلغت بعض الوحدات المدرعة عن خروجها من القتال بسبب نقص الذخيرة، وفي الوقت نفسه استمرت الاحتياطيات المدرعة البريطانية تهاجم مدرعات رومل.

4. في 29 مايو، اتخذ رومل قراراً، لا يصدر من غيره، فقد قرر الدفاع بالفرق المدرعة في ظهر الخط الدفاعي البريطاني، مشكلاً نصف دائرة كبيرة، وهو ما أطلق عليه معركة "الكولدرون"، كما أصدر أوامره بفتح ممرين (ثغرتين) في الخط البريطاني من الشرق ومن الغرب في آن واحد.

5. في 29 مايو، تم فتح الممرين في حقل الألغام وتدمير اللواء 150 البريطاني، الذي كان يشرف بقواته على الممرين.

6. وفي الأول من يونيه، تحركت الأرتال الإدارية من الغرب إلى الشرق عبر الممرين وتمت إعادة الملء بالوقود واستعواض الذخيرة.

7. في الفترة من 6 إلى 11 يونيه، هاجم رومل موقع بئر حكيم المحصن، وقوبل بمقاومة عنيفة من لواء فرنسيين أحرار، وأخيراً سقط الموقع يوم 11 يونيه 1942.

8. في ليلة 12/13 يونيه، دارت معركة جسر الفرسان، التي انتصر فيها رومل، ودُمرت 230 دبابة بريطانية، من أصل 300 دبابة.

9. تابع التقدم شمالاً ووصل عكرومة على البحر، في 15 يونيه، مطوقاً الخط الدفاعي البريطاني بكامله، فأسرعت القوات البريطانية المدافعة بالانسحاب، وأفلتت من الحصار.

10. في 21 يونيه، سقطت طبرق، فأحدث سقوطها دوياً هائلاً على الجانبين، الألماني الذي رقَّى رومل إلى رتبة الفيلد مارشال، والجانب البريطاني الذي استنجد بالولايات المتحدة، طالباً المساندة العاجلة.

ماذا حدث يوم سقوط طبرق؟

أ. كان تشرشل يوم 21 يونيه 1942، في أحد مؤتمرات القمة (المؤتمر الثاني)، في واشنطن، مجتمعاً مع روزفلت. كان رد الفعل الفوري من الحليف الأمريكي، هو نقل فرقة مدرعة أمريكية، تبحر من الولايات المتحدة الأمريكية، في 10 يوليه، إلى مسرح شمال أفريقيا، عبر رأس الرجاء الصالح.

ب. في 25 يونيه، أُدخل تعديل على الاقتراح، ليكون تدعيم بريطانيا بثلاثمائة دبابة شيرمان ومائة مدفع 105 مم ذاتي الحركة. ومن الملاحظ على الأمريكيين، حساسيتهم المفرطة تجاه الخسائر البشرية المحتملة، في مسرح جديد تماماً، وتحت قيادة غير أمريكية.

ج. تم تحميل الإسناد الأمريكي في قافلة بحرية في موعده. وبحلول الأول من أغسطس، وصلت المعلومات إلى القيادة الألمانية، ثم إلى رومل، بتحرك القافلة البحرية في اتجاه رأس الرجاء، وينتظر وصولها إلى الموانئ المصرية، في سبتمبر 1942.

د. اتخذ رومل قراراً بتوجيه ضربة، وتدمير الخط البريطاني عند العلمين، والوصول إلى دلتا النيل، قبل وصول هذه المعدات إلى يد القوات البريطانية، ولكن الضربة تحتاج إلى وقود، فحصل على موافقة كافالليرو رئيس الأركان الإيطالي بسرعة إمداده بالوقود خلال شهر أغسطس بناقلات وقود تدفع من إيطاليا تباعاً.

هـ. خلال أغسطس 1942، مرّت الأيام، والوقود لم يصل، والقافلة الأمريكية تقترب، وضوء القمر يتضاءل.

و. في ليلة 30/31 أغسطس، قرر رومل الهجوم في ضوء القمر، قبل إفلات الفرصة. ودار القتال، ونجح البريطانيون في صد دبابات رومل.

ز. في 2 سبتمبر، وصلت الأخبار بإغراق ناقلات وقود إيطالية، عند طبرق.

ح. في 3 سبتمبر، أصدر رومل أوامره بالانسحاب، وضاع آخر أمل لقوات المحور في إحراز أي انتصار في شمال أفريقيا.

ط. خلال سبتمبر، وصلت القافلة الأمريكية، ودخلت الدبابة شيرمان في تسليح الفرق المدرعة، وأدّت دورها، كأفضل دبابة في المسرح.

خامساً: معركة علم حلفا، من 31 أغسطس إلى 6 سبتمبر 1942 (اُنظر خريطة معركة علم حلفا)

هي صورة استثنائية لمعركة دفاعية ناجحة، طُبق فيها مبدأ الثبات والصمود، من دون الهجوم المضاد لتدمير العدو المهاجم.

لماذا اكتفى مونتجمري بالصمود، من دون الهجوم؟

1. كان يُدخل في حسبانه ستائر المدفعية المضادة للدبابات عيار 88 مم الألمانية، والتي برع الألمان في استخدامها، وتقوم على استدراج الدبابات المعادية إلى مناطق قتل مجهزة.

2. أوضح مونتجمري أنه بقراره، هو،سوف يحدد مكان وزمان المعركة الفاصلة وليس بقرار يملى عليه من رومل.

3. كرر رومل تكتيكاته، التي نفذها مراراً، فجاءت علم حلفا نسخة من الغزالة، بالتثبيت بالمواجهة ثم محاولة تطويق الخط من الجنوب والاتجاه شمالاً إلى بلدة الحمام.

4. استعد مونتجمري للقاء رومل بفرقتين، عند هيئة علم حلفا، بعد أن ترك له الباب موارباً للهجوم. وفي النهاية، تم صد قوات رومل، التي توقفت ثم انسحبت.

سادساً: معركة العلمين، Light Foot، من 23 أكتوبر إلى 4 نوفمبر 1942 (اُنظر خريطة معركة العلمين)

·   كانت المعركة الفاصلة في مسرح شمال أفريقيا، بل تُعدّ إحدى المعارك الحاسمة، ونقاط التحول في الحرب الثانية. كما تُعدّ مثالاً للضربة الساحقة، التي تعقبها ضربة تالية تشطر قوات العدو.

·   كانت مواجهة الخط الدفاعي في العلمين حوالي 60 كم، وصل إليه الألمان مجهدي القوى، في الأول من يوليه 1942. وبوصولهم إلى العلمين، امتدت خطوط مواصلاتهم فقدرت بنحو 500 كم من طبرق وألف كم من بنغازي و1800 كم من طرابلس. وهذه الثلاثة، هي موانئ الإمداد الوحيدة في ليبيا، آنذاك.

·   في 10 أغسطس، كان تشرشل في مسرح العمليات، وأجرى تغييراً كلياً في القيادات البريطانية، وعين طاقماً جديداً من ألكسندر، قائداً عاماً للشرق الأوسط، بدلاً من أوكنلك، ومونتجمري، قائداً للجيش الثامن. أصدر تشرشل توجيهاً مختصراً إلى القيادة الجديدة، ألكسندر/ مونتجمري، نصه: "مهمتك، تدمير الجيش الألماني ـ الإيطالي، الموضوع تحت قيادة الفيلد مارشال رومل، بكل قواته ومعداته في مصر وليبيا".

·   في 17 سبتمبر 1942، بعث القائد العام، ألكسندر، رسالة إلى تشرشل، شرح فيها الخطة العامة للهجوم. وقد حدد أسلوب الهجوم البريطاني، ليكون في ثلاث مراحل، هي: الاقتحام Break In، والاختراق Break Through، ثم الانطلاق Break Out. أمّا الرسالة فنصها كالآتي: "بما أنه لا توجد أجناب مفتوحة فإن المعركة يجب أن تنفذ على المراحل التالية:

ـ تبدأ بفتح ممر في جبهة دفاع العدو، ومن خلال هذا الممر يتقدم الفيلق العاشر المشكل من التجميع الرئيسي المدرع؛ ليكون رأس الحربة في الهجوم، ويكون تقدمه في ضوء النهار.

ـ مرحلة الاقتحام، بفتح الممرات، يجب أن تنفذ في ضوء قمر كامل، وستستغرق بعض الوقت. وبفتح ممرات كافية في دفاعات العدو، يصبح لدى المدرعات (الفيلق العاشر) يوم كامل لخوض معركة الاختراق، الاسم الرمزي Super Charge.

ـ ليالي القمر أساسية للخطة (يقصد مرحلة الاقتحام وفتح الممرات، أمّا مرحلة الاختراق بالدبابات فتتم بالنهار). دُرست التوقيتات جيداً بالتنسيق مع الخطة Torch (الإبرار في شمال غرب أفريقيا)، وأنسب توقيت هو أن نبدأ قبلها بـ13 يوماً" (وبالفعل بدأ قبلها بـ16 يوماً).

1. قوات الجانبين

3 فيالق من 13 فرقة، منها ثلاث فرق مدرعة.

أ. البريطاني:

3 فيالق من 13 فرقة، منها أربع فرق مدرعة (فرقتان ألمانيتان، وفرقتان إيطاليتان).

ب. الألماني:

2. معركة الإمداد: (الأشهر من يوليه إلى أكتوبر 1942)

أ. الجانب الألماني

(1) كان يعتمد على 4 موانئ إيطالية، هي: نابولي، باري، برنديزي، تارانتو. وعلى طريق بحري حتى موانئ الوصول في ليبيا. وكان طريق الإمداد البحري الإيطالي يتعرض للقطع، من البحرية والطيران البريطاني، الذي يعتمد على جزيرة مالطة، وعلى ميناء الإسكندرية شرقاً، وجبل طارق غرباً.

(2) طاقة موانئ الوصول: كانت طاقة موانئ طرابلس وبنغازي وطبرق، محدودة في استقبال وتفريغ السفن، وتصل أقصاها في طرابلس 45 ألف طن شهرياً، وأدناها في طبرق 20 ألف طن شهرياً، وتقع بنغازي بينهما.

(3) كانت احتياجات قوات المحور شهرياً تُقدر بنحو 50 ألف طن، ولكن متوسط ما كان يصل إلى الموانئ الليبية، لا يتجاوز 25 ألف طن شهرياً.

(4) في سبتمبر 1942 أغرق البريطانيون 30% من السفن التجارية الإيطالية. وفي أكتوبر أغرقوا 40% منها.

(5) في 23 أكتوبر، كان المتبقي من الوقود ثلاثة خطوط، تكفي ثلاثة أيام فقط للقتال، بينما المستوى المقرر الذي أكده وكرره رومل هو 30 خط وقود، على الأقل.

(6) يلاحظ أن رومل كان يعتمد بدرجة كبيرة على الغنائم التي استولى عليها في يونيه 1942 من القواعد اللوجستية البريطانية، وأهمها كان في العضم وبلحامد وطبرق ومرسى مطروح.

ب. الجانب البريطاني

(1) اعتمد الجيش الثامن على مصادره الأساسية عبر البحار في بريطانيا وكندا والولايات المتحدة، وكان طول الرحلة ذهاباً وعودة إلى مصر يُقدّر بنحو 24 ألف ميل، تقطع في خمسة أشهر.

(2) اعتمد الجيش الثامن، في مسرح العمليات، على دلتا النيل، وكان يتوفر له 4 موانئ مؤمنة: سفاجا، الأدبية، السويس، العقبة. كما توجد في مصر شبكة سكة حديد وطرق متطورة، تصل إلى خلف جبهة القتال في العلمين، مباشرة.

(3) تتوفر في قاعدة القاهرة والقنال ودلتا النيل مصادر الطاقة والمياه ومصانع إنتاج الغذاء والكساء وأصناف الخضراوات واللحوم الطازجة اللازمة لإعاشة القوات.

3. إدارة معركة العلمين

أ. بدأ تركيز القصف الجوي البريطاني من يوم 20 أكتوبر 1942.

ب. في الساعة (21:45) مساء يوم 23 أكتوبر، وفي ضوء قمر كامل بدأ التمهيد النيراني بألف مدفع، لمدة 20 دقيقة، وذلك بالنيران المركزة على مرابض نيران المدفعية الألمانية، ثم تحولت المدفعية البريطانية إلى قصف مواقع المشاة.

ج. بدأت مرحلة الاقتحام، لفتح الممرات، بهجوم الفيلق 30 (المكون من 4 فرق مشاة) في القطاع الشمالي (الساحلي)، وانتهت بفتح ممرين في الدفاع الألماني.

د. مرحلة الاختراق، بالفيلق 10 المشكل من 2 فرقة مدرعة وفرقة مشاة، واسمها الرمزي Super Charge. وقد دارت معركة دبابات غير متكافئة أيام 1 و2 و3 نوفمبر عند الساحل الشمالي، انتهت بانتصار المدرعات البريطانية، وانطلاقها.

هـ. في 4 نوفمبر، بدأ انسحاب القوات الألمانية في اتجاه الغرب.

و. بدأت مرحلة المطاردة، وتمكن الجيش الثامن:

(1) في 8 نوفمبر 1942، دخول مرسى مطروح، وهو يوم بدء عملية Torch في شمال غرب أفريقيا.

(2) في 23 يناير 1943، دخول العاصمة طرابلس.

(3) في 29 يناير، عبور حدود تونس الشرقية.

(4) قطع رومل 2800 كم، وأفلت بقواته من كل محاولات الحصار والتطويق، وكانت مصاعب الإمداد بالوقود مع طول المسافات تعرقل سرعة المطاردة البريطانية.

4. ملاحظات على معركة العلمين

أ. تُعدّ الخطة البريطانية نموذجاً لتنفيذ الضربة الساحقة القائمة على الحشد، وتحقيق نسبة تفوق عالية في قطاع اختراق ضيق، وكان هذا هو الأسلوب الوحيد للتعامل مع الخط الألماني، الذي يستند على أجناب لا تسمح بالتطويق.

ب. من الملاحظ أن جميع الجنسيات، التي كانت تتشكل منها الإمبراطورية البريطانية قد اشتركت في القتال، عدا كندا، التي خُصصت للمسرح الأوروبي. فكان الجيش الثامن مشكلاً من: فرقة أسترالية، وفرقة نيوزيلندية، وفرقة جنوب أفريقية، وفرقة هندية، ولواء يوناني، ولواء فرنسيين أحرار، وثلاث فرق مشاة بريطانية، وثلاث فرق مدرعة بريطانية.

ج. تُعدّ معركة العلمين نقطة تحول في مسار الحرب. وعبّر عنها تشرشل قائلاً: "قبل العلمين لم تكن لنا انتصارات، وبعد العلمين لم تقع علينا هزائم".

سابعاً: إبرار الحلفاء في شمال غربي أفريقيا، Torch،   8 نوفمبر 1942

1. عرض الموقف الإستراتيجي في مطلع عام 1942

كان ستالين يطالب، بإلحاح، بفتح جبهة جديدة في أوروبا وكانت الولايات المتحدة الأمريكية تميل، كذلك، إلى فتح هذه الجبهة، والدخول في مواجهة حاسمة ضد الألمان على أرض القارة.

كان تشرشل يرى أن الوقت غير مناسب، فما زال الجيش الثامن يخوض معارك غير فاصلة في شمال أفريقيا. توصل تشرشل إلى حل يرضي كلا حليفيه، ويحفظ في الوقت نفسه مصالح بريطانيا، فاقترح تنفيذ عملية إبرار كبرى في شمال غرب أفريقيا بواسطة قوات أمريكية بريطانية، فيحقق بذلك تصفية قوات المحور في شمال أفريقيا، ويحقق جزئياً فتح الجبهة الثانية، التي يسعى إليها حليفيه، وحاز اقتراحه بالقبول كحل مرحلي.

2. أهداف عملية "المشعل" Torch

أ. ضرب قوات رومل في الظهر، وتصفية قوات المحور في شمال أفريقيا، فيما يُعدّ أول تطبيق للتطويق الإستراتيجي في الحرب.

ب. تأمين محور المواصلات البحري في البحر المتوسط، ورفع الضغط عن مالطة.

ج. اتخاذ تونس نقطة انطلاق لغزو صقلية، وبعدها إيطاليا بهدف إبعادها خارج الحرب.

د. تلبية مطالب السوفيت بفتح جبهة ثانية، ومن ثَمّ تخفيف الضغط الألماني على الاتحاد السوفيتي.

هـ. كسب قوات حكومة فيشي في مراكش والجزائر إلى جانب الحلفاء.

و. احتمال ضم الأسطول الفرنسي، في قاعدة تولون، إلى جانب الحلفاء.

ز. دفع حكومة فيشي إلى مواجهة مع الألمان.

ح. تأكيد حياد أسبانيا، وتأمين قاعدة جبل طارق.

ط. تجربة معدات الإبرار البحري وتطويرها، تمهيداً لاستخدامها في الإبرار في غرب أوروبا.

3. فكرة عملية "المشعل" Torch

أ. في 8 أغسطس 1942، عُين أيزنهاور قائداً عاماً لقوات "المشعل".

ب. تحدد 8 نوفمبر، لبدء عملية الإبرار.

ج. قوات الإبرار أساساً أمريكية، يتم إبرارها في 3 موانئ: الدار البيضاء (مراكش)، وهران، والجزائر (الجزائر).

د. يتم الإبرار في كل موقع بقوة فرقة مشاة مدعمة، بحجم القوات التالية:

(1) في الدار البيضاء: 35 ألف جندي أمريكي.

(2) وفي وهران: 39 ألف جندي أمريكي.

(3) وفي الجزائر 10 آلاف جندي أمريكي، و23 ألف جندي بريطاني.

(4) فيصبح الإجمالي: 107 آلاف جندي، منهم 84 ألف جندي أمريكي، و23 ألف جندي بريطاني.

هـ. بعد الإبرار تتجمع القوات، وتتجه شرقاً، وتستولي على تونس، وتحاصر قوات رومل من الغرب.

4. سير العملية

نُفِّذ الإبرار في التوقيت والأماكن المحددة. وصادفت قوات الإبرار في وهران والجزائر مقاومة صورية من قوات فيشي، التي انحازت، فيما بعد، إلى قوات الحلفاء. وقد استخدمت 800 سفينة حربية وسفينة نقل في عملية الإبرار. وفي اليوم نفسه، دخلت قوات الجيش الثامن البريطاني مدينة مرسى مطروح.

·      في 8 نوفمبر 1942

احتل الألمان أراضي فرنسا بأكملها، وأنهوا عهد حكومة فيشي، وأصبحت فرنسا خاضعة للاحتلال الألماني.

·      في 11 نوفمبر

 حاول الألمان الاستيلاء على قطع الأسطول الفرنسي في ميناء تولون، ولكن رجال البحرية الفرنسية أغرقوا أسطولهم وعدده 70 سفينة، حتى لا يقع في أيدي الألمان.

·      في 27 نوفمبر

 سارع المحور بتدعيم قواته في تونس من خلال ميناءي تونس وبنزرت وبالنقل جواً.

·      نوفمبر/ ديسمبر

 دخل الجيش الثامن العاصمة طرابلس.

·      في 23 يناير 1943

 نفّذت قوات المحور، في تونس، هجوماً قوياً ضد الفيلق الثاني الأمريكي، وأجبرته على الانسحاب 80 كم، باختراقهم ممر قصرين.

·      في 14 فبراير

 أُوقفت قوات المحور.

·      في 23 فبراير

 هاجم الجيش الثامن خط ميريث الدفاعي الألماني، ونجح في اختراقه.

·      من 20 إلى 28 مارس

 هاجم الحلفاء خط وادي العكاريت، وطردوا القوات الألمانية.

·      وفي 6 أبريل

 التقى الجيش الثامن البريطاني قوات الجيش الأول الأمريكي، بالقرب من جفصة.

·      في 7 أبريل

 اُخترِق الخط الدفاعي الألماني.

·      وفي 6 مايو

 استسلمت قوات المحور، بقيادة فون أرنيم.

·      في 12 مايو

5. دروس عملية "المشعل"

أ. أثبتت نجاحاً إستراتيجياً، وحققت أهدافها التسعة،خاصة خطة التطويق الإستراتيجي، التي نفّذت بصور مثالية وبأقل الخسائر.

ب. أثبتت نجاح التعاون الأمريكي البريطاني الفرنسي، براً وبحراً وجواً.

ج. تُعدّ هذه العملية أول تطبيق للتطويق الإستراتيجي، في الحرب، بصورة مثالية وبأقل الخسائر.

6. الخسائر الإجمالية لقوات المحور، في شمال أفريقيا (سبتمبر 1940- مايو 1943) (32 شهراً)

أ. قتلى وأسرى: 950 ألفاً.

ب. طائرات: 8 آلاف.

ج. حمولات سفن أُغرقت: مليونان و400 ألف طن.

د. غنائم وتدمير

(1) مدافع     6200.

(2) دبابات 2500.

(3) مركبات 70 ألف.