إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / الصراعات في دول حول النيل والتغلغل الأجنبي، وأثره على الأمن القومي






جنوب شرق آسيا
دول الخليج العربي



المبحث الأول

الفصل الثالث

التغلغل الأجنبي في دول حوض النيل

تعد قارة أفريقية قارة واعدة، ولذلك اتجهت الأنظار منذ فترة طويلة لاستعمارها واستغلال ثرواتها، ونتج عن ذلك هجمة الدول الاستعمارية القديمة على أرجاء القارة الأفريقية وتقاسمها فيما بينها. وبعد تحرر الدول الأفريقية من نير الاستعمار، لجأت دول الاستعمار القديم إلى ربط اقتصاديات الدول الأفريقية وسياساتها، أي دول المستعمرات، باقتصاديات الدول التي كانت مستعمرة لها وسياساتها. إلا أننا نجد الآن التكالب من الدول الأوروبية والآسيوية، وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، على الدول الأفريقية، ليس على شاكلة أنماط الدول الاستعمارية السابقة، ولكن على نمط جديد يغلب على ظاهره الشراكة أو التعاون الاقتصادي، ولكن في باطنه استغلال الثروات، سواء المكتشفة سابقاً أو التي اكتُشفت حديثاً.

ولا يخفى على أحد أنه في ظل الأزمات المالية وقضايا الشح المائي، أن تتجه الدول التي تعاني منهما إلى الدول الأفريقية الأكثر غزارة والأقل تكلفة واستغلالها مائياً وزراعياً لتحقيق الأمن الغذائي بأقل تكلفة لشعوبها، بغض النظر عن تأثير ذلك على الشعوب الأفريقية.

وإذا كانت أفريقيا، بصفة عامة، أصبحت هي القارة التي تتجه إليها أنظار الدول الأوروبية والآسيوية، بل والعربية أيضاً، بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن الأنظار تتركز بصفة خاصة على دول حوض النيل، لما تمتاز به من وفرة مائية ومقومات أخرى تدعو إلى استغلالها في صورة مُقَنَّعة، هي الشراكة والتعاون.

وقد يكون هذا التوجه مرتبطاً بتحقيق ربط سياسات هذه الدول بسياسات الدول الأفريقية وتوجيهها في صالح تحقيق المصالح الأوروبية والأمريكية، وخلق نوع من الهيمنة السياسية على متخذي القرار في الدول الأفريقية في الأغلب الأعم. ويظهر هذا في معظم سياسات الدول الأوروبية الكبرى والولايات المتحدة الأمريكية بصفة خاصة. ومن هذا استضافة القوات الأجنبية على أراضي الدول الأفريقية أو اتخاذها عناصر تنفذ سياساتها وأهدافها العسكرية بالوكالة أو جعلها قابلة لاستخدام موانيها ومطاراتها لصالح هذه الدول عند الحاجة، أو في صورة تسهيلات لوجستية تُقدم عند الطلب.

وعلى الجانب الآخر نجد أن صور الشراكة تقتصر على الجانب الاقتصادي والتجاري، مثل الشراكة مع الدول الأسيوية، وخاصة المثال الصيني والهندي، الذي يركز على الشراكة الاقتصادية دون السياسية، أو تطويع السياسات لتحقيق المنفعة الاقتصادية. وطبقاً لهذا المنظور نجد أن السياسة الصينية، على سبيل المثال، تسعى للحصول على المواد الخام اللازمة للصناعة من الدول الأفريقية، وجعلها سوقاً لمنتجاتها الصناعية، نظراً لعدم مقدرتها صناعياً على المنافسة، بالإضافة إلى تحقيق الأرباح نتيجة تعطش أسواق هذه الدول للمنتجات المصنعة المقبولة السعر.