إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / الصراعات في دول حول النيل والتغلغل الأجنبي، وأثره على الأمن القومي






جنوب شرق آسيا
دول الخليج العربي



المبحث الأول

الفصل الرابع

تأثير التغلغل الأجنبي في دول حوض النيل

على الأمن القومي العربي

إن مفهوم الأمن القومي مفهوم حديث، ارتبط في ظهوره بظهور الدولة القومية، ونظراً للاختلاط بين المفهوم وغيره من المفاهيم المتشابهة، كالمصلحة القومية والقوة وغيرها، تنوعت واختلفت اتجاهات تعريف الأمن القومي. ومع تزايد الاهتمام بالظاهرة الاقتصادية، ظهر اتجاه يؤكد أن الأمن القومي يعني تنمية الاقتصاد واستقراره، والاكتفاء الذاتي، وحماية المجتمع وتأمينه من الأخطار الخارجية، ويتأتى ذلك بضرورة تأمين الموارد الاقتصادية الحيوية لتجنب الضغوط الخارجية.

1. مفهوم الأمن القومي

لعل أفضل تعريف للأمن القومي، هو التعريف الإجرائي التكاملي، ومفهوم الأمن لدى أنصار هذا الاتجاه هو مفهوم مجتمعي يتعلق بجوانب المجتمع كافة.

ويُعرف بأنه: الإجراءات التي تلتزم بها الدولة لضمان أمنها واستقلالها وسيادتها في المجتمع الدولي، بما يتلاءم والتزاماتها الدولية سياسياً وجغرافياً وتاريخياً، لتحقيق التنمية بكافة جوانبها.

كما يُعرف بأنه: قدرة الدولة شعباً وإقليماً وحكومة على حماية قدراتها وإمكاناتها وتنميتها على المستويات كافة، من خلال الوسائل والسياسات من أجل تطويق نواحي الضعف في الجسد السياسي والاجتماعي للدولة، وتطوير نواحي القوة لفلسفة قومية شاملة، تأخذ في اعتبارها كل المتغيرات الداخلية والإقليمية والدولية المحيطة.

2. مفهوم الأمن الإقليمي

يُعرف بأنه: سياسة مجموعة من الدول تنتمي إلى إقليم واحد، تسعى للدخول في تنظيم وتعاون لدول الإقليم من أجل منع أية قوة أجنبية من التدخل في الإقليم.

ويتضح من ذلك التطابق بين مفهومي الأمن القومي والأمن الإقليمي، حيث إنهما يسعيان لتحقيق المصلحة القومية. فضمان الاستقرار والسيادة للدولة في إطار أوسع قد يشمل الإقليم، حيث تتداخل العلاقات والمصالح لدول الإقليم كلها وتتكامل لمواجهة التحديات.

إن أكبر التحديات أو التهديدات هي التحديات الاقتصادية، حيث إنها التي تحقق الكفاية الاقتصادية للشعوب، وتعمل على تنميتها ومجابهة متطلباتها. ولعل أهم هذه المتطلبات هي المتطلبات الحيوية التي تتلخص في توفير الغذاء والمياه. ومن هنا ظهر مفهوم الأمن المائي.

3. مفهوم الأمن المائي

الأمن المائي هو وضع مستقر لموارد المياه يمكن الاطمئنان إليه، ويتحقق هذا الوضع عندما تستجيب الموارد المتاحة من المياه للطلب عليها. أي أن درجة الأمن المائي لدولة ما تتوقف على طبيعة العلاقة بين المعروض من المياه والطلب عليها في فترة زمنية معينة.

ومن ثم يمكن التعامل مع مفهوم الأمن المائي بوصفه مفهوماً نسبياً، يزيد وينقص حسب طبيعة العلاقة بين العرض والطلب.

4. معيار تحديد درجة الأمن المائي

في إطار السعي إلى وضع معيار محدد لتحديد درجة الإحساس بالأمن المائي، طور البعض مفهوم الحد الأمني المائي، الذي يشير إلى متوسط نصيب الفرد في دولة ما من الموارد المائية العذبة المتجددة، لتلبية احتياجاته المختلفة. وقد توافق الخبراء على المستوى العالمي على اعتبار ألف م3 من المياه المتجددة سنوياً هو الحد الأدنى الذي دونه يمكن أن تتعرض دولة ما لمشكلة ندرة المياه، بما يهدد صحة مواطنيها، وتعرقل مسيرة التنمية فيها.

ونظراً لأهمية الأمن المائي ودوره المحوري في تحقيق الأمن المائي للدول، تتجه دول العالم، بما فيها دول حوض النيل، إلى المحافظة على الموارد المائية المتاحة لديها، وتأمينها، وإعداد الخطط اللازمة لتنظيم الانتفاع بها، مع السعي الدءوب لتعظيم مواردها المائية.

إلا أنه يُلاحظ وجود اتجاهين متعارضين:

الاتجاه الأول: في إطار سعي دول الوفرة المائية، وخاصة في حوض النيل، وهي دول نامية، تنظيم الانتفاع وتعظيم الموارد، تدخل عديد من الدول الأجنبية تحت دعوى المساعدة المالية والتكنولوجية في عمليات ترشيد وإدارة المياه، وتعظيم الاستفادة منها، وإنشاء المشروعات المائية داخل هذه الدول، وغرضها المستتر هو تحقيق مصالحها بالمنطقة والهيمنة الاقتصادية والسياسية، وتحجيم حرية هذه الدول في اتخاذها للقرار.

الاتجاه الثاني: رغبة بعض دول الجوار الجغرافي قليلة الموارد المائية، في تلبية احتياجاتها من الدول ذات الوفرة المائية، في إطار الشراكة القائمة على مبادلة المياه بمشروعات تنموية، أو في صورة عينية أو نقدية. وقد يتعارض ذلك مع الاتجاه الأول الذي تسعى فيه الدول الأجنبية المتدخلة في تحقيق مصالحها أو أجندتها.

وجدير بالذكر أن الدول المتدخلة هي عموماً الدول الأجنبية ذات المصلحة التي تحاول فرض أجندتها على دول الوفرة، وهي دول حوض النيل، بينما دول الجوار الجغرافي التي تسعى لتلبية مطالب شعوبها من المياه لتحقيق الأمن الغذائي والتنمية، هي دول الجوار العربي قليلة الموارد المائية، مثل دول الخليج العربي، أو دول الجوار غير العربية، مثل إسرائيل التي تعاني من شح المياه، وهي أيضاً من الدول المتدخلة المتغلغلة في دول المنابع.