إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / الصراعات في دول حول النيل والتغلغل الأجنبي، وأثره على الأمن القومي






جنوب شرق آسيا
دول الخليج العربي



المبحث الأول

المبحث التاسع

تأثير التغلغل الأجنبي على الأمن القومي للدول العربية

يتأثر الأمن القومي العربي بالتدخل الأجنبي والتغلغل في القارة الأفريقية بصفة عامة، ولكن التأثير الأكثر تهديداً هو تغلغل الأجنبي ووجوده في منطقة حوض النيل وشرق أفريقيا، حيث إنهما تمثلان الظهير الأفريقي للمنطقة العربية، وأي إخلال بالتوازنات في المنطقة يؤثر على الأمن العربي، وخاصة منطقة الخليج العربي، نظراً لقربهما المباشر من كل من المملكة العربية السعودية واليمن، وامتدادهما حتى مناطق الخليج العربي.

ولا يخفى ذلك على التوجهات الأمريكية، التي عدت منطقة الخليج العربي امتداداً طبيعياً للقرن الأفريقي الكبير، طبقاً لمشروع "كلينتون" الذي يضم كل من الصومال، وجيبوتي، وإريتريا إلى منطقة حوض النيل، أدخلتهما معاً في منظومة عسكرية واحدة، هي القيادة العسكرية الأمريكية الأفريقية (الأفريكوم).

كما أن شح المياه، ووجود فجوة غذائية متفاقمة في منطقة الخليج العربي، رغم وجود الوفورات النقدية، أقنع المخطط الإستراتيجي الخليجي على التوجه إلى الظهير الأفريقي، لعقد شراكة مع دول الوفرة المائية، وخاصة دول حوض النيل، لخلق شراكة اقتصادية قوامها الأراضي الزراعية والمياه لتوفير الغذاء وتحقيق الأمن الغذائي.

ومن هذا المنطلق فإن أي تفاعلات ديناميكية للدول الأجنبية المتغلغلة في المنطقة الأفريقية تؤثر بالقطع على الأمن الغذائي المزمع تحقيقه مع هذه الدول، في إطار الشراكة الاقتصادية، أي يؤثر تأثيراً مباشراً على الأمن القومي العربي لمنطقة الخليج العربي.

أولاً: أزمة المياه في العالم العربي وارتباطها بالأمن القومي

تعاني دول الخليج العربي وشبه الجزيرة العربية من نقص موارد المياه بصفة عامة، حيث ينعدم الجريان السطحي في بعض الدول، وتعاني بعض الدول الأخرى من قلة الأمطار. وهكذا نجد أن هناك تأثيرات مختلفة تطرحها أزمة المياه في الشرق الأوسط على الأمن القومي العربي، حيث تمثل ندرة المياه وعدم توزيعها توزيعاً عادلاً، وسوء استغلالها في بعض الدول العربية، احد العوامل المهددة للأمن القومي.

1. مفهوم الأمن المائي

الأمن المائي يعني المحافظة على الموارد المائية المتوافرة، واستخدامها بالشكل الأفضل، وعدم تلويثها، وترشيد استخدامها في الشرب والري والصناعة، والسعي بكل السبل للبحث عن مصادر مائية جديدة وتطويرها، ورفع طاقات استثمارها.

ويُلاحظ أن الوضع المائي العربي أكثر صعوبة وخطورة عاماً بعد عام، بسبب الزيادة على الطلب على الماء، وكثرة العقبات التي تحول دون استثمار الموارد المائية المتاحة بالشكل الأمثل، ما يمثل عجزاً خطيراً في توفير المياه للشرب والري والصناعة.

وفي الوقت الذي بدأ فيه الفكر العربي يستوعب أهمية تحقيق الأمن المائي، ظهرت التوجهات الأمريكية والإسرائيلية والأوروبية التي تحذر من أن الحرب القادمة في الشرق الأوسط هي حرب المياه دون غيرها، ومع هذا تتفاقم خطورة الأمن المائي العربي من منظور الواقع الإقليمي العربي والمشاريع المائية الحالية والمستقبلية لدول الجوار.

2. ارتباط الأمن المائي بالأمن الغذائي

يرتبط الأمن المائي ارتباطاً وثيقاً بالأمن الغذائي، فبما أن الأمن المائي يعني المحافظة على الموارد المائية المتوافرة واستخدامها استخداماً أفضل وترشيد استخدامها، والسعي بجد للبحث عن مصادر جديدة وتنميتها لتحقيق المطالب الأساسية للشرب والري والصناعة.

فإن الأمن الغذائي يعني المحافظة على الموارد الغذائية المتوافرة وتنميتها تنمية دائمة لتوائم الزيادة السكانية، وصولاً إلى تحقيق الأمن الغذائي وتحقيق الاكتفاء الذاتي منه، حتى لا تضطر الدول العربية إلى استيراد حاجاتها الغذائية من الخارج، فتصير تحت رحمة الخارج وتفقد استقلالها وقرارها السياسي.

وعلاقة المياه بالغذاء علاقة تأثيرية، فنقص الموارد المائية يؤدي إلى نقص الغذاء، وبهذا نجد أن الأمن الغذائي والأمن المائي يصبحان جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي الشامل.

أدت مشكلة نقص المياه والجفاف وتردي الأحوال الجوية في الوطن العربي إلى انخفاض إنتاج أهم البلاد العربية إنتاجاً للحبوب في السبعينيات على سبيل المثال، وزيادة النقص الغذائي في الوطن العربي، والاعتماد المتزايد على الخارج في تلبية حاجاته من المواد الغذائية المختلفة، حتى الثمانينيات.

وتُعد مشكلة نقص المياه، والعجز عن توفير الإمكانات المالية والقدرات التقنية لاستغلالها وتخزينها، أحد أهم العناصر الرئيسة المسؤولة عن ضعف الإنتاج الزراعي وتباطؤ معدلات نموه في الوطن العربي، فلم تزد نسبة النمو طوال السنوات الماضية عن 2% سنوياً، وهي نسبة لا تكاد تُلاحق الزيادة السكانية التي تبلغ نسبتها السنوية حتى 3%.

إن خطورة الأزمة الغذائية في الوطن العربي تكمن في الاعتماد المتزايد على الاستيراد لتأمين حاجة السكان، وعلى هذا لا يمكن التحكم في أسعارها، وقد يصعب توفيرها في جميع الأوقات، وربما تُستخدم وسيلة ضغط على البلاد العربية لحملها على اتخاذ موقف سياسي معين.

ونتج عن هذه الفجوة الغذائية عدد من النتائج السلبية، منها:

أ. اضطرار الأقطار العربية، وخاصة ذات الكثافة السكانية الكبيرة، والعجز المالي، إلى تخصيص مبالغ كبيرة للإنفاق على الواردات الغذائية، ما خلق ضغوطاً على ميزان المدفوعات بها.

ب. ارتفاع أسعار الأغذية في معظم الأقطار العربية، ما أدى إلى تزايد أهمية الدعم المالي، وأسفر عن ضغوط كبيرة على موازناتها العامة.

ج. تزايد أهمية المعوقات الغذائية، ما أدى إلى تزايد تبعية الحكومات العربية وتعرضها للضغوط الخارجية.

د. إن وقوع معظم الدول العربية تحت ضغوط توفير الغذاء من خارجها، أدى إلى تحول الغذاء إلى سلاح إستراتيجي على المستوى العالمي، وقف في مواجهة سلاح النفط، بالإضافة إلى استنزاف الفوائض النفطية.

وهكذا يصبح لهذه الدول غير العربية دوراً في تحديد وتحريك الإرادة السياسية للدول العربية، وتحريك سياساتها الداخلية والخارجية بما يتفق وأهداف هذه الدول. وهكذا لن يكون القرار السياسي للدول العربية نابعاً عن إرادتها السياسية الحرة المستقلة، بقدر ما هو إرضاء لهذه الأطراف.

ثانياً: توجهات الدول العربية لدول حوض النيل

تُعد قضيتا الأمن الغذائي والأمن المائي من أكثر المشكلات تأثيراً على الحكومات في منطقة الخليج العربي بصفة خاصة، حيث إنها تعاني من شُح المياه، بالإضافة إلى أن التغيرات المناخية ستكون مصحوبة بنقص في معدلات هطول الأمطار بنسبة تصل إلى 20%، الأمر الذي من شأنه زيادة النقص في المياه.

وقد أدى ذلك إلى استنزاف الخزانات الجوفية في بعض دول الخليج، وهبوط حاد في المناسيب، وزيادة في ملوحة مياه الآبار. وقد دفعت هذه المشكلات ِإلى ترشيد استخدام المياه الجوفية والحد من استنزافها في أغراض الزراعة.

ولهذا فإن المشكلة الرئيسة للدول العربية، وخاصة الخليجية منها التي لا تعتمد على سريان المياه الجارية، لعدم وجود الأنهار، بل تعتمد على المياه الجوفية الشديدة التناقص، والتي لا تمتلك أيضاً أراضي زراعية خصبة لتحقيق الأمن الغذائي لسكانها، تتمثل في كيفية تحقيق الأمن الغذائي لمواطنيها رغم امتلاكها احتياطيات نقدية كبيرة، ومعدلات نمو مرتفعة، في حين تعاني نقصاً حاداً في قدراتها المائية والزراعية.

إن الخيار الإستراتيجي لتأمين الحاجات الغذائية لدول الخليج يتمثل في التوجه لتحقيق تنمية زراعية، من طريق الشراكة والاستثمار الزراعي في الخارج، عبر الانطلاق لشراء أرضي زراعية أو تأجيرها في دول تمتلك الوفرة المائية، وفي حاجة لسد عجزها المالي، أو في حاجة للاستثمارات لدفع عجلة التنمية لرفع مستوى المعيشة لشعوبها.

إن الهدف الرئيس، الذي يتمثل في رغبة هذه الدول في تحقيق الأمن الغذائي لمواطنيها بمستواه النسبي، هو الذي حثها لتأمين احتياجاتها المتزايدة من الغذاء - إلى البحث عن الاستثمار الزراعي في دول الوفرة المائية، ولهذا اتجهت أنظار دول الخليج إلى الظهير الأفريقي، وخاصة دول حوض النيل، التي تتوافر بها الأراضي الزراعية الخصبة والموارد المائية، وتحتاج في الوقت نفسه إلى الأموال اللازمة للتنمية، وهو ما يتوفر في دول الخليج ذات الوفورات المالية النفطية.

ولما كانت منطقة حوض النيل تُعد بمثابة العمق الإستراتيجي والامتداد الجغرافي للخليج العربي، ومع تزايد أزمة الغذاء العالمي، تزايدت أهمية القارة على وجه العموم، ومنطقة حوض النيل على وجه الخصوص، سلة واعدة للغذاء. ومن ثم بدأ الكثير من المستثمرين وشركات الاستثمار الخليجية الزحف نحو دول حوض النيل لتحقيق الأمن الغذائي لدولهم.

وإذا كانت الدول العربية قد أطلقت برنامجاً للأمن الغذائي للعالم العربي للأعوام العشرين القادمة، ووافقت عليه القمة العربية الاقتصادية، التي عُقدت في الكويت، في يناير 2009، حيث يهدف البرنامج إلى رفع نسبة الاكتفاء الذاتي من الغذاء في الوطن العربي خلال العشرين عاماً القادمة من الحبوب، إلى ما بين 57 – 93%، ومن المحاصيل السكرية إلى 81%، ومن البذور الزيتية إلى 69%، ومن حاجاتها للأرز إلى 90%. فإنه يُلاحظ أن دول الخليج العربي قامت منفردة بالشراء وإيجار مئات الآلاف من الأفدنة لأغراض الاستثمار الزراعي في دول حوض النيل، دون التنسيق أو التعاون مع جامعة الدول العربية، التي أطلقت البرنامج الطارئ للأمن الغذائي العربي تحت رعايتها.

وتتضح ملامح التوجه الخليجي لدول حوض النيل في الآتي:

1. عقد مؤتمر الاستثمار الخليجي الأفريقي الأول بالرياض، في 24 – 25 أبريل 2010، بمشاركة دول نيلية، منها تنزانيا، وكينيا، والكونغو الديموقراطية.

2. الجولة الترويجية للاستثمار التي نظمتها الغرفة التجارية بالشارقة، في نهاية فبراير 2009، لتشجيع فرص الاستثمار في الدول النيلية، واختصت دولتين نيليتين هما كينيا وإثيوبيا.

3. شراء ما يقرب من 1.2 مليون فدان من الأراضي الزراعية في السودان، بواسطة مستثمرين خليجيين، موزعة في معظم ولايات السودان.

4. الاستثمارات الزراعية السعودية في السودان في أراضٍ تبلغ مساحتها ربع مليون فدان، بالإضافة إلى استثمار مجموعة حائل السعودية بمشاريع في السودان بلغت مساحتها عشرة آلاف هكتار.

5. الاستثمارات الزراعية الإماراتية في السودان، على مساحات قاربت على المليون فدان، وكذلك الاستثمارات الكويتية لاستزراع 40 ألف فدان، بالسودان أيضاً.

6. صرح الرئيس الإثيوبي للإعلام السعودي، في عام 2008، عن رغبة بلاده في الاستثمار الزراعي السعودي داخل إثيوبيا، وخصص مليوني هكتار للراغبين في الاستثمار.

7. حصلت قطر على 40 ألف فدان زراعي في دلتا نهر تانا بكينيا، لزراعتها بالخضر والفواكه والحبوب.

ثالثاً: تأثير التغلغل الأجنبي في حوض النيل على الأمن القومي العربي

إن الوجود أو التغلغل الأجنبي في حوض النيل يهدد الأمن القومي العربي الشامل، إما تهديداً مباشراً من خلال الوجود العسكري الأجنبي، أو ربط المنطقة بتحالفات عسكرية، مثل إنشاء القيادة العسكرية الأمريكية الأفريقية، أو تهديداً غير مباشر من خلال تهديد الأمن الغذائي الذي يعد أحد ركائز الأمن القومي الخليجي.

1. التأثير على الأمن الإقليمي العربي

إن مشروع الرئيس الأمريكي "كلينتون" الذي دعا إلى قيام ما يُعرف بالقرن الأفريقي الكبير، الذي وسع من المفهوم الجغرافي للقرن الأفريقي، ليشمل بالإضافة إلى دول القرن الأفريقي التقليدية المعروفة جغرافياً، كل دول حوض النيل عدا مصر. قد أظهر بوضوح توجهات السياسة الأمريكية لجعل الامتداد الجغرافي لمنطقة الخليج العربي في أفريقيا تحت السيطرة الأمريكية المباشرة، مع ربطها بتوجهات السياسة الأمريكية الخارجية في المنطقة.

ويعني ذلك أن عوامل التهديد لا تنبع من داخل المنطقة العربية فقط، بل امتدت لتشمل المنطقة الأفريقية المتاخمة لمنطقة الخليج العربي، أي لتشمل البحر الأحمر بضفتيه الشرقية والغربية، والامتداد الطبيعي لها شرقاً أو غرباً، مع عزل مصر  وهي دولة إقليمية أو دولة ذات مصالح في المنطقة، ومنع تلاقي مصالحها مع كل من المصالح العربية أو المصالح الأفريقية لدول حوض النيل والمدخل الجنوبي للبحر الأحمر.

وبالنظر إلى خريطة الوطن العربي، نجد أن له قدرة على التحكم في العلاقات التي تربطه بقارة أفريقيا، نظراً لسيطرته على شاطئ البحر الأحمر تقريباً، كما يحيط الوطن العربي بأفريقيا على شكل قوس، يمنع اتصالها بأوروبا إلا عن طريقه، وإلى حد ما بآسيا. كما لا يمكن أن تتصل بجنوب شرق آسيا برياً إلا عبر الأراضي العربية.

وتقع العديد من الدول العربية في أفريقيا، مثل دول الشمال الأفريقي، وكلها عربية، بالإضافة إلى السودان والصومال وجيبوتي، وهي أيضاً عربية، وأجزاء من الشرق الإثيوبي بها كثافة سكانية عربية إثيوبية. كل هذا يجعل الأمن العربي متداخلاً مع الأمن الأفريقي ومؤثراً فيه.

عوامل تهديد الأمن القومي العربي

يُقصد بعوامل التهديد، تلك العوامل التي من شأنها تهديد القيم الداخلية أو الكيان العربي، سواء بفعل قوى خارجية أو داخلية.

أ. الوجود العسكري الأمريكي

(1) تنامي العلاقات العسكرية الأمريكية مع دول حوض النيل: فتوجد القوات الآتية، في كل من:

(أ) إثيوبيا: 500 جندي لتدريب القوات الإثيوبية على مكافحة الإرهاب.

(ب) كينيا:  يوجد مركز اتصال بميناء ممباسا للمساعدة في توجيه الصواريخ ـ أطقم توجيه طائرات بمطار نيروبي ـ مركز عمليات للقوات الخاصة في قاعدة ليا بكينيا ـ أربع سفن حربية، بالإضافة إلى 1200 جندي مشاة البحرية ـ عشر طائرات استطلاع، وأربع طائرات نقل، و15 طائرة مقاتلة، وطائرتان للتزود بالوقود.

(ج) أوغندا: إنشاء قاعدة جوية أمريكية بمدينة سوروتي ـ إنشاء مركز تنصت ومراقبة إلكترونية بجزيرة سيسيز.

(د) جيبوتي: مركز قيادة قوة مكافحة الإرهاب بقاعدة ليمونية ـ 1800 جندي من مشاة البحرية ـ 800 جندي قوات خاصة ـ عشر طائرات مقاتلة أنواع مختلفة ـ سفينة إنزال.

(هـ) إريتريا: إنشاء مركز قيادة بميناء عصب الإريتري ـ ألف جندي مشاة بحرية ـ خمس سفن حربية (ثلاث سفن إنزال وسفينتا دعم).

(و) ساحل الصومال: عناصر استخبارات.

(2) إنشاء القيادة العسكرية الأمريكية الأفريقية (الأفريكوم)

لم تشغل القارة الأفريقية حيزاً كبيراً من اهتمام السياسة الأمريكية الخارجية لسنوات طويلة، حيث إن النفوذ الفرنسي والبريطاني كانا لا يمثلان تهديداً لمصالحها، لذلك كانت أفريقيا مقسمة بين ثلاث قيادات عسكرية:

·   مصر وكل دول القرن الأفريقي تنتمي إلى القيادة العسكرية المركزية، وهي أيضاً التي ينتمي إليها دول الخليج العربي.

·   جزيرة مدغشقر، تنتمي إلى قيادة المحيط الباسفيكي.

·   باقي دول القارة تنتمي إلى القيادة الأوروبية.

لكن التطورات السياسية والاقتصادية والأمنية التي شهدتها القارة في العقد الأخير، وتحولات السياسة الخارجية الأمريكية بعد 11 سبتمبر 2001، غيرت من الرؤية الإستراتيجية للقارة من المنظور الأمريكي، فسعت للسيطرة على القارة من خلال القيادة العسكرية الأمريكية الأفريقية (أفريكوم)، ومشروع القرن الأفريقي الكبير.

وبدأ النشاط الفعلي لهذه القيادة، في أكتوبر 2008، وتشمل دائرة التدخل للقيادة الجديدة، التي تضم ألف عنصر موزعين على ثلاث قيادات، القارة الأفريقية كلها عدا مصر، التي تتبع القيادة المركزية. ويدخل أيضاً في دائرة تدخلها جزر المحيط الهندي، مثل سيشل ومدغشقر وجزر القمر.

وتمثل هذه القيادة انعطافاً بارزاً في سياسة البنتاجون لإعطاء أفريقيا وزناً كبيراً في سياسات الولايات المتحدة الخارجية.

ب. التواجد العسكري الإسرائيلي

(1) يتمثل في علاقات عسكرية ووقّعت اتفاقياتها مع دول حوض النيل، بالإضافة إلى اتفاقيات عسكرية تدريبية، وكذا إمداد القوات المسلحة لهذه الدول بالأسلحة الإسرائيلية.

(2) وجود عدد كبير من المدربين العسكريين الإسرائيليين للقوات داخل دول الحوض، وخلق نوع من التقارب مع القوات العسكرية لهذه الدول.

(3) تسهيلات عسكرية بحرية وجوية للقوات الإسرائيلية، مع كثير من الدول النيلية، وخاصة في كينيا بميناء ممباسا، بالإضافة إلى الوجود العسكري بجزر البحر الأحمر التابعة لجيبوتي وإريتريا.

(4) وجود طواقم تدريب ومستشارين عسكريين لتجهيز وإعداد جيش جمهورية جنوب السودان.

2. التأثير على الأمن الغذائي كأحد مرتكزات الأمن القومي العربي

كما ذُكر من قبل، أن الأزمة التي تواجه الدول العربية، وخاصة الدول الخليجية، هي في عدم إمكانها تحقيق الأمن الغذائي لقلة الأراضي الزراعية وشُح المياه. ومن هنا اتجهت الاستثمارات الخليجية إلى الاستثمار في دول حوض النيل، التي تتوفر بها الأراضي الخصبة والموارد المائية.

ونظراً لعدم قدرة هذه الدول على تحقيق الأمن الغذائي ذاتياً، رغم عوائد النفط النقدية الكبيرة، ما يجعلها تحت سيطرة الدول المنتجة للغذاء، وخاصة الدول الأوروبية، ويجعلها غير قادرة على اتخاذ قرارها السياسي بحرية. فإن لجوءها إلى الدول الأفريقية لتحقيق الأمن الغذائي لشعوبها، يضعها أيضاً في مسار التهديد، حيث إن الدول الأفريقية، وخاصة النيلية منها تعاني من التدخل الأجنبي الأمريكي والأوروبي والإسرائيلي المعادي في سياساته وتوجهاته للقضايا العربية، والذي يحاول التأثير على الأمن القومي العربي وإضعافه، تنفيذاً لأجندته، وتحقيقاً لمصالحه.

مما سبق يمكن القول بأنه على الرغم من توجه دول الخليج للاستثمار في منطقة حوض النيل، وخاصة في المجال الزراعي، لتحقيق مطالب شعوبها من الغذاء، لكنها يواجه أيضاً بتهديدات أمريكية إسرائيلية، نظراً لتأثير سياساتها على صانع القرار الأفريقي، ما يجعلها بالتبعية غير قادرة كلياً على تحقيق مطالبها رغم استثماراتها بهذه الدول.

وعلى هذا يجب على الدول العربية، وخاصة الخليجية منها التي تلجأ للاستثمار في المجال الزراعي، أن تحاول استمالة الأنظمة الأفريقية إلى جانبها، وتتعدد في مجالات الأنشطة الاستثمارية، في عديد من الدول الأفريقية وليس النيلية فقط، ليمكنها مواجهة التهديدات لأمنها الغذائي، ومن ثم أمنها القومي.