إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / أزمة تخصيب الوقود النووي الإيراني




مفاعل بوشهر النووي
المفاعلات النووية من الفضاء


المفاعلات النووية الإيرانية



أزمة تخصيب الوقود النووي الإيراني

المبحث الرابع

حساب الأرباح والخسائر في إدارة إيران للأزمة

إن أية أزمة تشتعل في أي مكان في العالم لابد أن تفرز حزمة من الإيجابيات، وحزمة أخري من السلبيات تتفوق أحداهما على الأخرى، طبقاً لقدرة الدولة التي تدير الأزمة على التصرف السليم، واستخدام الآليات المناسبة لمواجهة المواقف الناشئة عنها، وحشد الإمكانات المحلية إلى جانب حشد الرأي العام الإقليمي والعالمي لدعم جهود الدولة في هذا المجال والإيجابيات تترجم إلي أرباح بينما السلبيات تمثل الخسائر في إدارة الأزمة.

إن إيران خاضت غمار هذه الأزمة بهدف محدد، وإصرار جاد على امتلاك برنامج متنامٍ لتخصيب اليورانيوم، دون الإعلان عن سقف محدد لهذا البرنامج، وبما أدي إلى شكوك في نواياها. وقد استخدمت إيران العديد من الآليات في إدارة الأزمة بهدف تحقيق أقصي مكاسب ممكنة وأهم هذه الآليات:

1. جهود ذاتية تنبع من القدرة على المواجهة والإصرار على التحدي، الموروثة عن الدولة الفارسية القديمة، وهي تمثل صفة رئيسة في طبيعة الشعب الإيراني المشهود له بشدة المجابهة والرغبة في التفرد والامتياز.

2. بناء تحالفات مصالح مع كل من روسيا والصين، وهما الدولتان اللتان أمدتا إيران بمعظم متطلبات برنامجها النووي، سواء من التكنولوجيا أو المعدات أو الخبراء، وكانت إيران تبذل جهوداً في عقد صفقات ضخمة معهما مستغلة الحالة الاقتصادية ـ في روسيا خاصة ـ آملة أن يؤدي الإغراء إلى استمرار تأييدهما، إلا أن التأييد تقلص أمام الضغوط الأمريكية، حيث إن مصالح الدولتين مع الولايات المتحدة الأمريكية كانت أكبر وأعمق من مصالحهما مع إيران، ومن ثم تحولت دفة التأييد إلى إدانة حيال البرنامج النووي الإيراني.

3. هيمنة إيرانية على بعض المناطق في الشرق الأوسط، يجعلها حزاماً أمنياً لإيران واتخاذ هذه المناطق رهينة تحقق من خلالها أهدافها، فيما لو قامت الولايات المتحدة الأمريكية أو إسرائيل بعدوان على المنشآت النووية الإيرانية.

4. وصلت الأزمة، حتى نهاية عام 2010، إلى طريق شبه مسدود مع تعاظم حزمة العقوبات على إيران التي فرضتها القوي الكبرى ليس عن طريق مجلس الأمن الدولي فقط، وإنما بمبادرات من العديد من الدول والقوى العالمية، ولم تمتلك كل من روسيا والصين أمام التيار الجارف للرغبة في فرض عقوبات على إيران إلا أن تستجيب، مع مناشدة إيران على قبول القرارات الدولية، وإيقاف برامج تخصيب اليورانيوم.

أولاً: حساب الأرباح الإيرانية في إدارة الأزمة

حققت إيران خلال إدارتها للأزمة وحتى نهاية عام 2010 العديد من المكاسب على المستويات السياسية والتكنولوجية والعسكرية.. وكان أهمها الآتي:

1. الأرباح على المستوى السياسي

أ. إن القدرة على المواجهة التي أتبعتها إيران في إدارتها للأزمة أعطتها ثقلاً في مجالها الحيوي الإقليمي والعالمي، حيث تمكنت إيران من مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية قائدة النظام العالمي الجديد، واتخاذ آليات التصعيد والتهدئة للمحافظة على خطها الثابت لتأكيد تحقيق برنامجها النووي، ومن ثم فقد تمكنت من احتلال مساحة إعلامية عريضة، وحشد رأي عام مؤيد لها، خاصة في الدول غير المؤيدة للسياسة الأمريكية.

ب. حققت إيران خلال إدارتها للأزمة العديد من التحالفات أو الاستقطاب، أو التعاطف أو التأييد في أنحاء متفرقة من العالم، وعملت جاهدة على تنميتها، وجذب المزيد منها، ما أدى إلى أن تصبح المسألة الإيرانية في مقدمة الاهتمامات السياسية على مستوى العالم، وهو ما حقق لإيران التأثير في محيطها الإقليمي والعالمي.

ج. تمكنت إيران من استغلال نقاط الضعف في الموقف الأمريكي بأسلوب علمي سليم وبما أدي إلى  ظهور الولايات المتحدة الأمريكية بموقف العاجز- في بعض الأحيان- عن استخدام القوة العسكرية في معالجة الموقف وحسمه لصالحها، وبذلك أمنت إيران نفسها من ضربات عسكرية موجعة ووضعت الولايات المتحدة الأمريكية في موقف ضعيف.

د. وفي هذا المجال أيضاً فإن إيران عملت على توسيع دائرة نفوذها في منطقة الشرق الأوسط من أجل حصار إسرائيل وتهديدها باستقطاب حزب الله وحماس وسوريا، وإمدادهم بالسلاح والمساعدات المالية، إلى جانب محاولة استقطاب الدول الفاعلة في المنطقة لتحييد انضمامها للمعسكر الأمريكي، ومن ثم فقد زاد النفوذ الإيراني في المنطقة، ونجحت في تشتيت قدرة العالم العربي للوقوف ضد مصالحها.

هـ. وعلى مستوى إدارة الأزمة نفسها منذ نجحت إيران في استخدام سياسية النفس الطويل في معالجة الأزمة، وهي سياسة تتطلب استخدام كل قواعد اللعبة السياسية، بحيث لا تصل إلى طريق مسدود، يحتم استخدام الآلة العسكرية، وقد أدت هذه السياسة إلى تحقيق إيران لمستوى متقدم في تخصيب اليورانيوم.

و. نجحت إيران كذلك، في الترويج – إعلامياً - لعدم شرعية الوجود الإسرائيلي في المنطقة، وما أدى إلى استقطاب رأي عام عربي قوامه بعض الفئات لاسيما السلفيون لصالح إيران، بل وأدي ذلك إلى خداع بعض حركات المعارضة لبعض الأنظمة العربية فتصاعدت مطالبها من أجل دعم جهود إيران في القضاء على إسرائيل مع علمها جيداً أن إيران تمتطي هذه الشعارات في مواجهة إسرائيل من قبيل الإعلام النفسي الموجه فقط.

ز. نجحت إيران أيضا في كشف العلاقة ما بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، وهي علاقة شراكة إستراتيجية معروفة للجميع، ولكن إيران وصلت في هذا الكشف إلى أعماق أكبر في محاولة منها إلى تقييد آليات البرنامج النووي الإسرائيلي على نفس النهج الموجه إليه البرنامج النووي الإيراني، وحث الولايات المتحدة الأمريكية على عدم الكيل بمكيالين.

ح. في السياق نفسه فإن الحملة الإيرانية الموجهة إلى إسرائيل، أدت إلى وضع إسرائيل تحت طائلة تهديد، ليس من إيران نفسها بصورايخها بعيدة المدى فقط، وإنما من خلال تحالفها مع المنظمات الثورية المحيطة بإسرائيل، وإمدادها بالأسلحة والصواريخ التي تطول القلب الإسرائيلي، إلى جانب السيطرة عليهم للتدخل ضد إسرائيل طبقاً لقرار إيراني يتخذ في أي وقت من أجل التغطية على أهداف إيرانية في اتجاه آخر.

مما سبق يمكن القول إن إيران حققت حتى نهاية العام 2010 مكاسب سياسية عديدة في مواجهة النظام العالمي الجديد، وتمكنت من استيعاب العقوبات المفروضة عليها على الرغم من تأثير بعضها على الداخل الإيراني بشدة، والانطلاق في برنامجها لتخصيب اليورانيوم، وهو ما يمثل قدرة متفردة فائقة في إدارة الأزمة بين دولة متوسطة القوة وقوي عالمية عظمي.

2. الأرباح على المستوى التقني والفني

إن انطلاق إيران في تحقيق برنامجها في تخصيب اليورانيوم، يعني تحقيقها للعديد من المكاسب في المجالات الفنية والتكنولوجية، أهمها:

أ. بناء إيران لمجموعة من الكوادر العلمية المؤهلة لإدارة البرنامج النووي الإيراني وهو ما يمثل أمراً مهماً في تحقيق الأهداف الإيرانية في هذا المجال، حيث إن الكوادر القادرة على التعامل مع علوم الذرة، تحتاج إلى تأهيل يستغرق وقتاً طويلا، ويتطلب إمكانات هائلة، وكون إيران حققت ذلك، فإنها تكون- كما أعلن رئيسها محمود احمدي نجاد- قد انضمت إلى مجموعة الدول الذرية المتقدمة في هذا المجال.

ب. أن امتلاك إيران التكنولوجيا النووية، وتعدد مراكز البحث في هذا المجال على أرضها سوف يؤدي إلى تحقيق الأهداف الإيرانية، بما فيها امتلاك سلاح نووي، إذا صدر القرار السياسي بذلك.

ج. حققت إيران القدرة على تصنيع العديد من متطلبات المفاعلات الخاصة بتخصيب اليورانيوم، ومنها أجهزة الطرد المركزي، بما يحقق التوسع الإيراني في مجال التخصيب بلا حدود.

3. الأرباح على المستوى العسكري

أ. تنفيذاً لعقيدتها العسكرية التي وضعتها في أعقاب انتهاء الحرب الإيرانية- العراقية فقد نجحت إيران في بناء قاعدة صناعات عسكرية متقدمة، جلبت لها تكنولوجيات مختلفة من الشرق والغرب في آن واحد، مع تنويع الصناعات العسكرية، والاهتمام بتصنيع الأسلحة فوق التقليدية التي تمكن إيران من تحقيق الردع بمستوياته المختلفة، على نمط الصواريخ بمجالاتها المختلفة.

ب. بالتوازي مع برنامج إيران النووي، فإنها تحرص على تصنيع أسلحة توصيل الرؤوس الحربية النووية إلى أهدافها عن طريق صواريخ طويلة المدى ومتوسطة إلى جانب اقتناء طائرات متعددة المهام، وذات مدي طويل يمكنها حمل أسلحة نووية.

ج. تتخذ إيران وسيلة التظاهر، أداة لإظهار القوة، والإعلان عن قدرتها على ردع أي نوايا عدوانية في مواجهتها، ولا تمر فترة شهور عديدة، حتى يعلن عن تدريبات أو تجارب صواريخ أو أسلحة جديدة للإعلان الدائم عن القدرة العسكرية الإيرانية المتعاظمة.

د. في هذا السياق تتحسب إيران من احتمالات التأثير على برنامجها النووي لذلك، فقد اتخذت العديد من الوسائل أهمها:

(1) نشر وإخفاء المنشآت النووية على مساحة إيران كلها.

(2) حجب أي معلومات عن المنشآت السرية التي لم تكتشف حتى الآن.

(3) الاستعانة بوسائل دفاع جوي وصواريخ ضد الصواريخ لوقاية برنامجها النووي وفي هذا المجال، فقد أشيع أن إيران سوف تحصل على صفقة الصواريخ الروسية "S-300" عن طريق فنزويلا بعد أن أوقفت روسيا تسليمها لإيران تطبيقاً لقرار مجلس الأمن الرقم 1929. كذلك تشيع إيران أنها تمكنت من تصنيع صاروخ مماثل للصواريخ الروسية S.300.

4. الأرباح على المستوى الاجتماعي

أ. يرى معظم الإيرانيين أن تحقيق برامج تخصيب اليورانيوم، يمثل فخراً قومياً يميز إيران عن الدول الأخرى في منطقتها، ويعلي من شأن الدولة الفارسية.

ب. حققت الحكومة الإيرانية إجراءات استثنائية للحد من تأثير العقوبات الدولية على الإيرانيين، ما أكسبها ثقة مرحلية.

ج. في الوقت نفسه، فإن سياسة الحكومة الإيرانية المحافظة، تواجه معارضة شديدة من جانب الإصلاحيين، وهو ما يؤثر في الكيان الإيراني الداخلي، ويجعل الشعب منقسماً تجاه سياسة الحكومة.

ثانياً: حساب الخسائر الإيرانية من الأزمة

إلى جانب حزمة الإيجابيات السابق الإشارة إليها، فإن هناك العديد من الخسائر التي أصابت إيران حالياً، وقد تزيد مستقبلاً، أهمها:

1. على المستوى السياسي

أ. ازدياد توصيف إيران من قبل النظام الدولي بأنها "دولة شر" ما يعني أن التربص بتوجيه ضربة عسكرية لها عندما تسنح الظروف المناسبة، أمر وارد تحقيقه على المدى القريب خاصة أن الولايات المتحدة الأمريكية تشير في معالجتها للأزمة إلى أن جميع الخيارات مفتوحة وتعلن أن توجيه ضربة لإيران سيأتي فيما بعد انسحاب القوات الأمريكية من العراق وأفغانستان بمعني أن احتمال العمل العسكري قائم.

ب. أصبحت إيران تمثل دولة تهديد رئيسة للعديد من دول المنطقة، خاصة عند امتلاكها سلاحاً ذرياً، وهذا ما سيؤثر على ردود فعل العديد من الدول العربية والإسلامية - خاصة الدول الفاعلة في المنطقة - تجاه إيران.

ج. أن خسارة إيران التأييد المطلق من الصين وروسيا، سوف يؤدي إلى مضاعفة العقوبات عليها، بل قد يدفع النظام الدولي الجديد إلى العمل على هدم النظام الإيراني من الداخل.

د. لوحظ أن الحكومة الإيرانية –على الرغم من أسلوبها الناجح في إدارة الأزمة الناجح حتى الآن- إلا أنها لا تستفيد بالخبرات التاريخية فيما يتعلق بأسلوب القوي الكبرى في معالجة الأمور مع الدول المناوئة، والنماذج في ذلك متكررة على نمط ما حدث في عدوان 5 يونيه 1967 على مصر، أو ما حدث للنظام العراقي العام 1990/1991، والعام 2003، والذي أدى إلى تدمير العراق على الرغم من أن قوة العراق عام 1991 كانت أكبر من قوة إيران حالياً.

2. على المستوى العسكري

أ. يري المحللون أن البناء العسكري الإيراني ـ حتى الآن ـ لا يتوافق مع مجابهة الإستراتيجيات الحديثة ونظم التسليح والقيادة والسيطرة التي تمتلكها الولايات المتحدة الأمريكية، والتي قد تجابه إيران في وقت ما.

ب. نجحت الولايات المتحدة الأمريكية في حجب الأسلحة والنظم الحديثة عن إيران بالتأثير على موردي الأسلحة الرئيسيين لإيران وهما روسيا والصين، ومن هنا فقد اعتمدت إيران تكنولوجيات وأسلحة محدودة القدرة في مواجهة نظم غاية في التقدم.

ج. إن اتكاء إيران على منظمات ثورية في مواجهة إسرائيل عند حدوث أي عدوان عليها أدي إلى العديد من السلبيات للنظام العربي بالكامل، حيث الانقسام في الداخل اللبناني وعدم استقرار دولة لبنان، والانقسام الفلسطيني بين حماس وفتح، هذا إلى جانب أن تورط سوريا في أية حرب مقبلة سوف يضر بها كثيراً كما يضر بعملية السلام برمتها.

د. إن تورط إيران في العراق، والأساليب التي اتبعها فيلق القدس والنظام الصدري في مواجهة المدنيين العراقيين، والذي كشفت عنه الوثائق الأمريكية المنشورة مؤخراً، سوف تلقي بظلالها في غير صالح إيران في المرحلة المقبلة.

3. على المستوى الاجتماعي

إن استمرار العقوبات الاقتصادية، بالتوازي مع العمل الاستخباراتي الذي ـ لا شك ـ أن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل تقومان به داخل إيران، سوف يؤدي إلى التأثير سلباً على قرارات الحكومة الإيرانية الحالية.

ثالثاً: سيناريوهات المستقبل

إن أزمة برنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني لن تحل بصورة جذرية على المدى القريب، ولكنها سوف تستغرق بعضاً من الوقت يطول أو بقصر طبقاً لما تحققه إيران من برنامجها في تخصيب اليورانيوم، وطبقاً لضغوط المجتمع الدولي عليها، وهناك ثلاثة سيناريوهات توضح صورة المستقبل لهذا البرنامج:

1. السيناريو الأول: سيناريو قبول إيران للإرادة الدولية، والتعاون من أجل تعديل مسار البرنامج النووي والتوقف بتخصيب اليورانيوم إلى حد معين

أ. مسببات هذا السيناريو

(1) اقتناع النظام الإيراني بالرؤية الدولية، أو تغيير هذا النظام بنظام آخر إصلاحي يهدف إلى إنهاء الأزمة.

(2) عرض دولي ضخم يقنع إيران بإيقاف برنامجها، ويستعاض عنه بميزات أخري.

(3) تصاعد أحداث تقنية في البرنامج النووي الإيراني، تتطلب إيقاف البرنامج.

(4) اشتداد الحصار على إيران لتضطر إلى تغيير إستراتيجيتها.

ب. الأطراف الفاعلة في السيناريو

(1) الولايات المتحدة الأمريكية بالتعاون مع القوي العالمية والأمم المتحدة.

(2) إيران على الجانب الآخر.

(3) وسطاء دوليون يقبلهم أطراف النزاع.

ج. الشروط الخاصة بتنفيذ السيناريو

(1) قبول إيران تقديم تنازلات رئيسة في برنامجها لتخصيب اليورانيوم.

(2) تقديم المجتمع الدولي حوافز لإيران تقنعها بالتخلي عن هذا البرنامج.

(3) قبول الولايات المتحدة الأمريكية التعامل مع إيران على مستوى الندية.

(4) إلغاء مجلس الأمن لحزمة العقوبات المفروضة على إيران.

د. مدى إمكان تحقيق هذا السيناريو

لا يزيد عن نسبة 40%

2. السيناريو الثاني: سيناريو الصراع في مواجهة إيران

أ. ينقسم هذا السيناريو إلى شقين:

الأول: الصراع منخفض الحدة، من خلال تصاعد الضغوط السياسية والعقوبات الاقتصادية التي قد تصل إلى حد الحصار، كما حدث للعراق بموجب القرار الصادر عن مجلس الأمن الرقم 671 للعام 1990، وهذا الحصار سوف يضر إيران بشدة.

الثاني: الصراع المرتفع الشدة بتوجيه ضربة عسكرية للمنشآت الإيرانية تشترك فيها الولايات المتحدة الأمريكية إلى جانب تحالف دولي، وقد لا تشترك إسرائيل في ذلك لتجنيب المنطقة شرور الحرب والرد الإيراني الذي قد يصيب دولا عربية عديدة.

ب. أسباب هذا السيناريو

(1) استمرار إيران في تحديها للمجتمع الدولي.

(2) وصول إيران إلى درجة متقدمة لتخصيب اليورانيوم تسمح بإنتاجها سلاحاً نووياً.

ج. الأطراف الفاعلة في السيناريو

(1) تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، أو الولايات المتحدة الأمريكية بمفردها أو بالتعاون مع إسرائيل.

(2) إيران بقدراتها العسكرية، إلى جانب فصائل المقاومة التابعة لها التي سوف تعمل ضد إسرائيل.

(3) سيلقي هذا السيناريو معارضة سياسية من كل من روسيا والصين، وبعض القوي الأخرى الرافضة للعمليات العسكرية في فض المنازعات السياسية، أو المتحالفة مع إيران.

د. الشروط الخاصة بتنفيذ السيناريو

(1) وجود مناخ دولي مؤيد لتوجيه الضربة.

(2) ارتكاب إيران خطأ سياسياً أو عسكرياً يشجع الولايات المتحدة الأمريكية على توجيه الضربة العسكرية.

هـ. مدى إمكان تحقيق هذا السيناريو:

نسبة لا تزيد عن 40%.

3. السيناريو الثالث: بقاء الحال على ما هو عليه

وهو السيناريو الأكثر احتمالا نتيجة لغموض البرنامج النووي الإيراني، ونتيجة للظروف الدولية التي لا تؤيد قيام الولايات المتحدة الأمريكية بأية مغامرة عسكرية جديدة.

هذا إلى جانب أن الدول العربية ـ خاصة دول الخليج ـ تعارض تماماً توجيه ضربات عسكرية لإيران ينتج عنها زيادة في القلاقل التي تمر بالمنطقة.

لذلك، فإن البرنامج الإيراني لتخصيب اليورانيوم سوف يستمر بإصرار الحكومة المحافظة الحالية، والتي ستعمل علي مواجهة العقوبات الدولية، والتصرف حيالها بأسلوب يجمع ما بين التحدي والاستقطاب، ما سوف يؤدي إلى نشوء تحديات كبيرة للأمن القومي العربي.