إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / السِّير الذاتية للشخصيات الواردة في كتاب "مقاتل من الصحراء" / السِّير الذاتية للشخصيات، في الصين









ماو تسي تونج Mao Tse-tung

سيرة ذاتية

ماو تسي تونج Mao Tse-tung

(1893 ـ 1976) [1]

مناضل، قائد صيني، رئيس الصين (1949 ـ 1976)

 

 

ولد ماو تسي تونج، في 20 ديسمبر 1893، لعائلة تعمل في الزراعة، في شاوشان، وهي قرية تقع في مقاطعة هونان. وعمل ماو في حقول الزراعة منذ صغره، واستطاع أن يوفق بين عمله ودراسته. وتمكن من اللغة الصينية، ودرس كونفوشيوس، وأعمال الكتاب الكلاسيكيين الصينيين، وكان يبدى اهتماماً كبيراً بدراسة تاريخ ثورات الفلاحين. وكان بطبيعته متمرداً ثائراً، ففي العاشرة من عمره هرب من بيت والديه، احتجاجاً على سوء معاملة أستاذه، وخوفاً من تأنيب والده. وعندما بلغ الرابعة عشر من عمره، تزوج من فتاة تكبره بأربعة أعوام. وفي الثامنة عشرة، انتقل ماو تسي تونج إلى تشانج ـ شا، وتقدم إلى امتحان القبول بمعهد سيانج ـ هيانج الثانوي، ونجح في الامتحان.

وفي عام (1911 ـ 1912)، قامت الثورة التي أدت إلى سقوط حكومة المانشو، وظهور جمهورية الصين. وفي أكتوبر 1911، التحق بالجيش الثوري، مؤيداً قضية الجمهورية، ورئيسها صن يات صن، إلا أنه سُرح من الجيش في فبراير 1912. ثم التحق بمعهدٍ لدراسة التجارة باللغة الإنجليزية، إلا أنه لم ينسجم مع الدراسة باللغة الإنجليزية، فترك المعهد، بعد شهرٍ من التحاقه به، وقضى عامه الدراسي في القراءة، لكل من روسو، ومونتسكيو، وآدم سميث، وستيوارت ميل، وداروين، وسبنسر.

في عام 1913، التحق بدار المعلمين العليا، ومكث فيها حتى عام 1918، وعُرف في الأوساط الطلابية بنشاطه ومشاركته في العمل النضالي الطلابي، وفي عام 1917، نشر إعلاناً في إحدى الصحف، دعا فيه الشباب الذين يشاطرونه آراءه وتطلعاته، إلى تأسيس جمعية ثقافية واجتماعية، وأطلق عليها فيما بعد اسم "جمعية المواطنين الجدد". وقد لبّى هذه الدعوة، في البداية ثلاثة أشخاص، بينهم لي ليسان، وكان ماو تسي تونج يومها في الرابعة والعشرين من عمره، وكان يؤمن بالديموقراطية الليبرالية، ويجاهر بعدائه للنزعة العسكرية وللامبريالية.

وفي عام 1918، سافر إلى بكين، وعمل فترةٍ موظفاً في مكتبة بكين، ثم سافر إلى شنغهاي حيث تعرف على بعض الماركسيين، واعتنق الماركسية، وشارك في حركة الشبيبة المناهضة للامبريالية، والمعروفة باسم "حركة 4 مايو" 1919. ثم عاد إلى مقاطعة هونان التي نشأ فيها، وأسس جمعية جديدة، اسمها "من أجل هونان عصرية ومستقلة ذاتيا ".

تأثر ماو تسي تونج بكتاب كارل ماركس "البيان الشيوعي"، وكتاب كارل كاوتسكي "الصراع الطبقي"، وكتاب كير كوب "تاريخ الاشتراكية". فمال إلى الشيوعية، وفي عام 1920، تبنى ماو تسي تونج الماركسية نهائياً. وبدءاً من عام 1920، أخذت السيرة الذاتية لماو تقترن بتاريخ الحركة الثورية الصينية. وتمكن ماو تسي تونج، مع 11 شخصاً، من تكوين الحزب الشيوعي، عام 1921، وتحالف الشيوعيون مع الحزب الوطني، بغرض توحيد الصين. إلا أن انعدام الثقة بين الشيوعيين وتشانج كاي شيك، زعيم الحزب الوطني، الذي خلف صن يات صن على زعامة الحزب الوطني بعد موته عام 1925، أدى إلى قيام حرب بين المجموعتين.

وفي عام 1925، حرك ماو الثورة، في الريف من هونان، حيث أرسى قاعدة أول نواة ثورية، وحرك مسيرة قوامها اتحادات الفلاحين، في أوج ما اتفق على تسميته "الحرب الأهلية الثورية الأولى" (1925 ـ 1927).

وفي عام 1926، وضع ماو كتابه "تحليل طبقات المجتمع الصيني"، مؤكداً فيه على الطاقات الثورية لطبقة الفلاحين. وفي عام 1927، بادر ماو إلى بناء جيش ثوري بهدف تحرير مناطق يصعب على الكومنتانج مهاجمتها، والكومنتانج هو حزب الشعب الوطني، الذي كان صن يات صن قد أعاد تنظيمه في عام 1923. واعتمد ماو تسي تونج في تكوين جيشه، على عمال المناجم والفلاحين. وحاول تنظيم "انتفاضة حصاد الخريف" إلا أن محاولته باءت بالفشل، وأُلقي القبض عليه، وتمكن من الفرار، أُقصي ماو عن اللجنة المركزية والمكتب السياسي للحزب، وجرِّد من مسؤولياته داخل جهاز الحزب، مما اضطره إلى اللجوء إلى جبال جينجانج، وهناك، أسس "قاعدة ثورية"، في نوفمبر 1927.

قاد ماو مع زعماء شيوعيين آخرين، مجموعات صغيرة إلى محافظة جيانكس عام 1928. حيث انضم إليه شو ته ورجاله في مايو 1928. فبادر ماو بتنظيم عملية توزيع الأراضي والأسلحة على الفلاحين، جاعلاً من اتحادات الفلاحين أداة الحكم الأولى. وعمد ماو إلى إنشاء "قواعد حمراء" أخرى، في المناطق التي يسيطر عليها الجيش بقيادة شو ته، وجيش بنج تو هويه. وقد أثار انتشار هذه القواعد ردة فعل عنيفة من قبل تشيانج كاي شك. وأصبحت محافظة جيانكس هدف تشيانج الأول، وقد حاولت قوات تشيانج كاي شك، تطويق القواعد الثورية وتدميرها، خمس مرات بين عامي 1930، 1934. وبدأ تشيانج سلسلة من الإعدامات الجماعية، التي أدت إلى إنهاء الوجود الشيوعي تماماً.

وفي عام 1934 قاد ماو الشيوعيين إلى محافظة شانكسي (شنسي)، في مسيرة عرفت بالمسيرة الكبرى، أو المسيرة الطويلة، التي بلغ مداها 700 9 كيلومتراً، وانتهت بعد سنة، حيث تم توحيد الأحياء من المشتركين فيها، تحت قيادة ماو تسي تونج.

وعندما غزت اليابان منشوريا عام 1931، أعلنت حرباً شاملة ضد الصين عام 1937. وتحالف الشيوعيون بقيادة ماو تسي تونج، مع الحزب الوطني الحاكم، بقيادة تشيانج كاي شك، لمواجهة الأخطار الخارجية، واستمر ذلك التحالف حتى نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945. وقد رفض ماو ترجمة ذلك التحالف بأنه انصهاراً على صعيدي القوات والقيادات.

وقد قاد ماو حرباً لتحرير البلاد ولنشر الشيوعية، وتمكن الشيوعيون عام 1945 من السيطرة على منطقة يقطنها نحو مائة مليون صيني.

نشبت الحرب الأهلية (1946 ـ 1949) بين الشيوعيين، وحكومة الوطنيين (أنصار تشيانج كاي شك، في منشوريا)، واضطرت القوات الشيوعية (جيش التحرير الشعبي) في بادئ الأمر، إلى الانسحاب حتى يينان، ثم شنت بعد ذلك، هجوماً ساحقاً، خلال عامي 1948و 1949، ونجحت في استرداد بكين وشنغهاي وكانتون، وتمكن الشيوعيون من السيطرة على الصين في أكتوبر 1949، فانسحب الوطنيون إلى جزيرة فورموزا. وأعلن ماو من بكين قيام جمهورية الصين الشعبية.

تمكن ماو تسي تونج من توحيد الصين، وأسس مجتمعاً منضبطاً، بسرعة لم يتوقعها المراقبون. وعندما تسلم ماو السلطة، تحالف مع السوفيت، الذين ساعدوه في تقوية الجيش الصيني، عند مساعدتهم لكوريا الشمالية، خلال الحرب الكورية (1950 ـ 1953). وبعد انتهاء الحرب بدأ ماو برامج توسيع الزراعة والإنتاج الصناعي، وفشل في برامج القفزة الأمامية العظمى العاجلة عام 1958.

وكان ماو قد أصبح رئيساً للحكومة، ورئيساً للجمهورية (1954 ـ 1959)، ورئيساً للحزب.

وفي الستينيات من القرن العشرين، نشب خلاف بين الاتحاد السوفيتي والصين، الأمر الذي حدا بماو للتوجيه بقيام البرنامج النووي الصيني. وعَدَّ ماو نفسه المفسر الوحيد لتعاليم ماركس ولينين وستالين، واعتقد بأن على الشعوب الفقيرة أن تثور على الشعوب الغنية، وأدان موقف الاتحاد السوفيتي المتراخي تجاه الولايات المتحدة الأمريكية.

وفي عام 1959، تخلى ماو عن منصب رئاسة الصين، واحتفظ بقيادة الدولة والحزب الشيوعي. وفي الستينيات من القرن العشرين عانت الصين من عدة هزائم دبلوماسية.

في عام 1966، أطلق ماو شرارة الثورة الثقافية الكبرى في الصين، وأطاح الرئيس ليو تشاو شي وعددا كبيراً من القياديين التقليديين معتمداً في ذلك على الجيش والحرس الأحمر. أما "الكتاب الأحمر" الذي جمع أهم آراء ماو تسي تونج ومواقفه، فقد غدا في تلك الحقبة المضطربة من تاريخ الصين "انجيلاً" ليس بالنسبة إلى الشباب الصيني فحسب، وإنما أيضاً بالنسبة إلى شرائح من شباب العالم. وفي السبعينيات من القرن العشرين عمدت الصين إلى تحسين علاقاتها مع الغرب.

توفى ماو تسي تونج في التاسع من سبتمبر 1976، بعد صراع مرير مع المرض، وخلف عديداً من المؤلفات. وبعد وفاته أعاد الزعماء الصينيون النظر في سياساته، وأنهوا التركيز على شخصيته، وتطلعوا نحو اليابان والولايات المتحدة الأمريكية، وأوروبا للمساعدة في تطوير الصناعة الصينية والزراعة والعلوم والقوات المسلحة، وسميت هذه "التحديثات الأربعة".

 



[1] الموسوعة العربية العالمية، ط2، 1999، ج22، ص182 ـ موسوعة السياسة، ط2،1990، ج5، ص698 ـ موسوعة المورد، ط2، 1996 ج6، ص191 ـ صناع الحضارة أعلام القرن العشرين، ط1، 1993، ص288.