حياة تشرشل السياسية بعد الحرب (1945 ـ 1955)

هُزمت حكومة تشرشل بعد الحرب، في الانتخابات العامة، التي جرت في يوليه 1945، حتى قبل استسلام اليابان. كانت هذه الهزيمة بمثابة الضربة القاضية لتشرشل، بطل الحرب العظيم، الذي حقق النصر لبريطانيا. فقد اشتاق الشعب البريطاني للتغيير، بعد عقدين من حكم المحافظين. ولكن تشرشل لم يكن ممن تنال الهزائم من عزائمهم، فأصبح زعيماً مشاكساً للمعارضة. وعاد إلى رئاسة الوزراء، خلال الفترة من 1951 إلى 1955.

عاد تشرشل لكتابة تاريخه الشخصي، فكتب: "الحرب العالمية الثانية" The Second World War (من 6 مجلدات، 1948 ـ1953)، و"تاريخ الشعوب الناطقة بالإنجليزية" A History of the English-Speaking Peoples (من 4 مجلدات، 1956 ـ 1958)، إضافة إلى الرسم، فقد أصبح فيه من أصحاب المعارض المنتظمة، في الأكاديمية الملكية Royal Academy، التي استضافت معرضا خاصاً بأعماله، في 1958.

في إحدى خطبه الشهيرة، في مارس 1956، بمدينة فالتون Fulton، بولاية ميسوري Missouri الأمريكية، حذّر تشرشل الغرب من الاستبداد السوفيتي، الذي كان حينذاك يعزل كثيراً من دول أوروبا الوسطى والشرقية خلف "ستار حديدي". أصبح تشرشل بطل الوحدة الأوروبية-الأطلسية، التي تولد عنها، فيما بعد، حلف شمال الأطلسي، التحالف العسكري، الذي كونته القوى الغربية لاحتواء الشيوعية، وحماية الغرب من الهيمنة السوفيتية.

عانى تشرشل أولى جلطاته الدماغية، في أغسطس 1949، ولكنه شُفي منها ليصبح رئيساً للوزراء مرة أخرى، عام 1951، وهو في السابعة والسبعين من عمره. حقق المحافظون أغلبية ضئيلة، وتدهور اقتصاد بريطانيا، نتيجة الدمار الذي خلفته الحرب. ولكن العجوز، الذي لا يعرف الاستسلام، تشبث بالسلطة وما يصاحبها من احتفالات. ففي يونيه 1953، حصل على وسام Knight of the Garter، وترأس حفل تتويج الملكة إليزابيث Elizabeth. وفي العام نفسه، حصل على جائزة نوبل في الآداب، تقديراً لكتاباته التاريخية.

وأخيراً، استقال من منصبه، في أبريل 1955، في الثمانين من عمره. ولم يقبل أن يظل عاطلاً عن العمل، فاستمر في تقديم خدماته إلى مجلس العموم البريطاني، حتى عام 1964.