إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



( تابع ) الجمهورية العربية المتحدة
" المشاريع الوحدوية العربية 1913 - 1989، يوسف خوري، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ط 2، 1990، ص 336 - 377 "

وكذلك لم يكن محض صدفة ان محاولات الوحدة في المنطقة لم تتوقف منذ أربعة آلاف سنة، طلبا للقوة، بل طلبا - كما قلت - للحياة.

ولقد كان أسلوب السعي إلى الوحدة يتشكل بالعصر الذي تعيش فيه كل محاولة لتحقيقها، ولكن الهدف ظل دائما لا يتغير، وبقيت الغاية في كل وقت، هي هذه اللحظات التي نعيشها الآن.

لقد اتحدت المنطقة بحكم السلاح يوم كان السلاح هو وسيلة التعبير في الدولة الأولى للبشرية.

واتحدت المنطقة بيقين النبوات حين بدأت رسالات السماء تنزل إلى الأرض لتهدي الناس.

واتحدت المنطقة بسلطان العقيدة حين اندفعت رايات الإسلام تحمل رسالة السماء الجديدة وتؤكد ما سبقها من رسالات، وتقول كلمة الله الأخيرة في دعوة عباده إلى الحق.

واتحدت المنطقة بتفاعل عناصر مختلفة في أمة عربية واحدة. ( تصفيق حاد متصل ).

واتحدت المنطقة باللغة يوم جرت العربية وحدها على كل لسان.

واتحدت المنطقة تحت دافع السلامة المشتركة يوم واجهت استعمار أوروبا التقدم منها محاولا ان يرفع الصليب ليستر مطامعه وراء قناع من المسيحية، وكان معنى الوحدة قاطعا في دلالته حين اشتركت المسيحية في الشرق العربي، في مقاومة الصليبيين جنباً إلى جنب مع جحافل الإسلام حتى النصر. ( تصفيق حاد متصل ).

واتحدت المنطقة، بالمشاركة في العذاب، يوم حلت عليها غارات الغزو العثماني، وأسدلت من حولها أستار الجهل، تعوق تقدمها، وتمنعها من الوصول إلى عصر النهضة، في نفس الوقت الذي بدأ فيه عصر النهضة فى أوروبا.

بل ان المنطقة اتحدت فيما تعرضت له في كل نواحيها، من سيطرة الاستعمار عليها، ثم كان اتحادها في الثورة على هذا الاستعمار بكل أشكاله، ومقاومته في تعدد صوره.

ومع الوحدة في الثورة كانت الوحدة في التضحيات، فان المشانق التي نصبها جمال باشا، في دمشق عاصمة سوريا، لم تكن تختلف كثيراً عن المشانق التي نصبها اللورد كرومر في دنشواي، هنا في مصر.

أيها المواطنون أعضاء مجلس الأمة.

هكذا ترون الوحدة حقيقة، حقيقة يسعى إليها أو حقيقة قائمة بالفعل.

وهكذا ترون أن الصراع من أجل القوة، من أجل الحياة، يتم ويتحقق بالوحدة. أو ترون الوحدة لا تتم ولا تتحقق إلا بقوة الحياة.

<57>