إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



( تابع ) الجمهورية العربية المتحدة
" المشاريع الوحدوية العربية 1913 - 1989، يوسف خوري، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ط 2، 1990، ص 336 - 377 "

الثانية وبدأت على أثره حركات التحرير الهائلة في افريقيا وآسيا.

في سوريا ومصر هذه الهزات العنيفة، ووراءها جميعاً محاولات تغيير الأوضاع تطلعا إلى الأفضل والأحسن.

وفي مصر وسوريا ذلك الاندفاع إلى حرب فلسطين بالفروسية والإيمان ولكن من غير سلاح ثم كانت في القاهرة ودمشق، تلك الآثار التي ترتبت على حرب فلسطين، والتي كان أولها تلك اليقظة التي تشبه انتفاضة من لسعته النار فاستفاق.

ثم في سوريا ومصر نفس المعارك، ولو قصرنا الحساب على الشهور الأخيرة فقط لكان مدهشا ان المعارك التي خاضتها دمشق هي نفس المعارك التي خاضتها القاهرة، معركة الاحلاف العسكرية، معركة السلاح، معركة عدم الانحياز، معركة المؤامرات، معركة التحرر الاقتصادي.

بل ان سوريا خاضت معركة قناة السويس بنفس العنف وبنفس القوة التي خاضت بهما بور سعيد معركة قناة السويس، وكذلك حاربت مصر معركة التهديدات الموجهة إلى سوريا وأعصابها كلها في دمشق، وأمام أعصابها قطعة من جيشها احتل جنودها مراكزهم جنباً إلى جنب مع اخوانهم جنود سوريا.

ولقد كان ذلك مدهشاً، ولكنه لم يكن من صنع الصدف.

لقد مهدت عوامل كثيرة وكبيرة ونبيلة وعميقة لهذا الذي ربط بين مصر وسوريا، مهدت الطبيعة ومهد التاريخ، مهد الدم، ومهدت اللغة، مهدت الأديان، ومهدت العقائد، مهدت السلامة المشتركة، ومهدت الحرية.

كذلك اشتركت في التمهيد له، تجارب من الألم والعذاب صنعها فرسان الطغيان الثلاثة: السجن والمنفى والمشنقة.

ولكن ذلك كله كان يمهد لهذا الفجر الذي نشهد اليوم مطلعه يعد ليل طويل.

أيها المواطنون أعضاء مجلس الأمة.

لقد كان البشير بالفجر هو ذلك القرار الذي اتخذه مجلس النواب السوري، اتخذه مجلسكم بالعمل فورا لتحقيق الوحدة بين مصر وسوريا.

كان قراركم هذا تعبيرا عن واقع هائل لا يمكن تجاهله، وصدى مستجيبا لنداء قدسي لا نستطيع ان نغلق آذاننا دونه.

ولم يكن هذا الواقع موجودا في دمشق والقاهرة وحدهما، كذلك لم يكن ذلك النداء القدسي في هذا النطاق وحده لا يتجاوزه، وانما كان الواقع موجودا في كل أرجاء الوطن العربي ( تصفيق حاد متصل ). وكان النداء هو هدير التيار المتلاطم بالموج ذلك التيار الذى شقت القومية العربية كلها مجراه، وحددت له خط سيره.

وهكذا بدأت في القاهرة محادثات نهائية لرسم الشكل

<59>