إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



(تابع) الجمهورية العربية المتحدة
" المشاريع الوحدوية العربية 1913 - 1989، يوسف خوري، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ط 2، 1990، ص 336 - 377"

على انني أرى انه من واجبي في هذه اللحظات أن أصارحكم، وشعب الجمهورية العربية المتحدة كله معكم، ان الطريق الذي نقبل عليه طويل وشاق.

ان رحلتنا عليه ليست نزهة نروح بها عن النفس.

وانما رحلتنا عليه مشاق ومتاعب، وكفاح وجهاد.

ولكن هذه كلها هي الثمن العادل للأمل الكبير الذي نسعى إليه.

ولسوف يضاعف من مصاعب ما سوف نلقاه أمامنا على الطريق ان الذين لا تروقهم وحدة سوريا ومصر ولا توافق أغراضهم، لن يتقبلوها بالرضى والسكوت، وانما ستكون المساعي وستكون المحاولات وستكون المناورات.

لهذا أقول لكم من الآن اننا في سعينا على طريق أملنا، يجب ان نظل مفتوحي الأعين، متنبهي الحس والوجدان.

أيها المواطنون أعضاء مجلس الأمة.

اننا نعيش فترة رائعة
ولكن علينا أن ندرك ان لهذه الفترة الرائعة أخطارها أيضاً.

وربما كانت شهوات أنفسنا هي أكبر الأخطار التي يتعين علينا مواجهتها. لقد مرت علينا قرون من الزمان وأحلامنا وأمانينا ورغباتنا وأهدافنا حبيسة وراء الحواجز والسدود التي صنعها الاستعمار.

ولقد تهاوت الحواجز والسدود لما زال وجود الاستعمار من بلادنا، وهكذا بدأت الأحلام والأماني والرغبات والأهداف تنطلق من عقالها، وتتدافع بسرعة الكبت الطويل في مثل تدفق الفيضان.

ولقد كان هذا هو التفسير الحقيقي لسرعة الحوادث في جيلنا، وهو أمر طبيعي بعد أجيال عديدة مكبوتة، ولكن هذا أيضاً تحذير كما هو تفسير.

انه تحذير بأن من أول واجباتنا ان نقيم من الحكمة خزانات على أمانينا، ثم نفتح عيونها ليمر التيار، على شكل الفيضان المنظم، ولا يقفز فوق رؤوسنا كالطوفان العالي الشديد.

أيها المواطنون أعضاء مجلس الأمة.

انني واثق ان التجربة التي نواجهها اليوم ستحقق كل ما يرجوه لها هؤلاء الذين عملوا لمشرق فجرها طوال الليل الموحش المظلم.

وانه لما يؤكد ثقتي ان الله تعالت قدرته، قد جمع قلبنا بقلب خير رفيق على طريق، خير سند في معركة، خير قريب، خير أخ، خير حبيب ( تصفيق حاد متصل ).

لقد أكد شعب سوريا بتجارب الأيام، تجربة بعد تجربة انه طليعة القومية العربية، وانه رأس الحربة في اندفاعها وانه الحارس الأمين لتراثها المجيد.

أيها المواطنون أعضاء مجلس الأمة

لقد بزغ أمل جديد على أفق هذا الشرق. ان دولة جديدة تنبعث في قلبه.

لقد قامت دولة كبرى في هذا الشرق، ليست دخيلة فيه ولا غاصبة، ليست عادية عليه ولا مستعدية.

<63>