إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



بعد معاهدة سنة 1936
3 - قطع المفاوضات - تابع (2) النزاع المصري الإنجليزي أمام مجلس الأمن

"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 537 - 553"

         معاهدة سنة 1936 تتعارض مع اتفاقية قناة السويس:

         إن معاهدة سنة 1936 - إلى ذلك - تخرق اتفاقا هاما يعتبر جزءا من القانون العام الأوروبي هو اتفاقية قناة السويس الدولية المبرمة في الآستانة في 29 أكتوبر سنة 1888، إن قناة السويس يختلف وضعها عن غيرها من الطرق المائية الصناعية التي تعتبر وسائل مواصلات دولية في أنها ينظمها ذلك الاتفاق الدولي متعدد الأطراف الذي أشرت إليه. وقد نشأت القناة منذ البداية مشروعا اشتركت فيه أكثر من أمة واحدة. وما مضت سنوات قليلة على فتحها حتى اجتمعت الدول العظمى الأوروبية تتفق مع تركيا ( نيابة عن مصر ) على تنظيم المرور فيها وحيادها والدفاع عنها.

         وتقوم اتفاقية قناة السويس على مبدأين أساسيين:

         (1) أن القناة طريق دولي للمواصلات مفتوح للأمم جميعا على أساس المساواة في وقت السلم ووقت الحرب على السواء.

         (2) إن مسئولية الدفاع عن هذا الطريق الحيوي تقع على مصر.

         وقد سعت بريطانيا إلى أن تنفرد بحق الدفاع عن قناة السويس. إخلالا بهذين المبدأين الأساسيين فضمنت معاهدة سنة 1936 أحكامها ترمي إلى اعتبار القناة طريقا رئيسيا للمواصلات بين الأجزاء المختلفة للإمبراطورية البريطانية. لقد يكون مفهوما أن تهتم بريطانيا بسلامة القناة ولكن شأنها في ذلك ينبغي ألا يزيد على شأن غيرها من الدول. فإن دولا غيرها تمتد أملاكها في أفريقيا وآسيا تعنيها القناة مثلما تعنى بريطانيا.

         والذي يدعيه البريطانيون من حق الانفراد بالدفاع عن القناة لا يتفق مع مبادئ العالمية والمساواة والحيدة التي شرعتها اتفاقية سنة 1888.

         المعاهدة منافية لأحكام ميثاق الأمم المتحدة:

         والمعاهدة فوق ذلك لا تتفق مع أحكام الميثاق. سبق لي أن بينت أن الاحتلال العسكري المنصوص عليه في المعاهدة هو في ذاته مناف لأحكام الميثاق. على أن هذه ليست هي المخالفة الوحيدة فإن معاهدة سنة 1936 ترمي إلى إيجاد تحالف أبدي لا يتلاءم وطبيعة الدور الذي تقوم به دولة من أعضاء الأمم المتحدة.

         ومثل هذا التحالف أبعد ما يكون عن طبيعة الأشياء فإن مصر وبريطانيا لا يربطهما جوار وليس بينهما صلات من الاشتراك في الجنس أو الثقافة والحمق أن بريطانيا لا تبتغي التحالف على وجه التبادل والتكافؤ بل هي تريده تحالفا يحقق لها دوام إذعان مصر لأغراضها الاستعمارية.

<13>