إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



بعد معاهدة سنة 1936
3 - قطع المفاوضات - تابع ( 2 ) النزاع المصري الإنجليزي أمام مجلس الأمن

"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 537 - 553"

إلى عهد جديد من التبرم والشكوى. أو أن نسكن إلى الأيام تجري بنا من سيئ إلى أسوأ ما كان لنا أن نتغاضى عن شعور مواطنينا أو أن نتجاهل الأخطار التي ينطوي عليها استمرار وجود قوات أجنبية في أراضينا وما يستتبعه من تدخل في شئوننا.

        ماذا نطلب من مجلس الأمن؟

        ولكننا حرصنا مع ذلك على أن نتجنب إضافة عامل جديد إلى عوامل الاضطراب القائمة فعلا في الشرق الأوسط، فلم يدر بخلدنا أن ننتزع حقنا بأيدينا، بل عمدت الحكومة المصرية بعد أن خاب رجاؤها في الوصول إلى تسوية سلمية إلى رفع الأمر إلى مجلس الأمن تنفيذا لما التزمت به من أحكام الميثاق. وهذا القرار من جانبها استقبله الرأي العام بالحماس والترحيب وأيده البرلمان تأييدا قويا. ذلكم مبلغ الثقة التي يترقب بها الشعب المصري معونتكم.

        إننا لنصارحكم يا جناب الرئيس بأننا إنما جئنا نتحدى مزاعم التوسع الاستعماري التي عهدها القرن التاسع عشر. ونطلب إلى مجلس الأمن أن يؤكد أن العالم قد تقدم في القرن العشرين.

        نطلب إليكم أن تقرروا إجلاء القوات البريطانية جميعها عن وادي النيل، عن السودان وعن أي جزء آخر من الأراضي المصرية، وأن يكون هذا الجلاء حالا كاملا غير مشروط بشرط.

        ونطلب إليكم كذلك أن تقرروا إنهاء النظام الإداري الذي يستمسك به البريطانيون في السودان منذ سنة 1899 وذلك حتى يتمكن مواطنونا السودانيون من مشاركة شعب مصر رفاهيته وأمانيه.

        إن مطالبتنا بإجلاء القوات البريطانية قد تثير التساؤل عن كيفية استقرار هذه القوات في مصر. وقد يكون من المناسب من أجل ذلك أن أسرد في إيجاز شيئا من التاريخ.

        الاحتلال البريطاني:

        إن الاحتلال البريطاني لم يبدأ بالأمس بل هو يعود إلى خمس وستين عاما، إلى عام 1882، وهو لم يكن إذ ذاك إلا خطوة في طريق التوسع الاستعماري المبيت من قديم الزمان.

        فقد كانت حملة بونابرت هي التي نبهت بريطانيا إلى أهمية موقع مصر الجغرافي وحفزتها على رسم الخطط للسيطرة على وادي النيل فانتهجت من ذلك التاريخ سياسة مقتضاها أن تحول دون قيام أية حكومة قوية على ضفافه.

        ففي صدر القرن التاسع عشر أصبحت مصر أعظم دولة في شرق البحر الأبيض المتوسط بفضل محمد على الكبير رأس الأسرة المالكة المصرية الذي أقام دعائم ثابتة لاستقلال البلاد، ولولا أن وقفت بريطانيا في سبيله لحقق أغراضه كلها. وقفت في سبيله متظاهرة بالحرص على حماية الإمبراطورية العثمانية وألبت الدول الأوربية على استقلال مصر.

<6>