إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



بعد معاهدة سنة 1936
3 - قطع المفاوضات - تابع (3) خطاب رئيس مجلس وزراء مصر أمام مجلس الأمن في 11 أغسطس 1947

"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 553 - 573"

ومن ثم تقدمت الحكومة المصرية إليكم بشكواها. ولقد وضعنا بين أيديكم الفصل في نزاع إذا استمر كان خليقا بأن يعرض السلم والأمن الدولي للخطر. وإني لأحسب بأني قد أوضحت لكم موقفي بالنسبة لمعاهدة سنة 1936. ومهما تكن من فائدة هذه المعاهدة في الماضي فإنها لم تعد تبعث على الرضا. أو تصلح وسيلة لإقامة علاقات ودية بين مصر وإنجلترا. ذلك أنها استنفدت أغراضها وأصبحت لا توائم الظروف الحاضرة وفقدت قوتها السياسية والمعنوية وليس في بقائها إلا تهديد للسلم والأمن. وأنا لا أطلب منكم الحكم على هذه المعاهدة ولا أسألكم استنباط النتائج القانونية من الحوادث التي وقعت بعد إبرامها.

          بل إن كل ما أطلبه منكم أن تراعوا الحقائق الثابتة التي يرتكز عليها أساس هذا النزاع. وإني لأطلب من سيدي الرئيس أن يوسع لي صدره إذ لا بد لي أن أستميحكم مرة أخرى في ذكر الظروف التي اكتنفت معاهدة سنة 1936 واستعراض نصوصها وأحكامها.

         أبدية معاهدة سنة 1936:

          فأذكر أولا أن معاهدة سنة 1936 لم تعقد لفترة معينة من الزمن، فهي لا تبيح إلا المفاوضة لإعادة النظر في تنقيحها (انظر المادة 16) كما تنص على وجوب الدخول في مثل هذه المفاوضات بعد عشرين عاما بناء على طلب أحد الطرفين، وكذلك تبيح الدخول في مثل هذه المفاوضات بعد مضي عشر سنوات برضاء كلا الفريقين. وبغض النظر عما أشرت إليه من أن هذه لمعاهدة تعد وسيلة موقوتة، فإن النص الأخير يعتبر بطبيعة الحال من نافلة القول، ذلك أن للمتعاقدين في أية معاهدة دولية الحرية دائما في تعديلها فليس للبريطانيين إذن أن يدعوا فضل قبول المفاوضات لتعديل المعاهدة قبيل انتهاء فترة السنوات العشر. فلقد فعلوا ذلك، على حد تعبير المستر بيفن، "ولأنهم شاطروا المصريين اقتناعهم بأن مصالح كل من البلدين تقتضي عقد معاهدة جديدة ".

          وأمامنا حقيقة واقعة هي أن الفريقين قبلا الدخول في مفاوضة لتعديل المعاهدة، وحقيقة أخرى هي أن تلك المفاوضات لم تؤت ثمارها. ولقد توقعت المادة 16 هذه الحالة بذاتها فنصت علي أنه إذا لم يستطع الطرفان المتعاقدان الاتفاق على نصوص المعاهدة المعدلة فإن الخلاف يحال إلى مجلس عصبة الأمم للفصل فيه طبقا لأحكام عهد العصبة المعمول به في وقت توقيع هذه المعاهدة أو إلى أي شخص أو هيئة للفصل فيه طبقا للإجراءات التي يتفق عليها المتعاقدان.

          ولقد كان في ذلك ضمان هام تحتمي به مصر، ولكن هذا الضمان مضى وذهب. لم يعد لمجلس العصبة وجود، وقضى دون أن يعقب خلفا، وانتهى العمل بعهد العصبة، ومن ثم فليست هناك هيئة مختصة قائمة في الوقت الحاضر من شأنها أن تنظر في مثل هذا الخلاف، اللهم إلا إذا شاء البريطانيون أن يتفضلوا بهذا الاختصاص على هيئة جديدة. ونستطيع أن نقول بعبارة أخرى إن الجزء الجوهري من هذه المعاهدة قد استنفد أغراضه.

<5>