إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



(تابع) 3 - نص خطاب الدكتور / محمد صلاح الدين (باشا) وزير الخارجية ورئيس وفد مصر لدى الدورة السادسة
للجمعية العامة للأمم المتحدة الذي ألقاه أمام الجمعية العامة في باريس يوم 16 نوفمبر 1951
"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 693 - 703"

          نحن هنا فى الأمم المتحدة ستون دولة أو نحو ذلك، فهل يقبل أحد منكم. أو يمكن أن يقبل أن يتقيد إلى الأبد بمعاهدة لا يلتزم بها الطرف الآخر؟ وما العمل إذا كان الطرف الآخر يتجاهل المعاهدة تمام التجاهل ويخالفها على الدوام؟

          لن ألجأ إلى سرد السوابق الكثيرة التى ألغيت فيها الاتفاقات الدولية من قبل. والأسباب العديدة لهذا الإلغاء. وأكثرها يبدو تافها إذا قورنت بالأسباب التى اضطرت الحكومة المصرية إلى إلغاء اتفاقى 1899 ومعاهدة 1936

          وهذا الإلغاء لا يمكن عدلا أن يوصف بالاندفاع. لأن مصر بذلت وسعها مدى سبعين عاما لتصحيح الوضع، والتخلص من التدخل البريطانى فى وادى النيل. لقد زعم زميلنا المحترم مندوب نيوزيلندة أن المملكة المتحدة لم تكن تعارض التغيير، وكانت تصغى للحجج الخاصة بإعادة النظر فى هذه الاتفاقات على ضوء الظروف. فاسمح لى ياسيدى الرئيس بأن أشير فى هذا الصدد إلى المفاوضات العديدة التى دخلت فيها مصر متذرعة بالصبر الطويل عاما فى إثر عام. ويقينى أن هذه الإشارة كافية وحدها للتدليل على مبلغ ما بذلنا لضبط النفس وكبح الجماح. فمنذ سنة 1920 تتابعت المفاوضات فى فترات متقاربة. فمفاوضة سعد - ملنر، ومفاوضة عدلى - كيرزون، ومفاوضة سعد - مكدونلد، ومفاوضة ثروت - تشمبرلن، ومفاوضة محمد محمود - هندرسون، ومفاوضة النحاس - هندرسون، ومفاوضة صدقى - سيمون، ومفاوضة النحاس - لامبسون، ومفاوضة النقراشى - ستانسجيت - ومفاوضة صدقى - بيفن، ومفاوضة خشبة - كامبل، وأخيرا محادثاتى مع المغفور له مستر بيفن، ومع سير رالف ستيفنسون السفير البريطانى فى القاهرة مدى ثمانية عشر شهرا سويا.

          وفى كل مفاوضة من هذه المفاوضات لم يتحول الإنجليز عن سياستهم الاستعمارية التقليدية، ولم يبد أنهم يدركون أقل الإدراك المبادئ السامية التى كان لإعلانها دوى كبير، وتلقاه الناس بأعظم القبول والترحاب فى هذا القرن العشرين. وأعنى مبادئ ولسون وعهد عصبة الأمم وميثاق الأطلنطي وميثاق الأمم المتحدة.

          سيدى الرئيس:

          بقيت نقطتان أثارهما زميلنا المحترم ممثل نيوزيلندة، ولا أستطيع أن أتركهما من غير رد، فقد أشار الزميل إلى معاهدة 1936 كاتفاق توفرت فى عقده حرية الاختيار فهل أنا فى حاجة إلى التذكير بأن هذه المعاهدة عقدت تحت ضغط الاحتلال البريطانى الجاثم الثقيل؟ وهل يجب أن أشير إلى حالة مماثلة، وأن أقتبس من كلام المغفور له مستر بيفن الذى قرر أمام مجلس الأمن فى النزاع السوفييتي الإيرانى فى سنة 1946 أن "الحكومة البريطانية ليؤسفها أى اتفاق يبدو أنه انتزع من الحكومة الإيرانية قسرا على حين تحتل حكومة الاتحاد السوفييتي جزءا من إيران.

<9>