إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



(تابع) رسالة موجهة إلى رئيس مجلس الأمن من الأمين العام
"الأمم المتحدة، سلسلة الكتب الزرقاء، مج 9، ص 483 - 485"

          وعلى الرغم من المفاوضات المستفيضة، بقيت اختلافات كبيرة في مواقف الطرفين بشأن المسائل الرئيسية المذكورة أعلاه. وقد تحقق قدر من التقدم بشأن مسائل معينة، مثل دور منسق الأمم المتحدة ولجنة التنسيق، بشأن المكونات التي ستدرج في الأجزاء المختلفة التي تشملها خطة العمل. وقد وافقت الأمم المتحدة على أن تأخذ في الاعتبار طلب الحكومة بأن يكون إعداد خطة العمل عملا مشتركا وأن يكون تنفيذها في إطار لجنة التنسيق، كما وافقت على أن ينعكس هذا في مذكرة التفاهم النهائية. ومع تأكيد الحاجة إلى إبراز الدور الحيوي للمنظمات غير الحكومية وافقت الأمم المتحدة أيضا على أن تأخذ في الاعتبار، وتعكس تبعا لهذا - رهنا بالتوصل إلى اتفاق عام في الآراء بشأن النص - اشتراط الحكومة عقد اتفاقات منفصلة مع المنظمات غير الحكومية المشتركة في البرنامج. غير أنه لسوء الحظ لم تكن الحكومة مستعدة لتعديل موقفها بشأن مسألة الدخول والمكاتب الفرعية وبشأن مسألة وزع حراس الأمم المتحدة.

          وخلال المناقشات، أعربت حكومة العراق عن قلق خاص إزاء الإعلانات المتعلقة بقرب اتخاذ إجراء يهدف إلى تحديد منطقة محظورة على الطائرات العراقية تحت خط العرض 32. وناشدتني أن أبحث هذه المسألة التي أكدت الحكومة أنها تتعارض مع القانون الدولي. وقد ربط نائب رئيس الوزراء، صراحة، الآثار المترتبة على هذه الإعلانات باستمرار وجود البرنامج الإنساني المشترك بين الوكالات في جنوب البلد ورفض الحكومة السماح ببقاء المكاتب الفرعية بموجب مذكرة تفاهم جديدة. وأكد نائب رئيس الوزراء أن المكاتب الفرعية الموجودة في المنطقة الجنوبية سيُساء استخدامها في نهاية الأمر لأغراض غير سليمة، وأكد أن البرنامج المشترك بين الوكالات يخدم أغراضا سياسية. وردا على هذا، أكدت الأمم المتحدة بشدة الولاية الإنسانية الصرف للبرنامج، والحاجة إلى المكاتب الفرعية، وهي حاجة تنفيذية لا غنى عنها. كما أكدت الحاجة الأساسية لحراس الأمم المتحدة بالنظر إلى خطورة الأحوال الأمنية الخطيرة السائدة في البلد.

          وبيَّن نائب رئيس الوزراء أيضا أنه في حالة تنفيذ الإجراء المتعلق بإنشاء منطقة محظورة على الطائرات العراقية ستصبح أية مذكرة تفاهم يتم التوصل إليها غير قابلة للتطبيق، كما أن وجود حراس الأمم المتحدة في الأراضي العراقية سيصبح غير مقبول. وبالإضافة إلى هذا، اقترح نائب رئيس الوزراء أن يسحب إلى بغداد في أقرب وقت ممكن أي أفراد يعملون في الأنشطة الإنسانية ولا يزالون في الجنوب وذلك لضمان سلامتهم بالنظر إلى إمكان قيام مظاهرات في منطقة البصرة. واتخذت بعد ذلك، بموافقتي، خطوات كي يستدعى إلى بغداد ثمانية من حراس الأمم المتحدة وموظف واحد تابع لليونيسيف لا يزالون في البصرة. وفي 19 آب/ أغسطس، تلقى السيد إلياسون دعوة لزيارة الأهوار الجنوبية، وقد أذن له بالمضي في تلك الزيارة ولكن بعد اعتماد مذكرة التفاهم فقط. ولذلك فإن هذه الإمكانية لم تبحث بعد ذلك بالنظر إلى عدم الاتفاق على تمديد مذكرة التفاهم.

          وقد أثار السيد إلياسون في عدة مناسبات الحاجة الملحة إلى كفالة سلامة أفراد الأمم المتحدة وأفراد المنظمات غير الحكومية، وضرورة القيام على الفور بوقف موجة المضايقة غير المقبولة التي يتعرض لها الموظفون الموجودون في بغداد. وشجب السيد إلياسون أيضا استمرار انتهاكات الأمن الخطيرة وحوادث المضايقة أثناء زيارته. وأعطى وزير الخارجية تأكيداته بأنه سيبذل كل جهد ممكن لمنع حدوث حالات مضايقة أخرى ضد موظفي الأمم المتحدة.

          وأعرب وزير الخارجية، في آخر اجتماع معه: عن الرأي أنه ستكون هناك فرصة أخرى لمناقشة البرنامج الإنساني والتوصل إلى صيغة لتمديد مذكرة التفاهم "خلال فترة قصيرة". وفي رأيه أن باب التوصل إلى اتفاق عملي لم يغلق: فهو لا يزال متفائلا ويأمل في أن يكون التأكيد على النتائج التي تحققت وليس على الخلافات التي لا تزال قائمة. وأعطى وزير الخارجية تأكيدات الحكومة بأن "هناك مذكرة تفاهم قائمة كأمر واقع" وبأن التعاون سيقدم إلى مكتب المنسق وإلى البرامج والوكالات التابعة للأمم المتحدة الموجودة في بغداد. وسوف تتصرف الحكومة "بطريقة هادئة ومتحضرة ومعقولة". وسوف تجدد التأشيرات وتصاريح السفر للموظفين المكلفين حاليا بالعمل في العراق، غير أنه لن تقبل طلبات الحصول على تأشيرات لموظفين آخرين و"الوضع القائم" سينطبق على وحدة حراس الأمم المتحدة: فالحراس الموجودون حاليا في العراق والبالغ عددهم 120 حارسا يمكنهم أن يبقوا، غير أنه لن يسمح بأن يحل غيرهم محلهم أو بوزع أفراد آخرين. وأصرت الحكومة على أن تغلق على الفور المكاتب الموجودة خارج بغداد وفي المحافظات الشمالية. وبالإضافة إلى هذا فإنه لن يسمح بوجود منظمات غير حكومية في الوقت الحالي.

          ومن وجهة نظر الأمم المتحدة، فإن موقف الحكومة يحول دون قيام البرنامج الإنساني المشترك بين الوكالات بتقديم المساعدة الإنسانية الفعالة إلى الجماعات الضعيفة في العراق. واستمرار وجود الأمم المتحدة، بالنسبة للمكاتب الفرعية أو الحراس، ليس مسموحا به حاليا في جنوب البلد. وفي الوقت نفسه، فإن تنفيذ البرنامج في المحافظات الشمالية قد أوقف: فهناك نقص في إمدادات الوقود مما يحول دون توزيع الأغذية المقدمة من برنامج الأغذية العالمي، والإمدادات المتعلقة بالصحة والمرافق الصحية والمياه والتغذية المقدمة من اليونيسيف إلى جزء كبير من السكان في الشمال. ولا يزال أولئك السكان متأثرين تأثرا خطيرا باستمرار القيود التي فرضتها الحكومة على الإمدادات بالنسبة لحصص الأغذية والوقود والإمدادات الطبية. وعمليات برنامج الأغذية العالمي في الشمال ستتوقف بكاملها بسبب الحظر المفروض على وجود المنظمات غير الحكومية، والذي سيحول دون الاستمرار في توزيع الأغذية الذي تقوم بها حاليا مؤسسة "كير" "CARE".

<2>