إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



(تابع) تقرير عن حالة حقوق الإنسان في العراق أعده المقرر الخاص للجنة حقوق الإنسان
المعني بحالة حقوق الإنسان في العراق (مقتطف)
"الأمم المتحدة، سلسلة الكتب الزرقاء، مج 9، ص 823 - 832"

"تدهورت الحالة الإنسانية خلال الأشهر الستة الماضية في جميع القطاعات، لا سيما في مجالي التغذية والصحة. ولا يزال ما لا يقل عن 4 ملايين نسمة يعيشون في ظروف هشة". وتواصل الارتفاع الشديد في أسعار المواد الغذائية الأساسية، لا سيما عقب صدور التقارير الأخيرة للجنة الخاصة للأمم المتحدة التي تقوم برصد تفكيك القدرات النووية والكيميائية والبيولوجية العراقية؛ وارتفعت أسعار دقيق القمح، والأرز، والزيت النباتي والسكر بنسبة تتراوح ما بين 30 و 50 في المائة في السوق الحرة. وعلى سبيل المثال، قفز سعر الزيت النباتي من 800 دينار إلى 200 1 دينار للكيلو غرام الواحد، وتمثل هذه الزيادة وحدها نسبة 15 في المائة من المرتب الشهري لموظف حكومي عادي. ويجب كذلك النظر إلى هذه الزيادات الكبيرة في أسعار السلع الغذائية الأساسية من حيث علاقتها بالزيادة الجائرة البالغة 616 في المائة التي تمت في محافظات الوسط والجنوب في عام 1994، حسبما أعلنت ذلك إدارة الشؤون الإنسانية (انظر النشرة الإخبارية الخاصة لإدارة الشؤون الإنسانية: الصفحة 111). وفي الوقت نفسه، ذكرت إدارة الشؤون الإنسانية في استعراضها لمنتصف المدة ذاته "أن القدرة الشرائية للسكان قد ازدادت تدهورا بسبب استمرار انخفاض قيمة الدينار العراقي من 000 1 دينار للدولار الواحد في نيسان/ أبريل إلى 000 2 دينار للدولار الواحد في أيلول/ سبتمبر 1995" إلى درجة أن "مرتبات موظفي الخدمة المدنية (التي تعادل في المتوسط 5000 دينار في الشهر، بعد الزيادات المتراوحة بين 50 و 70 في المائة في آب/ أغسطس 1995) لا تكفي لشراء السلع الغذائية الأساسية".

       44 -   وواصلت الحكومة توزيع مجموعة كميات الأغذية المدعومة مع تخفيض مستويات أربع مواد غذائية ضرورية، هي الطحين والأرز والزيت النباتي والسكر. وفي تشرين الأول/ أكتوبر 1994، خفضت هذه المجموعة بنسبة 37 في المائة من حيث محتواها من السعرات الحرارية، كما أن النقص الذي يزيد على 50 في المائة لم يعوض بعد لنسبة كبيرة من السكان بسبب أسعار الأغذية المفرطة في السوق الحرة. وسادت هذه الحالة حتى وقت ليس بالبعيد عندما أفادت الأنباء بأن الرئيس صدام حسين قرر، بمناسبة الاحتفال بـ "تأييده" رئيسا في الاستفتاء الوطني الذي أجري في 15 تشرين الأول/ أكتوبر 1995، زيادة حصص التموين. وليس من الواضح إلى متى ستدوم هذه الزيادة الاحتفالية. وقبل هذه الزيادة، لم تكن حصص التموين الحكومية تفي بسوى 30 في المائة من الاحتياجات الغذائية للسكان، كما أبلغت إدارة الشؤون الإنسانية أن "بعثة لتقدير حالة المحاصيل والتغذية بإشراف منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، أكدت أن الحالة في العراق تنذر بمجاعة".

       45 -   وأصبحت الصعوبات الاقتصادية التي يواجهها السكان واضحة في مجالات شتى. وتتزايد أعداد الأسر التي تحتشد على امتداد الطرق حول بغداد والمدن الأخرى لبيع أمتعتها الشخصية، وأثاثها وربما قطعا من منازلها (مثل الأبواب والشبابيك وقوالب الأسمنت) لشراء الأغذية. وأصبحت ظاهرة تسول الأطفال وبيع الأشياء التافهة متفشية في العاصمة، ويقال إن تعاطي البغاء آخذ في الازدياد في كامل أرجاء العراق. وتشير أيضا تقارير وسائط الإعلام إلى أن الاتجار بالأعضاء البشرية يزدهر خاصة وأن الأشخاص اليائسين مستعدون لبيع إحدى كليتيهم لأجل مساعدة أسرهم على البقاء على قيد الحياة.

       46 -   وعلى الرغم من أن عدد الفئات والأشخاص المحظوظين ينخفض فيما يبدو، فإن بعض المجموعات لا تزال محظوظة مقارنة بالفئات الأخرى، وذلك مثل كبار ضباط الجيش وصفوة حزب البعث. إن هذا الامتياز لا يلاحظ لمجرد أن متوسط مرتب الموظف المدني يعادل نصف مرتب الضابط العسكري، بل الأهم من ذلك هو أن لأعضاء حزب البعث والضباط العسكريين شبكة لتوزيع الأغذية خاصة بهم تعمل من خلال التعاونيات، ويحصلون على علاوات خاصة مع المرتبات تتوقف قيمتها على علاقاتهم مع رؤسائهم وعلى مدى تأييدهم للسياسة الرسمية للحكومة. هذا وبطبيعة الحال ناهيك عن الرشاوى و 'الهدايا' التي يمكن أن يحصل عليها المسؤولون في الحكومة وحزب البعث بحكم المراكز الإدارية الهامة التي توكل إليهم. وعلاوة على ذلك، فإن الدائرة الداخلية للقيادة تبدو وكأنها لم تتأثر بأي صعوبات اقتصادية تضعف من إمكانية حصولها على المواد الغذائية والرعاية الصحية.

       47 -   وواضح كذلك أن هناك تمييزا داخل البلد على أساس إقليمي. ولا تزال المدن الوسطى في العراق، لا سيما تكريت وسامراء وأنحاء من بغداد تحظى بتوزيع تفضيلي للموارد المحدودة؛ وبينما أعيد بناء الهياكل الأساسية (بما في ذلك شبكات تطهير المياه وشبكات المجاري) في بغداد بعد انتهاء الحرب مباشرة تقريبا، ظلت الشبكات في مدن الجنوب في حالة متخلفة جدا. وعلى سبيل المثال، ووفقا لدراسة استقصائية أجرتها وكالات تابعة للحكومة بدعم كامل من اليونيسيف في نيسان/ أبريل 1995 وصدرت في تموز/ يوليه 1995، فإن 50 في المائة من سكان الريف في وسط/ جنوبي العراق لا يحصلون على إمدادات المياه الصالحة للشرب. والأكثر مدعاة للقلق هو أن الدراسة الاستقصائية ذاتها كشفت أن 90 في المائة من سكان الريف في محافظة ذي قار الجنوبية لا يحصلون على إمدادات المياه الصالحة للشرب. وأثر الإمداد غير المنظم بالطاقة الكهربائية والنقص في المياه تأثيرا سلبيا على الصحة العامة، كما ترتبت عليه آثار عكسية أضرت بالمجموعات الضعيفة، لا سيما الأطفال. وانقطعت إمدادات المياه عن إحدى المستشفيات في النجف لمدة ثلاثة أيام متعاقبة. وفضلا عن ذلك، فإن أسعار السلع الأساسية في محافظات الجنوب تفوق كثيرا أسعارها في محافظات الوسط بسبب تدهور وسائل النقل وارتفاع تكاليف التوزيع. وفي محافظة دهوك، التي انقطع عنها الإمداد بالطاقة من الشبكة الوطنية في آب/ أغسطس 1993 والتي كانت تحصل على 12 مليون وات من تركيا يوميا خلال الأشهر القليلة الماضية، انقطعت الطاقة الكهربائية تماما تقريبا عنها منذ 23 حزيران/ يونيه، عندما انقطع كذلك المصدر التركي للطاقة لأسباب فنية. وترتب على عدم توفر الطاقة خلال أشهر الصيف مشاكل جمة في قطاعي الصحة والمياه. ووفقا لـ "النشرة الإخبارية الخاصة لإدارة الشؤون الإنسانية: ، (الصفحة 112)، أدت حالات النقص الحاد في الكهرباء إلى "تنقل السكان على

<7>