إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



(تابع) تقرير إلى الأمين العام من بعثة الأمم المتحدة لتقييم مدى وطبيعة
الأضرار التي لحقت بالهياكل الأساسية للكويت أثناء الاحتلال العراقي (مقتطف)
"الأمم المتحدة، سلسلة الكتب الزرقاء، مج 9، ص 227-245"

        33 -   وكان التعليم، بما فيه المرحلة الثانوية، متاحا مجانا للكويتيين وغير الكويتيين على السواء. أما الخدمات الصحية فكانت هي الأخرى مجانية تقريبا وعلى مستوى رفيع، مثلها في ذلك مثل الإسكان الذي كان يتلقى دعما ماليا هائلا بالنسبة للفئات ذات الدخل المنخفض والمتوسط من السكان.

        34 -   وكان متوسط دخل الفرد يناهز 700 14 دولار من دولارات الولايات المتحدة، في حين بلغ نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالي 600 11 دولار في عام 1989. والفرق ناجم عن الإيرادات الضخمة الآتية في شكل فوائد وأرباح سهمية من الاستثمارات المتراكمة في الخارج. وكان إنتاج النفط الخام، وما يتصل به من أنشطة، يمثل حصة كبيرة من الناتج الكلي، كانت تتراوح من 40 إلى 50 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

        35 -   وقد ظل الاقتصاد معرضا بدرجة كبيرة لآثار أسعار النفط في الأسواق الدولية، حيث إن النفط والمنتجات النفطية يمثلان 90 في المائة من مجموع الصادرات. ورغم ذلك ظل الاقتصاد آخذا في التوسع، وإن كان ذلك بقدر ضئيل، خلال الثمانينات. أما معدل التضخم خلال هذه الفترة فكان منخفضا بدرجة ملحوظة.

        36 -   وبفضل اتباع سياسة حذرة بصدد ميزان المدفوعات ونتيجة لضخامة قطاع التصدير، أمكن كفالة فائض مطرد في ميزان الحساب الجاري، أدى إلى ازدياد الاستثمارات في الخارج وأضفي قوة على الدينار. وفيما بين عامي 1985 و 1989، بلغ المتوسط السنوي للصادرات من السلع والخدمات 800 8 مليون دولار، أما بالنسبة للواردات فبلغ 670 4 مليون دولار. ووفقا للأرقام الصادرة عن صندوق النقد الدولي في نهاية حزيران/ يونيه 1990، بلغ مجموع الاحتياطيات دون حساب الذهب 128 2 مليون دولار وبلغ احتياطي الذهب 2.5 مليون أوقية ترويسية صافية.

        37 -   أما حصة إجمالي تكوين رأس المال الثابت في الناتج المحلى الإجمالي، وهي أحد العوامل الرئيسية التي تحدد إمكانية النمو الاقتصادي، فكانت تضارع ما لدى الدول الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي: إذ كانت تقل قليلا عن 20 في المائة في أواخر الثمانينات. وبلغ مستوى الاستثمار في عام 1989 ما يقرب من 5 بلايين دولار. وبفضل السياسات التي اتبعتها الحكومة ومعدلات الاستثمار العالية نسبيا أخذ الاقتصاد يتنوع تدريجيا على الرغم من طاقة صناعة النفط في ذلك البلد، وهي طاقة هائلة بالفعل تمثلت في موارد النفط المؤكدة القابلة للاستخراج التي بلعت في منتصف عام 1990 مستوى عاليا جدا، إذ قدرت بـ 500 94 مليون برميل، أي ما يكافئ الإنتاج لمدة 200 سنة بمعدل 1.3 مليون برميل يوميا.

        38 -   وبفضل التدفق المطرد من إيرادات تصدير النفط، أتيح للبلد أن يبلغ مستوى عاليا من الرخاء المادي بل وأن ينفق أيضا قدرا كبيرا من الموارد عن طريق الميزانية العامة. ففي ميزانية الفترة 1988/ 1989 بلغت النفقات 11 بليون دولار، وكان معظمها للتنويع الصناعي، وزيادة توفير الخدمات الاجتماعية، والإنشاء التدريجي لصندوق احتياطي كبير لفائدة الأجيال المقبلة، فضلا عن تقديم المعونات إلى البلدان النامية المنخفضة الدخل. وفي الواقع كانت الكويت، بالنسبة إلى ناتجها المحلي الإجمالي، واحدة من أكبر مانحي المعونات في المجتمع الدولي في الثمانينات.

        39 -   وفي أواخر الثمانينات، بلغ نصيب الفرد من الإنفاق العام السنوي على التعليم حوالي 500 دولار والصحة 350 دولارا. وكان عدد الخريجين الجامعيين يتزايد بمعدل يتجاوز 8 في المائة سنويا، أي ضعفي معدل زيادة السكان. بل وكان المعدل أسرع من ذلك بالنسبة لزيادة عدد الخريجين في تخصصات النفط وهندسة البترول والطب والخدمات الصحية.

        40 -   وموجز القول إن الكويت كانت في منتصف عام 1990 تتمتع بموقف متين فيما يتعلق بميزان المدفوعات، وكانت المالية العامة مضبوطة جيدا، وكانت عملية التصنيع وتحسين تنمية الموارد البشرية تسير بسرعة. ورغم أن عنصر عدم الاستقرار الاقتصادي كان لا يزال كامنا إلى حد ما في صلب عملية التنمية في البلد بسبب تقلب أسعار النفط وشدة الاعتماد بدرجة غير عادية على اليد العاملة المهاجرة، فإن الكويت كانت تتمتع باقتصاد نشط وكان واضحا أنها مهيأة لبلوغ مستويات معيشة تفوق ما كانت تنعم به بالفعل وتحقيق قدر أكبر من التنمية الاجتماعية في السنوات المقبلة.

باء - الأحوال في آذار/ مارس 1991

        41 -   أحدث غزو الكويت في آب/ أغسطس 1990 تغيرا بالغ الشدة. فلدى انتهاء الاحتلال العراقي في 26 شباط/ فبراير 1991، كانت الصورة قد تحولت تحولا جذريا. فمدينة الكويت، التي كانت في السابق مركزا حضريا عصريا يحفل بالأسواق الرائجة ويشمل حيا تجاريا زاخرا، أصبحت مدينة أشباح. وهذا الأمر نفسه سائد في مناطق حضرية أخرى في أنحاء البلد، حيث وقعت اختلالات اجتماعية كبيرة أثناء احتلال البلد؛ فقد لجأ ثلثا المواطنين الكويتيين إلى الخارج؛ واضطر ثلاثة أرباع القوى العاملة إلى مغادرة الكويت؛ وانحطت الخدمات الصحية انحطاطا شديدا من حيث نوعيتها ودرجة توافرها؛ وتوقف التعليم تماما.

        42 -   وكان أثر الاحتلال أشد وطأة على الحياة الاقتصادية والتجارية في الكويت. فقد تبددت القدرة الإدارية على تسيير أنشطة الشركات والاضطلاع بالمهام الحكومية، إذ عمدت سلطات الاحتلال، عن طريق أحبولة من القيود الإدارية والمالية، إلى منع القلة الضئيلة من المديرين التي بقيت في الكويت من اتخاذ أي مبادرة.

        43 -   وعطلت الهياكل الأساسية المادية التي تدعم الخدمات الأساسية - الكهرباء والمياه والتخلص من النفايات - ودمر معظم الموانئ؛ وشلت أنشطة إنتاج وتكرير النفط وأنشطة التفريغ المتصلة بها؛ وأوقعت الفوضى الشديدة بالجهاز المالي؛

<5>