إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



(تابع) تقرير مقدم إلى الأمين العام عن الاحتياجات الإنسانية في العراق
"الأمم المتحدة، سلسلة الكتب الزرقاء، مج 9، ص 288- 294"

الشبكة الحكومية التي كانوا يعتمدون عليها قبل الحرب. والعراقيون الذين كانوا يحصلون على مياههم عن طريق هذه الشبكة والذين ربما يبلغ عددهم 14.5 مليون نسمة، يزودون حاليا في المتوسط بربع الكمية التي كانوا يحصلون عليها قبل الحرب في اليوم. وكثير من هذه المياه جودته موضع شك، بسبب مشاكل من قبيل قصورالمعالجة وعدم كفاية أوقات الإمداد بالطاقة الكهربائية. وقد أصيبت شبكة المجاري الوطنية أيضا بضرر بالغ نتيجة لفقد الطاقة الكهربائية أثناء الحرب ومعظم هذا الضرر لم يصلح، وتتدفق حاليا فضلات المجاري غير المعالجة في بعض شوارع المدن وفي الأنهار. وأمراض الإسهال، التي يعتقد أنها ناجمة أساسا عن مشاكل المياه والمجاري، زادت حاليا إلى أربعة أمثال مستواها منذ سنة مضت. ويعاني البلد حاليا من انتشار حالات التيفوئيد والكوليرا.

        17 -   وصحة سكان العراق يتهددها حاليا تزايد الأخطار البيئية، وعدم كفاية فرص الحصول على رعاية طبية جيدة المستوى، وعدم كفاية التغذية. وقد خفضت برامج الصحة العامة أنشطتها نتيجة لنقص الإمدادات. وتعاني المستشفيات ومراكز الصحة العامة بشدة من نقص الكهرباء والمياه والأدوية. كما تفتقر المعدات الطبية والجراحية ومعدات طب الأسنان والمختبرات إلى قطع الغيار والمركبات الكيميائية اللازمة والصيانة. ولم يبق من أسطول المركبات الذي كان يضمن في وقت من الأوقات فعالية الخدمات الصحية سوى وحدات قليلة. وقد اعتاد العراق استيراد ما قيمته نحو 360 مليون دولار من دولارات الولايات المتحدة سنويا من الأدوية والأجهزة الطبية. ومن غير المرجح إلى حد بعيد أن تستطيع المعونة الإنسانية الدولية تلبية هذا الطلب. وهناك حاجة ملحة إلى إنشاء آليات يقوم البلد عن طريقها بشراء لوازمه الطبية الخاصة به والإبقاء على معداته صالحة للعمل. وإذا لم يحدث ذلك، فسيزداد تفاقم الحالة الصحية. وستكون الفئات الضعيفة التي تتزايد أعدادها يوميا هي أول الضحايا.

        18 -   وأما بالنسبة للإمدادات الغذائية، فالموقف يتدهور بسرعة في جميع أنحاء البلد تقريبا. وتبين التنبؤات الأولية لموسم الحصاد الرئيسي الحالي أن إنتاج الحبوب الإجمالي في هذا العام سيبلغ نحو ثلثه في العام الماضي. وسيؤدي ذلك إلى تزايد اعتماد البلد على الواردات، وذلك يعني أنه حتى في السنوات الجيدة لا بد من استيراد نحو 70 في المائة من احتياجاته الغذائية. وتظهر البيانات التي جمعت بشأن الأسعار في جميع أنحاء البلد مستويات مروعة من التضخم. فعلى سبيل المثال، ما زالت أسعار التجزئة الحالية للقمح والأرز - المحصولان الغذائيان الأساسيان الطبيعيان- تزيد بنسبة 45 و 32 مثلا عن مستوى أسعارهما المقابلة في العام الماضي بينما لم يطرأ على متوسط الدخول سوى زيادات معتدلة. ولا يمكن لنظام الحصص التموينية الحكومي، حتى إذا كان منصفا أساسا في توزيعه، أن يوفر سوى حوالي ثلث الاحتياجات الغذائية للأسرة العادية، مما يجعل كمية الأغذية المأكولة منخفضة بشكل مذهل. والحالة مزعجة بشكل خاص فيما يتعلق بالوضع التغذوي للأطفال والحوامل والمرضعات فضلا عن الأسر المعيشية التي ترأسها الأرامل. وقد أكدت عدة دراسات مستقلة وملاحظات مباشرة من جانب البعثة ارتفاع معدل سوء التغذية فيما بين الأطفال. وتوجد روايات موثوقة عديدة عن أسر تلجأ إلى بيع أمتعتها الشخصية والمنزلية لتلبية احتياجاتها الفورية. وتبين هده المعلومات بوضوح، إذا نظر لها مجتمعة، الانتشار الو اسع النطاق لأزمة إمدادات الأغذية وشدتها، وهي الأزمة التي إن لم تعالج من خلال التدخل في الوقت المناسب، ستسبب تدريجيا ولكن بلا هوادة مجاعة هائلة في جميع أنحاء البلد.

        19 -   ومن ثم فإن برامج التغذية الطارئة الراهنة، مثل التي يضطلع بها برنامج الأغذية العالمي للفئات الضعيفة واللاجئين والعائدين والمشردين داخليا ، تكتسب أهمية خاصة ويلزم مواصلتها طوال الأشهر القليلة المقبلة على الأقل. ويجب تشجيع عملية الإعادة إلى الوطن بمواصلة توفير الكميات الكافية من المعونة الغوثية في الوقت المناسب، وذلك لأسباب ليس أقلها ضمان رجوع الحالة في المناطق التي يعود إليها اللاجئون إلى الحالة الطبيعية بأسرع ما يمكن. ومن الجدير بالملاحظة أن الجزاءات الاقتصادية تقلل أيضا من قدرة اللاجئين العائدين على استئناف حياتهم العادية وأنشطتهم الاقتصادية التقليدية. وفي الواقع أن الزعامات الكردية أبلغت البعثة أن الجزاءات تلحق للأسف خسائر ضارة بالظروف المعيشية للسكان الأكراد.

        20 -   وفيما يتعلق بتوليد الكهرباء. انخفضت قدرة العراق إلى مستوى لا يذكر فبل نهاية شباط/ فبراير 1991. وفي الوقت الحالي، أعيدت قدرة توليد الكهرباء إلى 25 في المائة من مستواها قبل الحرب. ونظرا لأن المحطات تعمل بشكل متواصل، يبلغ إنتاج الكهرباء نحو 40 في المائة من مستوى عام 1990. ومع ذلك فعملية الإصلاح هذه قد أنجزت باتباع طرق مثل فك قطع غيار من الوحدات المدمرة لاستعمالها في الوحدات العاطلة، وعمل إصلاحات مؤقتة تتسم بالمخاطرة، وتشغيل المحطات المتبقية دون فترات التوقف العادية المخصصة للصيانة والإصلاحات. وفي هذه المرحلة، لا يوجد سوى القليل الذي يمكن عمله إضافة إلى ذلك لزيادة توليد الكهرباء إلا إذا سمح بعملية استيراد رئيسية لقطع غيار جديدة. وإذا لم يحدث ذلك، فيمكن توقع انخفاض إنتاج الكهرباء من الآن فصاعدا. وقامت البعثة أيضا بتقييم الحالة في قطاع النفط. ويمكن بسهولة تلبية احتياجات السوق الداخلية بالقدرة الراهنة للإنتاج والتكرير، وإن كان يلزم إجراء إصلاحات في القريب العاجل لبعض معامل التكرير التي تتسم حالتها بالخطورة. والشاغل الرئيسي هو قدرة تصدير النفط التي لا تبلغ حاليا سوى ثلث مستواها قبل الحرب.

        21 -   وأما بالنسبة للاتصالات السلكية واللاسلكية، فقد لاحظ فريق الاتحاد الدولي للمواصلات السلكية واللاسلكية أن 000 400 خط على الأقل من الخطوط الهاتفية كانت تبلغ أصلا 000 900 خط قد دمرت بحيث لا يمكن إصلاحها، بينما دمرت خطوط إضافية جزئيا. ودمرت أيضا وصلات الموجات الدقيقة الرئيسية الرابطة بين معظم المدن. وكان لذلك أثر سلبي واضح على أداء الخدمات الصحية والاجتماعية وعلى برامج

<3>