إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



(تابع) تقرير عن حالة حقوق الإنسان في العراق
(مقتطف)
"الأمم المتحدة، سلسلة الكتب الزرقاء، مج 9، ص 409- 424"

وتقدم منظمة العفو الدولية، في تقريرها المعنون "التعذيب في العراق 1982- 1984" المؤرخ 15 نيسان/ أبريل 1985 قائمة تضم 30 وسيلة مختلفة من وسائل التعذيب يدعى أن أفراد قوات الأمن العراقية قد استخدمتها. وتشمل هذه الوسائل التعذيب البدني والنفسي، كالضرب المبرح وإحراق أعضاء الجسم وانتزاع أظافر الأصابع، والاعتداء الجنسي بما في ذلك الاغتصاب، والصدمات الكهربائية والحمامات الحمضية، والحرمان من الطعام أو الماء أو النوم أو الراحة فضلا عن التعرض لعمليات إعدام صورية. وقيل إن عديدا من الضحايا توفوا نتيجة للتعذيب، الأمر الذي يفسر السبب في أن الوثائق الحكومية التي استرعي اهتمام المقرر الخاص إليها كثيرا ما تحدثت عن "مجرمين توفوا أثناء التحقيق" (أنظر مثلا الوثيقة رقم 5 في المرفق الثاني). كما أفادت التقارير بأن الضحايا في حالات عديدة من حالات الإعدام بدون محاكمة التي ادعي بها، تعرضوا للتعذيب قبل قتلهم.

          54 -   وتفيد تقارير منظمة العفو الدولية بصفة خاصة بأن معاملة الأطفال معاملة وحشية أصبحت ممارسة روتينية في السجون العراقية. وأفادت التقارير بأن الشبان كثيرا ما عذبوا لحملهم على الكشف عن معلومات عن أقاربهم. بل يدعى أن الأطفال الصغار عوملوا معاملة سيئة لحمل أعضاء أسرهم على "الاعتراف" بجرائم سياسية مزعومة. وحسبما ورد في هذه التقارير تم تعذيب بعض أفراد مجموعة من 300 طفل وشاب اعتقلوا في السليمانية في أيلول/ سبتمبر وتشرين الأول/ أكتوبر 1985 ومات ثلاثة منهم في الحجز نتيجة لذلك. وقيل إن جثثهم عثر عليها في شوارع ضواحي المدينة وهي تحمل علامات التعذيب. وأعديت 29 جثة أخرى لأفراد من هؤلاء الأطفال والشبان، أفادت التقارير بأنهم أعيدوا في كانون الثاني/ يناير 1987، إلى أسرهم. وكانت الجثث تحمل أيضا علامات التعذيب.

          55 -   وكررت حكومة العراق نفيها لانتشار ممارسة التعذيب في البلد مقتبسة من دستورها والعديد من قوانينها الأخرى نصوصا تحظر التعذيب، ووصفت الاتهامات الموجهة لها من منظمة العفو الدولية بأنها "غريبة" و"باطلة" و"بلا أساس" لأن التعذيب يحظره دستور الأمة وقوانينها. بل تم إنكار هذه الاتهامات حتى عند عرضها مقترنة بدليل قوي في شكل نتائج مفصلة للفحوص الطبية وسائر النتائج المادية. وكما ورد في رد الحكومة على منظمة العفو الدولية، تم التحقيق في حالات تعذيب وقعت أحيانا وعوقب المسؤولون عنها. وتلقى المقرر الخاص تأكيدات مماثلة. ومع ذلك، ونظرا لأن ممارسي التعذيب لا يزالون مجهولي الهوية، ولأن عددا قليلا جدا من السجناء (السابقين) سيجازفون بالتعرض لخطر الانتقام القاسي، فلا بد من افتراض أن ممارسي التعذيب يمكنهم مواصلة ممارساتهم نظرا لعلمهم بأن فرص معاقبتهم على جرائمهم ضئيلة جدا.

          56 -   وتلقى المقرر الخاص إفادات كثيرة من ضحايا التعذيب وشهود العيان، وكثير ا ما تأكدت إفادات الضحايا من الندوب التي ظلت ماثلة على أجسامهم. وتكشف إفادات الشهود الواردة عن مجموعة واسعة من وسائل التعذيب، رغم أن ممارسات معينة تبدو روتينية بالنظر إلى تواتر الإشارات واتساق التقارير التي قدمها الشهود بشأنها. كما أن إفادات الضحايا أكدها ضباط الأمن السابقين ممن تمكنوا من تقديم معلومات محددة تتعلق بجهاز الأمن بوجه عام وباستخدامه للتعذيب بصفة خاصة.

          57 -   وتؤكد النتائج التي توصل إليها المقرر الخاص أن التعذيب، بما فيه التعذيب بأقسى صوره، استخدم على نطاق واسع كوسيلة لانتزاع الاعترافات وتخويف السكان خلال الثمانينات وحتى اليوم. ويرد أدناه موجز لعدد قليل من إفادات الشهود:
          (أ)   في أوائل عام 1982 اقتيد ابن الشاهد من الجامعة في البصرة، وظل الشاهد يبحث عن مكانه طيلة ستة أشهر. وأخيرا وبعد أن قرر أن يسأل الضابط المسؤول عن مركز الأمن في البصرة عن مصير ابنه، اقتيد الشاهد معصوب العينين إلى مركز الأمن العام في بغداد في تشرين الثاني/ نوفمبر 1982. وهناك تم استجوابه وقيل له إن ابنه "مجرم". وفي محاولة لانتزاع "اعتراف" منه بنشاط ابنه الإجرامي، تم تعذيب الشاهد خلال سبعة أشهر وأحرق ساقاه وظهره وضُرب على مؤخرة رأسه، (ما زال يحمل حتى الآن ندبة من جرائها). وأخيرا عرض أمام إحدى المحاكم وأفرج عنه في تموز/ يوليه 1983. وقد عذب ابنه ثم أفرج عنه في تشرين الثاني/ نوفمبر 1983؛
          (ب)   في أوائل آذار/ مارس 1991 وقبل بدء الانتفاضات، قامت أجهزة المخابرات في البصرة باعتقال الشاهد. واقتيد معصوب العينين إلى مركز الأمن في المدينة حيث ظل هناك لمدة شهر كامل. وأثناء احتجازه تعرض للضرب وللصدمات الكهربائية. وفي نيسان/ أبريل 1991 نقل إلى سجن الرضوانية في بغداد حيث شُرع في استجوابه، وقد تعرض لمزيد من الصدمات الكهربائية وعانى من حروق وعُلق بعد تقييد يديه خلفه ظهره. وقد أفرج عنه بعد نحو شهرين بسبب الافتقار إلى الأدلة. ويعاني الشاهد من ضعف ساقه اليسرى نتيجة تعذيبه؛
          (ج)   في 28 كانون الأول/ ديسمبر 1985، اقتحمت قوات الأمن وأجهزة المخابرات بيت الشاهد في الساعة 00/3 صباحا. واقتيد إلى مركز الأمن العام في بغداد ووضع في "القسم الثالث" في المركز. وبعد ذلك ظل في السجن لمدة ثلاثة أعوام ونصف العام متنقلا بين سجون كثيرة مختلفة في البلد بما في ذلك سجن تكريت. وأثناء احتجازه عُذب تعذيبا شديدا وتعرض للضرب المبرح ولإلقاء حامض على جلده وجرى تعريضه للصدمات الكهربائية وللضرب بالأسلاك المعدنية. وقد اتهم بالقذف في حق صدام حسين وبأنه عضو في حزب الدعوة، لكن أفرج عنه في عام 1988 حين لم تعثر محكمة الثورة على أدلة ضده؛
          (د)   اعتقل الشاهد في عام 1990 وسجن لهربه من الجيش. وأثناء وجوده في السجن تعرض

<3 >