إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



(تابع) تقرير عن حالة حقوق الإنسان في العراق
(مقتطف)
"الأمم المتحدة، سلسلة الكتب الزرقاء، مج 9، ص 409- 424"

لحقوق الإنسان والمادتين 9 و 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. بيد أن سيادة القانون تحتاج إلى ما هو أكثر من احترام الحقوق الإجرائية؛ فهي تحتاج إلى احترام معظم الحقوق، إن لم يكن احترامها جميعا، وتضافر الجهود لإزالة كارثة التحكم.

          68 -   وفي العراق، لا تحترم الأصول القانونية المرعية عموما ولا تراعى سيادة القانون. وعلى العكس من ذلك، تدل المعلومات وأقوال الشهود التي وردت على عدم احترام الأصول القانونية المرعية بصفة منتظمة إن لم تكن روتينية. وفي الوقت نفسه، وربما جزئيا نتيجة لذلك السبب، أهدرت سيادة القانون إهدارا تاما.

          69 -   وبينما تدعي أقوال شهود كثيرين عدم وجود محام أثناء المحاكمة، وعدم توفير الوقت والدعم اللازمين لإعداد الدفاع، وغياب جميع الضمانات الأخرى المماثلة (بافتراض وجود محاكمة أصلا)، فقد تساعد دراسة إحدى الحالات الفردية على بيان مضمون المشكلة. وفي هذا الصدد، تعتبر حالة السيد إيان ريختر، التي أثيرت في التقرير المؤقت (الفقرات 41 و 42 و 84 و 85) مثالا مفيدا، بصرف النظر عن إخلاء سبيله منذ بضعة أشهر.

          70 -   فوفقا لأقوال السيد ريختر، وخلافا لالتزامات العراق بموجب المادة 9 (2) من العهد، لم يخطر السيد ريختر أبدا بالتهم الموجهة إليه، ولم يعط ما يكفيه من الوقت ومن التسهيلات لإعداد دفاعه خلافا لما تقضي به المادة 14 من العهد، وعرض على إحدى محاكم الثورة دون وجود محام للدفاع عنه، ولم يصرح له بمناقشة شهود الادعاء، ووقع بالإكراه على مستندات باللغة العربية التي لا يعرفها، ولم يتح له حق الاستئناف. بيد أنه يمكن القول بأن التحكم في حالة السيد ريختر قد اكتملت حلقاته، حيث لا يوجد أي تفسير قانوني لإخلاء سبيله، وليس من المؤكد أنه يحق له الحصول على أي تعويض عن خمس سنوات ونصف قضاها في السجن. وتشير جميع إفادات الشهود التي تلقاها المقرر الخاص تقريبا إلى انتشار نفس هذه الأنواع من الانتهاكات.

          71 -   وبالانتقال إلى سيادة القانون، نجد أن الدستور المؤقت الصادر في تموز/ يوليه 1970، والذي لا يزال ساريا أساسا، لا يتحدث عن "الحكومة" ولا عن "السلطة التنفيذية" ولكنه يشير فقط إلى "مجلس الوزراء" - وإلى أنه جهاز "يتألف من الوزراء ويرأسه رئيس الجمهورية" (المادة 61). بيد أن السلطة الحقيقية في البلاد (إلى جانب مكتب رئيس الجمهورية) تكمن في مجلس قيادة الثورة، الذي يعتبر "الهيئة العليا في الدولة" (المادة 37). ويتألف مجلس قيادة الثورة من تسعة أعضاء وردت أسماؤهم، بما في ذلك اسم صدام حسين، في مرسوم مجلس قيادة الثورة رقم 836 الصادر في 12 تموز/ يوليه 1982؛ وينص هذا المرسوم أيضا، وهو يعدل المادة 37 من الدستور، على تعيين رئيس مجلس قيادة الثورة، الذي هو بصورة تلقائية، رئيس الجمهورية. وبذلك يلزم لإجراء أي تعديل في تشكيل مجلس قيادة الثورة إجراء تعديل في الدستور.

          72 -   ويملك مجلس قيادة الثورة سلطات تشريعية وتنفيذية واسعة في ذات الوقت. وتوضيحا لذلك، يجوز له أن يصدر قوانين وقرارات تكون لها قوة" القانون (المادة 42). وهو يشرف على القوانين التي يجري التصويت عليها في المجلس الوطني التي يجوز له أن يحلها، وأن يصدر القرارات اللازمة لدخول القوانين العادية حيز النفاذ. ويختص مجلس قيادة الثورة دون غيره بإصدار القوانين واتخاذ القرارات المتعلقة بوزارة الدفاع وجهاز أمن الدولة، لا سيما القوانين والقرارات المتعلقة بسلطات وتنظيم وميزانية كل منهما (المادة 43 من الدستور والمادة 105 من القانون رقم 55 لسنة 1980، قانون المجلس الوطني). كما أن مجلس قيادة الثورة هو السلطة الوحيدة التي يجوز لها، بأغلبية ثلثي الأصوات، أن تعدل الدستور (المادة 66). وعلاوة على ذلك، وبغير موافقة مجلس قيادة الثورة (الذي يجتمع في جلسات سرية)، لا يجوز اتخاذ أي إجراء ضد رئيس الجمهورية أو نائب رئيس الجمهورية أو أي عضو آخر في مجلس قيادة الثورة. وإجمالا، لا يخضع مجلس قيادة الثورة وأعضاؤه لأي قيود تشريعية أو قضائية: وليسوا عرضة للمحاسبة من جانب أحد.

          73 -   وبغير انتخاب، مباشر أو غير مباشر، من جانب الشعب، يشغل رئيس الجمهورية، في نفس الوقت، مناصب: رئيس الدولة، ورئيس مجلس قيادة الثورة، ورئيس مجلس الوزراء، والقائد الأعلى للقوات المسلحة، والأمين العام لحزب البعث. ومما يعتبر في غاية الأهمية أنه يعتبر أيضا الرئيس الفعلي لجهاز أمن الدولة نظرا لأن تقارير هذا الجهاز تعرض عليه مباشرة ولا تعرض على أي وزير آخر. ولا يحدد الدستور مدة ولاية رئيس الجمهورية وإن كان من المفترض أنها مدى الحياة ما دام من المطلوب من جميع أعضاء الحكومة الآخرين الإيمان بـ "قادسية صدام" (انظر، مثلا المادة 14 من القانون رقم 55 لسنة 1980). ويعين رئيس الجمهورية نائب الرئيس والوزراء ويكونون مسؤولين أمامه. ويجوز له عزلهم حسبما يتراءى له. وهو رئيس الجهاز التنفيذي، وله سلطات دبلوماسية واسعة النطاق، ويرأس اجتماعات مجلس قيادة الثورة، ويصدر القوانين التي يوافق عليها المجلس الوطني، ويقود القوات المسلحة. ويقرر سياسة الدفاع الوطني، ويقود العمليات العسكرية في وقت الحرب. ولديه لمباشرة واجباته سلطة دستورية كاملة وفريدة لاتخاذ أي تدابير يراها مناسبة ويكون مسؤولا عنها وحده.

          74 -   وإلى وقت قريب جدا، كانت توجد "محكمة الثورة" التي كانت تفصل في جميع قضايا الجنايات التي ترتكب ضد أمن الدولة من جهة الداخل والخارج فضلا عن مجموعة من الجرائم الأخرى (مرسوم مجلس قيادة الثورة رقم 1016 لسنة 1978)؛ ولم يكن من الجائز الطعن في أحكام هذه المحكمة. وبينما ألغيت هذه المحكمة بمرسوم مجلس قيادة الثورة رقم 140 لسنة 1991، من الجدير بالذكر أن مجلس قيادة الثورة منح رئيس الجمهورية في عام 1985 حق إلغاء أي حكم يصدر من محكمة الثورة وإعادة القضية إلى المحكمة لإعادة النظر فيها من جديد.

<6>