إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



(تابع) تقرير عن حالة حقوق الإنسان في العراق
(مقتطف)
"الأمم المتحدة، سلسلة الكتب الزرقاء، مج 9، ص 409- 424"

          75 -   ونظرا للسلطات الدستورية والفعلية الواسعة لرئيس الجمهورية، من الواضح أنه يوجد نظامان قانونيان على الأقل معمول بهما في العراق: نظام "عادي" للقوانين العادية التي تتناول الشؤون المعتادة للحياة اليومية مثل القرارات المتعلقة بالمرور على الطرق العامة، ونظام مواز يتمثل في مراسيم مجلس قيادة الثورة والمراسيم الرئاسية يتناول جميع المسائل المتعلقة بالأمن الداخلي والخارجي فضلا عن أية مسائل أخرى يرى مجلس قيادة الثورة والرئيس تناولها. والواقع أن السلطة تكمن أساسا في النظام الثاني الذي يمكن أن يسمى "الشرعية خارج نطاق التشريع" (أو ما وصفه السيد طارق عزيز بـ "الشرعية الثورية"). بيد أنه يمكن القول بأنه يوجد أيضا إلى جانب هذين النظامين المنصوص عليهما في الدستور، نظام آخر للحكم - وهو نظام يمكن أن يسمى بأنه "خارج نطاق القانون" نظرا لأنه لم يرد به أي نص في القانون العراقي. ونظام الحكم هذا ينبع من نزوات ورغبات عدد قليل من الأفراد الذين يشغلون مناصب في الدائرة الضيقة المحيطة برئيس الجمهورية. فبصرف النظر عن سلطتهم القانونية، يملك هؤلاء الأشخاص سلطة فعلية لإصدار التعليمات اللازمة لموظفي الدولة وأجهزتها. ويوجد مثال الهذه السلطة في كلمات السيد علي حسن المجيد (الذي كان أمينا عاما لمكتب تنظيم الشمال ووزير الدفاع الآن) الذي أكد أنه "تجاوز تعليمات القيادة". لدي مباشرته لمهامه في الشمال - وأن الرئيس قلده وساما لذلك (وترد الكلمات المقتبسة في حديث مسجل في حوزة المقرر الخاص لشخص يثق المقرر الخاص بأنه السيد المجيد). ولذلك، يمكن القول بأنه يوجد في العراق نظام استبدادي لا يراعي حقوق الفرد. وفي مثل هذا النظام، من المحتم أن تنتهك حقوق الإنسان.

6 -   حريات الفكر والتعبير وتكوين الجمعيات
          76 -   حريات الفكر والتعبير وتكوين الجمعيات مكفولة، على التوالي، بالمواد 18 و 19 و 20 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواد 18 و 19 و 22 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وليس قرب هذه الحريات من بعضها في هذه الصكوك وليدا للصدفة نظرا لأنها تتصل ببعضها اتصالا وثيقا بحيث إن أية قيود تفرض على إحداها تؤثر دائما على الأخرى. وفي العراق، تظهر العلاقة واضحة حيث إن الحكومة لن تسمح، على ما يبدو، بأي فكر أو تعبير أو حرية في تكوين الجمعيات تتعارض مع أيديولوجية البعث الاشتراكي العربي كما تراها قيادة الحزب التي يرأسها الأمين العام صدام حسين

          77 -   وبينما أكد وزراء كثيرون أمام المقرر الخاص أن العراق مجتمع مفتوح وتعددي يسمح بجميع أنواع المعتقدات في السر والعلن، لا يستطيع المقرر الخاص أن يتجاهل السياسات الحكومية القائمة منذ مدة طويلة والتي تستهدف أعضاء حزب الدعوة الإسلامية (الذي يأخذ بتعاليم الشيعة الإسلامية) والحزب الشيوعي وأعضاء جميع الأحزاب والتجمعات السياسية الأخرى المختلفة والتجمعات الدينية أو الفلسفية التي لا تتفق مع أيديولوجية حزب البعث.

          78 -   وربما كان أبسط دليل على وجود العقيدة هو أقوال وانتماءات الفرد الخاصة والعامة. وهنا، يرتبط الفكر بوضوح بالتعبير وتكوين الجمعيات. وفي العراق، يدعى بأن المعتقدات الشخصية تقع فريسة لشبكة من المتسللين والمبلغين الحكوميين المنتشرين في جميع أرجاء المجتمع العراقي. وثمة دليل آخر للإدانة يتمثل في الاعترافات التي يدعى بأنها تنتزع كثيرا بفعل التعذيب. ولكن لا يزال أوضح دليل على انتهاك حرية التعبير هو القانون العراقي الذي يفرض عقوبات شديدة من بينها الإعدام على أمور كثيرة منها القذف أو السب في حق رئيس الجمهورية أو أي شخص يمثله، أو مجلس قيادة الثورة أو حزب البعث أو المجلس الوطني أو الحكومة (انظر التقرير المؤقت المقدم من المقرر الخاص، A/46/647، الفقرتان 33 و80، والصفحة 34 من رد الحكومة، التي تشير جميعا إلى مرسوم مجلس قيادة الثورة رقم 840 الصادر في 4 تشرين الثاني/ نوفمبر 1986). وبصرف النظر عن عدد المحاكمات التي أجريت بمقتضى هذا القانون، فمن الواضح أن وجوده في حد ذاته يكبت حرية التعبير ويشكل انتهاكا لالتزامات العراق.

          79 -   وبالانتقال إلى مسألة حرية تكوين الجمعيات، تنتهك هذه الحرية بأسلوبين رئيسيين: القيود المفروضة على تكوين الجمعيات ذات الطابع السياسي، والقيود المفروضة على تشكيل نقابات العمال المستقلة والانضمام إليها. وفيما يتعلق بالجمعيات ذات الطابع السياسي، يعتبر عدد كبير منها بصفة خاصة مخالفا للقانون، مثل حزب الدعوة الإسلامية والحزب الشيوعي. ووفقا للقوانين ذات الصلة، قد يؤدي الانضمام إلى عضوية هذين الحزبين أو الاشتراك فيهما إلى عقوبة الإعدام. وبينما تنكر الحكومة تنفيذ القانون المتعلق بالانضمام إلى حزب الدعوة الإسلامية "عمليا" في أي، وقت من الأوقات (A/46/647، الصفحة 35)، فلوجود مثل هذه القوانين في حد ذاته تأثير بعيد المدى ويعتبر انتهاكا للالتزامات المفروضة بمقتضى القانون الدولي لحقوق الإنسان. كذلك، تدل المعلومات وأقوال الشهود التي تلقاها المقرر الخاص على تنفيذ هذا القانون بصفة منتظمة ليس ضد الأفراد المنتسبين إلى هذين الحزبين فعليا فحسب ولكن أيضا ضد كل من قد يعتبر "عدوا للدولة" طبقا لرأي أي عدد من ضباط الأمن. والواقع أن المعلومات التي وردت من أحد المصادر تقدم مواصفات (بما في ذلك الصور الشخصية) لأكثر من خمسين فردا يدعى بأنهم أعدموا لكونهم أعضاء في هذا الحزب.

          80 -   وفيما يتعلق بالحق في تشكيل نقابات العمال والانضمام إليها، بصرف النظر عن كون العراق طرفا في اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 98 لعام 1948 بشأن الحرية النقابية وحق التنظيم (التي تشير إليها بصفة خاصة الفقرة 3 من المادة

<7>